نظمت دائرة المكتبات التابعة لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم اليوم حلقة تدريبية بعنوان "التربية على المواطنة العالمية"، وذلك ضمن خطة النشاط الثقافي للمركز، في قاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس، بمشاركة عدد من طلبة المدارس في الحلقة الثانية.

وأكدت الحلقة على ضرورة رفع الوعي بأهمية التربية على المواطنة، وغرس مفهوم الهوية العمانية وتعزيزها على الساحة العالمية.

وتناولت الحلقة عددا من المحاور، منها: مقدمة في التربية على المواطنة، وضرورة المحافظة على الهوية العمانية وتعزيز ظهورها عالميًا، وترسيخ قيم التسامح واحترام الهويات الثقافية.

وقالت بثينة بنت محمد القاسمية، مدربة في قسم القيادة التربوية بالمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين: إن المواطنة العالمية تتجاوز الحدود المحلية، وتتطلب من المواطنين تبني مجموعة من القيم الإيجابية التي تعزز من إدراكهم لحقوقهم وواجباتهم.

وأوضحت، أن المواطنة التقليدية تتعلق بفهم الحقوق والواجبات داخل حدود الوطن، وتشمل مسؤوليات الأفراد تجاه مجتمعهم ودولتهم، بينما تتوسع المواطنة العالمية لتشمل الإحساس بالانتماء ليس للوطن فقط، بل للإنسانية بأكملها.

ولفتت القاسمية إلى أن المواطن العالمي يدرك حقوقه وواجباته تجاه المجتمع المحلي والعالم ككل، مما يتطلب وعيًا أكبر بالممارسات السياسية والاجتماعية والبيئية.

وأضافت: إن المواطن العالمي يجب أن يتحلى بالسمات الأساسية مثل التسامح والتعاطف، مما يسهل عليه تقبل أفكار الآخرين، بغض النظر عن اختلافها وأن تعزيز ثقافة تقبل التنوع والاختلاف يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في الحد من الصراعات.

كما أشارت إلى أهمية الابتعاد عن العنصرية والتطرف، موضحة أن الوعي بالمواطنة العالمية يمكّن الأفراد من التعامل بشكل إيجابي مع التحديات الثقافية والاجتماعية وأن الفهم العميق للقيم الإنسانية المشتركة يسهم في بناء مجتمعات أكثر انسجامًا وتماسكًا.

ودعت القاسمية إلى ضرورة التركيز على تعزيز المواطنة العالمية كوسيلة لمواجهة التحديات الراهنة، معتبرة أن التغيير يبدأ من الفرد، وأن كل خطوة نحو تعزيز القيم الإنسانية يمكن أن تسهم في بناء عالم أكثر سلامًا وتعاونًا.

وقالت القاسمية: إن المواطنة العالمية تواجه عدة تحديات، من أبرزها محدودية التفكير التي قد تنشأ في البيئة الأسرية.

فعندما تكون الأسر محصورة في نطاق فكر محدود ومتمركز حول المجتمع المحلي، فإن ذلك يؤثر سلبًا على تفكير الأطفال، مما يؤدي إلى نشوء أجيال بعيدة عن فهم القضايا العالمية.

وتعتبر الثقافة العالية لدى الآباء أحد العوامل الحاسمة في تشكيل وعي الأبناء. فكلما كانت الأسرة مثقفة وواعية، زادت فرص أن ينشأ الأطفال كمواطنين مثقفين وواعين قادرين على التفاعل مع المجتمع العالمي.

كما تلعب وزارة التربية والتعليم والمدارس دورًا حيويًا في تثقيف المواطنين حول قضايا المواطنة العالمية من خلال المناهج الدراسية والمبادرات التوعوية.

ويمكن لهذه المؤسسات تعزيز فهم الأفراد لمفاهيم مثل التنوع والتسامح والحقوق والواجبات العالمية.

وحول دور التكنولوجيا في المواطنة العالمية، أشارت إلى أن التكنولوجيا، وخصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي، تعد أداة رئيسية يمكن أن يتسلح بها الطلبة لتحقيق المواطنة العالمية في عالمنا الرقمي الحالي حيث تسهم هذه المنصات في تقريب المسافات وتحويل العالم إلى قرية صغيرة، مما يتيح للأفراد من جميع أنحاء العالم إيصال رسائلهم بسهولة وفعالية.

فمن خلال هذه الوسائل، يمكن لأي شخص في أي مكان في العالم أن يطرح قضايا مهمة مثل حقوق الإنسان والحروب والنزاعات والمناخ والمتغيرات البيئية أو حتى قضايا اجتماعية، مما يعزز من الوعي العالمي. فالرسائل التي تُنشر على هذه المنصات يمكن أن تصل إلى الملايين، مما يتيح للفكر الذي يتم تداوله فرصة الانتشار بشكل سريع ومؤثر.

وعبر عدد من المشاركين عن استفادتهم من الحلقة للتعرف على الكثير من الجوانب التي تعزز قيم المواطنة، وقال حمدان الجنيبي: كانت فرصة للتعرف على مجموعة من القيم المهمة المتعلقة بالوطن والانتماء.

فلقد تعلمت الكثير عن أهمية حب الوطن وكيف يُعزز هذا الحب قيم المواطنة. فالحلقة كانت مليئة بالدروس حول قيمة الانتماء، وكيف أن كل فرد منا مسؤول عن الحفاظ على هذه القيم. وأن الوطن ليس مجرد مكان نعيش فيه، بل هو جزء من هويتنا وثقافتنا. وشعورنا بالانتماء يعزز من قدرتنا على أن نكون مواطنين عالميين، يتمتعون بالتسامح والانفتاح على الآخرين.

وأضافت، تكمن أهمية هذه القيم في قدرتها على تشكيل شخصيتنا ويجب أن نتعلم كيف نتعامل مع الآخرين بإيجابية، وأن نكون جزءًا فعالًا من المجتمع، بدلاً من الانطواء على أنفسنا وأن نعيش على مبدأ التسامح والفهم المتبادل اللذين هما المفتاحان لبناء عالم أكثر تناغمًا وإن المحافظة على هذه القيم هي مسؤولية جماعية، وعلينا جميعًا أن نعمل معًا لتعزيزها في مجتمعاتنا وأجيالنا القادمة.

وعبر أحمد الحسني عن انطباعه قائلا: "تناولت الحلقة التدريبية موضوع المواطنة العالمية واستفدنا منها الكثير وتعلمنا كيف نكون مواطنين عمانيين عالميين، وكيف يمكننا التفاعل مع ثقافات متعددة من دول مختلفة فقد كانت المحاضرة فرصة لفهم أهمية الاحترام المتبادل وتبادل الآراء، بعيدًا عن التعصب الفكري".

وأضاف: "المواطنة العالمية لا تعني التخلي عن هويتنا العمانية، بل تعني تعزيزها في سياق أوسع وعالمي فنحن كعمانيين يمكن أن نكون جزءًا من العالم، مع "الالتزام بواجباتنا في بناء مجتمع أفضل".

وأشاد الحسني بالمهارات القيادية والمبادرة التي تم تعزيزها من خلال الأنشطة التي تم تنفيذها، فلقد تعاونّا بشكل فعال خلال الحلقة التدريبية، مما يعكس أهمية العمل الجماعي في تحقيق أهدافنا.

ويرى يوسف الرئيسي، أنه من الضروري أن يتحلى الفرد بالقيم والأخلاق، وأن يكون ملتزمًا ويحب وطنه، ومن أجل أن يكون عالميًا يحتاج إلى الاجتهاد والثقة بالنفس، مما يساعده على التطور والوصول إلى مستويات جديدة في مجتمعات ودول أخرى.

وأضاف: "أن تعزيز القيم في نفوس الشباب يعد خطوة مهمة لتحقيق التقدم والازدهار، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على الساحة العالمية، فإذا تمكنا من تكوين جيل يؤمن بالقيم الإنسانية ويتفاعل بشكل إيجابي مع الثقافات الأخرى، سنكون قادرين على خلق بيئة عالمية تعزز من التعاون والتفاهم بين الشعوب".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المواطنة العالمیة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

مفهوم (حل الدولتين) فوق الطاولة وتحتها

مفهوم ( #حل_الدولتين ) فوق الطاولة وتحتها

أ.د رشيد عبّاس

يبدو أن مفهوم حل الدولتين مفهوم غير واضح وغير متفق عليه حتى اللحظة, وطالما انه مفهوم غير واضح وغير متفق عليه, نرى أنه يتقدم خطوة للأمام ويعود للخلف خطوتين, ولكي يتقدم للأمام لابد لهذا المفهوم أن يأخذ نفس الأبعاد السياسية عند جميع الأطراف المعنية, وخلاف ذلك سنبقى نراوح في نفس الدائرة دون تقدم.

اعتقد أن مفهوم حل الدولتين في الجانب العربي له وجهان, وجه فوق الطاولة وآخر تحتها, وبغض النظر عن تصنيف الدول العربية في هذا الاتجاه, إلا أن بعض الدول العربية ترى ضرورة وقف فكرة المقاومة من اجل بحث حل الدولتين, في حين أن الدول العربية الأخرى ترى أن استمرار المقاومة هي الطريق الوحيد لحل الدولتين, وهناك إشارة أن السلطة الفلسطينية في هذه الحالة تتبنى فكرة الدول العربية التي ترمي إلى وقف المقاومة من اجل بحث حل الدولتين.

مقالات ذات صلة ترامب أسوأ كوابيس الأردن 2024/11/19

في المقابل نجد أن مشكلة إسرائيل في مفهوم حل الدولتين تقع في تفريغ الجغرافيا من أهلها الشرعيين, ومن اجل ذلك حشدت إسرائيل منذُ زمن بعيد لهذا المفهوم حيثيات كثيرة جداً عند كل من الأمريكان والغرب حق الوجود في فلسطين, والذي يؤكد ذلك ما صرح به دونالد ترامب مؤخراً أثناء دعايته الانتخابية وقبل الانتخابات الأميركة بفترة وجيزة من الزمن والذي جاء فيه: “أن إسرائيل دول صغيرة المساحة” وقد كشف بذلك الوجه الحقيقي لمفهوم حل الدولتين عند الساسة الأمريكان.

وتجدر الإشارة هنا أن مفهوم حل الدولتين عند الفلسطيني الذي يعيش في مخيم لاجئين في غرفة متواضعة تحت ظروف معيشية قاسية وصعبة للغاية, يختلف تماماً عن مفهوم أولئك الذين يتنعموا بقصور وغرف مكيّفة ومزوّدة بكل مزايا الرفاهية, وأن مفهوم المقاومة عند الباعة الفلسطينيين المتجولين على بعض الطرقات تحت أشعة الشمس الحارقة صيفاً وتحت الأمطار الشديدة شتاءً من اجل لقمة العيش, يختلف تماماً عن مفهوم المقاومة عند أولئك الذين يتمتعوا برغد الحياة.

من الصعوبة بمكان حل الدولتين والحال هكذا من التباينات, وأن أساس هذه التباينات يقع في محورين, المحور الأول يتمثل في التباينات حول مشروعية المقاومة, والمحور الثاني يتمثل في التباينات حول جغرافيا فلسطين المحتلة, وبكل صراحة فإننا نجد أن هذه التباينات اخذت تتسع نتيجة للتدخلات الخارجية, ولحصر هذه التباينات لا بد من جلوس كل من الإسرائيليين والفلسطينيين معاً برعاية أردنية فقط على طاولة واحدة مستديرة وإجراء حوارات ومناقشات جادة حول (المقاومة) و(الجغرافيا) تفضي إلى توافقات وحلول عادلة يقبل بها جميع الأطراف, ومن ثم تأخذ صفتها الدولية.

لماذا الأردن؟

الأردن يمارس مسؤوليته تجاه المقدسات في القدس انطلاقاً من الوصاية الهاشمية التاريخية عليها, فقد ارتبط الهاشميون جيلاً بعد جيل بعقد شرعيّ مع تلك المقدسات, فحفظوا لها مكانتها, وقاموا على رعايتها, مستندين إلى إرثٍ ديني وتاريخي, وارتباطٍ بالنبي العربي الهاشمي محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم أن الأردن الأقرب لفلسطين وشعبها في نضاله من اجل الحرية والاستقلال, وهوه الداعم والمساند الأول للحقوق الشرعية والتاريخية والقانونية للفلسطينيين في جميع الأوقات والظروف الصعبة, وأن القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن في سلم الأولويات, ويسعى الأردن دوماً في جميع المحافل إلى حل الدولتين لحيصل الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية. 

 الأردن في جميع تحركاته ومساعيه السياسية تجاه (حل الدولتين) كان وما زال يضع جميع أوراقه فوق الطاولة, وليس ادل على ذلك من طريقة تعامله الواضحة والصريحة مع كثير من التحركات السياسية غير العادلة في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • مفهوم القرض الحسن وضابطه وكيفية سداده
  • غداً.. المنظمة العربية لحقوق الإنسان تعقد حلقة نقاشية حول تقليص عقوبة الإعدام في العالم العربي
  • “تريندز” يستضيف سفارة النرويج في حلقة نقاشية حول البحث العلمي ودوره
  • مريم المهيري تؤكد ريادة الإمارات العالمية في الأمن الغذائي
  • مفهوم (حل الدولتين) فوق الطاولة وتحتها
  • وزيرة التضامن تؤكد أهمية توحيد الجهود والتكامل بين مؤسسات الدولة
  • كيف تواجه الدولة استقطاب «الإخوان» لشباب الجامعات؟.. تعزيز المواطنة والفكر المعتدل
  • بنك بوبيان الراعي البلاتيني لبطولة “بريمير بادل العالمية P1” بمشاركة أفضل اللاعبين المحترفين والمُصنفين عالمياً
  • جلسة بمعرض Cairo ICT’24 تؤكد أهمية التحليل البياني في اتخاذ قرارات أكثر دقة وكفاءة
  • بودكاست «رسائل».. صوت يُحيي القيم وسط زحام السوشيال ميديا