رئيس «الثروة الحيوانية» الأسبق: استهلاك المواطن من الألبان لا يزيد على 25 كيلو سنويا (حوار)
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
أكد الدكتور محمد فراج، رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية ومدير معهد الإنتاج الحيواني، الأسبق، أن استهلاك المواطن من الألبان ومنتجاتها لا يزيد على 25 كيلو سنوياً، وأنه يجب التخطيط استراتيجياً لإنتاج ما يفوق استهلاكنا والتصدير، لا سيما أن الألبان تتيح فرصاً كبيرة للتصنيع والتصدير. وشدد «فراج»، فى حوار خاص لـ«الوطن»، على أنه للوصول لذلك يجب دعم كل من صغار وكبار المربين لتشجيعهم على التوسع، واستغلال المخلفات الزراعية فى الأعلاف وإلزام المصانع باستخدامها، ووقف استيراد «الألبان المجففة» التى تؤثر سلباً على المنتجين المحليين.
هل يتراوح فعلاً نصيب الفرد من الألبان بين 23 و25 كيلوجراماً سنوياً، حسبما ذكرت فى دراسة لك؟
- استهلاك الفرد سنوياً من الألبان لا يزيد على 25 كيلوجراماً فى حين أن المتوسط على مستوى العالم، طبقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، 100 كيلوجرام، وفى أمريكا 180 كيلو فى السنة. وفخامة السيد الرئيس يوجِّه بأن تكون هناك بنية جيدة للإنسان المصرى، خاصة الأطفال فى مراحل التكوين، وبالتالى فنحن محتاجون لكميات لبن تسد العجز ما بين الـ25 كليوجراماً، لنصل إلى 100 كيلو، وهو متوسط دول العالم كله.
هل الـ25 كيلو تشمل أيضاً كل منتجات الألبان؟
- المقصود هنا كمية اللبن الكلية التى تُنتَج فى مصر بشكل عام بما فيها كل منتجات الألبان. ونحن نحسبها على أساس كمية اللبن المنتجة بمصر، والتى يتم استهلاكها موزعة على تعداد السكان، وهو قرابة الـ110 ملايين نسمة، مع مراعاة أن إخواننا الضيوف يصلون حالياً لـ15 مليوناً، وهذا سيؤثر على متوسطات استهلاك الفرد.
لكن بعض المسئولين يقولون إن مصر حققت اكتفاء ذاتياً من الألبان الطازجة؟
- بشكل عام استهلاك الفرد فى مصر فى اليوم من البروتين الحيوانى 23 جراماً، ويشمل ذلك الألبان والبيض واللحم الأحمر والأسماك، وذلك وفقاً لكل التقديرات، سواء «الصحة العالمية» أو منظمة الأغذية والزراعة، أو «التعبئة والإحصاء»، وهذا أقل من الحد الأدنى اللازم الذى حددته كل من «الصحة العالمية»، و«الأغذية والزراعة». فمنظمة الصحة العالمية أقرت أنه من الضرورى أن يكون الحد الوقائى 45 جرام بروتين حيوانى يومياً للفرد من مصادر حيوانية، وليس من مصادر نباتية، ومنظمة الأغذية والزراعة كانت متواضعة إلى حد ما ووضعت حد 33 جرام بروتين حيوانى لاستهلاك الفرد لكى لا يكون لديه فقر أو سوء تغذية أو حالات مرضية.
ما حقيقة حجم الفجوة بين ما تنتجه مصر من الألبان وما تستهلكه، والتى تتراوح التقديرات بشأنها بين 2.5 و3.3 مليون طن؟
- نحن ننتج قرابة 7.5 مليون طن، والفجوة بين الإنتاج والاستهلاك فى حدود من 2.5 لـ3 ملايين طن تقريباً، ونتمنى أن تقل هذه الفجوة، فنحن نريد أن نُغطى الفجوة ونتميز ونُصدر. ويمكن أن نُشجع شباب الخريجين للقيام بدور فى ذلك. والألبان تتيح قيام عمليات تصنيع كبيرة جداً عليها، وإنتاج منتجات جيدة وتصديرها، والأسواق الأفريقية والعربية والخليجية مفتوحة. والمفروض عندما نُخطط استراتيجياً أن نُخطط على أساس ما يفوق استهلاكنا، وما يمكن أن نُصدره، وأن تكون التكلفة أقل، وبالتالى يكون السعر فى متناول الجميع.
