أين تتوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان؟
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
في الأيام الثلاثة التي تلت اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله حسن نصر الله، استخدمت تل أبيب تفوقها الجوي الذي لا مثيل له لشن موجة جديدة بعد موجة الضربات التي قتلت عدداً من قيادات الحزب في لبنان.
لكن يبدو الآن أنها ستنتقل إلى مرحلة جديدة من هجومها، وفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز"، مشيرة إلى أن إسرائيل تسعى لشن عملية برية أكثر خطورة، حيث ستضع قواتها على الأرض في الفناء الخلفي لحزب الله في جنوب لبنان.مرحلة جديدة وفي الأيام الأخيرة، نفذت القوات الإسرائيلية أيضاً غارات صغيرة استهدفت مواقع مدفعية وبنية تحتية أخرى لحزب الله في لبنان وجمعت معلومات استخباراتية قبل عملية برية أوسع محتملة، وفقاً لشخص مطلع على الوضع.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لرؤساء بلديات شمال اسرائيل يوم الاثنين إن "المرحلة المقبلة من الحرب ضد حزب الله ستبدأ قريباً".
Israeli ground forces moved into southern Lebanon early Tuesday, marking a significant escalation of an offensive against Hezbollah.
The incursion follows weeks of heavy blows by Israel against the militia group — including an airstrike that killed its leader, Hassan Nasrallah. pic.twitter.com/aa6j31aaXQ
لطالما أصرت إسرائيل على أن إعادة ما يقرب من 60,000 شخص نزحوا من شمال البلاد بصواريخ من حزب الله المدعوم من إيران، الذي بدأ إطلاق النار على إسرائيل دعماً لحماس في اليوم التالي لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) هو أحد أهدافها الرئيسية.
وخلال العام الماضي، قال مسؤولون إسرائيليون إنهم يفضلون القيام بذلك بالوسائل الدبلوماسية، لكنهم هددوا أيضاً باستخدام القوة العسكرية مع تكثيف خطابهم الحربي. على حافة الهاوية بعد وقت قصير من بدء حزب الله إطلاق النار على إسرائيل العام الماضي، كان على الولايات المتحدة إقناع إسرائيل بعدم شن هجوم وقائي ضد المسلحين.
وفي الأشهر الـ 12 منذ ذلك الحين، قصفت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان بضربات جوية ومدفعية، مما أجبر أكثر من 110,000 شخص على الفرار من منازلهم وتسبب في أضرار جسيمة عبر المنطقة الحدودية الجنوبية.
لكن في الأسابيع الأخيرة، كثفت إسرائيل استعداداتها لعملية برية، تاركة المسؤولين الأمريكيين يتدافعون لاحتواء الوضع، والمنطقة على حافة الهاوية بشأن المدى الذي ستذهب إليه إسرائيل في مواجهتها مع إيران ووكلائها، وإلى أين ستتوقف.
وقال يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وزميل في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي في واشنطن، إنه بعد 11 شهراً من القتال في غزة، كان الجيش الإسرائيلي "منهكاً بعض الشيء" ومن غير المرجح أن يحاول شن عملية بالحجم الذي يحدث الآن ضد حماس.
وبدلاً من ذلك، قال إن عمليات إسرائيل من المرجح أن تركز على دفع قوات حزب الله شمال نهر الليطاني في لبنان، على النحو المتوخى في قرار للأمم المتحدة صدر في أعقاب حرب إسرائيل الأخيرة مع حزب الله في عام 2006، وإضعاف قوتها النارية "إلى مستوى يمكننا فيه، بعد الحرب، الاستمرار في تدمير منشآتها.. ووقف تدفق أنظمة الأسلحة من سوريا إلى لبنان".
Israeli airstrikes battered areas near Beirut, the Lebanese capital, again on Saturday, hours after Hezbollah confirmed that its longtime leader Hassan Nasrallah had been killed in an Israeli bombing. Follow live updates: https://t.co/ars2YUBus7 pic.twitter.com/DVDIKegRVS
— The New York Times (@nytimes) September 29, 2024 السيطرة على الحدود وقال ايتمار يار، النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إنه في حين أنه لا يتوقع أن تحاول إسرائيل غزو لبنان على نطاق واسع لأن الثمن سيكون "أعلى مما نحن على استعداد لدفعه"، فمن المرجح أن تنفذ عمليات بالقرب من الحدود للتعامل مع التهديد الذي تشكله صواريخ حزب الله المضادة للدبابات.وقال: "أعتقد أن هناك فرصة جيدة لأن تحاول إسرائيل السيطرة على بعض النقاط على طول [خط ترسيم الحدود] للتأكد من أن بعض قرانا على الأقل لن تتعرض لنيران مباشرة من حزب الله".
