أكد الدكتور محمد فراج، رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية ومدير معهد الإنتاج الحيواني، الأسبق، أن استهلاك المواطن من الألبان ومنتجاتها لا يزيد على 25 كيلو سنوياً، وأنه يجب التخطيط استراتيجياً لإنتاج ما يفوق استهلاكنا والتصدير، لا سيما أن الألبان تتيح فرصاً كبيرة للتصنيع والتصدير. وشدد «فراج»، فى حوار خاص لـ«الوطن»، على أنه للوصول لذلك يجب دعم كل من صغار وكبار المربين لتشجيعهم على التوسع، واستغلال المخلفات الزراعية فى الأعلاف وإلزام المصانع باستخدامها، ووقف استيراد «الألبان المجففة» التى تؤثر سلباً على المنتجين المحليين.

. وإلى تفاصيل الحوار:

هل يتراوح فعلاً نصيب الفرد من الألبان بين 23 و25 كيلوجراماً سنوياً، حسبما ذكرت فى دراسة لك؟

- استهلاك الفرد سنوياً من الألبان لا يزيد على 25 كيلوجراماً فى حين أن المتوسط على مستوى العالم، طبقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، 100 كيلوجرام، وفى أمريكا 180 كيلو فى السنة. وفخامة السيد الرئيس يوجِّه بأن تكون هناك بنية جيدة للإنسان المصرى، خاصة الأطفال فى مراحل التكوين، وبالتالى فنحن محتاجون لكميات لبن تسد العجز ما بين الـ25 كليوجراماً، لنصل إلى 100 كيلو، وهو متوسط دول العالم كله.

هل الـ25 كيلو تشمل أيضاً كل منتجات الألبان؟

- المقصود هنا كمية اللبن الكلية التى تُنتَج فى مصر بشكل عام بما فيها كل منتجات الألبان. ونحن نحسبها على أساس كمية اللبن المنتجة بمصر، والتى يتم استهلاكها موزعة على تعداد السكان، وهو قرابة الـ110 ملايين نسمة، مع مراعاة أن إخواننا الضيوف يصلون حالياً لـ15 مليوناً، وهذا سيؤثر على متوسطات استهلاك الفرد.

لكن بعض المسئولين يقولون إن مصر حققت اكتفاء ذاتياً من الألبان الطازجة؟

- بشكل عام استهلاك الفرد فى مصر فى اليوم من البروتين الحيوانى 23 جراماً، ويشمل ذلك الألبان والبيض واللحم الأحمر والأسماك، وذلك وفقاً لكل التقديرات، سواء «الصحة العالمية» أو منظمة الأغذية والزراعة، أو «التعبئة والإحصاء»، وهذا أقل من الحد الأدنى اللازم الذى حددته كل من «الصحة العالمية»، و«الأغذية والزراعة». فمنظمة الصحة العالمية أقرت أنه من الضرورى أن يكون الحد الوقائى 45 جرام بروتين حيوانى يومياً للفرد من مصادر حيوانية، وليس من مصادر نباتية، ومنظمة الأغذية والزراعة كانت متواضعة إلى حد ما ووضعت حد 33 جرام بروتين حيوانى لاستهلاك الفرد لكى لا يكون لديه فقر أو سوء تغذية أو حالات مرضية.

ما حقيقة حجم الفجوة بين ما تنتجه مصر من الألبان وما تستهلكه، والتى تتراوح التقديرات بشأنها بين 2.5 و3.3 مليون طن؟

- نحن ننتج قرابة 7.5 مليون طن، والفجوة بين الإنتاج والاستهلاك فى حدود من 2.5 لـ3 ملايين طن تقريباً، ونتمنى أن تقل هذه الفجوة، فنحن نريد أن نُغطى الفجوة ونتميز ونُصدر. ويمكن أن نُشجع شباب الخريجين للقيام بدور فى ذلك. والألبان تتيح قيام عمليات تصنيع كبيرة جداً عليها، وإنتاج منتجات جيدة وتصديرها، والأسواق الأفريقية والعربية والخليجية مفتوحة. والمفروض عندما نُخطط استراتيجياً أن نُخطط على أساس ما يفوق استهلاكنا، وما يمكن أن نُصدره، وأن تكون التكلفة أقل، وبالتالى يكون السعر فى متناول الجميع.

