قرية المنزفة .. حكاية تراث عُماني يستحق الاستثمار والاهتمام
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
المنزفة قرية أثرية تقع في ولاية إبراء بمحافظة شمال الشرقية، وهي من أبرز المعالم التاريخية الشامخة بمبانيها التي تتميز بعظمتها وجمال هندستها المعمارية، وتضم بين جنباتها بيوتا وقلاعا ذات زخرفة هندسية متقنة تعكس تطور فن العمارة للعمانيين القدامى، التي تتطّبع بطابع إسلامي وعربي فريد، بينها طرق فسيحة وجدران منقوشة بتفاصيل الجمال والإبداع العمراني، وهي قرية تمتزج فيها الحضارة بالعراقة والأصالة وتتراءى فيها سيرة رجال عمروا المكان وشيدوه بسواعدهم.
تطوير القرية
وتولي وزارة التراث والسياحة ممثلة في إدارة التراث والسياحة بمحافظة شمال الشرقية اهتماما جليا وواسعا بالمكنون التراثي والشواهد التاريخية، حيث تعتبر قرية المنزفة قرية ذات حراك سياحي وقرية حية بمآثرها وآثارها إذ تستقطب الزوار سياحيا وباحثين أثريين ومؤرخين.
وتمثل هذا الاهتمام في أعمال لجنة توظيف المعالم التاريخية بولاية إبراء التي عقدت اجتماعها الأول في مايو الماضي من هذا العام بغية الحفاظ على المعالم التراثية والأثرية بولاية إبراء وتوثيقها بما يحفظ هويتها، وجاء في الاجتماع مناقشة إجراءات ترميم وصيانة وتطوير قرية المنزفة.
وقال سعادة الشيخ حمد بن خليفة العبري والي إبراء ورئيس اللجنة: "تم تخصيص هذه اللجنة تحت مسمى لجنة توظيف المعالم التاريخية بولاية إبراء لضمان الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمواقع التاريخية والأثرية بالولاية، وتختص اللجنة أيضا بمناقشة تطوير وتأهيل المواقع مع ملّاك البيوت التراثية والأثرية والجهات ذات العلاقة".
وأضاف سعادته": إن لجنة توظيف المعالم التاريخية بولاية إبراء تسهم في وضع خطط ومشاريع وبرامج تتعلق بتوظيف الحارات ومعالمها التاريخية والأثرية، إلى جانب إشراك المجتمع المحلي في التخطيط والتشغيل مما يسهم في استمرارية المشروع وتعزيز شعور الانتماء والمسؤولية لدى سكان القرية".
ومن جانبها أوضحت سمية بنت حمد البوسعيدية مديرة إدارة التراث والسياحة بشمال الشرقية أن مرحلة البدء في الأعمال التطويرية للقرية تمت كمرحلة أولية وذلك بمناقشة تطوير وتأهيل المواقع التاريخية والأثرية - من بينها قرية المنزفة - وتشجيع المجتمع المحلي لاستغلال واستثمار تلك المواقع وتطويرها مستقبلا وذلك لإيجاد الاستفادة لأبناء القرية من خلال توفير فرص عمل لهم وتسهيل الإجراءات المتعلقة بأخذ التصاريح والموافقات من بعض الجهات الحكومية.
وأردفت: "وكمساهمة في مشروع تطوير القرية فإن اللجنة تسعى لتشجيع أصحاب البيوت التراثية في قرية المنزفة والقناطر أيضا على إنشاء شركة أهلية تُعنى بالاستثمار في القطاع السياحي وبالاستعانة بالجهات الحكومية ذات الشأن". مشيرة إلى أنه تم ترميم وإعادة بناء مسجد الحساب بجهود أهلية عام 1432هـ.
بيت الدروازة..
هو أحد بيوت قرية المنزفة الذي لا يختلف عن أمثاله بالطوابق المتعددة والنقوش والزخارف الهندسية البديعة، وعلى الرغم من اندثار الكثير منه إلا أن بعض الأهالي من ملّاك البيت سعوا للاهتمام به وترميمه إذ كلّف ذلك ما يزيد على 50 ألف ريال عماني. وجاء في حديث مسبق لعبدالله بن حمد الحارثي المشرف على بيت الدروازة أن ملاّك البيت الذين ورثوه عن أجدادهم استثمروه بتحويله متحفا أثريا وتراثيا جميلا، وذلك لما يضمه من غرف ومجالس ذات زخرفة هندسية، بالإضافة إلى احتوائه على بئر ماء وعلى جنباته مقتنيات جميلة كالسيوف والبنادق والعملات والمسكوكات القديمة والحلي الفضية والذهبية والفخاريات والخوصيات وغيرها الكثير.
ويعود تاريخ ترميم بيت الدروازة لعام 2012م في خطوة أولى لتشجيع أهالي القرية على ترميم منازلهم الموروثة، وأن هذه المنازل المندثرة ولو تهدمت فمن الممكن أن ترمم وتستثمر لتكون متاحف أو نزلا أو مقاهي. وجاءت فكرة إنشاء المتحف من عدم احتواء ولاية إبراء على مكان أثري وتاريخي ليقصده السائح والزائر ليتعرف على تاريخ وأصالة هذه القرية. لذلك بعد أن تم ترميم البيت أصبح هو المقصد الأثري في الولاية. ولدمج الحضارة بالعراقة تم أيضا إضافة مقهى ثقافي وذلك لاستغلال الردهات في هذا البيت الواسع وكذلك السطح إذ إن المقهى الثقافي تم إنشاؤه بناء على طلب السياح والزائرين والأهالي ليكون ملتقى ثقافيا متكاملا يضم مجموعة من الكتب والصحف والإنترنت أيضا.
لفتة تاريخية..
يعود سبب تسمية القرية إلى المنازف التي تنزف المياه من الأفلاج والآبار بدلاء نحاسية في المناطق المرتفعة إلى المناطق المنخفضة أيام الخصب، وأما بالنسبة لتاريخ تأسيسها فإنه غير معلوم ولكن الآثار التي وجدت في القرية تعود إلى صدر الدولة اليعربية، وتضم قرية المنزفة بيوتا وقلاعا سميّت بقصور المنزفة وتتكون أغلب بيوتها من طابقين أو ثلاثة طوابق، من أشهر بيوت القرية بيت الشريعة ومن بيوتها أيضا البيت الكبير والبيت العود وبيت الدروازة، والمحارة، والسدور، والوالي وبيت البومة والبومة هي غرفة المراقبة إذ تعرف في الحارات العمانية بالبومة، وبنيت القرية من الصاروج والحصى وهي كالحصن محاطا بسور من كل الجوانب وتضم 9 دراويز وهي المداخل وروازن ذات أرفف خشبية.
هندسة بديعة
أقدم النقوش التي حملتها المباني الأثرية في هذه القرية يعود إلى عام 1128هـ الموافق 1716م والنمط الذي شُيدت به يعكس الفن المعماري الأصيل، ويتعلق البصر في قرية المنزفة مدهوشا بجمال المباني وعلو بنائها وعظمتها التي تترجم تطور وتمازج فن العمارة بمختلف الثقافات والحضارات، والفن الجمالي والأصيل يظهر في كل تفاصيل القرية، في السور الكبير والدروازات والروازن والبيوت والطرقات والجدران وتتزين جدران الزوايا بنقوش تنوعت بين العربية والفارسية والهندية. الزخارف الهندسية المتقنة والنقوش البديعة ما زالت واضحة المعالم ولم يمحُها مرور الزمان وما زالت تتصف بالعراقة والهيبة والأصالة إلى يومنا هذا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المعالم التاریخیة بولایة إبراء
إقرأ أيضاً:
24 رمضان.. تعرف على أهم الأحداث التاريخية في هذا اليوم
24 مضان .. وقعت أحداث كثيرة فى هذا اليوم على مدار التاريخ، تنوعت ما بين فتوحات ومعارك ومولد ووفاة، وتنقلات واسعة في التاريخ، وفى السطور التالية سنذكر بعض منها.
بناء مسجد عمر بن العاصفى 24 من شهر رمضان عام 20 هجرية، الموافق 5 سبتمبر 641 ميلادية، تمَّ بناء مسجد عمرو بن العاص- رضى الله عنه- بالفسطاط.
وفاة المزني
رحل فى ٢٤ من شهر رمضان المُبارك لعام 264هـ المُزنى أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق، الإمام الجليل، ناصر المذهب، والذي قال فيه الإمام الشافعى: {لو ناظر الشيطانَ لغلَبه}.
وكان المزني إمامًا ورعًا زاهدًا مجاب الدّعوة، متقلّلًا من الدنيا، قال الرافعىّ: {المُزنى صاحبُ مذهب مستقلّ}، ولد سنة خمس وسبعين ومائة للهجرة النبويّة الشريفة، وتُوفى فى مثل هذا اليوم ودُفن قريبًا من قبر الإمام الشافعى.
مقتل المتنبي
قُتل فى مثل هذا اليوم من شهر رمضان عام 354هـ الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي.
وقد ولد المتنبى فى الكوفة، هو أبو الطيب المتنبى الشاعر الأشهر. اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفى الكندى الكوفى، وإنما سمى المتنبى؛ لأنه على ما قيل ادعى النبوة فى بادية السماوة، وتبعه خلق كثير من بنى كلب وغيرهم. فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيدية، فأسره، وتفرق أصحابه، وحبسه طويلا، ثم استتابه وأطلقه.
رحيل شرف الدين أبو عبدالله الحسين
فى مثل هذا اليوم من شهر رمضان المُبارك لعام 718هـ للعام الميلادى 1317، رحل الفقيه الإمام العالِم المناظر، شرف الدين أبو عبد الله الحسين، الدمشقى، الشافعى، درّس بالمدرسة الجاروخيّة والعذراوية، أفتى بدار العدل، كان واسع الصدر كثير الهمّة كريم النفس مشكورًا فى فهمه وحفظه وفصاحته ومناظرته.
رحيل ابن خلدون
كما رحل فى مثل هذا اليوم من شهر رمضان لعام 808هـ و1406م، رحل العلاّمة الكبير ابن خلدون هو عبد الرحمن مُحَمّد بن خلدون.
ولد ونشأ ابن خلدون فى تونس، ودرس الأدب على أبيه. لم يعرف التاريخ السياسى العربى رجلا ملئت حياته بالحوادث مثل ابن خلدون حتى ليمكننا القول إن أبرز صفاته هى: التقلب، الدهاء وحب الظهور، الثقة بالنفس، الذكاء، حب العمل والمغامرات السياسية.