وتابع "من الأسهل القيام به على الجزء الغربي من الحدود الإسرائيلية اللبنانية، إذ إنه من الصعب القيام به في منطقة ميتولا بسبب التضاريس".
ويراهن نتانياهو على أن الاحتفاظ بالأراضي اللبنانية كلما تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار سيعطي إسرائيل أيضاً خيارات في المفاوضات حول الوضع الراهن الجديد، كما قال شخص مطلع.
The leader of the militant group Hezbollah, Hassan Nasrallah, was killed by an Israeli airstrike in Lebanon on Friday. Our reporter who met and interviewed Nasrallah in 2002, explains the significance of his death. https://t.co/oj8JdY6n5T pic.twitter.com/XIBYnnWwTK
— The New York Times (@nytimes) September 29, 2024 وأضاف "هذا يعطينا النفوذ. كما أنه يعطي حزب الله ورقة للموافقة على صفقة بقي فيها شمال الليطاني لأنهم يستطيعون القول إنه بالموافقة على عدم العودة فإنهم يخرجون الإسرائيليين من الأراضي اللبنانية.. إنه يخلق أوراق سياسية للعب بها".ومع ذلك، يعترف المسؤولون بأن أي عملية برية في لبنان ستجلب أيضاً عدداً كبيراً من المخاطر. مواجهة إيران وحتى إذا حاول المسؤولون شن حملة محدودة، فقد ينتهي الأمر بالقوات الإسرائيلية إلى الانخراط في قتال مطول في أرض يعرفها مقاتلو حزب الله من الداخل إلى الخارج، وحيث تكون مزايا إسرائيل التكنولوجية والاستخباراتية أقل أهمية.
كما أنه سيزيد من خطر المواجهة المباشرة مع إيران، التي أمضت سنوات في بناء قدرات حزب الله وتعتبر الجماعة اللبنانية محور تحالف المسلحين المعروف باسم محور المقاومة الذي بني لدعم القتال ضد إسرائيل.
The ‘Axis of Resistance’ pushing US to ramp up Middle East defences https://t.co/ytE35QEv9Q
— FT Data (@ftdata) November 14, 2023 ويعتقد البعض في الأوساط الأمنية الإسرائيلية أنه مع وجود حزب الله في حالة من الفوضى، من غير المرجح أن تتاح لإسرائيل فرصة أفضل لضرب الجمهورية الإسلامية، التي يشكل سعيها للحصول على أسلحة نووية الشاغل الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل.خلال الأسبوعين الماضيين، صعدت إسرائيل بشكل كبير من قصفها في جميع أنحاء لبنان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص، واغتيال قادة حزب الله، وتشريد ما يصل إلى 1 مليون شخص، وفقاً للسلطات اللبنانية.
قال المصدر المقرب من نتانياهو "يعتقد الكثير من الإسرائيليين.. إذا كان لدينا مثل هذا الإنجاز ضد حماس وحزب الله، فقد حان الوقت للتعامل مع رأس التنين. ليس فقط مع الوكلاء".
وتابع "في لبنان ستكون الحرب حول القوات البرية، التي تم استدعاؤها ثلاث مرات في العام الماضي. وفي إيران، سيتعلق الأمر بتبادل إطلاق الصواريخ، وكل ما أعدته إسرائيل في طهران. لذلك هذا نوع مختلف من الجهد الذي لم يتم استخدامه بعد".
ومع ذلك، يجادل آخرون بأن المواجهة مع مثل هذا العدو المدجج بالسلاح ستكون لها تكاليف باهظة على إسرائيل، وقال شخص مطلع على الوضع إنه على الرغم من تصعيد عملياتها في لبنان، فإن إسرائيل لا تسعى إلى تصعيد مع إيران.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله حزب الله فی عملیة بریة المرجح أن فی لبنان
إقرأ أيضاً:
ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.
مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.
على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.
أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.
ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.
ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.
رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.
حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.
كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.
إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.
لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.
التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.
تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.
تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.
علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.
على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.
والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.