ما حقيقة نصيب صغار المربين والمزارع الكبيرة فى إنتاجية الألبان، وهل الأجدى التركيز فى دعم المربى الصغير، أم تشجيع إنشاء مزارع كبيرة، أم السير فى المسارين؟

- الدولة تبذل جهداً كبيراً جداً فى تنمية الثروة الحيوانية، وقطاع الألبان بشكل خاص، لأنه يحتاج عمالة كثيفة، ويساعد فى تشغيل المزارعين والشباب والمرأة، وبحوزة صغار المربين فى إنتاج الألبان ما بين 80 لـ87% من تعداد الثروة الحيوانية المنتجة للألبان، وهؤلاء يمثلون عدداً ونسبة كبيرة جداً، بحسب تعداد الثروة الحيوانية مؤخراً، ولكى يكون لدينا اكتفاء ذاتى من الألبان، لا بد أن نسير فى المسارين، بأن نُشجع وندعم كبار المربين ونقدم لهم تسهيلات كبيرة جداً، ليتوسعوا وتكون لدينا مزارع عملاقة مثل مزرعة «المراعى» فى السعودية التى بها ما يفوق 60 ألف رأس. وعدد حيوانات الألبان المستوردة لدينا لا يزيد على 250 ألف رأس، وبقية الثروة الحيوانية كلها فى يد صغار ومتوسطى المربين، ونحن نعتبر الأقل من 50 رأساً من ضمن صغار المربين، وبالتالى يجب دعم صغار ومتوسطى المربين لرفع كفائتهم الإنتاجية.

إلى أى حد تمثل الألبان المجففة التى يتم استيرادها تهديداً للمنتج المحلى؟

- استيراد الألبان البودرة يتراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار سنوياً، ومعظمها يُستخدم فى التصنيع. وعندما نستورد أى ألبان مجففة فإننا نساعد المربى الأجنبى، خاصة أن كل دول أوروبا وأمريكا تدعم منتجى الألبان، وبالتالى يُفضل أن نوقف بأى حال من الأحوال الضغط على ميزانية الدولة واحتياطاتنا من الدولار من ناحية استيراد الألبان المجففة، خاصة أنه يؤثر على انتشار وامتداد وتوسع منتجى الألبان المتوسطين. وفى المقابل يُمكن للمستثمرين المصريين والعرب عمل مصانع تجفيف للألبان بمصر، وبالتالى لا نكون محتاجين للاستيراد.

كيف تُقيِّم مشروع «مراكز تجميع وتبريد الألبان المطورة» الذى دعمته «الزراعة» وهل يُعتبر فعالاً؟

- مراكز تجميع الألبان التى تم إنشاؤها تحتاج لإعادة تقييم، لأن هناك منها ما هو جاد وناجح، ومنها ما هو متعثر، ومنهم من يقوم بالأمر بطريقة شكلية. لكن نحن محتاجون فعلاً لمراكز تجميع بشكل قوى، ولدور تعاونى قوى فى إقامة مناطق تجميع وتركيز الحيوانات المنتجة للألبان، وتوفير رعاية بيطرية، وإرشاد زراعى، وإرشاد حيوانى، والتعاقد للشراء بحد أدنى معين، وذلك سيرفع سعر بيع كيلو اللبن من مربى الماشية على الأقل 30%، وهو ما سيمثل ربحاً لصغار المربين، وإذا ربح المربى الذى لديه رأسان، فسيحرص على أن يكون لديه ثلاثة وأربعة رؤوس، وبالتالى تزيد الإنتاجية.

