اعتباران واستثمار وراء سلوك الأسد على المعابر مع لبنان
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
عندما بدأت الحملة الإسرائيلية على جنوبي لبنان، سارع النظام السوري إلى إطلاق خطط استجابة لاستقبال اللبنانيين مع حديثه عن وجود "مراكز إيواء" تتسع للآلاف منهم، لكن رغم أن طريقة التعاطي هذه قد تكون إجراء طبيعيا لدولة جارة، فإن الصورة تختلف عند النظر إلى الموقف الذي أبدته دمشق مع اللاجئين السوريين هناك، سابقا والآن.
وعلى مدى الأيام الماضية، كانت الحدود مفتوحة أمام اللبنانيين الهاربين من القصف الإسرائيلي باتجاه سوريا، لكن لم يكن المشهد كذلك بالنسبة لأبناء البلد الأصليين، الذين انتظروا لأيام، بسبب عدم قدرتهم على دفع ضريبة الدخول المحددة بتصريف 100 دولار أميركي إلى الليرة السورية.
لم يقتصر الأمر ما سبق فحسب، بل وصل الحد من جانب مؤسسات النظام السوري، لإبداء الاهتمام على نحو كبير بالنازحين اللبنانيين، دون أن تكشف في المقابل عن أية خطة بشأن السوريين، الذين يعيشون مرارة "النزوح المزدوج".
وطالما أكد النظام السوري خلال الأشهر الماضية، أن عملية عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلدهم، تتطلب وجود أرضية معيشية وبنى تحتية، مشترطا أكثر من مرة على الدول والمانحين، دعمه ليوفر الاحتياجات لمن يرغب بالعودة.
وبعد اليوم الأول من تصعيد إسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان، اتضح من تصريحات مسؤوليه أن "البنى التحتية" التي كان يطالب بها موجودة بالفعل، مما يشير إلى وجود "ازدواجية" في التعامل مع أزمة اللبنانيين والسوريين الفارين من الصراع، كما يقول الباحث السوري، أيمن الدسوقي.
"رقم كبير".. الأمم المتحدة تكشف عدد الفارين من لبنان إلى سوريا أفاد مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الاثنين، بأن نحو مئة ألف شخص فروا من لبنان باتجاه سوريا هربا من الغارات الإسرائيلية.ويضيف الباحث في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، أنه "في حين تتوفر الإرادة السياسية لاستقبال اللبنانيين، مدفوعة بحسابات النظام سياسيا واقتصاديا، لا يبدي الأخير رغبة ولا إرادة في ملف عودة السوريين المتواجدين في دول الجوار، إلى بلادهم، دون مكاسب ينالها مباشرة".
"اعتباران"ويعتقد الدسوقي في حديثه لموقع "الحرة"، أن تحرك النظام على الحدود مع لبنان مدفوعا بـ"اعتبارين سياسي واقتصادي".
ويتصل الأول بحاجته إلى تبني موقف "يجنبه انتقادات" حلفائه في ما يعرف بـ"محور المقاومة"، "يتجاوز حالة الحياد كما ظهر في غزة، ولا يرقى للانخراط المباشر في دعم حزب الله، خشية الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل تفوق قدرته وتقوض نظامه".
وكذلك، يوفر هذا الانخراط للنظام، "فرصة لإعادة تعويم دوره في الملف اللبناني مجددا، باعتباره شريكا مسؤولا في متابعة هذا الملف، واحتواء تداعياته راهنا وتسويته مستقبلا"، حسب الباحث السوري.
أما الاعتبار الثاني، فيتعلق "باستثمار النظام لأزمة النازحين اللبنانيين" على حد تعبير الدسوقي.
ويأتي ذلك "بهدف الضغط على حليفه الإيراني لإرسال مساعدات مالية ونفطية"، بالوقت الذي أشارت فيه تقارير صحفية عن تراجع ملحوظ في مستوى الدعم الإيراني للنظام.
وأيضا يهدف من وراء ذلك، وفق ذات المتحدث، إلى "استقطاب دعم من الدول المانحة، سيما الخليج وأوروبا، لمواجهة تحديات اللجوء والحيلولة دون تفاقهما، إضافة إلى توظيف هذا الملف كورقة تفاوضية لإعادة النظر بملف العقوبات المفروضة عليه".
ولا تزال حركات الخروج مستمرة من لبنان إلى سوريا عبر المعابر الحدودية الواصلة بين البلدين، وأبرزها جديدة يابوس.
ووفقا لآخر الإحصائيات التي نشرتها الأمم المتحدة، فقد تجاوز عدد العابرين حتى ظهر الإثنين، حاجز الـ100 ألف شخص.
