لجريدة عمان:
2024-09-30@17:32:36 GMT

الذكاء الاصطناعي أهم من أن يترك لمنشئيه

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

قوة خارقة. كارثي. ثوري. عديم المسؤولية. منشئ للكفاءة خطير. هذه المصطلحات استعملت في وصف الذكاء الاصطناعي خلال الأشهر العديدة الماضية. فقد دفع إطلاق (تشات جي بي تي) إلى الجمهور الذكاء الاصطناعي إلى دائرة الضوء، وجعل الكثيرين يتساءلون: كيف يختلف عن غيره من التقنيات، وماذا سيحدث عندما تتغير تماما الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا ونعيش بها حياتنا؟

أولا، من المهم أن ندرك أن الذكاء الاصطناعي ما هو إلا هذا: تقنية.

والتكنولوجيا ـ مثلما نشير أنا وإيمي سامبل وارد في كتابنا (التكنولوجيا القادمة) ـ أداة أنشأها البشر، ومن ثم فهي تخضع للمعتقدات والقيود البشرية. وغالبا ما يجري تصوير الذكاء الاصطناعي بوصفه تقنية ذاتية التعليم مكتفية ذاتيا تمام الاكتفاء، مع أنها، في واقع الأمر، تخضع للقواعد الكامنة في تصميمها. فعلى سبيل المثال، عندما سألت (تشات جي بي تي) «ما البلد الذي يوجد فيه أفضل أنواع أرز الجولوف؟»، أجاب «بصفتي نموذج ذكاء اصطناعي لغوي، ليست لدي آراء شخصية، ولكن يمكنني تقديم معلومات. والسؤال عن البلد الذي لديه أفضل أرز جلوف هو في النهاية ذاتي ويعتمد على التفضيل الشخصي. فقد تختلف الآراء باختلاف الأشخاص بناء على خلفيتهم الثقافية أو تفضيلاتهم للمذاق أو تجاربهم».

يعكس هذا خيارا تصميميا واضحا من مصممي الذكاء الاصطناعي لمنع برنامج الذكاء الاصطناعي هذا من تقديم إجابات محددة لقضايا الرأي الثقافي. فقد يطرح مستخدمو (تشات جي بي تي) أسئلة رأي نموذجية حول مواضيع أكثر إثارة للجدل من طبق الأرز، ولكنهم بسبب الاختيار التصميمي هذا، سيحصلون على إجابة مماثلة. على مدار الشهور الأخيرة، قام (تشات جي بي تي) بتعديل شيفرته للتفاعل مع الاتهامات وأمثلة التمييز الجنسي والعنصرية في ردود المنتَج. ويجب أن نلزم منشئي هذه البرامج بمعايير عالية وأن نتوقع ضوابط ورقابة على أدوات الذكاء الاصطناعي، ويجب أيضا أن نطالب بأن تكون عملية وضع هذه الحدود شاملة وقائمة على درجة معينة من الشفافية.

وفي حين يتمتع المصممون بقدر كبير من القوة في تحديد كيفية عمل أدوات الذكاء الاصطناعي، فبوسع قادة الصناعة والهيئات الحكومية والمنظمات غير الربحية أن تمارس ما لديها من سلطة لاختيار وقت وكيفية تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي. قد يبهرنا الذكاء الاصطناعي التوليدي بقدرته على إنتاج صور، وتخطيط برامج للإجازات، وإعداد عروض، بل وكتابة شيفرات جديدة، لكن هذا لا يعني أنه قادر على حل أي مشكلة. فبرغم الضجيج التكنولوجي، يجب على من يقررون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي أن يسألوا أولا أعضاء المجتمع المعني: «ما احتياجاتكم؟» و«ما أحلامكم؟». يجب أن تؤدي إجابات هذين السؤالين إلى فرض قيود ينفذها المطورون، ويجب أن تكون هي دافع القرار باستخدام الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدامه.

في مطلع 2023، قام تطبيق كوكو Koko للصحة العقلية «باختبار جي بي تي 3 في تقديم المشورة لأربعة آلاف شخص ولكنه أنهى الاختبار لأنه - شعر بأنه عقيم نوعا ما -». وسرعان ما تبين أن المجتمع المعني لا يريد برنامجا للذكاء الاصطناعي بدلا من معالج بشري مدرب. وبرغم من أن الحديث حول الذكاء الاصطناعي قد يكون واسع الانتشار، فإن استخدامه ليس كذلك ولا يجب أن يكون كذلك. فقد تكون عواقب التسرع في الاعتماد الحصري على أنظمة الذكاء الاصطناعي لتوفير الحصول على الخدمات الطبية، أو تحديد أولويات التسكين، أو أدوات التوظيف والتعيين للشركات مأساوية، فقد تستبعد الأنظمة بعض الفئات أو تحدث ضررا على نطاق واسع. ولا بد لمن يفكرون في كيفية استخدامه أن يدركوا أن قرار عدم استخدام الذكاء الاصطناعي لا يقل قوة عن قرار استخدام الذكاء الاصطناعي.

تكمن من وراء كل هذه القضايا أسئلة أساسية حول جودة مجموعات البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي والوصول إلى التكنولوجيا. فالذكاء الاصطناعي، في جوهره، يعمل عن طريق إجراء عمليات حسابية على بيانات موجودة لتقديم تنبؤات أو لتوليد محتوى جديد. فلو أن البيانات متحيزة أو غير تمثيلية أو تفتقر إلى لغات معينة، فقد تحتوي استجابات روبوت المحادثة وتوصيات العمل والصور المولَّدة من طلباتنا على نفس التحيزات القائمة في البيانات.

ولمواجهة هذا، فإن عمل الباحثين والدعاة عند التقاطع بين أسئلة التكنولوجيا والمجتمع والعرق والجنس يجب أن يوجه نهجنا تجاه إنشاء أدوات تكنولوجية مسؤولة. ولقد فحصت صفية نوبل نتائج بحث متحيزة ظهرت عند البحث في جوجل عن «قصَّات شعر احترافية» و«قصَّات شعر غير احترافية للعمل». إذ جاء المصطلح الأول بصور لنساء بيضاوات، والمصطلح البحثي الأخير بصور نساء سوداوات بقصات شعر طبيعية. ولقد دفع الوعي المتزايد والدعوات المستندة إلى البحث إلى أن قامت جوجل في النهاية بتحديث نظامها.

كما أن هناك عملا كان يجب القيام به للتأثير على أنظمة الذكاء الاصطناعي قبل اعتبارها مكتملة ونشرها في العالم. فقد استخدم فريق من باحثي جامعة كارنيجي ميلون وجامعة بيتسبيرج، لوحة كوميدية لدورة حياة الذكاء الاصطناعي، أو ترجمة تقارير وأدوات الذكاء الاصطناعي إلى أوصاف وصور سهلة الفهم، لإشراك العاملين في الخطوط الأمامية والأفراد غير العاملين في مناقشات حول نظام لدعم القرار قائم على الذكاء الاصطناعي لخدمات المشردين في منطقتهم. وقد كانوا قادرين على استيعاب كيفية عمل النظام وتقديم ملاحظات ملموسة للمطورين. والدرس الذي يجب تعلمه هو أن الذكاء الاصطناعي يستخدمه البشر، ومن ثم فلا بد لتشكيله من نهج يجمع بين التكنولوجيا والسياق المجتمعي.

