جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-01@22:43:48 GMT

من خارج صندوق القارة الهندية

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

من خارج صندوق القارة الهندية

 

بدر بن علي بن سعيد الهادي

تعد سلطنة عمان من الدول التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة لتلبية احتياجات سوق العمل في العديد من القطاعات، خاصة في مجالات البناء والزراعة والصناعة، وعلى مدى سنوات، كانت القارة الهندية واحدة من أكبر مصادر العمالة، خصوصًا جمهورية الهند، حيث يشكل العمال الهنود نسبة كبيرة من القوى العاملة.

ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة توجهًا متزايدًا نحو تنويع مصادر العمالة، وهو توجه يحمل في طياته العديد من الفوائد والتحديات في آنٍ واحد.

تنويع مصادر العمالة يعد خطوة إيجابية، لكنه يواجه عقبات مرتبطة بجشع بعض المستثمرين والتجار الذين يسعون للحصول على أيدٍ عاملة رخيصة من القارة الهندية، هذا التوجه يخلق تحديات على مستويات عدة؛ إذ يتسبب استغلال العمالة الرخيصة في مشكلات تتعلق بساعات العمل المرهقة والمساكن غير المناسبة، فقط لتوفير المزيد من التكاليف، الأمر الذي يؤثر أيضًا على العمالة المحلية، مما يزيد من معدلات البطالة بين المواطنين العُمانيين، الذين هم أحق بالفرص المتاحة في سوق العمل.

كذلك، العمالة الرخيصة تؤثر سلبًا على جودة العمل والإنتاجية، وغالبًا ما تكون العمالة القادمة غير مؤهلة وتفتقر إلى المهارات اللازمة، مما ينعكس على جودة المشاريع والخدمات المقدمة، والاعتماد المستمر على هذه العمالة يحد من الاستثمار في التدريب والتأهيل، ما يجعل الاقتصاد أقل مرونة في مواجهة التحديات المستقبلية، مع تقليل حركة رأس المال محليًا.

إن التوترات الاجتماعية التي تنشأ عن الاعتماد المفرط على عمالة من جنسية واحدة تؤدي إلى إحساس المواطنين بالتهديد، سواء من حيث فرص العمل أو الفجوة الكبيرة في الرواتب وظروف المعيشة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يعرّض الاعتماد على جنسية واحدة الاقتصاد لمخاطر في حال حدوث تغيرات سياسية أو اقتصادية في تلك الدولة.

ومن خلال السنوات الماضية، تبيّن أن الاعتماد المفرط على العمالة الهندية أثار بعض القضايا الاجتماعية والدينية. الاختلاف الثقافي بين العمالة الهندية والمجتمع العماني أدى إلى صعوبات في التكيف مع العادات والتقاليد المحلية، وقد لاحظنا تأثير ذلك على اللغة العربية، حيث أدى الاعتماد الكبير على العمالة من بلد واحد إلى شيوع استخدام اللغات الأخرى أو اللغة العربية المتكسرة في التواصل اليومي.

"ومن بين الجوانب الخطيرة التي يجب على الجهات المعنية تسليط الضوء عليها هو حصر الوظائف والأعمال في القطاع الخاص على جنسية أو ديانة محددة، وهذا يعد مؤشرًا خطيرًا للغاية على أمن واستقرار البلد، فالمال عندما يكون في يد الغير قد يصبح سلاحًا مدمرًا إذا تم تفعيله، لذا، يجب التنبه لهذا الأمر ووضع ألف خط وألف علامة تعجب تحته."

كما أن من بين الجوانب السلبية الأخرى أيضًا الضغط على الخدمات العامة بدون عوائد ملحوظة ولا قيمة مضافة للبلد المستضيف، إذ إن غالبية هذه العمالة تحوّل مدخراتها إلى الخارج، مما يحد من إعادة تدوير المال في الاقتصاد المحلي.

أن أحد الأسباب التي دفعتني لكتابة هذا المقال هو مشاهدتي لمقاطع تظهر إقامة طقوس دينية غير إسلامية على أرض السلطنة، مما أثار استياء العديد من المواطنين.

" هذا الأمر يعزز ما ذكرته سابقًا حول وجود خطة منظمة تهدف إلى الاستحواذ على الوظائف والأعمال من قبل هذه الفئة، ويُعتبر هذا التطور مقدمة لمزيد من المطالب التي قد تقدمها هذه الفئة، بعد حصولها على امتيازات لم يكن ينبغي السماح بها".

لذلك، من المهم أن يتم توجيه الجهود نحو تنويع مصادر العمالة، وهذا التنويع لا يعني فقط تقليل الاعتماد على جنسية مُعينة، بل جلب مهارات وخبرات متنوعة من مختلف الدول، فإن كل دولة تتميز بخصوصيات في التعليم والتدريب المهني، ما يعزز تنوع المهارات المتاحة في السوق العمانية..

على سبيل المثال، يمكن أن يساهم العمال القادمون من شرق آسيا بخبرات في مجالات الصناعة، بينما قد يقدم العمال الأفارقة مهارات متميزة في مجالات الزراعة والتجارة.

إن تنويع مصادر العمالة يحمل العديد من الفوائد، منها:

زيادة التنافسية: التنوع في العمالة يزيد من مستوى التنافس بين العمال، مما يحسن الإنتاجية والجودة في العمل.

تعزيز التفاهم الثقافي: وجود عمال من خلفيات متعددة يعزز التنوع الثقافي في المجتمع، ويفتح الأبواب أمام الابتكار والإبداع.