ويتوزع اللبنانيون الداخلين إلى سوريا في عدة محافظات، بينها حمص ودمشق وريف دمشق وطرطوس، وبعض القرى الواقعة في ريف محافظة حماة.
قصف إسرائيلي يستهدف معبرا حدوديا بين لبنان وسوريا تعرض معبر مطربا الحدودي الذي يصل بين الأراضي السورية واللبنانية لقصف قال الجيش الإسرائيلي إنه يهدف "لمنع نقل وسائل قتالية إلى حزب الله".وقال مصدر مطلع (متطوع في مؤسسة الهلال الأحمر السوري) لموقع "الحرة"، إن غالبية الفارين من اللبنانيين "يفضلون الذهاب إلى معارفهم في حمص وريف دمشق، فيما توجهت قلة منهم إلى المدارس ومراكز الإيواء".
وأضاف أن "جزءا آخر خرج من سوريا بعد دخولهم إليها، قاصدين وجهتين هما العراق والأردن".
"ترميم صورة"ومنذ بدء الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، وبعد الحملة الإسرائيلية القائمة على جنوبي لبنان، التزم النظام السوري بسياسة قامت على "الانكفاء"، رغم أنه جزء مما يعرف بـ"محور المقاومة".
واقتصرت مواقفه خلال الأشهر الماضية، على تقديم "الدعم المعنوي" المتأخر، القائم على إصدار بيانات التنديد والإدانة، ومطالبة مؤسسات الأمم المتحدة بالتدخل لوقف الحرب.
وكان لـ"حزب الله" اللبناني الذي تعرض لسلسلة ضربات قتلت آخرها أمينه العام حسن نصر الله، دور كبير في بقاء النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، بعدما اندلعت الثورة السورية ضده في 2011.
وفي تلك الفترة، أدخل حزب الله قوات وقادة كبار لسوريا، وشارك في غالبية المعارك على الأرض، ليحرف آنذاك دفة الصراع لصالح الأسد.
لكن رئيس النظام السوري لم يبد حتى الآن أية نية للانخراط إلى جانب الحزب من أجل دعمه.
ويأتي سلوكه بشأن استقبال اللبنانيين على نحو لافت، ومن منطلق "ترميم صورته"، حسب تعبير مدير البرنامج السوري في "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية"، كرم شعار.
مصادر تكشف معلومات عن صواريخ حزب الله وممرات التسليح كشفت مصادر "مطلعة" لوكالة رويترز تفاصيل الأضرار التي ألحقتها إسرائيل بحزب الله وخطوط إمدادها وهيكلها القيادي.ووفقا لشعار، يرى النظام السوري أن عبء استضافة أعداد من اللبنانيين سيكون "صغيرا جدا"، لذلك يحاول من منطلق "استثماري" أن يوجه رسالة بأنه "لا يزال يحافظ على الجزء المتبقي من سردية أننا ندعم المقاومة".
ورغم أنه "يعي بأن السردية تلك تمت تعريتها" وهو ما ينطبق على إيران أيضا، يوضح شعار لموقع "الحرة"، أن ما يجري من جانب الأسد على حدود لبنان "يظل محاولة لتعويض تخلخل الصورة الثانية المتعلقة بالانكفاء".
ويعتبر الباحث في "معهد الشرق الأوسط" بواشنطن، سمير التقي، أن "النظام السوري أصبح الآن في وضع محرج جدا فيما يتعلق بموقفه من إيران وحزب الله".
كما أن "موقفه الملتبس بعد مقتل نصر الله، يجعله أيضا في موضع ضعف"، وفق التقي الذي يضيف لموقع "الحرة"، أن "أحد الأشكال التعويضية للضعف من جانبه، هو قضية الحديث عن استقبال اللبنانيين من الباب المفتوح".
"إصلاح سمعة"ولا تبدو مؤشرات واضحة حتى الآن عن الحد الذي ستصل إليه إسرائيل في جنوب لبنان، بعد أن أعلنت، الثلاثاء، بدء توغل بري "محدود"، وقالت إنها تخوض "قتالا عنيفا مع حزب الله".
ويوضح الباحث السوري التقي، أن "الحقائق تقول إن النظام السوري وبسلوكه المتعلق بعبور اللبنانيين على الحدود، يحاول إصلاح سمعته"، في إشارة منه إلى حالة الانكفاء السياسي والعسكري التي يتبعها.
ويضيف أن ما تقوم به السلطات السورية أيضا "يصب في إطار محاولة تقديم أوراق اعتماد جديدة في مرحلة ما، بعد إعادة تشكيل المنطقة".
