سام برس
شعر يشير الى أحداث و أمكنة و قواعد و نظم و يشرح الأحكام و ييسر الوقائع و الأحداث التاريخية بقصد التعليم..

قرأ الشاعر مصطفى ضية قصائد في مضامينها وجع و شجن و حياة و منها قصيدته " عليك بشيء يدل عليك "

شمس الدين العوني

ضمن الأنشطة الدورية لبيت الشعر القيرواني و في سياق الفعاليات الصيفية حيث الأدب يذهي شيئا من حر الأحوال التونسية و وفق التمشي الثقافي و الشعري و الاشتغال على الشعر و أسئلته المتصلة بحثا و حوارا و نقاشا نظم بيت الشعر بالقيروان مساء اليوم السبت 5أوت 2023 أمسية أدبية تضمنت مداخلة أدبية للدكتور محسن التميمي بعنوان " الشعر التعليمي عند العرب" و بتقديم من قبل الأستاذ السيد العلاني ليتخللها حيز من القراءات الشعرية للشاعر مصطفى ضية و ذلك بحضور جمهور الشعر و رواد البيت و عدد من النقاد و الشعراء و الاعلاميين وغطت الفعالية قناة الشارقة التي تنقل كل الأنشطة الشعرية و الثقافية و الأدبية للبيت .



الشاعرة ديرة البية جميلة الماجري افتتحت اللقتء بالترحيب بالحضور و برواد البيت مبرزة أهمية الشعر التعليمي كحيز و نوع من الشعر المخصوص و من الأهمية التطرق اليه من خلال التعرض الى أعلامه و خصائصه و حضوره في الشعر و ذكرت بجملة الأنشطة للبيت التي تتصل بالشعر و فنونه و الحصص الموجهة لأحباء تعلم الشعر و العروض فضلا عن التذكير بدور جائزة الشارقة لنقد الشعر كرافد مضاف لدعم و النهوض بمسارات الشعر العربي و حضوره.و قدم الفقرات لهده الأمسية الأستاذ و الكاتب عبد المجيد فرحات مبرزا قيمة الندوة و مشيرا الى تجارب الضيوف و مسيراتهم الابداعية و الثقافية .

و في مداخلته تحدث الدكتور محسن التميمي عن الشعر التعليمي من خلال خصائصه و شعرائه و عهوده و أبرز تجلياته باعتباره شعر يشير بنصوصه الى أحداث و أمكنة و قواعد و نظم و يشرح الأحكام و ييسر الوقائع و الأحداث التاريخية و القصد من كل هذا هو التعليم و الحفظ مشيرا الى كونها متون و منها كتاب 'مجموع المتون الكبرى ' و هي تجري على بحر الرجز مشيرا الى الشاطبي و الفقيه ابن بكر العاصمي و الفاسي و موسوعة ' تحفة الجكام ' و علم القراءات و شاعر القيروان الحصري و قصيدته في علم التجويد التي سماها ' المنح الفريدة ' حيث اهتم العلماء قديما بهذه القصيدة و منها تثمين مقدرة الشاعر في علم القراءات و ذكر أن أبرز من نظم في علم القراءات أبو محمد خلف المتوفي بمصر مشيرا الى أبيات تشرح الأحكام و تذكر الوقائع و الأحداث التاريخية بيسر مبرزا الخيارات الجمالية الشعرية لهذا النوع من الشعر التي تجنح الى الشعر و الأنساق التي تخدم العلمي و الجمالي و خلص المحاضر التميمي الى القول "..يبقى الشعر العربي مستودع آمال العرب و حين سئل ابن خلدون عن هذه المسائل في الشعر كان جوابه بأنها

تخدش وجه القريحة و تعطل الابداع الشعري فقيل له لله درك لا يقول الكلام هذا الا أنت...".
الأستاذ الصحبي العلاني تحدث في اشارات مترابطة و عميقة الدلالة عن الخصائص لهذا النوع من الشعر التعليمي ذاكرا أن هذا النوع من النظم يخلو من الخيال و العاطفة و يقتصر على الأفكار العلمية المجردة و قال "...حين نتعامل مع هذا الشعر لا بد من كثير من المعرفة ...قصيدة سعيد عقل "مرخى على الشعر شال " هي ضمن الغزل الحديث لخصوصيتها فالشعر الحديث صعب الكتابة و الفهم و القراءة و الأمثلة عديدة ...".

اثر ذلك كان هناك نقاش وفق ما طرح في اللقاء عن هذا الشعر التعليمي و فسح المجال للشعر حيث قرأ الشاعر مصطفى ضية عددا من القصائد التي تفاعل معها الحضور لما بدا في مضامينها من وجع و شجن و حياة و منها قصيدته " عليك بشيء يدل عليك " .

أمسية رائقة حملت الحضور الى أزمنة شعرية حيث الشعر مجال تعليمي كان فيها النقاش ثريا و تنوعت الأراء و كذلك النظر و التقييم و هذا من عناوين فن الشعر الشاسع بتلويناته و ضروبه .