والآن ما الذي يجب أن يفعله المجتمع ؟ من الذي ينبغي أن يتولى دور الموازنة بين تصميم أدوات الذكاء الاصطناعي والقرار المتعلق بموعد استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، وضرورة تخفيف الأضرار التي يمكن أن يلحقها الذكاء الاصطناعي؟ لكل شخص دور يمكن أن يتولاه. ومثلما سبق القول، فإن للتقنيين والقادة التنظيميين مسؤوليات واضحة في تصميم ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي. وصانعو السياسات يتمتعون بالقدرة على وضع مبادئ توجيهية لتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي ـ ليس لتقييد الابتكار، وإنما توجيهه بطرق تقلل الضرر الذي يلحق بالأفراد. ويمكن أن يدعم الممولون والمستثمرون أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تركز على البشر وتشجع الجداول الزمنية التي تسمح بإشراك المجتمع وتحليله. ويجب أن تعمل كل هذه الأدوار معا لإنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر إنصافا.

بوسع نهج متعدد القطاعات متعدد التخصصات أن يؤدي إلى نتائج أفضل، وثمة العديد من الأمثلة الواعدة اليوم. فهناك فارمر تشات الذي يستعمل جوي للذكاء الاصطناعي لتمكين المزارعين في الهند وإثيوبيا وكينيا من الوصول إلى المعرفة الزراعية باللغات المحلية عبر واتساب. ويعمل المركز الأفريقي للتحول الاقتصادي على تطوير برنامج متعدد البلاد ومتعدد السنوات لإجراء التدريبات أو التجارب التنظيمية على الذكاء الاصطناعي في صنع السياسات الاقتصادية. ويدرس الباحثون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في تنشيط لغات السكان الأصليين. وأحد هذه المشاريع يعمل على لغة شايان في غرب الولايات المتحدة.

توضح هذه الأمثلة كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لنفع المجتمع بطرق منصفة. ولقد أثبت التاريخ أن الآثار المجحفة للتكنولوجيا تتكاثر بمرور الزمن، وهذه التأثيرات المتفاوتة لا يجب أن تترك لـ«رواد التكولوجيا» كي يصلحوها بأنفسهم. بل يجب علينا جميعا أن نحسن جودة أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تم إنشاؤها واستخدامها في حياتنا .

أفوا بروس مهندسة أمريكية ومؤلفة ، مع إيمي سامبل وارد، لكتاب «التكنولوجيا القادمة»

عن ذي جارديان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: استخدام الذکاء الاصطناعی أنظمة الذکاء الاصطناعی أدوات الذکاء الاصطناعی کیفیة استخدام تشات جی بی تی یجب أن

إقرأ أيضاً:

وايدبوت تطلق AQL-7B نموذج لغوي عربي يعتمد على الذكاء الاصطناعي

أعلنت  شركة وايدبوت للذكاء الاصطناعي المتخصصة  في تقديم حلول الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن إطلاق AQL-7B، النموذج اللغوي العربي (LLM) الذي يمثل معيارًا جديدًا في أداء الذكاء الاصطناعي، ولا يقتصر تميز AQL-7B على دقة الأداء فحسب، بل يتفوق أيضًا على جميع النماذج العربية المتاحة حاليًا.
قال  محمد مصطفى، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا بـ وايدبوت للذكاء الاصطناعي إنه "مع نموذج: "عقل للذكاء الاصطناعي التوليدي" قد تجاوزنا جميع النماذج اللغوية العربية الموجودة حاليًا، ودفعنا حدود ما هو ممكن في معالجة اللغة العربية الطبيعية". 