ما التحديات والمشكلات التى تعوق زيادة إنتاجية الألبان فى مصر؟

- هناك تحديات كثيرة، أولها أننا يجب أن نُعطى دفعة كبيرة لآلية استخدام المخلفات الزراعية الموجودة فى مصر، والتى تبلغ حوالى 35 مليون طن، ولدينا معهد بحوث الإنتاج الحيوانى الذى يقوم بدور رائد فى هذا الصدد، لكن غير مُعمم، حيث لا بد من جمع كل المخلفات الزراعية، سواء فى الحقول، أو مخلفات التصنيع الزراعى، ومنها مثلاً تفل العنب وتفل الزيتون وقشر البرتقال، وعمل مناطق لتجميع هذه المخلفات، سواء من خلال الدولة أو مستثمرى القطاع الخاص، ومعالجتها معالجات بسيطة، واستخدامها بنسب معينة فى الأعلاف، بحيث نُقلل من تكلفة التغذية، التى تصل فى الإنتاج الحيوانى لـ70%، وأى رقم نُقلله عن الـ70% يُحقق هامش ربح للمربى الصغير والمتوسط وكل منتجى الإنتاج الحيوانى. وبجانب ذلك يجب أن نستخدم نباتات غير تقليدية، مثل علف الفيل أو البوص، والبونيكام. ولابد من إلزام مصانع الأعلاف بأن تُصنع جزءاً من إنتاجها باستخدام مخلفات محلية، لتقليل تكلفة التغذية، وبالتالى تحقيق ربح لصغار المربين.

هل ثمة توصيات أخرى للتغلب على تحديات إنتاج الألبان فى مصر وزيادة الإنتاجية؟

- فى بعض الأحيان يقوم المربى بذبح الإناث، وذبح الإناث شىء خطير جداً، لأن أى أنثى يتم ذبحها تعنى أننا خسرنا 6 مواليد على الأقل على مدار 6 سنوات، وبالتالى لا بد أن يُطبَّق القانون فى تجريم ذبح الإناث، بجانب حل مشاكل المربين، فالمسئولون يشترطون لصرف قرض للثروة الحيوانية أن يكون لدى المربى رُخصة، والمواطن الذى لديه رأس واثنان فى غرفة أو «زريبة»، وهؤلاء عددهم ضخم جداً، ليس لديه رخصة ويستحيل أن يرخص، والمفروض أن تشملهم الدولة برعايتها، بمعنى أن تُيسر لهم القرض وتعتبر الحيوان ضامناً للقرض، كأنه وحدة تصنيع تأكل لكى تُعطى لبناً، علماً بأن تنمية الإنتاج الحيوانى لا بد أن تبدأ من القرية، وشباب الخريجين الذين يستجيبون استجابة هائلة للإرشاد الزراعى والتقنيات الحديثة.

والشىء الثانى المهم الذى يجب أن تقوم به الدولة أو «الزراعة» هو أن أى حيوان يحدث له أى مكروه لا بد فوراً، فى ذات اليوم، صرف تعويض لصاحبه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الألبان السلع الاستراتيجية الثروة الحیوانیة الأغذیة والزراعة الإنتاج الحیوانى استهلاک الفرد صغار المربین لا یزید على من الألبان التى ت فى مصر

إقرأ أيضاً:

«مراكز تجميع وتبريد الألبان المطورة».. الطريق لمنتجات صحية وآمنة دون مواد حافظة

رحلة طويلة قطعها خالد فهيم، صاحب ومدير أحد مراكز تجميع وتبريد الألبان المطورة، الواقعة بـ«عزبة أسما» بمحافظة القليوبية، منذ أن كان يأتى للعزبة عام 2003 بسيارة نصف نقل، مثل تجار اللبن التقليديين، ليجمع اللبن من الفلاحين ويوزعه على المحال بالقاهرة، حتى أصبح صاحب مركز نموذجى لتجميع وتبريد الألبان، حاصل على شهادة الأيزو 2022، وشهادة دولية أخرى مهمة فى مجال سلامة الغذاء من الاتحاد الأوروبى، تعرف باسم «الهاسب» HACCP‏.

يتحدث «فهيم» عن بدايات هذه الرحلة قائلاً: فى 2003 كنا نجمع اللبن من المزارعين على العربية وننقله للمحلات، لكن وجدنا أن «الهاى جين» (النظافة) الخاصة باللبن ضعيفة، وأن «العد البكتيرى» (أى عدد البكتيريا أو الميكروبات الكلى به)، ودرجة حرارة اللبن زيادة، وكل ذلك يؤثر على جودة اللبن، وبالتالى بدأت أفكر خارج الصندوق، وبدلاً من أن نأتى بعربة نصف نقل وجرادل لجمع اللبن، نقعد وسط الناس هنا، وننشئ هذا المركز.

يشرح صاحب مركز تجميع الألبان المطور فكرة عمله، قائلاً: «هدفنا أن نأخذ جردل اللبن بعد الحليب مباشرة ونعرّضه لتبريد مفاجئ لنحافظ على جودته، لأن اللبن بمجرد نزوله من الضرع، يبدأ العد البكتيرى يزيد فيه، وكلما أخذنا اللبن من ضرع الحيوان بسرعة وأعطيناه تبريداً مفاجئاً، فإننا نحافظ على جودة اللبن، بالإضافة لعمل نظام فلترة متقدم لتنقية الحليب القادم من المزارع من أى شوائب أو تلوثات قد تكون مختلطة به».

هكذا يتم تسلُّم اللبن

داخل المركز، الذى بدا مجهزاً من الداخل ليحتفظ بقدر عالٍ من الاشتراطات الصحية لضمان جودة المنتج وعدم دخول حشرات أو مصادر للتلوث، أخذ «فهيم» يتابع شرح مراحل تسلُّم اللبن من المزارعين، قائلاً: «المزارع بيجيب اللبن بعربيته فى جردل استانلس سبق وأعطيته له للحفاظ على اللبن، ويعطيه لعامل بالخارج لأخذ عينة منه، ليسلمها من خلال شباك صغير جداً لمدير الإنتاج بالداخل لتحليلها فى المعمل، وبيان ما إذا كان يمكن قبول اللبن أم لا».

يشير «فهيم» هنا بشكل خاص إلى تحليلين مهمين؛ أولهما تحليل المضادات الحيوية الذى يهدف للتأكد من خلو اللبن من أى آثار لمضادات حيوية قد يكون تم إعطاؤها للحيوان، ومنع وصولها بالتالى للإنسان، لأن ذلك قد يجعل المضادات الحيوية غير فعالة مع الإنسان لاحقاً إذا ما احتاجها وكتبها له طبيب، ومن ثم فإنه إذا ثبت وجود مضادات حيوية باللبن يتم رفضه. أما التحليل الثانى الذى يتم على أساسه قبول أو رفض اللبن فهو تحليل الحموضة التى إن زادت عن حد معين، يتم رفضه.

وإلى جانب التحليلين السابقين، تأتى تحاليل أخرى لقياس كمية البروتين، والدسم، واللاكتوز، والصلابة، والكثافة فى اللبن، ومعرفة ما إذا كان به مياه أم لا. وإذا ما اجتاز اللبن كل هذه التحاليل، تبدأ بعدها عمليات فلترة اللبن والتى تمر عبر 6 مراحل، تضمن فى النهاية خلو اللبن تماماً من أى رواسب، لتكتمل بذلك كل الاختبارات والاحتياطات التى تضمن أمان اللبن من كل «النقاط الحرجة» التى يمكن أن تُسبب مشاكل به.

التبريد المفاجئ للبن

بعد المراحل السابقة، حسبما يضيف «فهيم»: «يدخل اللبن لمرحلة التبريد، وهى مرحلة مهمة جداً، لأنها مسئولة عن وقف «العد البكتيرى» للبن، وفيها يمر اللبن أولاً على ألواح من الألومنيوم درجة حرارتها 3 درجات مئوية، لتنخفض بعدها درجة حرارة اللبن من 28 درجة مئوية، التى نتسلم بها اللبن من المزارع، إلى 15 درجة بمجرد التلامس، لينتقل بعدها إلى أحد التانكات، فتنخفض درجة حرارة اللبن لـ3 درجات مئوية خلال 10 دقايق من تسلُّم اللبن».

هذا الانخفاض السريع فى درجة الحرارة، حسبما يؤكد «فهيم»، يعطى جودة وعمراً للبن، ويوفر الشروط اللازمة لتصنيعه، حيث يصبح بعد دخوله فى تانكات التبريد جاهزاً لبيعه للمحلات أو للذهاب للمصنع لعمل منتجات آمنة خالية من المواد الحافظة الضارة، وهو الأمر المرجو من إنشاء «مراكز تجميع الألبان المطورة».

مُدخلات تؤدى للجودة

يشبّه «فهيم» وضعه قبل ظهور المشروع القومى لمراكز تجميع الألبان المطورة بـ«الابن الضال» الذى لم يكن يعرف ماذا يفعل إلى أن جاءت مبادرة تطوير مراكز تجميع الألبان التى أطلقتها الدولة، ممثلة فى وزارة الزراعة: «أعطتنا دعماً فنياً رفع من كفاءة المزارع حولنا، حيث بدأ الطب البيطرى التابع لها يتابع المزارع والأعلاف، ويقوم بتحصينات، وهذا كله أعطى ثقلاً (جودة) للبن».

يشرح صاحب المركز المطور لتجميع الألبان معنى عبارة «ثقل فى اللبن»، قائلاً: اللبن فى النهاية محصلة لمدخلات معينة، تشمل: «تغذية مناسبة، وطب بيطرى مناسب، واهتمام برؤوس الماشية»، وهذا لم يحدث إلا مع تدخل وزارة الزراعة والطب البيطرى، حسب قوله.

وبالإضافة لذلك، حسبما يضيف «فهيم»: «وضعت الوزارة معامل التحاليل المركزية التابعة لها فى خدمتنا، وهو ما مثل نقلة كبيرة جداً، حيث بدأ الأطباء يأخذون عينات لإجراء التحاليل التى لا نستطيع إجراءها لدينا، بهدف الكشف عن مرَضى «السل» والـ«بورسيلا»، اللذين يمكن أن ينتقلا من الحيوان للإنسان، وقد بدأت هذه المعامل تُبصرنا بما يمكن أن نُجيزه وما لا يمكن إجازته.

زيادة الإنتاجية تُقلل الأسعار

ويؤكد صاحب المركز النموذجى حاجة مراكز تجميع الألبان المطورة لاستمرار دعم الدولة لها، واستمرار «متابعة المزارع، وتوفير خدمات الطب البيطرى، ومتابعة إنتاجية اللبن»، مؤكداً أن «إنتاجية اللبن كلما زادت كلما كان سعر اللبن مناسباً ومتناسباً مع الدخل بالنسبة للمواطنين وبالنسبة لمراكز تجميع الألبان أيضاً».

يشرح «فهيم» هذه المعادلة، قائلاً: «لو فرضنا مثلاً إن إنتاجية اللبن 10 أطنان، يصاحبها تكاليف نقل وتحاليل معينة، يتم تحميلها على سعر الطن، لكن لو ارتفعت الإنتاجية لـ20 طناً مقابل نفس سعر النقل والتحاليل، فإن سعر الطن سيقل، وبالتالى لو توسعنا فى إنتاجية اللبن، مع المحافظة على الجودة، سنهبط بأسعاره، ومعها بالتالى ستهبط أسعار الجُبن والسمن، وكل منتجات الألبان، وستكون متناسبة مع متوسط الدخل فى البلد».

اللبن الجاموسى كـ«القطن المصرى»

يعتبر «فهيم» أن خامة اللبن، خاصة لبن الجاموس المصرى، فرصة ممتازة للتصنيع والتصدير أيضاً، قائلاً: «الجاموس المصرى من أفضل أنواع الجاموس فى العالم، لكنه يحتاج شوية اهتمام، فى شكل طب بيطرى وإجراء التحاليل اللازمة، ومراعاة التغذية. ولو وقفنا بجانب الحليب الجاموسى، وبدأنا نراعيه، فإنه سيكون مثل القطن المصرى، الذى يمكن عمل منتجات كثيرة منه وتصديرها».

يضيف «فهيم» موضحاً: «اللبن الجاموسى المصرى لا يُعلى عليه، ونسبة الدسم فيه تصل لـ9%، فى حين أن اللبن البقرى نسبة الدسم به 3%، وبالتالى فإن القدرة على توليد وتصنيع منتجات من الـ9% أفضل، كما أن اللبن الجاموسى به أيضاً أعلى نسبة كالسيوم وأعلى نسبة بروتين، كما أنه أبيض اللون، وحلو المذاق (وكأنك أضفت له سكراً من دون إضافته)، وهى الخصائص التى تسمح بتصنيع منتج عالى الجودة منه».

لكن المشكلة هنا، كما يوضح، أن كمية اللبن الطبيعى الجاموسى المصرى قليلة، ونحن فى حاجة لزيادتها فعلاً، وهذه المعادلة تعتبر أكبر تحدٍ يواجه المزارع والحكومة، حسب قوله. ويستطرد مدير المركز النموذجى للألبان: «لو الدولة وقفت بجانب مزارع ومراكز تجميع الألبان، وزودنا إنتاجية الحليب الجاموسى، فإن الإنتاجية ستزيد، وستكون لدينا فرصة عالية جداً للتصدير».

