جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-25@15:40:17 GMT

من خارج صندوق القارة الهندية

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

من خارج صندوق القارة الهندية

 

بدر بن علي بن سعيد الهادي

تعد سلطنة عمان من الدول التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة لتلبية احتياجات سوق العمل في العديد من القطاعات، خاصة في مجالات البناء والزراعة والصناعة، وعلى مدى سنوات، كانت القارة الهندية واحدة من أكبر مصادر العمالة، خصوصًا جمهورية الهند، حيث يشكل العمال الهنود نسبة كبيرة من القوى العاملة.

ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة توجهًا متزايدًا نحو تنويع مصادر العمالة، وهو توجه يحمل في طياته العديد من الفوائد والتحديات في آنٍ واحد.

تنويع مصادر العمالة يعد خطوة إيجابية، لكنه يواجه عقبات مرتبطة بجشع بعض المستثمرين والتجار الذين يسعون للحصول على أيدٍ عاملة رخيصة من القارة الهندية، هذا التوجه يخلق تحديات على مستويات عدة؛ إذ يتسبب استغلال العمالة الرخيصة في مشكلات تتعلق بساعات العمل المرهقة والمساكن غير المناسبة، فقط لتوفير المزيد من التكاليف، الأمر الذي يؤثر أيضًا على العمالة المحلية، مما يزيد من معدلات البطالة بين المواطنين العُمانيين، الذين هم أحق بالفرص المتاحة في سوق العمل.

كذلك، العمالة الرخيصة تؤثر سلبًا على جودة العمل والإنتاجية، وغالبًا ما تكون العمالة القادمة غير مؤهلة وتفتقر إلى المهارات اللازمة، مما ينعكس على جودة المشاريع والخدمات المقدمة، والاعتماد المستمر على هذه العمالة يحد من الاستثمار في التدريب والتأهيل، ما يجعل الاقتصاد أقل مرونة في مواجهة التحديات المستقبلية، مع تقليل حركة رأس المال محليًا.

إن التوترات الاجتماعية التي تنشأ عن الاعتماد المفرط على عمالة من جنسية واحدة تؤدي إلى إحساس المواطنين بالتهديد، سواء من حيث فرص العمل أو الفجوة الكبيرة في الرواتب وظروف المعيشة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يعرّض الاعتماد على جنسية واحدة الاقتصاد لمخاطر في حال حدوث تغيرات سياسية أو اقتصادية في تلك الدولة.

ومن خلال السنوات الماضية، تبيّن أن الاعتماد المفرط على العمالة الهندية أثار بعض القضايا الاجتماعية والدينية. الاختلاف الثقافي بين العمالة الهندية والمجتمع العماني أدى إلى صعوبات في التكيف مع العادات والتقاليد المحلية، وقد لاحظنا تأثير ذلك على اللغة العربية، حيث أدى الاعتماد الكبير على العمالة من بلد واحد إلى شيوع استخدام اللغات الأخرى أو اللغة العربية المتكسرة في التواصل اليومي.

"ومن بين الجوانب الخطيرة التي يجب على الجهات المعنية تسليط الضوء عليها هو حصر الوظائف والأعمال في القطاع الخاص على جنسية أو ديانة محددة، وهذا يعد مؤشرًا خطيرًا للغاية على أمن واستقرار البلد، فالمال عندما يكون في يد الغير قد يصبح سلاحًا مدمرًا إذا تم تفعيله، لذا، يجب التنبه لهذا الأمر ووضع ألف خط وألف علامة تعجب تحته."

كما أن من بين الجوانب السلبية الأخرى أيضًا الضغط على الخدمات العامة بدون عوائد ملحوظة ولا قيمة مضافة للبلد المستضيف، إذ إن غالبية هذه العمالة تحوّل مدخراتها إلى الخارج، مما يحد من إعادة تدوير المال في الاقتصاد المحلي.

أن أحد الأسباب التي دفعتني لكتابة هذا المقال هو مشاهدتي لمقاطع تظهر إقامة طقوس دينية غير إسلامية على أرض السلطنة، مما أثار استياء العديد من المواطنين.

" هذا الأمر يعزز ما ذكرته سابقًا حول وجود خطة منظمة تهدف إلى الاستحواذ على الوظائف والأعمال من قبل هذه الفئة، ويُعتبر هذا التطور مقدمة لمزيد من المطالب التي قد تقدمها هذه الفئة، بعد حصولها على امتيازات لم يكن ينبغي السماح بها".

لذلك، من المهم أن يتم توجيه الجهود نحو تنويع مصادر العمالة، وهذا التنويع لا يعني فقط تقليل الاعتماد على جنسية مُعينة، بل جلب مهارات وخبرات متنوعة من مختلف الدول، فإن كل دولة تتميز بخصوصيات في التعليم والتدريب المهني، ما يعزز تنوع المهارات المتاحة في السوق العمانية..

على سبيل المثال، يمكن أن يساهم العمال القادمون من شرق آسيا بخبرات في مجالات الصناعة، بينما قد يقدم العمال الأفارقة مهارات متميزة في مجالات الزراعة والتجارة.

