لجريدة عمان:
2025-04-17@05:43:55 GMT

قطع ذراع إسرائيل الطويل

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

من المفارقات العربية الغريبة في هذا الزمن العربي الرديء أن تبدي قطاعات من العرب، ربما تكون واسعة، فرحتها الكبيرة وتأييدها للجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة الغربية ولبنان، وحملة الاغتيالات التي تقوم بها لقادة ورموز المقاومة، وآخرها اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان، بينما كان يجب أن تكون هذه الجريمة وما سبقها من جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها بدون توقف، دافعًا لهؤلاء لمراجعة النفس وتعديل مواقفها من جبهات المقاومة ومن العدو الإسرائيلي.

سواء اتفقنا أو اختلفنا مع حزب الله لا يجب إطلاقًا أن نكون في صفوف عدونا الذي لن يتوقف عن جرائمه بعد موجة الاغتيالات، تلك الموجة التي من المؤكد لن تنتهي عند حد نصر الله ولا عن استخدام سلاح الجو الغاشم في تدمير المدن والعواصم العربية التي لن تقف عند بيروت، ذراع إسرائيل الطويلة التي يتباهى بها نتنياهو ووزير دفاعه كان يجب أن يكون في مواجهتها ذراع عربية قوية حتى ولو على مستوى التصريحات، لكن ما رأيناه هو المزيد من التجاهل والصمت العميق من غالبية الأنظمة والحكومات العربية.

تجاهر إسرائيل بعدائها لنا جميعا، وتعلن خططها لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، بل وتصنفنا -حسب وصف نتنياهو- في معسكرين، هما معسكر «النقمة» وهو معسكر «المقاومة» الذي يواصل خوض مواجهة غير متكافئة معها، ومعسكر النعمة التي تضم الدول المطبعة معها أو تلك الساعية إلى الانضمام لصفوف المطبعين. نقابل نحن هذا الغرور والصلف الصهيوني بمزيد من الصبر غير الجميل والخوف حتى من التعبير عن رفضنا لهذا السرطان الذي يتمدد في الجسد العربي. كيف ارتضت دول خريطة «النعمة» التي عرضها نتنياهو أمام الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن يصنفها نتيناهو بهذا الوصف؟ والسؤال الأهم هل ستسلم هذه الدول من الغدر الصهيو-أمريكي في المستقبل ووقتما تشاء إسرائيل والولايات المتحدة؟

بعد بيروت سيكون الدور على عواصم عربية أخرى بالتأكيد. ما أستطيع أن أؤكده، في ضوء الأحداث الجارية، ومن خلال مراجعة التاريخ القذر لإسرائيل منذ إنشائها، أن العدوان الإسرائيلي الشرس الذي طال كل المقاومين بما في ذلك البعيدون تماما عنها، لن يتوقف عند حد بيروت، فالهدف هو إسكات كل صوت يقاوم إسرائيل ولو بالكلمة بما في ذلك الصحفيون والإعلاميون الذين تقتلهم بدم بارد داخل الأراضي المحتلة وخارجها.

من السابق لأوانه أن نقول إن إسرائيل نجحت في حملتها العسكرية على لبنان وعلى حزب الله تحديدا. إذا كان الحزب قد خسر معركة تفجيرات البيجر ومعارك اغتيال قادته فإنه -كما يقولون- خسر معركة أو معارك ولم يخسر الحرب بعد، وأن إسرائيل كسبت جولة أو جولات ولم تكسب الحرب. ما زالت شرارة المقاومة مشتعلة في غزة والضفة وجنوب لبنان وجبهات الإسناد في اليمن والعراق. لذلك وفي ظل عجز العرب أو بالأصح الأنظمة العربية حتى عن إصدار بيانات الشجب والإدانة التي اعتادت عليها، وإذا كنا غير قادرين على تغيير المنكر الصهيوني بأيدينا وأسلحتنا المكدسة في مخازن الجيوش العربية، فليس أقل من أن نواجه الجرائم الإسرائيلية بألسنتنا، أي بالكلمة، وأن نطلق يد منصات الإعلام العربية ومنحها الحرية للتعبير عن رفضنا لجرائم نتنياهو وعصابته الحاكمة، ومساندة جبهات المقاومة في كل مكان على الأرض العربية، وتوجيه الجيوش الإلكترونية التي تملكها وتديرها إلى التوقف عن الدفاع عن العدو الصهيوني، ودعم المقاومة.

لقد أثبتت الأحداث أن الحروب لا تربح بالسلاح وحده، وأن الإعلام يمكن أن يكون له دور حاسم في ترجيح كفة طرف من أطرافها. لقد نجحت المقاومة في غزة في ترويج سرديتها للأحداث في مناطق كثيرة من العالم على مدى العام الفائت، وتفنيد الدعاية الإسرائيلية وجعلت قطاعات من الرأي العام حتى في الدول الغربية تتظاهر ضد العدوان الإسرائيلي. ما يحدث حاليا في لبنان ليس أقل مما حدث ويحدث في غزة، ويحتاج إلى خطاب إعلامي عربي قوي وموحد يستند إلى الحقائق، وما أكثرها، ويفضح الممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية في اغتيال المدنيين وقادة المقاومة. من مصلحة الشعوب والأنظمة العربية أن تُفعل قدراتها الإعلامية والاتصالية ليس فقط للتواصل مع مواطنيها، ولكن أيضا مع الآخر، وتقدم خطابًا إعلاميًا قويًا يتضمن تحذيرات واضحة لإسرائيل والولايات المتحدة بأفعال عربية إن لم تتوقف إسرائيل عن حرق غزة ولبنان ومناطق أخرى في جبهات إسناد المقاومة.علينا أن ندرك قبل فوات الأوان أن التطورات التي أحدثتها تكنولوجيا المعلومات والاتصال قد غيّرت طبيعة الصراعات الدولية وأضافت أسلحة جديدة إلى ساحة المعارك التقليدية، وأن الوصول العالمي الواسع لكل دول العالم تقريبًا للفضاء الإلكتروني أتاح للدول والعصابات المسلحة مثل العصابة الصهيونية فرصا عديدة لنقل حروبها من الواقع الحقيقي إلى الواقع الافتراضي، والتأثير في مجرى الأحداث سواء بشكل مادي مثل ضرب أنظمة الحواسيب والاتصالات، أو بشكل معنوي مثل التأثير في اتجاهات ومعتقدات الشعوب. لقد استخدمت إسرائيل أسلحة جديدة وعديدة في الفضاء الإلكتروني لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، وجمعت بين العمليات العسكرية الفعلية على الأرض وبين الهجمات السيبرانية، والضغوط الدبلوماسية والاقتصادية وحملات الدعاية.يجب أن ندرك قبل أن تفاجئنا إسرائيل بغارات جديدة على عواصم عربية أخرى أننا نعيش عصر الحرب الهجينية، وهي «شكل من الحروب تقوم على مزج الوسائل الحربية التقليدية وغير التقليدية، العسكرية وغير العسكرية، العلنية والسرية التي تشمل الحرب المعلوماتية والسيبرانية وتستهدف إيجاد حالة من الارتباك والالتباس حول طبيعة ومنشأ وهدف هذه الأفعال». وقد ظهر مصطلح «الحرب الهجينية» لأول مرة في عام 2002 في رسالة علمية قدمها الباحث الاستراتيجي «وليام نيميز» لوصف الطريقة التي اتبعها المقاتلون الشيشان «للجمع بين العمليات العسكرية والتكتيكات العسكرية الحديثة التي تقوم على استخدام الهواتف المحمولة وتكنولوجيا الإنترنت. في هذه الحرب استخدم الشيشان إلى جانب الأعمال العسكرية الفعلية على الأرض الأنشطة الإعلامية والاتصالية والعمليات النفسية ضد القوات الروسية». قد يقول قائل إن الوسائل غير العسكرية بما في ذلك العمليات المعلوماتية والإعلامية كانت وما زالت تستخدم في أوقات الحرب، وهذا صحيح. ومع ذلك فإن ما يجعل الحرب السيبرية مختلفة هو التأثيرات التي يمكن للمعلومات أن تحدثها في تطور الصراع، خاصة أن إدراك الجمهور في بعض الأحيان بنتائج الصراع تكون أكثر أهمية من الحقائق الفعلية على الأرض. إن إسرائيل ترتكب جرائمها ليس بهدف الدفاع عن نفسها كما تزعم، ولكن من أجل السيطرة على إدراك وسلوك الشعوب خاصة الشعوب العربية، التي رغم التلاعب المستمر بعقولها ما زالت تمثل حلقة مهمة وصعبة في حلقات الصراع، وما زالت عصية على الإرهاب الفكري والدعاية الصهيونية.من المتوقع أن تكون حرب المعلومات التي تدمج بين الحرب الإلكترونية والحرب السيبرية والعمليات النفسية محورا مركزيا في كل الحروب في المستقبل. ولذلك علينا أن نضع خططًا واضحة وبدائل اتصالية وتكنولوجية ممكنة حتى نستطيع مواجهة ما قد يأتي من العدو الصهيوني. إذا كنا غير قادرين حاليا على قطع ذراع إسرائيل الطويل بالسلاح فلا أقل من أن نقطع لسانها، وألسنة أنصارها في العالم العربي الطويلة أيضا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على الأرض ما زالت فی غزة