ما حقيقة نصيب صغار المربين والمزارع الكبيرة فى إنتاجية الألبان، وهل الأجدى التركيز فى دعم المربى الصغير، أم تشجيع إنشاء مزارع كبيرة، أم السير فى المسارين؟
- الدولة تبذل جهداً كبيراً جداً فى تنمية الثروة الحيوانية، وقطاع الألبان بشكل خاص، لأنه يحتاج عمالة كثيفة، ويساعد فى تشغيل المزارعين والشباب والمرأة، وبحوزة صغار المربين فى إنتاج الألبان ما بين 80 لـ87% من تعداد الثروة الحيوانية المنتجة للألبان، وهؤلاء يمثلون عدداً ونسبة كبيرة جداً، بحسب تعداد الثروة الحيوانية مؤخراً، ولكى يكون لدينا اكتفاء ذاتى من الألبان، لا بد أن نسير فى المسارين، بأن نُشجع وندعم كبار المربين ونقدم لهم تسهيلات كبيرة جداً، ليتوسعوا وتكون لدينا مزارع عملاقة مثل مزرعة «المراعى» فى السعودية التى بها ما يفوق 60 ألف رأس. وعدد حيوانات الألبان المستوردة لدينا لا يزيد على 250 ألف رأس، وبقية الثروة الحيوانية كلها فى يد صغار ومتوسطى المربين، ونحن نعتبر الأقل من 50 رأساً من ضمن صغار المربين، وبالتالى يجب دعم صغار ومتوسطى المربين لرفع كفائتهم الإنتاجية.
إلى أى حد تمثل الألبان المجففة التى يتم استيرادها تهديداً للمنتج المحلى؟
- استيراد الألبان البودرة يتراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار سنوياً، ومعظمها يُستخدم فى التصنيع. وعندما نستورد أى ألبان مجففة فإننا نساعد المربى الأجنبى، خاصة أن كل دول أوروبا وأمريكا تدعم منتجى الألبان، وبالتالى يُفضل أن نوقف بأى حال من الأحوال الضغط على ميزانية الدولة واحتياطاتنا من الدولار من ناحية استيراد الألبان المجففة، خاصة أنه يؤثر على انتشار وامتداد وتوسع منتجى الألبان المتوسطين. وفى المقابل يُمكن للمستثمرين المصريين والعرب عمل مصانع تجفيف للألبان بمصر، وبالتالى لا نكون محتاجين للاستيراد.
كيف تُقيِّم مشروع «مراكز تجميع وتبريد الألبان المطورة» الذى دعمته «الزراعة» وهل يُعتبر فعالاً؟
- مراكز تجميع الألبان التى تم إنشاؤها تحتاج لإعادة تقييم، لأن هناك منها ما هو جاد وناجح، ومنها ما هو متعثر، ومنهم من يقوم بالأمر بطريقة شكلية. لكن نحن محتاجون فعلاً لمراكز تجميع بشكل قوى، ولدور تعاونى قوى فى إقامة مناطق تجميع وتركيز الحيوانات المنتجة للألبان، وتوفير رعاية بيطرية، وإرشاد زراعى، وإرشاد حيوانى، والتعاقد للشراء بحد أدنى معين، وذلك سيرفع سعر بيع كيلو اللبن من مربى الماشية على الأقل 30%، وهو ما سيمثل ربحاً لصغار المربين، وإذا ربح المربى الذى لديه رأسان، فسيحرص على أن يكون لديه ثلاثة وأربعة رؤوس، وبالتالى تزيد الإنتاجية.
