في العصر الحالي الذي يزخر بالابتكارات التقنية الحديثة، يقف الحرفيون العمانيون كحراس على أسرار الماضي وجمالياته، يقاومون الزمن بأيديهم التي تحمل فنا متوارثا عبر الأجيال، ويحولون التراث إلى مصدر إلهام لصناعة كل ما هو مختلف وفريد. في ورشهم، تتحول الأفكار إلى مجوهرات فاخرة، وفي مصانعهم، ينثرون سحرهم على الفخاريات المتشكلة من وحي الماضي، وفي دُورهم، تتجسد حكايات الأجداد في تحف فنية بأبعادها التي تعبّر عن حياة العماني.

هؤلاء هم حماة الأصالة، يواجهون تحديات العصر بإبداع، ويؤكدون أن التراث لا يموت، بل يتجدد مع كل قطعة فنية تُصنع بحب وإتقان.

صناعة المجوهرات

تقول صفاء البريكية مؤسسة مشروع "طور" وهي علامة تجارية متخصصة في صناعة المجوهرات: "شغفي بالمجوهرات بدأ منذ طفولتي. كنت دائما أحرص على اختيار المجوهرات التي أرتديها، مضيفة لمساتي الخاصة عليها. هذا الشغف كان مدعوما من والديّ، حيث كانا يشجعانني على التعبير عن ذوقي الخاص ويصطحبانني إلى محلات المجوهرات منذ الصغر". وتضيف: "تلك التجارب المبكرة كونت في نفسي حبا عميقا لهذا المجال، مما دفعني لاحقا لدراسة تصميم المجوهرات والتخصص في علم الأحجار الكريمة. هذا الأساس القوي، المدعوم بالشغف والرؤية الفنية، قادني إلى تأسيس مشروعي الخاص “مجوهرات طور” في عام ٢٠٢١ الذي يسعى إلى تقديم قطع فريدة تمزج بين الأصالة والإبداع".

وتشير البريكية إلى أنها تستمد إلهامها من مجموعة متنوعة من العناصر التي تجسد روح العصر، ابتداء من الطبيعة والمجتمع وصولا إلى تجاربها الشخصية، مع ارتباط عميق بالتراث العربي الغني، وبالأخص تراث عمان العريق المتنوع. حيث تبحث دائما في أعمالها عن رموز وعناصر تعكس ثراء وتنوع الثقافة والتاريخ العربي. الأشكال المستوحاة من الأرابيسك والطبيعة، والزخارف الهندسية المتقنة، والخط العربي البديع، تشكل مصادر الإلهام الأساسية التي تضيء تصاميمها. في الجانب الآخر تلقي صفاء الضوء على التحديات التي تواجهها والتي تكمن في الحفاظ على هوية الحرفة التقليدية وسط التحولات السريعة نحو التصنيع الحديث.

وتقول: "في عالم يتجه نحو الإنتاج الضخم، يصبح من الصعب الحفاظ على الحرفية اليدوية التي تميز المجوهرات التقليدية.. أحاول دائما أن أدمج بين التقنيات المتقدمة والحرف اليدوية التقليدية لضمان أن كل قطعة تحمل الجمال والتفرد الذي يميزها"، وتؤكد بأن حرفة صناعة المجوهرات تلعب دورا حيويا في الحفاظ على التراث العُماني، حيث إنها تعكس ثقافة وتاريخ الشعوب من خلال تصميمات تمثل الرموز التقليدية. إذ تسعى إلى توثيق هذا التراث من خلال دمج العناصر والرموز التقليدية في تصاميمها، مما يساعد في الحفاظ على هذه الثقافة وتقديمها بطريقة تناسب حداثة. كما تسعى دائما لإبراز الجوانب الثقافية والتاريخية في أعمالي، لتكون كل قطعة مجوهرات شاهدة على الجمال الملموس أثناء ارتدائها.

الفخار من الأجداد إلى الأحفاد

يكشف الوراث الشقصي صاحب مشروع "مصنع الفخار" بولاية بهلاء عن سر ولعه وتعلقه بحرفة صناعة الفخار حيث يقول: "بدأت من الإعجاب بوالدي الذي احترف هذه الصناعة، لتصبح هذه الهواية مصدر رزق لنا ولعائلتنا. وبدعم والدي، وتوجيه دكتور متخصص في صناعة الفخار، انطلقت في هذه الرحلة الإبداعية".

وعرج بالحديث إلى أهمية التكنولوجيا في تطوير الحرفة، حيث يرى أن التقنيات الحديثة، كاستخدام الآلات والمعدات المتطورة، تسهم في زيادة الإنتاج وتسريع العمل، دون المساس بجمالية المنتج اليدوي. وعن صناعة الفخار في عمان، يوضح الشقصي أنها ليست وليدة اليوم، بل هي متجذرة في التاريخ العماني، ويطمح إلى أن يحل الفخار محل البلاستيك وغيرها من المواد الضارة في الحياة اليومية، لما له من فوائد صحية وبيئية.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها هذه الصناعة، إلا أن الوارث يرى أن مستقبلها مشرق، بفضل التطور التكنولوجي، وسهولة الترويج والشحن، وزيادة الوعي بأهمية الفخار. ويؤكد على أهمية الجودة في منتجاته، ويسعى جاهدا لتثقيف الناس حول فوائد الفخار الصحية. كما يبدي تفاؤله بمستقبل صناعة الفخار في عمان، خاصة مع تزايد اهتمام الشباب بهذه الحرفة العريقة، التي تجمع بين الأصالة والجمال.

صون التراث وتمكين الحرفيين

تعمل دار الحرفية على الحفاظ على الحرف العمانية وتعزيز التراث محليا وإقليميا ودوليا مع تحقيق الربح ودعم الأسر العمانية المنتجة لهذه الحرف من بيع وإنتاج وترويج الحرف التقليدية المصنوعة في عمان للمؤسسات والأفراد، وتوفير هدايا حرفية عمانية فريدة من نوعها من خلال العمل مباشرة مع الحرفيين العمانيين لضمان نوعية عالية من الجودة لزبائننا والمساهمة في الحفاظ على تراثنا.

ويكشف قصي الشماخي أخصائي تسويق في دار الحرفية عن أهم ما يميز الدار عن المؤسسات الأخرى ذات الاهتمام المشترك قائلا: نتميز من خلال تقديم منتجات الحرف اليدوية التي يتم إنتاجها تحت الإشراف الفني لدار الحرفية ومن ثم تعبئتها بأعلى مستويات الجودة لتلبية مختلف احتياجات ورغبات الزبائن، كما يتم اختيار الحرفيين وتدريبهم بناء على نوع الحرفة التي يمارسونها ونركز على جودة المنتج النهائي بما يتوافق مع معايير الجودة المطلوبة لتقديم المنتج بأفضل صورة للزبائن.

ومشيرا إلى أبرز الصناعات التقليدية التي يتم التركيز عليها وكيفية تحديث هذه الصناعات بما يتماشى مع العصر: نركز على الصناعات التقليدية التي تتناسب مع الاستخدام اليومي للزبائن مثل اللبان والفضة والحقائب والمحافظ، وتتميز هذه الصناعات بتصميم يجمع ما بين الطابع التقليدي والحديث.

وأكد الشماخي على أن الهدف الأسمى يكمن في الحفاظ على التراث العماني من خلال تمكين الحرفيين والأسر المنتجة من العمل على الحرف العمانية المختلفة مع قيامهم بدعم 1000 أسرة من مختلف المناطق في سلطنة عمان وترويج منتجاتهم وتوفيرها في الأسواق حتى الآن.

وأوضح بأن الإقبال أصبح متزايدا على المنتجات التقليدية نظرا لاهتمام المجتمع بالتعرف على الصناعات التقليدية، إذ يقول: نقوم الآن بالدخول في مجال التحول الرقمي مما يسهم في تسويق المنتجات العمانية التقليدية في الأسواق المحلية والإقليمية بحيث يتم التعرف على الثقافة العمانية بشكل أكبر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الحفاظ على صناعة الفخار من خلال

إقرأ أيضاً:

وزير الشباب ومحافظي شمال سيناء ومطروح يفتتحون معرضا للمنتجات الحرفية

افتتح الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة وبمصاحبة اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء واللواء خالد شعيب محافظ مطروح وبحضور لفيف من أعضاء مجلس النواب والشيوخ معرض المنتجات الحرفية والتراثية

وينفذ المعرض  والذي يشتمل علي منتجات الشباب الحرفية والتراثية الإدارة المركزية لتمكين الشباب وبمشاركة منتجات المحافظات الحدودية ( جنوب سيناء ، أسوان ، البحر الأحمر،  مطروح، الوادي الجديد  )  بالإضافة الي محافظة شمال سيناء  والتي تستضيف المعرض.

 ويشارك في المعرض أصحاب المشروعات اليدوية والتراثية وأصحاب مبادرة علمني حرفة والتي يتم تنفيذها من خلال وزارة الشباب والرياضة.

ندفع شهريًا نحو 133 ألف يورو.. أحمد سالم يكشف عن أزمة نادي الزمالكشوبير يكشف عن رسالة عبد القادر لـ جماهير الأهليقبل كلاسيكو برشلونة.. ريال مدريد يعلن إصابة «جوكر» الفريقأحمد حسن يكشف موقف الزمالك لاختيار حكّام أجانب لنهائي كأس مصر

كما شاركت العديد من المشروعات التي تنفذها وزارة الشباب والرياضة بالمعرض من خلال إدارتها المركزية  المتنوعة منها  الإدارة المركزية لتنمية النشء  بمشاركة شعب التوجية والتاهيل المهني للنشء crafty ومعرض فنون تشكيلية وبرنامج اطلالة وبرنامج قادر على التحدي  لذوي الهمم.

كما تشارك الإدارة المركزية لتنمية الشباب من خلال أندية الفتاة والمرأة.
 

وببداية حديثه توجه وزير الشباب والرياضة بالتهنئة إلي القيادة السياسية والقوات المسلحة المصرية والشعب المصري للاحتفال باعياد تحرير سيناء والتي تواكب تواجدنا بهذا المكان العزيز علي  قلوبنا وقلوب  الشعب المصري جميعا.

وأكد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة على دعمه الكامل لشباب المحافظات الحدودية  بإتاحة الفرصة لهم بفرص انتاج  حقيقية والتسويق لاعمالهم من خلال المعرض الخاص  بمنتجاتهم  الحرفية والتراثية  والتي تعكس  الهوية الثقافية لكل محافظة من المحافظات المشاركة بالمعرض .

ونوه  " صبحي " خلال افتتاح معرض منتجات الشباب الحرفية والتراثية، أن المعرض يمثل إحدى ثمار جهود الوزارة في دعم وتمكين شباب المحافظات الحدودية، من خلال توفير منصات حقيقية لعرض وتسويق منتجاتهم، بما يسهم في تعزيز مفهوم ريادة الأعمال وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

وأشار الوزير إلى أن وزارة الشباب والرياضة تولي اهتمامًا خاصًا بالمحافظات الحدودية، من خلال تنفيذ برامج ومبادرات متنوعة تستهدف تمكين الشباب اقتصاديًا ومجتمعيًا، وتوظيف مهاراتهم في مشروعات إنتاجية ذات طابع تراثي وثقافي يعكس الهوية المحلية، ويساهم في الحفاظ على الموروث الحضاري المصري.

مقالات مشابهة

  • الدبلوماسية العمانية تجمع طهران وواشنطن مجددًا على طاولة المفاوضات
  • «الشارقة للتراث» ينظم «لقاء مع الأجيال»
  • بسمة جميل: تحرير سيناء سيظل نموذجا يرسخ في نفوس الأجيال الواجب المقدس
  • لأول مرة.. إنتاج الصين للطاقة من الشمس والرياح يفوق المحطات التقليدية
  • صانع فخار وخزف: هذه المهنة من أقدم الصناعات الحرفية التراثية
  • برلماني: ذكرى تحرير سيناء ستظل روحًا يستلهم منها الأجيال أسمى معاني التضحية
  • وزير الشباب ومحافظي شمال سيناء ومطروح يفتتحون معرضا للمنتجات الحرفية
  • «غرفة الشارقة» تشارك في معرض الحرف اليدوية بفلورنسا
  • برنامج "تطوير" من "فالي" يستكمل رحلة إلهام وتمكين الكفاءات العمانية
  • غزة تحت الحصار والقصف : معاناة إنسانية تتجدد بين الأنقاض