إقرأ أيضاً:

الحقيقة التي لا نشاهدها

هل نعرف وندرك ونؤمن أن هناك عيوناً قد تؤذينا عن قصد أو بدون قصد نعرفها أولا نعرفها وقد لا نشاهدها طوال حياتنا بل كانت عيناً موجهة عن قرب أو بعد، أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك أنها الحقيقة المرة القاسية والتي يجب نتحصن بذي العزة والجبروت ونعتصم برب الملكوت ونتوكل علي الحي الباقي الدائم الذي لا يموت وبسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء نتحصَّن ، وما شاء الله تبارك الرحمن على عيون السعادة العيون الفاتنات الناعسات بألوانها وتركيباتها وعدساتها وأحجامها والتي تسير بصاحبها إلى الطريق الصحيح، من غير لف ولا دوران ولا غمز ولمز، ورمش ورموش. وأعوذ بالله وقدرته وبكلماته التامات من العيون الكهرومغناطيسية، العيون الحمراء، العيون المجرمة القاتلة الخبيثة، عين الحاسد الحاقد العاين الزعوور، الذي ينظر ويعجب ولا يبارك على ما شاهد من فضل الله وبركته.
أنها حقيقة مرة بطعم العلقم نؤمن بها وندرك ونشاهد ونسمع ونقرأ ما تفعله العيون. فهي العدو المجرم القاتل الصامت الذي يعيش بيننا ويجب الحذر منه بالتحصين والأذكار، فالعين حق وحقيقة وواقع كما أخبر بذلك الرسول، صلى الله عليه وسلم، ووضح لأمته طرق الوقاية والتحصين والحفظ من شرها. و على الإنسان أن يلتزم بما أخبر به رسولنا، صلى الله عليه وسلم، بقوله :(إذا رأى أحدكم من أخيه ومن نفسه وماله ما يعجبه فليباركه، فإن العين حق).
وعين العاين تختلف من شخص لآخر، فبعضهم معروفون للعامة، وعيونهم قوية لا تخطئ، وبعضهم غير معروفين، وبعضهم يجاهر ويتحكم بها، ويختار المكان الذي يضعها فيه.
وبعض العيون تصيب بسهام عفوية، تقع نتيجة الإعجاب، وقد لاتتكرر كثيراً في دقة إصابتها الهدف، فربما تكون رمية من غير قصد، لكنها سهام العين خرجت فأصابت، وهذه غالبا تكون إصابتها بسيطة وغير قاتلة.
وأخيرا، من أصابته العين، عليه أن يذهب إلي العاين إذا عرفه، ويطلب منه أن يتوضأ، كما في حديث رسولنا، صلى الله عليه وسلم (العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا).
وإذا لم يعرف العاين فعليه بالإكثار من ذكر الله، والتضرع إلى الله بالشفاء ، فالعين حق وفتنة، فعلى الإنسان وواجبه أن يحافظ على الأذكار، ويتق الله في عينه وحركتها ورمشها وسهامها، فكم من طريح الفراش، ومريض ومجنون، بسبب سهام عين.
وقانا الله والمسلمين والقراءالكرام من كل عين حاسد، وما شاء الله تبارك الله والحمد لله على نعمه التي تترى ، وأعوذ برب الفلق من كل عين إنس وجان.
وقفة:
قالوا في الأمثال:
عضة أسد ولانظرة حاسد.

Leafed@

مقالات مشابهة

  • شاهد| إسرائيل وعملائها ومحاولة نزع سلاح المقاومة
  • صحيفة روسية: البنتاغون في حالة ذعر من “الفراغ الاستخباراتي” حول قدرات اليمن العسكرية
  • لا سلاح يُسلّم.. والمُحتلّ لا يؤتمن
  • صحيفة روسية: “القدرات العسكرية اليمنية باتت لغزًا استخباراتيًا محيرًا”
  • وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
  • هل الدعاء يرد القضاء فعلا؟ اعرف هذه الكلمات التي لا ترد
  • مفتي عمان يهاجم مواقف بعض الدول العربية المتماهية مع إجرام الكيان الصهيوني
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة
  • الحقيقة التي لا نشاهدها
  • بقاء السلاح شرط الوجود في غزة