وأضاف: "يعكس النموذج التوليدي للذكاء الاصطناعي "عقل" التزام فريقنا بالتميز، ونحن متحمسون لإمكانياته في تغيير طريقة تفاعل الشركات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
أهم مميزات AQL-7B:
● أداء متفوق: يتميز نموذج "AQL-7B" على النماذج العربية الأخرى في اختبارات مقارنة عديدة مثل ،MMLU ARC Challenge ،PIQA، وRACE. وعلى الرغم من أن حجمه يبلغ 7 مليارات معامل فقط، إلا أنه يتنافس مباشرة مع النماذج التي تفوقه حجمًا بأكثر من 10 مرات، مما يثبت كفاءته وقدرته العالية.
● تصميم مدمج وكفاءة عالية: تم تصميم AQL-7B ليعمل بسرعة وكفاءة من حيث التكلفة، مما يتيح الوصول إلى الذكاء الاصطناعي المتقدم دون الحاجة إلى بنية تحتية مكلفة، مما يجعله مناسبًا لمجموعة واسعة من المستخدمين والشركات.
● قدرات متعددة اللغات: بالإضافة إلى اللغة العربية الفصحى واللهجات، يدعم نموذج AQL-7B أكثر من ٣٠ لغة ومنها في الشرق الأوسط: الفارسية، العبرية، التركية. وفي أوروبا الغربية: الألمانية، الفرنسية، الإسبانية، البرتغالية، الإيطالية، والهولندية. وفي أوروبا الشرقية والوسطى: الروسية، والتشيكية، والبولندية. وفي جنوب آسيا: الهندية، البنغالية، والأردية. وفي شرق آسيا: اليابانية والكورية. وفي جنوب شرق آسيا: الفيتنامية، التايلندية، الإندونيسية، الماليزية، اللاوية، البورمية، السيبيوانية، الخميرية، و تاغالوغ، وغيرها.
تقييمات النموذج المتميز:
في اختبارات دقيقة مقارنةً بنماذج لغوية أخرى، تفوّق AQL-7B في العديد من المؤشرات الرئيسية، مما يظهر دقة وتوافقًا عن النماذج الأخرى. AQL-7B هو جزء من منظومة وايدبوت للذكاء الاصطناعي ومتوافر عبر العديد من القنوات بما في ذلك الفيسبوك ماسنجر، والواتساب، والانستجرام، وتويتر، والويب شات، و واجهات برمجة التطبيقات وغيرها، مما يوفر للشركات الأدوات اللازمة لتطبيق الذكاء الاصطناعي عبر منصات متعددة بلغات متنوعة.

 

تمكين الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
يهدف AQL-7B إلى دفع الابتكار في القطاعات الرئيسية مثل: الهيئات الحكومية، والتجارة الإلكترونية، وقطاع البنوك، والرعاية الصحية، وشركات الاتصالات، وغيرها من خلال تقديم حلول مخصصة ومحلية باللغة العربية وغيرها من اللغات. 

وبدمج "نموذج عقل للذكاء الاصطناعي التوليدي" في أنظمتهم، يمكن للشركات الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتحسين تجارب العملاء، وزيادة كفاءة العمليات، وتعزيز اتخاذ القرارات.
قال محمد نبيل، الرئيس التنفيذي لشركة وايدبوت للذكاء الاصطناعي: "إن نموذج "عقل للذكاء الاصطناعي التوليدي" ليس مجرد نموذج لغوي كبير آخر؛ إنه نقلة نوعية للذكاء الاصطناعي في العالم العربي وسيفتح فرصًا جديدة للشركات لتقديم تجارب ذكية وأكثر ذكاءً معتمدة على الذكاء الاصطناعي."

مقالات مشابهة

  • فيم يختلف نموذج أو 1 عن نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى؟
  • أمريكا تسهل تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الشرق الأوسط
  • كيف أجاب الذكاء الاصطناعي عن تفاصيل اغتيال نصر الله ؟
  • الذكاء الاصطناعي: هكذا اغتالت إسرائيل حسن نصر الله
  • غوغل تضيف ميزات جديدة لأداة الذكاء الاصطناعي نوتبوك إل.إم
  • وايدبوت تطلق AQL-7B نموذج لغوي عربي يعتمد على الذكاء الاصطناعي
  • حلقة عن الذكاء الاصطناعي بتعليمية الداخلية
  • سامسونج تطلق أقوى حواسيب جالاكسي بتقنيات الذكاء الاصطناعي (فيديو)
  • الذكاء الاصطناعي ما له وما عليه
  • «ستاندرد آند بورز»: الإمارات تضخ استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي