تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظم الفريق الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ندوة عبر تقنية "زوم" بعنوان "تحديات الترجمة في عالم متغير" أدارتها الكاتبة الكويتية سعدية مفرح وشارك فيها خمسة من المترجمين والمترجمات من لغات مختلفة.

وقدم المشاركون بالندوة رؤاهم بشأن دور الترجمة كفعل حضاري في التجسير بين الأمم والثقافات والشعوب، وناقشوا واقع حركة الترجمة استناداً إلى تجاربهم الشخصية في هذا المجال، وتطرقوا إلى الصعوبات والتحديات التي يواجهونها أثناء عملهم.

 

وتحدث المترجم الجزائري الدكتور الهواري غزالي عن ترجمة الشعر العربي في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، معرفًا في مستهل مداخلته بقسم "ماستر ترجمة" (LISH) بجامعة باريس التي يعمل أستاذاً محاضراً فيها، وبطريقة العمل المنهجية لتكوين مترجمين يركزون على مجموعة مشتركة من الدروس وخيارات تعزيز التخصص الأكاديمي.

وأوضح أن هذا البرنامج التأهيلي المهني يوفر مهارة مزدوجة، نظرية وعملية، ويجمع بين أساسيات النظريات المتنوعة في مجالات الترجمة المختلفة، كما يقترح مساراً يتيح تعزيز المهارات الترجمية المتخصصة في الأدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية وكذلك في مجال الإنسانيات الرقمية.

وقال إن الطلبة يمكنهم اكتساب هذه المهارات بلغات أخرى متاحة ضمن البرنامج، وذلك بفضل الدروس الاختيارية كدروس التَّرجمة التي تتم باللغة العربية، وهو ما يمثل فائدة كبيرة للطلبة الذين يرغبون في الحفاظ على لغة ثانية، بل وحتى ثالثة، مشيراً إلى أن قائمة اللغات المعتمدة ضمن مجال تكوين المترجمين تضم: الألمانية، والإنجليزية، والعربية، والإسبانية، والإيطالية، والبرتغالية، والروسية؛ بالإضافة إلى الفرنسية، التي تعد اللغة المحورية في البرنامج. 

وأشار غزالي إلى دخول الذكاء الاصطناعي مجال العمل بوصفه من أبرز الصعوبات التي يواجهونها، ما دفعهم فيما بعد إلى "تبني خيارات منهجية مختلفة جعلت الطلبة يتموقعون ضمن الترجمة كمصححين لغويين يقومون بتقديم تأويلات لخيار لغوى دون آخر"، ولذلك، فإن معظم النصوص التي يقترحونها نصوص مترجمة من قبل الذكاء الاصطناعي، لكنها تخضع في الأخير إلى تحكيم طلبة يختصون في علم الترجمة وليس في الترجمة بحد ذاتها.

بدورها، تحدثت المترجمة السورية بثينة الإبراهيم عن المغامرات التي يخوضها المترجمون في الترجمة، وبالتحديد مغامرتها في واحد من آخر الأعمال التي ترجمتها، وقالت إنها تحرص في العادة على السلامة اللغوية والتأكد من خلو النص من الأخطاء اللغوية والنحوية، لكنها قررت أن تتخلى عن هذا الحرص في ترجمتها لرواية "الفتاة ذات الصوت العالي" التي صدرت عام 2023. 

وأشارت إلى أن هذه المغامرة هي في الآن نفسه أحد التحديات التي يواجهها المترجم في سبيل إيصال صوت الكاتب وأسلوبه كما اختار. 

أما المترجم الأردني الدكتور باسم الزعبي، فأكد أن الترجمة "بوابة مهمة تطل من خلالها الأمم والشعوب بعضها على بعض.
وقال إن تحديات الترجمة الأدبية لا تنفصل عن تحديات الترجمة بشكل عام في العالم العربي، ومن أبرز هذه التحديات: قلة عدد المترجمين المحترفين الذين يترجمون عن اللغات العالمية، باستثناء نسبي للمترجمين عن اللغتين الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى تدني الوعي العام بأهمية الترجمة، وبدورها في نشر المعرفة وانتقالها، وبالتفاعل الحضاري أيضاً. 
من جهتها، تحدثت المترجمة الكويتية دلال نصرالله عن الاستعارة في ميزان الترجمة الأدبيّة، وقالت إن الترجمة الأدبية تستلزم من الترجمان إتقاناً لغويا للغتي المصدر والهدف، واطلاعاً واسعاً بالاستعمالات الاصطلاحيّة فيهما.

أما المترجمة السورية المقيمة بباريس ريم السيد فتحدثت عن ترجمة الشعر في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، وقالت إن ترجمة الشعر العربي تمثل "تحدياً فريداً" نظراً للخصائص التي يتميز بها هذا النوع الأدبي، عارضة قصيدتها "ذات العقد" كمثال. 
وأوضحت أن الثقافة والسياق من أبرز التحديات التي تواجه المترجمين بشكل عام، إذ يتضمن الشعر العربي إشارات ثقافية وتاريخية عميقة، ويتعين على المترجم أن يكون على دراية بالثقافة العربية لفهم هذه الإشارات والمعاني الكامنة وراء الكلمات وتقديم ترجمة دقيقة.
وتساءلت: "كيف سيكون الأمر إذا تركناه إلى الذكاء الاصطناعي دون العودة إلى إنسان يترجم ويعيد إنتاج نص جديد بروح تنبض بلغة أخرى؟".
وتابعت السيد بقولها: بالإضافة إلى الحديث عن الروح الشعرية، تطرح ترجمة الذكاء الاصطناعي قضية الوصول إلى المعاني الحقيقية للنص. فعلى المترجم أن يصل إلى المعنى الأولي للنص الذي كتبه بوعي الشاعر، ثم الولوج، أبعد من ذلك، إلى قلب الشاعر لقنص المعنى المُراد التعبير عنه باللغة الأصلية وكشف الغطاء عن المستور وعما كتبه لاوعي هذا الشاعر. فإن استعصى هذا الأمر على المترجم، فهل سيستطيع الذكاء الاصطناعي كسر الحواجز بين وعي الشاعر ولاوعيه وبين المُفصح عنه والمخفي من الشعر؟".  
وعرفت الكاتبة سعدية مفرح خلال إدارة الندوة بدور جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في تكريم المترجمين وتقدير إسهامهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين أمم العالم وشعوبه، ومكافأة التميز، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع والتعددية والانفتاح. وأضافت أن الجائزة تسعى إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي اليوم العالمي للترجمة المغامرات جائزة الشيخ حمد للترجمة والتحديات ذكاء الاصطناعي جزائر ترجمة الشعر ترجمات الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي دربنا للسعادة أم للتعاسة؟

 

مؤيد الزعبي

من الأسئلة التي أجد بأنها جوهرية في وقتنا الحالي، هل الذكاء الاصطناعي دربنا للسعادة أم للتعاسة؟ وأنا اسأل هذا التساؤل عزيزي القارئ بعد تجربتنا الإنسانية مع التكنولوجيا المتمثلة بوسائل التواصل الاجتماعي التي جعلتنا أتعس للأسف رغم أنها وفرت لنا حاجة إنسانية مهمة متمثلة بالتواصل، إلّا أنها جعلت البشر أكثر تعاسة.

أطرح هذا التساؤل في وقت بتنا ندرك أنه بحلول عام 2030 من المتوقع أن يكون مرض الاكتئاب هو المرض الأول من حيث أعداد المصابين عالميًا، واليوم مع دخولنا عصر الذكاء الاصطناعي فهل هذه التكنولوجيا هي دربنا للسعادة أم للتعاسة؟، قبل أن تشرع في قراءة هذا الطرح أطلب منك عزيزي القارئ أن تأخذ نفسًا عميقًا وتجيب بنفسك على تساؤلي ها هنا، هل أجبت نفسك إذن حان الوقت لنشرع معًا في إكمال هذا الطرح.

ومنذ قدم البشرية ونحن نبحث كبشر عن السعادة ومصادرها وتعريفاتها، ورغم ما وصلنا له من تقدم في فهم الإنسان البشري، إلا أنه ما زال محيرًا أن نفهم السعادة وما هي دروبها، فهناك شخص يجدها في صحته الجسدية وشخص آخر يجدها في صحته النفسية، وشخص يجدها في إنجازاته ومخزونه العلمي والعقلي وآخر يجدها في مخزون جيبته وأرصدة حساباته البنكية، وشخص يجدها بالرضا وقبول القدر وآخر يجدها في تحدي الواقع وتغييره، إشكالية عميقة لا يمكن فهمها أو تحديدها بشكل دقيق. ولهذا أجد في محاولتنا لاستنجاد الذكاء الاصطناعي ليبحث لنا عن معنى السعادة في كل ما كُتب في تاريخنا الإنساني ليجد لنا تعريفًا محددًا، وهذه طريقة أجدها مناسبة جدًا لنجد تعريفًا محددًا للسعادة نقارنه بتعريف أرسطو الذي كان يجد السعادة بأنها الهدف الأسمى للحياة.

هناك اتجاه آخر قد يخدمنا لنفهم السعادة وندركها أنه الآن ومع انتشار الساعات الذكية التي باتت تقيس لك نبضات قلبك ونسبة الاوكسجين في الدم ونسبة نشاطك وتقيس تحركاتك وخطواتك ولحظات سكونك وحتى نومك أجد بأننا يمكن استخدامها لتقيس لنا درجة سعادتنا أو تعاستنا بناء على معلومات دقيقة حول أجسامنا والتي هي انعكاس لأحاسيسنا أو حتى لحالتنا النفسية، وقد قام خبراء من شركة هيتاشي بتطوير تجربة مماثلة تقوم بقياس حركة الإنسان ومدى نشاطه وسرعة تحركاته ولحظات توقفه وبناء على تحليلات الذكاء الاصطناعي تقوم بقياس مدى سعادتك أو تعاستك في هذه اللحظة، صحيح أن الشركات المصنعة للساعات باتت تختبر مثل هذه المميزات في أن تقيس لك درجة توترك بناء على قراءاتك الحيوية إلا أن التجربة تحتاج سنوات من التطوير لنصل لطريقة مثلى تكشف لنا حقيقة فيما إذا كنا سعداء أم تعساء.