وفى سبيل تحقيق ذلك يؤكد «فهيم» أنه يجب التوصل لحلول لتخفيض سعر الجاموس المصرى؛ لأن سعر الجاموس أصبح مرتفعاً جداً، حسب قوله، وأن تشترى جاموسة بـ120 ألف جنيه، مقابل إنتاج 12 كيلو لبن منها مثلاً فى اليوم، مسألة صعبة، كما أن تغذية الجاموسة فى ظل ارتفاع أسعار الأعلاف حالياً شىء صعب جداً أيضاً، وبالتالى هناك حاجة لتقليل تكلفة العلف، وتوفير الزراعة التى ستخدم ذلك، وساعتها فإن الإنتاج سيزيد.

المصنع بجوار «مركز التجميع»

وإلى جانب زيادة الإنتاجية، يتفق «فهيم» مع أن وجود «مراكز التجميع» بجوار أماكن إنتاج الألبان والمصانع ومنافذ البيع سيكون عاملاً آخر وراء خفض الأسعار، قائلاً: «إذا كانت المزرعة بجوار مركز تجميع الألبان، وبمجرد حلب اللبن من الضرع، يدخل على التبريد المفاجئ، يبقى إحنا حافظنا على جودته وقللنا العد البكتيرى به، وطبعاً لو المصنع أيضاً بجوار مركز التجميع، وبجوارهما أيضاً منفذ التوزيع، سيكون ذلك شيئاً مهماً جداً، لأن كل العمليات ستتم فى وقت قليل جداً، وبجهد ومصاريف أقل، مع الاحتفاظ بجودة اللبن»، لافتاً إلى أن هذا هو النموذج المطبق فى الهند، التى وصلت لمستويات متقدمة فى قطاع الألبان.

ويشير «فهيم» إلى أنه شخصياً يسير فى طريق تطبيق هذه التجربة، ونقل مصنع منتجات الألبان التابع له والقائم الآن فى مدينة 6 أكتوبر، والذى يستغرق نحو ساعة ونصف الساعة لنقل الألبان إليه من القليوبية، عبر الشمس والحرارة المرتفعة والزحام وتكاليف النقل والسولار، والتوسع رأسياً فى مركز التجميع الخاص به فى القليوبية، ونقل التصنيع أيضاً إليه، بحيث يكون تجميع الألبان وتبريدها وتصنيعها فى مكان واحد، وهو ما من شأنه تقليل التكلفة، ومن ثم تقليل سعر المنتج النهائى على المواطن، حسب قوله. لكن فى الوقت الذى تشير فيه مصادر فى اللجنة المسئولة عن مشروع مراكز تجميع الألبان المطورة إلى أن عدد المراكز المطورة يتراوح بين 250 و300 مركز على مستوى الجمهورية، يعتقد «فهيم» أن «عدد هذه المراكز لا يزال قليلاً جداً بالنسبة لمساحة مصر الشاسعة»، مؤكداً على الحاجة للتوسع أكثر فى هذه المراكز التى تعتبر ضمن «البنية الأساسية» لإقامة صناعة ألبان متطورة.

مقالات مشابهة

  • عضو «مراكز تجميع الألبان»: المشروع بدأ منذ 3 سنوات.. ونحتاج انطلاقة جديدة لاستكماله
  • «مراكز تجميع وتبريد الألبان المطورة».. الطريق لمنتجات صحية وآمنة دون مواد حافظة
  • ورشة عمل لتطوير سياسات تنمية الثروة الحيوانية في اليمن
  • سكرتير عام «مُنتجي الألبان»: اللبن سلعة استراتيجية مثل العيش.. وأمن قومي علينا التكاتف للحفاظ عليه
  • رحلة إنتاج «كوب اللبن» 2.. من القرية والمزرعة لمراكز «التجميع والتصنيع» (ملف خاص)
  • بحوث الصحراء تحتفل بالعام الدولي للإبل في مطروح: تعزيز التراث والإنتاجية في الثروة الحيوانية
  • «الفلاح».. المسئول عن إنتاج 80% من الألبان بمصر يطلب الدعم
  • رحلة إنتاج «كوب اللبن» من القرية والمزرعة لمراكز «التجميع والتصنيع»
  • أشرف غريب يكتب: الإسكندرية تنتظر مهرجانها