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: مشیرا الى

إقرأ أيضاً:

الخليل بن أحمد الفراهيدي

نابغة علوم اللغة العربية وأستاذها أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، ولد الخليل في ودام الساحل بالمصنعة سنة مائة هجرية وفيها تعلم ونشأ، ثم قرر شق عصا الترحال إلى البصرة للاستزادة في العلم من جانب وطلبا للرزق من جانب آخر، فالبصرة في تلك الفترة كانت مركزا اقتصاديا مهما، ويشكل الأزد فيها النسبة الأكبر من السكان، وكانوا يمتلكون التجارة وخاصة البحرية منها. سافر الخليل بن أحمد إلى البصرة وفيها التقى بعلماء البصرة وجالسهم وناقشهم في علوم اللغة، كان الخليل كثير التدبر في العلم والتفكر فيه وكان كثيرا ما يقول (كن على مدارسة ما في قلبك أحرص منك على حفظ كتابك). حضر الخليل بن أحمد العديد من حلقات العلم في البصرة، فكان يجلس ليتعلم في حلقات كبار علماء البصرة في تلك الفترة مثل أيوب بن أبي العلاء ، وأبي عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمر الثقفي ، وعثمان بن حاضر، وغالب القطان ، والعوام بن الحوشب.

كان الخليل بن أحمد حريصا على طلب العلم، يقضي الساعات الطوال في المطالعة والمذاكرة وفي التأمل والتفكر فيما يقرأ ويتعلم، وكان دائما يقول: أحث كلمة على طلب العلم، قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه:" قَدرُ كُلِّ امرِئٍ ما يُحسِنُ".

يُعد أعظم إنجازات الخليل بن أحمد اكتشافه لعلم العَروض، وهو العلم الذي يُعنى بوزن الشعر وتحديد بحوره. استنبط هذا العلم من ملاحظته للأوزان الشعرية وسماع إيقاعات الألفاظ. قسم الخليل الشعر العربي إلى خمسة عشر بحرًا، أضاف عليها تلميذه الأخفش الأوسط بحرًا آخر ليصبحوا ستة عشر بحرًا معروفة حتى اليوم.

ويُقال إن فكرة علم العروض جاءته أثناء مشيه في السوق، حيث لاحظ وقع الأقدام والأصوات المتكررة، فبدأ في تأليف هذا العلم لضبط الشعر وتقييم وزنه، ما أنقذ الشعر العربي من التلاعب وأتاح للناس فهم قواعده . . وحتى في زيارته لبيت الله الحرام ، كان دعاؤه أن يشرح الله صدره للعلم وأن يهديه إلى علوم جديدة ، فكان أن ابتكر علم العروض، ووضع أسسه وقواعده، وكان الكثير من العلماء ينسبون الخليل إلى علم العروض فيقولون هو الخليل بن أحمد العروضي، تقديرا لدوره الكبير في تأسيس هذا العلم وتنظيره، وكان كثيرا ما يغني الأبيات لتحديد بحورها الشعرية، وكان يستغرق في ذلك الساعات الطوال حتى كان يظن من يدخل عليه أن الخليل قد مسه الجنون، وما ذلك إلا من استغراقه في العلم وعدم انشغاله بغيره، وفي إحدى المرات دخل عليه ولده فلم يفهم ما يقول والده، فخرج إلى الناس صائحا بأن والده قد جُنّ، فدخل عدد من الأشخاص بيت الخليل للاطمئنان عليه فوجدوه مشتغلا بعلمه، فأخبروه بما فعل ولده فقال الخليل مرتجلا بيتين يعذر فيها ولده:

لو كُنت تَعلمُ ما أَقول عذرتني أو كنت تَعلمُ ما تَقُولُ عَذلتُكا

لكن جَهلتْ مَقالتي فَعَذلتني وعَلمتُ أنكَ جَاهلٌ فَعَذرتُكا

إن الخليل بن أحمد مفخرة كل عماني وكل مسلم، لاجتهاده في العلم وتفرغه له بشكل كلي وبعده عن المال والمناصب، هذا الاجتهاد مكنه من أن يكون فريد عصره فلقد أسس لعدد من العلوم، فهو واضع أول معجم لغوي عربي وهو “معجم العين”، وسُمّي بذلك لأنه بدأ بحرف العين، أصعب الحروف نطقًا. تميز المعجم بمنهجيه الفريد في ترتيب الكلمات حيث رتبت الكلمات وفق مخارج الحروف من الحلق إلى الشفتين، على عكس الترتيب الأبجدي التقليدي. هدف الخليل من هذا العمل إلى الحفاظ على اللغة العربية من الضياع، خاصة بعد انتشار اللحن بفعل اختلاط العرب بالأعاجم بعد الفتوحات الإسلامية.

رتب الخليل معجمه ترتيبا صوتيا على حسب مخارج الحروف حيث بدأ المعجم بحروف الحلق فكان أولها حرف العين، ثم الحاء ومن بعدها الهاء ثم الخاء ثم الغين ، وشكلت حروف الحلق هذه حوالي نصف الكتاب، وبعدها يبدأ بحرف القاف ثم الكاف وهي حروف اللهاة، ثم ينتقل إلى حروف الشفتين وهي الفاء والباء والميم، ثم يتناول الحروف المعتلة ، وفي كل باب من هذه الأبواب نظم ترتيب الكلمات على النحو التالي: باب الثنائي المشدد ثانيه، باب الثلاثي الصحيح ، باب الثلاثي المعتل، باب اللفيف، باب الرباعي، باب الخماسي.

ويذكر الفراهيدي في مقدمته السبب وراء الابتداء بحرف العين حيث يقول:" فلم يمكنه أن يبتدأ التأليف من أول أ، ب، ت، ث، وهو الألف لأن الألف حرف معتل فلما فاته الحرف الأول كره أن يبتدأ بالحرف الثاني وهو الباء إلا بعد حجة واستقصاء فدبر ونظر، فدبر ونظر إلى الحروف كلها وذاقها فوجد مخرج الكلام كله من الحلق" وفي موضع آخر من المعجم يقول:" بدأنا في مُؤلَفنا هذا بالعين وهو أقصى الحروف، ونَضُمُّ إليه ما بعده حتى نستوعب كلام العرب الواضح والغريب".

عرف الخليل بتواضعه وزهده، فكان عفيف النفس، رافضًا قبول العطاء من الخلفاء رغم فقره وحاجته للمال. وقد روي أن الخليفة هارون الرشيد عرض عليه مالًا فرفضه، مؤكدًا قناعته بعيش الكفاف.

كما أرسل له والي الأهواز رسولا يعرض عليه راتبا مجزيا في مقابل تعليم ولده، فرفض الخليل هذا العرض وفضل ألا يترك طلابه، وقال للرسول:

أبلغ سليمان أني عنه في سعة وفي غنى، غير أني لست ذا مالِ

سخي بنفسي أني لا أرى أحدا يموت هزلا، ولا يبقى على حالِ.

تخرج على يديه العديد من العلماء، أبرزهم:

سيبويه: الذي يعد كتابه “الكتاب” من أعمدة النحو العربي ولقد اعتمد فيه كثيرا على محاضرات الخليل التي كان يلقيها على طلابه، ومن طلبة العلم لدى الخليل الأخفش الأوسط الذي أكمل عمل الخليل في بحور الشعر و الكسائي أحد أعلام النحو والقراءات.

كان الخليل يُلقب بأستاذ الأساتذة” لما خلفه من إرث علمي ضخم لم يسبق له مثيل في مجاله. مات هذا النابغة سنة 170هـ ودفن في البصرة. وحضر جنازته جمعا غير من أهالي البصرة وأعيانها، ويقال أن سبب موته أنه اصطدم بعمود مسجد في البصرة لأنه كان غارقا في التفكير حول إيجاد طريقة حسابية تسهل على الناس معاملاتهم التجارة.

أشاد العلماء بالخليل فها هو سفيان بن عُيينة يقول عنه (من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد). وقال عنه الثعالبي:" كان يقال أربعة لم يُلحقوا، ولم يُسبقوا: أبو حنيفة في فقهه، والخليل في أدبه، والجاحظ في تأليفه، وأبو تمام في شعره". وقال عنه أبو بكر الزبيدي: «الخليل بن أحمد أوحد عصره، وجهبذ الأمة، وأستاذ أهل الفطنة الذي لم يُر نظيره، ولا عرف في الدنيا عديله".

ترك الخليل إرثًا علميًا خالدًا، إذ لا تزال بحور الشعر التي وضعها حجر الأساس لدراسة الأدب العربي، ويُعتبر معجم العين من أعمدة المعاجم اللغوية. تظل مساهماته مرجعًا رئيسيًا في الجامعات والمعاهد إلى يومنا هذا. وحرصت سلطنة عمان على إدراج الخليل بن أحمد كشخصية عالمية مؤثرة في التراث الإنساني ومساهمة في تطور علوم البشرية، فكان ذلك في عام 2006م حين أعلنت منظمة اليونسكو أن الخليل بن أحمد الفراهيدي شخصية استثنائية مؤثرة عالميا وملهمة وجدانيا.

مقالات مشابهة

  • ما أبرز القرارات التي خلص إليها القادة العرب في القمة الطارئة بشأن غزة؟
  • التقسيم ليس مسألة درزية!
  • وفد تركي يطلع على واقع المدارس في حلب ويبحث مع مدير التربية والتعليم بالمحافظة الواقع التعليمي وأوضاع المدرسين في حلب
  • الخليل بن أحمد الفراهيدي
  • شيخ الأزهر: ندعو الله أن يوفِّق القادة العرب في القمة العربية ووضع حدٍّ للغطرسة والفوضى التي يتعامل بهما الداعمون للكيان المحتل
  • علي جمعة: مسألة مصافحة النساء محل خلاف بين العلماء
  • مستشار البيت الأبيض: ترامب لن يتراجع في مسألة فرض الرسوم الجمركية
  • حيث الانسان.. برنامج يصنع الحياة ويقود للمستقبل.. مجمع بلقيس التعليمي تجربة تعليمية فتحت أبواب الأمل للآلاف من الطلاب والطالبات بمحافظة تعز
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجيع على قتل الفلسطينيين والعرب؟