ما التحديات والمشكلات التى تعوق زيادة إنتاجية الألبان فى مصر؟
- هناك تحديات كثيرة، أولها أننا يجب أن نُعطى دفعة كبيرة لآلية استخدام المخلفات الزراعية الموجودة فى مصر، والتى تبلغ حوالى 35 مليون طن، ولدينا معهد بحوث الإنتاج الحيوانى الذى يقوم بدور رائد فى هذا الصدد، لكن غير مُعمم، حيث لا بد من جمع كل المخلفات الزراعية، سواء فى الحقول، أو مخلفات التصنيع الزراعى، ومنها مثلاً تفل العنب وتفل الزيتون وقشر البرتقال، وعمل مناطق لتجميع هذه المخلفات، سواء من خلال الدولة أو مستثمرى القطاع الخاص، ومعالجتها معالجات بسيطة، واستخدامها بنسب معينة فى الأعلاف، بحيث نُقلل من تكلفة التغذية، التى تصل فى الإنتاج الحيوانى لـ70%، وأى رقم نُقلله عن الـ70% يُحقق هامش ربح للمربى الصغير والمتوسط وكل منتجى الإنتاج الحيوانى. وبجانب ذلك يجب أن نستخدم نباتات غير تقليدية، مثل علف الفيل أو البوص، والبونيكام. ولابد من إلزام مصانع الأعلاف بأن تُصنع جزءاً من إنتاجها باستخدام مخلفات محلية، لتقليل تكلفة التغذية، وبالتالى تحقيق ربح لصغار المربين.
هل ثمة توصيات أخرى للتغلب على تحديات إنتاج الألبان فى مصر وزيادة الإنتاجية؟
- فى بعض الأحيان يقوم المربى بذبح الإناث، وذبح الإناث شىء خطير جداً، لأن أى أنثى يتم ذبحها تعنى أننا خسرنا 6 مواليد على الأقل على مدار 6 سنوات، وبالتالى لا بد أن يُطبَّق القانون فى تجريم ذبح الإناث، بجانب حل مشاكل المربين، فالمسئولون يشترطون لصرف قرض للثروة الحيوانية أن يكون لدى المربى رُخصة، والمواطن الذى لديه رأس واثنان فى غرفة أو «زريبة»، وهؤلاء عددهم ضخم جداً، ليس لديه رخصة ويستحيل أن يرخص، والمفروض أن تشملهم الدولة برعايتها، بمعنى أن تُيسر لهم القرض وتعتبر الحيوان ضامناً للقرض، كأنه وحدة تصنيع تأكل لكى تُعطى لبناً، علماً بأن تنمية الإنتاج الحيوانى لا بد أن تبدأ من القرية، وشباب الخريجين الذين يستجيبون استجابة هائلة للإرشاد الزراعى والتقنيات الحديثة.
والشىء الثانى المهم الذى يجب أن تقوم به الدولة أو «الزراعة» هو أن أى حيوان يحدث له أى مكروه لا بد فوراً، فى ذات اليوم، صرف تعويض لصاحبه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الألبان السلع الاستراتيجية الثروة الحیوانیة الأغذیة والزراعة الإنتاج الحیوانى استهلاک الفرد صغار المربین لا یزید على من الألبان التى ت فى مصر
إقرأ أيضاً:
ترامب وحلم السطوة
ظهر «ترامب» ملتحفا بحلم القوة الذى ظل يراوده منذ أن اعتلى سدة الرئاسة فى الولايات المتحدة الأمريكية. ومع فوزه بفترة ثانية تعمق الحلم وتعامل مع نفسه وكأنه القوة التى تهيمن على العالم وتفرض سطوتها على دوله. ولهذا خرج مؤخرا ليدعو إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم فى قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن. نسى «ترامب» نفسه وظن أن بإمكانه فرض ما يراه على الآخرين. نسى أن الدول التى اختارها هى دول مستقلة وذات سيادة، وبالتالى لا يمكن أن تكون تابعة له لكى يفرض عليها سطوته. ولعل ما أراده هو أن يخلى الأرض الفلسطينية من أجل إسرائيل الكيان الغاصب الذى يتماهى معه ويحاول بقدر الإمكان تحقيق كل تطلعاته، بل يذعن لنزواته.