 

الأمر الأهم الذي يوعز له الكثيرون بأنه سيعالج الكثير من مشاكلنا النفسية يتمثل بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي والتي ستكون حلًا لكل فاقدي التواصل وستساعدهم في التحدث والتخاطر، ولكن ما قولنا أن سابق تجربتنا كبشر مع وسائل وجدت لنتواصل وأقصد وسائل التواصل الاجتماعي بأنها أصبحت سببًا لتعاستنا فكيف سيكون حالنا ونحن نخاطب نماذ ذكاء اصطناعي توليدي وليس بشر حقيقيون، وكيف سيكون حالنا لو انعزلنا عن محيطنا وانخرطنا لنتحدث مع روبوتات الدردشة أو الروبوتات التي ستتمثل على هيئة بشر في قادم الأيام، كيف سيكون حالنا عندما نصبح نُعبر عن أحاسيسنا ومشاعرنا لنماذج إلكترونية نجدها أقرب لنا من بشر مثلنا مثلهم، هل سنصل للسعادة؟، هذا هو جوهر التساؤل الحقيقي عزيزي القارئ والذي حتى الآن لا يستطيع أي شخص أن يجيبك عليه لأن تجربتنا مازالت ناقصة فلا نحن طورنا نماذج ذكاء اصطناعي بديلة عن البشر في التواصل ولا نحن اختبرناها واختبرنا طريقة تعاطيها مع الأمور.

تخيل أن يدفعنا الذكاء الاصطناعي من خلال برمجته لأن ننتحر مثلًا، ربما ليس مقصودًا أن يُبرمج ليجعلك تنتحر ولكن لكي يختصر عليك الألم، فيكون حله أن تُقدم على هذا الأمر الشنيع، وفي المقابل ربما تكون هذه الأنظمة هي الكاشفة والمكتشفة للكثير من مشاكلنا النفسية والمتنبئة بها قبل أن تصبح مشكلة أكبر وتحاول مساعدتنا لتخطيها أو تجاوزها أو حتى علاجها؛ إذن الصورة ليست كاملة حتى الآن والأمر لا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لوحده بل يعتمد على تعامنا معه نحن البشر.

الخلاصة- عزيزي القارئ- أننا لو انخرطنا بالذكاء الاصطناعي وتجهلنا تعريف أهم من السعادة وهو تعريف الإنسان نفسه لنفسه فحينها سنخلق لنا مشكلة أكبر بأن نفقد بوصلتنا مرة أخرى فبدلًا من أن نصنع نظامًا يمكنه أن يجعل حياتنا أفضل وأسهل وأسرع فسنحوله لأداة تجلب لنا السعادة، ولكن إذا أدركنا أن كل ما نصنعه ونطوره يجب أن يخضع لمقياس واحد هو أن يجعل حياتنا "كبشر" أكثر سعادة وصحة ويسر وأنا اقولها كبشر لا كحومات ولا كشركات ولا كأنظمة إذا صنعناه للشر فحينها سيكون الذكاء الاصطناعي دربنا لحياة سعيدة فهو سيقدم لنا الحلول والتحليلات ولكن بشرط أن نُحسن استخدامه، إما إذا اسئنا استخدامه فسنعيد التجربة مرة أخرى ونجعل ما صنعناه ليطورنا يصبح أداة تهدمنا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر يفتتح ندوة الذكاء الاصطناعي بكلية الهندسة
  • وقفات مع «اللغة العربية والذكاء الاصطناعي»
  • الذكاء الاصطناعي دربنا للسعادة أم للتعاسة؟
  • جائزة الشيخ زايد للكتاب تعلن القوائم الطويلة لعدد من أفرعها
  • جائزة الشيخ زايد للكتاب تعلن القوائم الطويلة لثلاثة فروع
  • ميتا تطرح دمج الذكاء الاصطناعي المباشر وتطبيق Shazam في نظارتها الذكية
  • «الشخصية المصرية في عالم متغير».. مؤتمر للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية
  • محمود المملوك: أدركنا تحديات الصحافة الرقمية منذ 4 سنوات فأطلقنا تجربة الذكاء الاصطناعي
  • بيلاروس وسلطنة عمان تقاليد الصداقة في عالم متغير
  • ماذا يحصل لنا بسبب قلة النوم؟.. الذكاء الاصطناعي يجيب