إن تنويع مصادر العمالة يحمل العديد من الفوائد، منها:

زيادة التنافسية: التنوع في العمالة يزيد من مستوى التنافس بين العمال، مما يحسن الإنتاجية والجودة في العمل.

تعزيز التفاهم الثقافي: وجود عمال من خلفيات متعددة يعزز التنوع الثقافي في المجتمع، ويفتح الأبواب أمام الابتكار والإبداع.

دعم رؤية عمان 2040: تسعى رؤية عمان 2040 إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتقليل الاعتماد على النفط، تنويع العمالة يسهم في دعم هذه الرؤية من خلال توفير عمالة متخصصة في قطاعات غير تقليدية.

في ضوء ما سبق، يبدو أن تنويع مصادر العمالة في سلطنة عمان توجه يحمل العديد من الفوائد التي تعزز من استقرار الاقتصاد وتنمية المجتمع، ومع الإدارة الجيدة والتخطيط الاستراتيجي، يمكن أن تستفيد عمان بشكل كبير من هذا التنوع لتحقيق مستقبل مستدام ومزدهر.

"عُمان أمانة في أعناقنا جميعاً، فلنكن حراساً لهذه الأمانة في كل موقع وفي كل لحظة".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حزب الجبهة يناقش رؤية للارتقاء بالعمال اجتماعيا وصحيا وفنيا واقتصاديا

اجتمعت الأمانة المركزية للعمال بحزب الجبهة لصياغة رؤيتها لخدمة العمال وتحقيق نتائج إيجابية على المستوى الفني والاجتماعي والاقتصادي  وتبني قضايا العمال والسعي لحل مشاكلهم بطرق مبتكره وغير تقليدية وتقديم مبادرات  للتدريب والتأهيل والتثقيف النقابي  والتوعية بأهمية قيمة العمل.

وأكد عادل عبد الفضيل رئيس لجنة القوى العاملة  بمجلس النواب وأمين العمال بحزب الجبهة أن العمال هم قاطرة العمل والإنتاج في مصر ويمثلون ٣١ مليون مقسمين بين ١٧ مليون في الريف و١٤ مليون في الحضر والدولة تولي اهتمام خاصة بالعامل  ولذا يسعى الحزب للارتقاء بهم  وتنفيذ تدريب تحويلي  لتلبية احتياجات سوق العمل،  مشيرا إلى أن الحزب لديه أيضا دراسة مستقلة للتعامل مع العمالة غير المنتظمة وشمولهم بالرعاية الاجتماعية والصحية  خاصة أنهم يمثلون ٣.٢ مليون  وكذلك قطاع  العمالة غير المنظمة والذين  يمثلون ٧.٣ مليون عامل تقريبا.

حزب الجبهة الوطنية يعلن تعيين 11 أمينًا مساعدًا في 4 أمانات مركزيةحزب الجبهة الوطنية يعلن عن تعيين 11 أمينا مساعدا في 4 أمانات مركزيةحزب الجبهة الوطنية يناقش مشروع قانون جديد للإدارة المحلية وتطوير الكوادرعبد المنعم سعيد مستشارًا سياسيًا لرئيس حزب الجبهة

وأوضح عبد الفضيل أن الحزب انطق من قواعده في جميع انحاء الجمهورية بأكثر من ٥٠٠ الف توكيل ، ليصبح ممثلا لكل فئات الشعب وقادرا على التعبير عن احتياجات ومتطلبات عماله.

وناقش أعضاء الأمانة آليات العمل خلال المرحلة المقبلة والتعامل مع مشاكل العمال وإطلاق عدد من المبادرات لدعم العمالة المصرية في الداخل والخارج  وبحث جميع القضايا العمالية، وطرح أفكار جديدة في هذا الإطار  والقيام بجولات في المحافظات للاستماع الى العمال في كل ربوع مصر، وتنظيم ملتقيات توظيف ولقاءات دورية في الحزب مع المسئولين لحل جميع المشاكل العمالية  ، حضر الاجتماع أمناء مساعدين اللجنة  هيثم سعد الدين- علي عبدالباسط.

مقالات مشابهة

  • أفريقيا تحتضن منابع الإرهاب: كيف تغذي القارة الفقيرة خزائن داعش والقاعدة؟
  • وزير العمل يبحث مع سفير بنغلاديش أوضاع «العمالة» في البلاد
  • العمل: صرف 1.6 مليون جنيه لأسر العمالة غير المنتظمة من ضحايا الحوادث
  • صرف 1.6 مليون جنيه لأُسر 8 من العمالة غير منتظمة ضحايا حوادث
  • وكالات تشغيل المصريين| تعرف على شروط ترخيصها وفق قانون العمل الجديد
  • وزير العمل يترأس اجتماعاً موسعاً لتنظيم «العمالة الوافدة وسوق العمل»
  • العمل .. مبادرات وحلول مبتكرة لتوسيع فرص التشغيل
  • حزب الجبهة يناقش رؤية للارتقاء بالعمال اجتماعيا وصحيا وفنيا واقتصاديا
  • الأردن: لا عمالة غير أردنية بمهنة عامل وطن بحلول 2026
  • 33,5 % من مراكز الرعاية الصحية الأولية.. خارج اعتماد "سباهي"