دعم رؤية عمان 2040: تسعى رؤية عمان 2040 إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتقليل الاعتماد على النفط، تنويع العمالة يسهم في دعم هذه الرؤية من خلال توفير عمالة متخصصة في قطاعات غير تقليدية.

في ضوء ما سبق، يبدو أن تنويع مصادر العمالة في سلطنة عمان توجه يحمل العديد من الفوائد التي تعزز من استقرار الاقتصاد وتنمية المجتمع، ومع الإدارة الجيدة والتخطيط الاستراتيجي، يمكن أن تستفيد عمان بشكل كبير من هذا التنوع لتحقيق مستقبل مستدام ومزدهر.

"عُمان أمانة في أعناقنا جميعاً، فلنكن حراساً لهذه الأمانة في كل موقع وفي كل لحظة".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مركز إدارة الحي

في زمن كورونا، انتفضت الجهات المعنية بأماكن سكن العمالة الوافدة، وصارت تُجري جولات تفتيش، للتحقُّق من بيئات سكن ملايين العمال، ووضعت اشتراطات، تضمن عدم تسبُّب مساكن العمال في انتشار الأوبئة، غير أن هذه الانتفاضة، ما لبثت أن ذهبت في سبات عميق.

لذلك، رأينا تقارير تُظهر أن المنازل التي تكون في أطراف المدن، والاستراحات، باتت سكناً لأنواع مخالفة من العمالة، وبالتالي، صارت مساكن هذه العمالة تشكِّل خطراً، ومواقعا يتجمع فيها مخالفو أنظمة الاقامة والعمل.

لهذا، لا بأس من إعادة مقترح كنا قد طرحناه من قبل، لعلّ في الإعادة إفادة.
نعلم أن هناك ما تسمى “لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية”، وهي موجودة تقريباً في كل حي.
هذه اللجنة تكاد تكون الحاجة لها، شبه معدومة، فكلنا نسكن أحياء، وكلنا لا نعرف هذه اللجان، ولا نعرف كيف نستفيد منها، أو كيف تفيدنا هي، ولا نعرف لماذا أنشئت من الأساس.

ونعرف أن لجان التنمية الاجتماعية، آلت إلى أن تكون جهازاً بيروقراطياً، يُشكل عبئاً مالياً، وإدارياً على الإدارة الحكومية، ولا ينسجم مع توجهات الرؤية، ولا مع الوقت الذي نعيشه الآن.
ومادام الجميع يتفق على أن تجربة لجان التنمية الاجتماعية الأهلية قد فشلت، ولم تحقق الأغراض التي أنشئت من أجلها، فلماذا لا يتم حلها، أو تحويرها إلى نشاط أهم وأكثر جدوى؟

وهنا نقترح أن يتم تحوير، أو تغيير اختصاص لجان التنمية الاجتماعية الأهلية، إلى لجنة لمتابعة كل ما يهم الحي. ويكون اسمها مثلاً :”مركز إدارة الحي”.
وتكون هذه المراكز مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة في الحي، ومسؤولة عن خدمات الحي، وعن أي خلل يحدث لهذه الخدمات، وأي نقص يطلبه سكان الحي. بمعنى أن يكون مركز إدارة الحي، هو المرجع لكل الجهات حكومية كانت، أو غير حكومية، في كل ما يخص الحي من خدمات، وبنية تحتية، ومتابعة أمنية أيضاً.

وألا توضع طوبة في الحي دون معرفة وتنسيق ومتابعة وإشراف مركز إدارة الحي.
وبشرط أن يكون لمركز إدارة الحي، تفويضا كاملا بأن يتصل مباشرة، وبشكل فوري، بكل الوزارات، والجهات الحكومية، وكل الجهات الخدمية، وفرق الطواريء لمعالجة أي حالة طارئة، أو خلل طاريء يحدث في الحي.

فإن توقف الماء، أو انقطعت الكهرباء، أو ضعف الانترنت، أو تردت خدمات الاتصالات عن سكان الحي، أو احتاج الحي لرصف طريق، لماذا يُطالب المواطن الفرد بمراجعة الجهات المعنية لإصلاح الخلل؟ بل يتولى ذلك مركز إدارة الحي.
إن أهل الحي هم الأقدر وهم الأكثر حرصاً على صيانة حيهم، والمحافظة عليه، وتفقد احتياجاته، والمحافظة على أمنه وأمانه، وهم الأقدر على معرفة أي خلل يحدث في حيهم، ومن ذلك ما تُحدثه العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة، والعمل، وأمن الحدود، من أفعال وتجاوزات، تشكِّل خطورة على السكان، وعلى أمن البلد بأكمله.

ogaily_wass@

مقالات مشابهة

  • مصادر بالجيش السوري: إسرائيل أسقطت عشرات الصواريخ الإيرانية التي حلقت فوق سوريا
  • جولة مفاجئة لوزير العمل بالإسماعيلية ويوجه بدعم العمالة غير المنتظمة
  • وزارة العمل توافق على صرف إعانات لعمالة غير منتظمة مسجلة بالإسماعيلية
  • ترشيح التعمري لجائزة أفضل لاعب آسيوي خارج القارة
  • صور.. الهندية فوغات تغلق باب المصارعة وتتجه للسياسة
  • طلاب الدفعة (26 طب) مارسوا نفس الفوضي التي كانت تحدث في الخرطوم فتم طردهم الى السودان
  • سلطنة عمان تؤكد للعالم ضرورة وضع حد للإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل
  • مركز إدارة الحي
  • الرئيس السريلانكي الجديد وإجراءات التقشف التي فرضها الغرب