ربما يظن من يبحث في محرك البحث جوجل عن ضحايا الهجرة غير الشرعية، أن هناك تكرار للأخبار عن غرق السفن في الصحف والمواقع الإخبارية المختلفة، ولكن الحقيقية المؤلمة، أنه بالفعل هناك تدفق كبير في الأخبار الكارثية الواردة من سواحل البحر الأبيض المتوسط، عن “غرق يومي” لعدد من السفن التي تقل مهاجرين غير شرعيين، وذلك خلال الأشهر الماضية، حتى وصل عدد الوفيات خلال 6 أشهر فقط، إلى ضعف عدد ضحايا الغرق لتلك المراكب على مدار عام 2022 بالكامل، وسط اتهامات رصدتها الصحف العالمية عن وجود شبهة تعمد في غرق تلك السفن، أو على الأقل التعمد في تعطيل عمليات الإنقاذ.

 

ومع تكرار كل مأساة جديدة على شواطئ أوروبا، وتناثر جثث الضحايا من المهاجرين غير الشرعيين؛ يتجدد الحديث مرة أخرى عن إهمال أوروبا تجاه تلك الأزمة، خصوصا وأن هناك تعمدا لتعطيل سفن الإنقاذ الإنسانية التي كانت تشرف عليها منظمات حقوقية من أوروبا، ومع تكرار المأساة؛ يتكرر السؤال: من يحاسب حكومات اليمين المتطرف التي تعادي المهاجرين مثل ما يحدث في إيطاليا؟.

 

الأنباء من تونس .. كل يوم كارثة 

بالطبع أصبحت تونس بؤرة اهتمام صحف العالم في هذا الملف، حيث تنقل تلك الصحف، الأخبار المتعددة عن غرق السفن بشكل شبه يومي تقريبا، وأحدث تلك الأنباء الواردة، اليوم السبت، هو ما كشفت عنه الإدارة العامة للحرس الوطني التونسي، من غرق أحد مراكب الهجرة غير الشرعية قبالة ساحل قابس، حيث كان يحمل ما لا يقل عن 20 شخصا تونسيا، وقد تم إنقاذ 13 شخصا، وانتشال جثتين لرضيع وشاب عمره 20 سنة.

ووفق إذاعة موزاييك؛ فقد بينت الإدارة العامة للحرس الوطني أن البحث جار عن بقية المفقودين بالتنسيق مع الحماية المدنية، مشيرة إلى أن المركب غرق في حدود الساعة الثانية صباحا ويبعد عن اليابسة تقريبا 120 مترا.

فيما جاءت أنباء أخرى عن انقلاب قارب مهاجرين في بحر المانش، قرب فرنسا، حيث أنقذت السلطات البحرية حوالي 50 شخصا، فيما تتواصل عمليات الإنقاذ باستخدام 7 سفن ومروحية، ووفقا لما ذكرته وكالة “رويترز”، فإن عملية إنقاذ واسعة بدأت في ساعة مبكرة من اليوم السبت، حيث حاولت عشرات القوارب العبور في نفس الوقت، ولكن «عثروا للأسف على قتلى بالقرب من سانجات»، وتشارك في عملية الإنقاذ 5 سفن فرنسية ومروحية، إضافة إلى سفينتين بريطانيتين، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، والقنال بين فرنسا وبريطانيا من أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم والتيارات فيه قوية. وعبَر أكثر من 100 ألف مهاجر المانش في شكل غير قانوني، باستخدام زوارق صغيرة منذ 2018، وفق تعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية.

 

حصيلة كارثية وصفاقس نقطة انطلاق 

 

وفي حصيلة كارثية، تظهر الأرقام التي جمعتها الأمم المتحدة، أن أكثر من 1800 شخص لقوا حتفهم منذ يناير، في غرق مراكب وسط البحر المتوسط، الذي يعد أخطر مسار للهجرة في العالم، وهذا رقم يناهز تقريبا ضعف عدد العام الماضي، ففي نهاية الأسبوع الماضي، خلَّف غرق مركب غادر صفاقس ما لا يقل عن 11 قتيلا و44 مفقودا.

 

وتمثل صفاقس هذا العام نقطة الانطلاق الأبرز لمحاولات عبور البحر المتوسط من السواحل التونسية الواقعة، في أقرب نقطة، على مسافة أقل من 130 كيلومترا من جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وقد اعتاد المهاجرون غير الشرعيين التجمع في صفاقس؛ باعتبارها محافظة كبيرة تجارية وواقعة على الساحل، للاختباء بها، أو تمهيدا لعبورهم بقوارب الهجرة غير الشرعية إلى سواحل أوروبا المقابلة، وقد كانت صاحبة الأزمة الشهيرة التي حدثت منذ عدة أشهر، عند حدوث اشتباكات بين المهاجرين وعدد من السكان، وتدخلت السلطات الحكومية على إثرها.

 

القتل العمد يزداد مع تجاهل الاستغاثة

 

وبعيدا عن حديث البعض عن أن هناك تعمد لإغراق بعض السفن عبر الاتفاق مع عصابات التهريب مقابل أموال؛ فإن هناك بالتأكيد وقائع موثقة أثبتت أن هناك تعمد من قبل بعض سلطات الدول الساحلية بأوروبا، والمطلة على البحر الأبيض المتوسط، لتجاهل استغاثات السفن، وهو ما يضعهم تحت طائلة الاتهام بالقتل العمد لهؤلاء المهاجرين، وكان غرق إحدى السفن في يونيو الماضي، فضحية عالمية؛ بعد أن تم توثيق تجاهل السلطات اليونانية للاستغاثات التي وردت من السفينة وتعمد تركها تغرق، حيث أثبتت شهادات منظمات إغاثية وناشطين كان بعضهم على تواصل مع لاجئين بالمركب الغارق، أن الركاب اللاجئين أرسلوا رسالة استغاثة بقصد إنقاذهم لأي بَرٍّ متاح.

وتلك الأنباء ليست حديثة، فقد كشف موقع (The Middle East Eye) البريطاني في تقرير له نشر في فبراير 2022، أن عمليات المراقبة الجوية التي تجريها دول أوروبية فوق البحر الأبيض المتوسط لا تهدف إلى إنقاذ المهاجرين غير النظاميين من خطر التعرض للغرق، بل تتركهم يواجهون مصيرهم، وورد في التقرير، أن المهاجرين الذين يعبرون البحر في قوارب من أفريقيا صوب أوروبا غالبا ما تتركهم قوات خفر السواحل الأوروبية والليبية يغرقون رغم معرفتها بأماكن وجودهم في عرض البحر.

 

وزير الداخلية التونسي .. الملف به ضغط علينا ونحتاج المساعدة 

 

تلك الأوضاع دفعت تونس، إلى دعوة المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين لضرورة دعم جهودها في ملف الهجرة غير الشرعية، وجاء ذلك خلال لقاء جمع وزير الداخلية كمال الفقي، برئيسة المفوضية مونيكا نورو، أمس الجمعة، فخلال اللقاء، أكد وزير الداخلية التونسي، "أن تونس لها تقاليد في الإحاطة بالوضعيات الإنسانية التي تتطلب عناية واهتماما، وخاصة مجهودات الأمن التونسي في عمليات النجدة والإنقاذ وحسن معاملة المهاجرين غير النظاميين"، ولكن حجم الضغوط بهذا الملف جعلت الوزير يطالب بضرورة مساندة المنظمات الوطنية التونسية العاملة بهذا الملف من قبل المنظمات الدولية التي تعنى بمثل هذه الملفات.

ولفت الفقي إلى "التزام تونس بمواصلة تطبيق التشريعات الوطنية في إطار الاحترام التام لمبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية"، كما أشار إلى "أهمية التشاور مع الدولة التونسية قبل اتخاذ أي موقف باعتبارها عضوا كامل الحقوق بمنظمة الأمم المتحدة"، يذكر أن تونس وليبيا، سبق أن أعلنتا التوصل إلى اتفاق بشأن استضافة المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء والعالقين عند الحدود بين البلدين، لمدة شهر تقريبا، وجاء ذلك بالتزامن مع تصريح توفيق الشكري، المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الليبي، بأن الجمعية تدخلت بشأن المهاجرين على الحدود التونسية الليبية، منذ الأيام الأولى، لتقديم المساعدات لهم، بحسب قوله، ولفت إلى أن "الهلال الأحمر يتعاون مع جميع المنظمات الدولية المعنية في تقديم كل الخدمات الطبية، وكذلك المساعدات الغذائية بمساعدة السلطات المحلية المتمثلة في حرس الحدود الليبي".

 

معاناة مميتة للمهاجرين 

 

وتكمن الأزمة الحقيقية في تكرار مأساة وفاة المهاجرين، في رفض الدول الخمس المطلة على سواحل البحر الأحمر من جنوب أوروبا - والتي يطلق عليها مجموعة دول "ميد 5" - استقبال المهاجرين، وهو ما يترتب عليه وجود مئات المهاجرين العالقين داخل البحر على متن سفن الهجرة، أو السفن الإنسانية التي تخرج لمحاولة إنقاذ أرواح البشر العالقة داخل البحر، ويستمر الانتظار داخل البحر لأيام، وأحيانا أسابيع في البحر، وهو ما يدفع بعض هؤلاء المهاجرين لإلقاء أنفسهم داخل البحر، ويصاب البعض الآخر بالأمراض؛ نتيجة سوء المعيشة، ومنها مرض الجرب.

تلك الأزمة المشتعلة، تسببت في خلاف كبير بين دول أوروبا، في ظل رفض إيطاليا استقبال السفن، وهو الأمر الذي دعا منظمة “هيومن رايتس ووتش” غير الحكومية، لإصدار بيان، قالت فيه: إن رفض إيواء جميع ركاب هذه السفن؛ يعرضهم للخطر، وينتهك التزامات إيطاليا تجاه حقوق الإنسان، وذكرت أن القانون الدولي والأوروبي يضمن الحق في طلب اللجوء، ويمنع الطرد الجماعي.

وذكرت المنظمة غير الحكومية، أنه: وأمام الصمت المطبق لإيطاليا، ولجوء سفن الإنقاذ للطلب من دول أخرى أوروبية بإدخال المهاجرين إليها؛ هو لحل يُعبِّر عن نتيجة فشل حرج ومأساوي لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول المرتبطة به، في تسهيل توفير مكان آمن للمهاجرين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهجرة غیر الشرعیة داخل البحر أن هناک

إقرأ أيضاً:

«موانئ أبوظبي» تستكشف تطوير منطقة صناعية في بورسعيد بمصر


أبوظبي (الاتحاد)
أعلنت مجموعة موانئ أبوظبي عن توقيع اتفاقية إطارية مع الحكومة المصرية لاستكشاف تطوير وتشغيل منطقة اقتصادية في شرق بورسعيد.
وشهد كل من معالي الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية، ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات، ومعالي الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، ومعالي الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، التوقيع الذي تم في مقر مجلس الوزراء المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة، من قبل أحمد المطوع، الرئيس التنفيذي الإقليمي في مجموعة موانئ أبوظبي، ووليد جمال الدين، رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وبموجب الاتفاقية الإطارية مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، سيتم استكشاف فرص تطوير وتشغيل وإدارة وإعادة تسليم منطقة حرة صناعية في منطقة شرق بورسعيد، بالقرب من مدخل قناة السويس على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي ستكون المنطقة الأولى من نوعها في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وتأتي هذه الاتفاقية في أعقاب الاتفاقية الموقعة بالأحرف الأولى مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في مارس 2023.
وقال الكابتن محمد جمعة الشامسي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ أبوظبي: تماشياً مع رؤية وتوجيهات قيادتنا الرشيدة، تواصل مجموعة موانئ أبوظبي تعزيز التعاون مع شركائها من الجهات الحكومية لتحقيق التنمية طويلة الأجل لاقتصاداتها، لاسيما مع أشقائنا في مصر بما يسهم في رفد النمو وتوفير المزيد من الوظائف وتحقيق الرخاء والازدهار للشعب المصري، ومع توقيعنا اليوم، فإننا نتطلع إلى تنفيذ مشاريع استراتيجية للبنية التحتية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والتي ستسهم في تعزيز دور مصر في تدفق حركة التجارة العالمية، ورفد النمو الاقتصادي في البلاد، وتعزيز محفظة مجموعتنا من الاستثمارات ذات القيمة المضافة.
وعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية، عززت مجموعة موانئ أبوظبي حضورها في السوق المصري، مع استحواذها على شركتي «ترانسمار» و«تي سي آي»، ومؤخراً على شركة «سفينة بي في».
كما أبرمت المجموعة اتفاقيات امتياز طويلة الأجل لتطوير وتشغيل محطات السفن السياحية في موانئ البحر الأحمر في سفاجا والغردقة والعين السخنة وشرم الشيخ، وكذلك لبناء وتشغيل ميناء متعدد الأغراض في سفاجا، ومحطة لسفن الدحرجة في العين السخنة.

أخبار ذات صلة 445 مليون درهم أرباح «موانئ أبوظبي» الربعية «موانئ أبوظبي» والحكومة الباكستانية توقعان 4 مذكرات تفاهم

مقالات مشابهة

  • كيف يمثل ترحيل المهاجرين من أمريكا قنبلة قابلة للانفجار؟.. تكلفة وخسائر ضخمة
  • «موانئ أبوظبي» تستكشف تطوير منطقة صناعية في بورسعيد بمصر
  • كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ضحايا
  • الأرصاد التركية تصدر التحذير الأصفر لـ49 مدينة بما في ذلك إسطنبول
  • تقلبات جوية وهدوء في حالة أمواج البحر المتوسط بالإسكندرية
  • إسبانيا تمنح 300 ألف مهاجر وثائق للعمل والإقامة.. هل ذلك استثمار في المهاجرين غير الشرعيين؟
  • اليمن.. إن اشتدت المحن
  • ترامب يعتزم ترحيل المهاجرين غير الشرعيين بالوسائل العسكرية
  • نميرة نجم: مهمة إنقاذ المهاجرين في أعلي البحار يجب ان تشمل السفن العسكرية
  • «البحر المتوسط» خسر 70% من مياهه قبل 5.5 مليون سنة