لجريدة عمان:
2025-01-31@17:39:04 GMT

قطع ذراع إسرائيل الطويل

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

من المفارقات العربية الغريبة في هذا الزمن العربي الرديء أن تبدي قطاعات من العرب، ربما تكون واسعة، فرحتها الكبيرة وتأييدها للجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة الغربية ولبنان، وحملة الاغتيالات التي تقوم بها لقادة ورموز المقاومة، وآخرها اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان، بينما كان يجب أن تكون هذه الجريمة وما سبقها من جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها بدون توقف، دافعًا لهؤلاء لمراجعة النفس وتعديل مواقفها من جبهات المقاومة ومن العدو الإسرائيلي.

سواء اتفقنا أو اختلفنا مع حزب الله لا يجب إطلاقًا أن نكون في صفوف عدونا الذي لن يتوقف عن جرائمه بعد موجة الاغتيالات، تلك الموجة التي من المؤكد لن تنتهي عند حد نصر الله ولا عن استخدام سلاح الجو الغاشم في تدمير المدن والعواصم العربية التي لن تقف عند بيروت، ذراع إسرائيل الطويلة التي يتباهى بها نتنياهو ووزير دفاعه كان يجب أن يكون في مواجهتها ذراع عربية قوية حتى ولو على مستوى التصريحات، لكن ما رأيناه هو المزيد من التجاهل والصمت العميق من غالبية الأنظمة والحكومات العربية.

تجاهر إسرائيل بعدائها لنا جميعا، وتعلن خططها لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، بل وتصنفنا -حسب وصف نتنياهو- في معسكرين، هما معسكر «النقمة» وهو معسكر «المقاومة» الذي يواصل خوض مواجهة غير متكافئة معها، ومعسكر النعمة التي تضم الدول المطبعة معها أو تلك الساعية إلى الانضمام لصفوف المطبعين. نقابل نحن هذا الغرور والصلف الصهيوني بمزيد من الصبر غير الجميل والخوف حتى من التعبير عن رفضنا لهذا السرطان الذي يتمدد في الجسد العربي. كيف ارتضت دول خريطة «النعمة» التي عرضها نتنياهو أمام الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن يصنفها نتيناهو بهذا الوصف؟ والسؤال الأهم هل ستسلم هذه الدول من الغدر الصهيو-أمريكي في المستقبل ووقتما تشاء إسرائيل والولايات المتحدة؟

بعد بيروت سيكون الدور على عواصم عربية أخرى بالتأكيد. ما أستطيع أن أؤكده، في ضوء الأحداث الجارية، ومن خلال مراجعة التاريخ القذر لإسرائيل منذ إنشائها، أن العدوان الإسرائيلي الشرس الذي طال كل المقاومين بما في ذلك البعيدون تماما عنها، لن يتوقف عند حد بيروت، فالهدف هو إسكات كل صوت يقاوم إسرائيل ولو بالكلمة بما في ذلك الصحفيون والإعلاميون الذين تقتلهم بدم بارد داخل الأراضي المحتلة وخارجها.

من السابق لأوانه أن نقول إن إسرائيل نجحت في حملتها العسكرية على لبنان وعلى حزب الله تحديدا. إذا كان الحزب قد خسر معركة تفجيرات البيجر ومعارك اغتيال قادته فإنه -كما يقولون- خسر معركة أو معارك ولم يخسر الحرب بعد، وأن إسرائيل كسبت جولة أو جولات ولم تكسب الحرب. ما زالت شرارة المقاومة مشتعلة في غزة والضفة وجنوب لبنان وجبهات الإسناد في اليمن والعراق. لذلك وفي ظل عجز العرب أو بالأصح الأنظمة العربية حتى عن إصدار بيانات الشجب والإدانة التي اعتادت عليها، وإذا كنا غير قادرين على تغيير المنكر الصهيوني بأيدينا وأسلحتنا المكدسة في مخازن الجيوش العربية، فليس أقل من أن نواجه الجرائم الإسرائيلية بألسنتنا، أي بالكلمة، وأن نطلق يد منصات الإعلام العربية ومنحها الحرية للتعبير عن رفضنا لجرائم نتنياهو وعصابته الحاكمة، ومساندة جبهات المقاومة في كل مكان على الأرض العربية، وتوجيه الجيوش الإلكترونية التي تملكها وتديرها إلى التوقف عن الدفاع عن العدو الصهيوني، ودعم المقاومة.

لقد أثبتت الأحداث أن الحروب لا تربح بالسلاح وحده، وأن الإعلام يمكن أن يكون له دور حاسم في ترجيح كفة طرف من أطرافها. لقد نجحت المقاومة في غزة في ترويج سرديتها للأحداث في مناطق كثيرة من العالم على مدى العام الفائت، وتفنيد الدعاية الإسرائيلية وجعلت قطاعات من الرأي العام حتى في الدول الغربية تتظاهر ضد العدوان الإسرائيلي. ما يحدث حاليا في لبنان ليس أقل مما حدث ويحدث في غزة، ويحتاج إلى خطاب إعلامي عربي قوي وموحد يستند إلى الحقائق، وما أكثرها، ويفضح الممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية في اغتيال المدنيين وقادة المقاومة. من مصلحة الشعوب والأنظمة العربية أن تُفعل قدراتها الإعلامية والاتصالية ليس فقط للتواصل مع مواطنيها، ولكن أيضا مع الآخر، وتقدم خطابًا إعلاميًا قويًا يتضمن تحذيرات واضحة لإسرائيل والولايات المتحدة بأفعال عربية إن لم تتوقف إسرائيل عن حرق غزة ولبنان ومناطق أخرى في جبهات إسناد المقاومة.علينا أن ندرك قبل فوات الأوان أن التطورات التي أحدثتها تكنولوجيا المعلومات والاتصال قد غيّرت طبيعة الصراعات الدولية وأضافت أسلحة جديدة إلى ساحة المعارك التقليدية، وأن الوصول العالمي الواسع لكل دول العالم تقريبًا للفضاء الإلكتروني أتاح للدول والعصابات المسلحة مثل العصابة الصهيونية فرصا عديدة لنقل حروبها من الواقع الحقيقي إلى الواقع الافتراضي، والتأثير في مجرى الأحداث سواء بشكل مادي مثل ضرب أنظمة الحواسيب والاتصالات، أو بشكل معنوي مثل التأثير في اتجاهات ومعتقدات الشعوب. لقد استخدمت إسرائيل أسلحة جديدة وعديدة في الفضاء الإلكتروني لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، وجمعت بين العمليات العسكرية الفعلية على الأرض وبين الهجمات السيبرانية، والضغوط الدبلوماسية والاقتصادية وحملات الدعاية.يجب أن ندرك قبل أن تفاجئنا إسرائيل بغارات جديدة على عواصم عربية أخرى أننا نعيش عصر الحرب الهجينية، وهي «شكل من الحروب تقوم على مزج الوسائل الحربية التقليدية وغير التقليدية، العسكرية وغير العسكرية، العلنية والسرية التي تشمل الحرب المعلوماتية والسيبرانية وتستهدف إيجاد حالة من الارتباك والالتباس حول طبيعة ومنشأ وهدف هذه الأفعال». وقد ظهر مصطلح «الحرب الهجينية» لأول مرة في عام 2002 في رسالة علمية قدمها الباحث الاستراتيجي «وليام نيميز» لوصف الطريقة التي اتبعها المقاتلون الشيشان «للجمع بين العمليات العسكرية والتكتيكات العسكرية الحديثة التي تقوم على استخدام الهواتف المحمولة وتكنولوجيا الإنترنت. في هذه الحرب استخدم الشيشان إلى جانب الأعمال العسكرية الفعلية على الأرض الأنشطة الإعلامية والاتصالية والعمليات النفسية ضد القوات الروسية». قد يقول قائل إن الوسائل غير العسكرية بما في ذلك العمليات المعلوماتية والإعلامية كانت وما زالت تستخدم في أوقات الحرب، وهذا صحيح. ومع ذلك فإن ما يجعل الحرب السيبرية مختلفة هو التأثيرات التي يمكن للمعلومات أن تحدثها في تطور الصراع، خاصة أن إدراك الجمهور في بعض الأحيان بنتائج الصراع تكون أكثر أهمية من الحقائق الفعلية على الأرض. إن إسرائيل ترتكب جرائمها ليس بهدف الدفاع عن نفسها كما تزعم، ولكن من أجل السيطرة على إدراك وسلوك الشعوب خاصة الشعوب العربية، التي رغم التلاعب المستمر بعقولها ما زالت تمثل حلقة مهمة وصعبة في حلقات الصراع، وما زالت عصية على الإرهاب الفكري والدعاية الصهيونية.من المتوقع أن تكون حرب المعلومات التي تدمج بين الحرب الإلكترونية والحرب السيبرية والعمليات النفسية محورا مركزيا في كل الحروب في المستقبل. ولذلك علينا أن نضع خططًا واضحة وبدائل اتصالية وتكنولوجية ممكنة حتى نستطيع مواجهة ما قد يأتي من العدو الصهيوني. إذا كنا غير قادرين حاليا على قطع ذراع إسرائيل الطويل بالسلاح فلا أقل من أن نقطع لسانها، وألسنة أنصارها في العالم العربي الطويلة أيضا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على الأرض ما زالت فی غزة

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎

الثورة نت

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.

مقالات مشابهة

  • بالأرقام والتفاصيل.. الكشف عن كافة العمليات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة ضد كيان العدو الصهيوني إسناداً لغزة
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء هي مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان المتجدد الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • تحليل خطاب نعيم قاسم.. صمود المقاومة والتأكيد على النصر ودغدغة المشاعر العربية
  • الانتصار في تحرير الرهائن مقابل أسرى الحرب
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • نعيم قاسم: إسرائيل خسرت في امتحان الشرف وانهزمت في لبنان وغزة