نسى «ترامب» أن الفلسطينيين لا يريدون الرحيل عن أرضهم ووطنهم، وأنهم رفضوا التهجيرلأن أحلامهم تظل مرتبطة بأرض الوطن. غاب عن « ترامب» أن يشاهد الفيديوهات التى أظهرت عودة أهل غزة إلى شمالها وهم يقبلون أرض الوطن، فهم يأبون الرحيل عن أرضهم. واليوم نقول لو أنصف «ترامب» فعليه أن يلوذ بالصمت وينسحب من المشهد بعد أن منيت مغامراته بالهزيمة.
لربما أراد «ترامب» أن يتظاهر بالإنسانية فخرج يقترح نقل نحو مليون ونصف المليون من سكان غزة إلى كل من الأردن ومصر لتكون تلك الخطوة وفق تصوره مقدمة ضرورية نحو الحل الدائم والعادل. تظاهر «ترامب» بالإنسانية، وأنه حريص على أن يعيش سكان غزة فى منطقة أكثر أمانا واستقرارا. نسى أن الجانب الآخر من مقترحه سيؤدى فيما إذا تم تنفيذه إلى إفراغ قطاع غزة من أغلبية سكانه ليكون ساحة مباحة أمام إسرائيل، وبالتالى يمكنها وقتئذ إعادة احتلالها له وتحويله إلى بؤر استيطانية للمتطرفين الصهاينة الذين يتحينون الفرصة للسطو على الأرض الفلسطينية. بل إن الخطوة إذا تحققت ستكون مقدمة لتشجيع الصهاينة على تنفيذها فى الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن الذى لا يزال اليمين الإسرائيلى المتطرف ينظر له بوصفه الوطن البديل.
إن ما يقترحه «ترامب» هو نفسه مخطط التهجير الذى يحلم الكيان الصهيونى بتنفيذه لكى تؤول إليه الأرض الفلسطينية كاملة ويتم التخلص من الفلسطينيين بشكل كامل. لقد أسقط « ترامب» من اعتباره الأسس والثوابت الرئيسية والتى ترتكز على الالتزام بالقانون الدولى والمواثيق الإنسانية، والاعتبارات الأخلاقية والسياسية. لقد أراد «ترامب» بأطروحته تصفية القضية الفلسطينية بما يعنى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم عنوة ليتم ذلك تحت ذرائع واهية.
وحسنا ما فعلته مصر إذ شكلت حائط صد ضد التهجير سواء أكان قسرا أم طوعا. بل إن موقفها أماط اللثام عن المؤامرة التى رسمتها إسرائيل وشاركت الولايات المتحدة فى نسجها. فكان العدوان الإسرائيلى على غزة لكى يتم عبره استهداف الفلسطينيين بالتهجير، وهو مخطط جابهته مصر برفضها له بوصفه مشبوها لا يمكن تنفيذه لكونه يعنى عملية إحلال وتبديل يجرى بمقتضاها ترحيل الفلسطينيين من أرضهم ليتم ترسيخ الصهاينة فى الأرض الفلسطينية. ولقد عبرت مصر قيادة وشعبا عن رفض مخطط أمريكا الإجرامى الذى يحاول الزج بمصر فى مستنقع التهجير ليحملها آثامه. فمصر كانت وستظل حريصة على الفلسطينيين وعلى قضيتهم، وعلى أن ينال الفلسطينيون حقوقهم المشروعة كاملة ويأتى فى صدارتها حق تقرير المصير، وحق إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية وذلك تحقيقا للأمن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة.