القدس المحتلة- وجدت الجبهة الداخلية الإسرائيلية ذاتها على المحك، الثلاثاء، لأول مرة منذ بدء تبادل القصف والنيران بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك في أعقاب رشقة الصواريخ الباليستية طويلة المدى التي أطلقت من لبنان تجاه منطقة تل أبيب الكبرى.

وقبل ذلك، دوّت صافرات الإنذار مرارا وتكرارا في أكثر من 100 بلدة إسرائيلية يقطنها نحو مليون إسرائيلي، في منطقة حيفا وصفد وبلدات الجليل الأعلى ومستوطنات الجولان السوري المحتل، إذ تم خلال 12 ساعة رصد إطلاق عشرات الصواريخ والمسيّرات المفخخة من لبنان، وفشلت المنظومة الدفاعية في اعتراض بعضها، ما تسبب بأضرار بالممتلكات واشتعال النيران بمساحات واسعة من المناطق الحرجية.

وفاجأ إطلاق حزب الله 10 صواريخ باليستية دفعة واحدة الجيش الإسرائيلي، الذي يتحضر لتوغل بري محدود في جنوب لبنان، إضافة لحالة الإرباك التي تسببت بها صافرات الإنذار وسط البلاد، ودفعت نحو 3 ملايين إسرائيلي إلى التوجه للملاجئ والاختباء بالأماكن المحصنة.

وأعادت الصواريخ الباليستية -التي تم اعتراض 3 منها فوق تل أبيب الكبرى- الإسرائيليين إلى واقع التهديدات التي تشكلها ترسانة حزب الله، وذلك في ظل حالة "النشوة" التي تعيشها إسرائيل في أعقاب اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، بغارات نفذها سلاح الجو الإسرائيلي، الجمعة الماضي، على الضاحية الجنوبية في بيروت.

شلل "عابر إسرائيل"

بسبب الرقابة العسكرية المشددة، تكتمت المؤسسة الإسرائيلية على أماكن سقوط الصواريخ الباليستية التي توجه لأول مرة صوب المناطق المأهولة، وعمق البلدات الإسرائيلية، بينما أعلن حزب الله أنه أطلق صليات صاروخية من نوع "فادي 4" ‏على قاعدة "غليلوت" التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200، وعلى مقر "الموساد" بضواحي تل أبيب.

وتماهيا مع الرقابة العسكرية، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن المنظومة الدفاعية لسلاح الجو اعترضت 3 صواريخ باليستية، وأن شظايا الصواريخ الاعتراضية سقطت في عدة بلدات شمال تل أبيب، وتسببت أيضا بإصابة إسرائيليين بجروح متوسطة وحريق في منطقة حرجية.

كما تسببت شظايا الصواريخ الاعتراضية بإغلاق شارع 6 المعروف بـ"عابر إسرائيل" الذي شهد اختناقات مرورية وطوابير مركبات على امتداد عشرات الكيلومترات، الأمر الذي تسبب بإغلاق العديد من الطرقات المؤدية إلى تل أبيب وشلل حركة مئات آلاف الإسرائيليين لعدة ساعات، لحين الانتهاء من معالجة المواد المتفجرة وإزالة شظايا الصواريخ وإخماد الحريق الذي نشب على جانبي الشارع.

وشهد هذا الشارع الذي يربط الشمال بالجنوب حالة من الفوضى والإرباك، رغم أنه يعتبر شريان مواصلات حيويا بالذات في حالة الطوارئ والحرب، إذ يستعمله الجيش الإسرائيلي لنقل المعدات والآليات العسكرية والترسانة على جبهات القتال.

شظايا الصواريخ الاعتراضية تسببت بإغلاق العديد من الطرقات المؤدية إلى تل أبيب (الفرنسية) تقييدات وتعليمات جديدة

أجبرت صليات صواريخ حزب الله الباليستية الأخيرة قيادة الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي على إصدار تعليمات مشددة لتشمل أيضا منطقة تل أبيب الكبرى والقدس، وبموجبها يحظر التجمهر لأكثر من 30 شخصا بالفضاء الطلق، إضافة لحظر التجمهر لـ300 شخص في المناطق المغلقة، على أن تبقى هذه التعليمات الصارمة سارية المفعول حتى مساء السبت المقبل.

وشملت التقييدات المشددة المفروضة أصلا على الجليل الأعلى والجولان المحتل ومستوطنات الضفة الغربية وحيفا، الأنشطة التعليمية بالمدارس والجامعات وأماكن العمل، ووفقا للتعليمات المحدثة من الممكن إجراء الأنشطة التعليمية في أماكن يمكن فيها الوصول إلى مساحة محمية أثناء الإنذارات.

كما يمكن أن تواصل أماكن العمل أنشطتها وحركتها التشغيلية في مبنى أو في مكان يمكن من خلاله الوصول إلى مساحة محمية، على أن تحظر الأنشطة في الأماكن التي لا تتوفر بها الملاجئ والغرف المحصنة، كما تقرر الإبقاء على شواطئ البحار مغلقة أمام الجمهور، بينما يتم التشاور في إغلاق مطار "بن غوريون".

وعشية عيد رأس السنة العبرية، الذي يصادف يومي الأربعاء والخميس، ستنطبق القيود على عدد المشاركين في الصلوات التلمودية في الكُنس والمعابد اليهودية الكبيرة وفي ساحة البراق، حيث تم التخطيط لإقامة حدث بعنوان "التسامح الكبير"، بحسب ما أفادت صحيفة "يسرائيل هيوم".

وبحسب الصحيفة، فإن قيادة الجبهة الداخلية تفحص إمكانية السماح بإقامة الحدث والشعائر التلمودية بحضور حوالي 1000 مشارك فقط، علما أن هذه المناسبات والأعياد اليهودية التي تصل إلى 4 أعياد خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري يشارك بها عادة مئات الآلاف، سواء بالصلوات التلمودية بساحة البراق أو باقتحام المسجد الأقصى أو بالمسِيرات الاستفزازية للمستوطنين في البلدة القديمة في القدس ومَسيرة الأعلام حول أسوارها.

تشكيك بنجاعة الملاجئ

ووسط هذه التطورات والتهديدات التي تعيشها الجبهة الداخلية الإسرائيلية مع توسيع حزب الله لمدى النيران وبدء إطلاق الصواريخ الباليستية، تساءلت صحيفة "غلوبس" إذا ما كانت الملاجئ العامة والغرف المحصنة التي شيدت بغالبيتها العظمى في تسعينيات القرن الماضي، قادرة على توفير الحماية للإسرائيليين.

ويقول مراسل الصحيفة لشؤون المباني والعقارات، إريك ميروفسكي إن إسرائيل قررت بعد انتهاء حرب الخليج الأولى عام 1988 تغيير المفهوم الأمني ​​للجبهة الداخلية، وانتقلت من نظام الملاجئ العامة إلى الملاجئ الخاصة أو الغرف المحصنة في المنازل والعمارات السكنية، "إلا أنه وبعد مرور أكثر من 30 عاما منذ ذلك الحين، ليس من المؤكد إن كانت المتطلبات الأمنية لا تزال ملائمة".

ولفت ميروفسكي إلى أن الملاجئ في العمارات السكنية والغرف المحصنة بالمنازل تدشّن دون أن تكون هناك تعليمات لصيانتها ولسنوات عديدة، ويقول الصحفي الإسرائيلي "عندما لا تكون هناك حاجة للملاجئ لا تتم صيانتها، بينما تكون النتيجة عندما يأتي اليوم الذي تكون فيه حاجة إليها لتبرز المشاكل، وغالبيتها لا يمكنها توفير الحماية للسكان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الصواریخ البالیستیة الجبهة الداخلیة حزب الله

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تستدعى قوات الاحتياط للشمال وتفرض قيودا على الجبهة الداخلية

قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي استدعاء المزيد من القوات إلى الحدود اللبنانية بعد قرار القيام بعملية برية في جنوب لبنان قال إنها ستكون "عملية محدودة".

وأعلن الجيش في بيان له أنه تقرر تعبئة أربعة ألوية احتياط وقوات إضافية للمهام العملياتية في القطاع الشمالي.

وأوضح أن تجنيد هذا العدد "سيتيح ذلك مواصلة النشاط العملياتي ضد منظمة حزب الله الإرهابية وتحقيق الأهداف العملياتية، بما فيها العودة الآمنة لسكان شمال إسرائيل إلى منازلهم"، ولم يقدم البيان تفاصيل بشأن استدعاء الألوية الجديدة.

وفي 25 سبتمبر/ أيلول الماضي استدعى جيش الاحتلال لواءين احتياطيتين لإرسالهما إلى حدوده الشمالية.

ويضم لواء مشاة إسرائيلي عادة من ألف إلى ألفَي جندي، في حين يضم لواء الدبابات المدرعة حوالى 100 دبابة.

لن نصل بيروت

ووفقا للمتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري فقوات الاحتلال "لن تدخل بيروت أو أي من المدن الكبرى في لبنان".، وأن هدفه التركيز على القرى الجنوبية اللبنانية "لتفكيك وتدمير البنية التحتية لحزب الله" على حد زعمه.

وقال هاغاري في مؤتمر صحفي إن "العملية البرية الإسرائيلية ستكون قصيرة قدر الإمكان"، وعند سؤاله عن المدة التي من المرجح أن تستمر فيها العمليات البرية، قال "لن أكشف للعدو، لكننا نفعل ذلك في أقصر وقت ممكن، أياما، أسابيع.. سنفعل الشيء الضروري، العملية المحدودة والمحلية التي نجريها الآن".

وفي ذات السياق قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن "إسرائيل تُقدر أن النشاط البري في لبنان سيستمر عدة أسابيع، وهو ما تم إبلاغ المسؤولين الأمريكيين به في الأيام الأخيرة".

حرب نفسية

من جانب آخر عرض هاغاري، خلال مؤتمر صحفي اليوم، مقاطع مصورة تُظهر ما قال إنه "العثور على أسلحة وأنفاق خلال عشرات عمليات عسكرية نفذها عبر الحدود بجنوب لبنان خلال الأشهر الأخيرة؛ بهدف تدمير وتحييد قدرات حزب الله في القرى والمناطق الحدودية".

وقال هاغاري إن الجنود الإسرائيليين "اقتحموا (خلال هذه العمليات) قرى ومناطق وعرة، واكتشفوا فتحات أنفاق تحت الأرض في العديد من المواقع الحدودية، حيث تم العثور على مخازن أسلحة، ومواقع تجهيز للمقاتلين".

وادعى أن "القوات جمعت أيضا معلومات استخباراتية هامة، ودمرت أسلحة ومنشآت بما في ذلك بنى تحت الأرض وأسلحة متقدمة من صنع إيراني".

ورغم إعلان الجيش الإسرائيلي فجر الثلاثاء بدء عملية عسكرية برية جنوب لبنان، لم يتم رصد أي غزو بري من قبل القوات الإسرائيلية، فيما نفى حزب الله صحة ادعاءات الجيش الإسرائيلي بدء غزوه أراضي لبنان والدخول في اشتباكات مباشرة مع عناصر الحزب.

ويعتبر مراقبون أن إعلان إسرائيل بدء الغزو البري رغم عدم حدوثه "خداع استراتيجي يأتي في إطار الحرب النفسية والإعلامية".

الجبهة الداخلية

وفي سياق الحرب على لبنان وتطورات القصف الذي يقوم به حزب الله لشمال إسرائيل فرضت الجبهة الداخلية التابعة للجيش الإسرائيلي، قيودا على تجمع الأشخاص في تل أبيب الكبرى والقدس ومستوطنات شمال الضفة الغربية ومناطق أخرى، خشية استهدافها بصواريخ يطلقها حزب الله من لبنان.

وتنص التعليمات الإسرائيلية التي دخلت حيز التنفيذ بعد ظهر اليوم وتستمر حتى مساء السبت، على منع التجمعات لأكثر من 30 شخصا بالمناطق المفتوحة و300 في المناطق المغلقة القريبة من الملاجئ.

وكانت الجبهة الداخلية فرضت قيودا على التجمعات في مدن وبلدات شمال إسرائيل قبل أيام، لكنها وسّعتها لتشمل مناطق الوسط إضافة إلى القدس ومستوطنات شمال الضفة الغربية المحتلة، وإغلاق الشواطئ.

لكنها قالت في بيانها "وفقًا لتقييم الوضع من قبل قيادة الجبهة الداخلية، تقرر تغيير المبادئ التوجيهية للجمهور".

وفي ذات السياق دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإسرائيليين إلى الالتزام بتعليمات السلامة الصادرة عن قيادة الجبهة الداخلية،

يُذكر أن إسرائيل تشن منذ 23 سبتمبر/ أيلول المنصرم أعنف وأوسع هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله، ما أسفر حتى صباح الثلاثاء عن سقوط 1073 قتيلا و2955 جريحا، وفق السلطات اللبنانية.

مقالات مشابهة

  • عاجل: إعلان حصيلة القتلى والجرحى بالهجوم الإيراني الكبير بمئات الصواريخ الباليستية والفرط صوتية على اسرائيل
  • CNN: الصواريخ الإيرانية استهدفت مقر الموساد الإسرائيلي بتل أبيب (شاهد)
  • صحيفة اسرائيلية تكشف اعداد الصواريخ الايرانية وحجم الاضرار التي أحدثتها بـتل أبيب
  • صحيفة اسرائيلية تكشف اعداد الصواريخ الايرانية وحجم الاضرار التي أحدثتها بـتل أبيب - عاجل
  • عاجل: عشرات الصواريخ الباليستية من إيران تقصف اسرائيل وإصابة بعض المباني ”أول فيديو”
  • إسرائيل تستدعى قوات الاحتياط للشمال وتفرض قيودا على الجبهة الداخلية
  • الجبهة الداخلية بإسرائيل تُقرّر فرض تقييدات واسعة تشمل القدس وتل أبيب
  • قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية في الشمال: حالة تأهب قصوى
  • من هو علي كركي..القيادي البارز في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل؟