ومع ذلك، يعتقد التقي أن "قدرة النظام على أن يكون نقطة توافق إقليمية، ستكون صعبة جدا".
ويشرح أن "المشكلة الرئيسية تكمن بمدى قدرته على أن يكون عامل استقرار في سوريا بدلا من عامل اضطراب. بمعنى قدرته على المصالحة وإدارة البلاد ومنعها من التورط في اتجاه الفوضى.. وهذه عوامل لا تشفع له فيها قضية اللاجئين".
"عين على الدعم"ويخضع النظام السوري لعقوبات دولية من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة، دون أن تشمل القطاع الإنساني المتعلق بمؤسسات الأمم المتحدة.
وكان قد استفاد مؤخرا من كارثة الزلزال الذي ضرب شمالي البلاد، حيث بدأت عدة دول بالتواصل معه، ووصلت إلى حد إعادة تطبيع العلاقات وتقديم الدعم الإنساني لمؤسساته.
من لبنان إلى سوريا.. عابرون بالآلاف وآخرون ينتظرون عَبر الآلاف من السوريين واللبنانيين من لبنان إلى سوريا خلال الساعات الماضية، بحسب ما ذكرت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية.ومع استمرار حركة العبور من لبنان، يوضح التقي أن اللبنانيين الجدد داخل سوريا "يتوزعون في إطار قسمين: الأول مرتبط بحزب الله والحاضنة الشعبية المرتبطة به"، أما الثاني "فيشمل اللبنانيين الذين اضطروا للهجرة لأسباب مختلفة، ويفضل قسم منهم استخدام سوريا كبلد عبور فقط باتجاه الأردن أو العراق".
وقد يحاول النظام السوري في الوقت الحالي أن يحجز له مكانا في قائمة الدول "المستفيدة من الدعم الدولي والعائدات المخصصة لأولئك اللبنانيين"، وفق التقي.
لكنه في المقابل، يضيف أن "النظام السوري لن يكون قادرا في وقت لاحق على أن يستمر بالسياسة التي يتبعها الآن، لأن ذلك قد يعني تغييرا ديمغرافيا لن يكون في صالحه".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: من لبنان إلى سوریا الأمم المتحدة النظام السوری حزب الله من جانب
إقرأ أيضاً:
معاناة مشتركة بين أبناء فلسطين والجولان على أطراف دمشق
دمشق- بجوار تجمّع الذيابية -حيث يقيم سوريون من أبناء الجولان المحتل- يتقاسم أبناء فلسطين اللاجئون المعاناة والمصير المشترك ذاته، فيقيمون في مخيم الحسينية الذي يعد حاليا أكبر المخيمات الفلسطينية من حيث عدد السكان في سوريا، وقد أنشئ عام 1982.
وكان مخيم اليرموك في دمشق أكبر المخيمات الفلسطينية بسوريا، ولكن بعد اندلاع الثورة السورية تعرّض لدمار كبير وتهجير على يد النظام المخلوع وداعميه، وهو الآن شبه خالٍ.
ويقع تجمّع الذيابية (يطلق اسم التجمع على المناطق التي نزح إليها أبناء الجولان داخل سوريا) على بعد 15 كيلومترا جنوب العاصمة دمشق، ويقيم فيه أبناء الجولان المحتل الذين نزحوا عام 1967 بسبب الحرب التي نشبت بين إسرائيل وسوريا، إذ طلب الجيش السوري بقيادة وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد من أهالي مرتفعات الجولان الخروج من القرى بحجة محاربة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ووعدهم بأنهم سيعودون بعد أسبوع.
لكن انقضى أسبوع تلو الآخر، وانقضت الأشهر والسنوات، وكانت تلك الوعود "مواعيد عرقوب"، فلا تحررت مرتفعات الجولان، ولا عاد إليها أبناؤها حتى هذه اللحظة، فصار لسان حالهم يقول "وما مواعيده إلا الأباطيل".
بستان "الحافي" الفاصل بين بلدة السيدة زينب وتجمّع الذيابية (الجزيرة) انعدام الخدماتلا يلحظ الزائر لمخيم الحسينية وتجمّع الذيابية أي فروق ثقافية أو اجتماعية أو خدمية بينهما، إذ ينتمي أبناء المخيم والتجمع إلى بيئة جغرافية متجاورة متشابهة في العادات والتقاليد، ولا يفصل بين مرتفعات الجولان وفلسطين إلا حدود رسمتها اتفاقية سايكس بيكو.
هذا التجاور وهذا التشابه انتقلا مع النازحين من الجولان واللاجئين من فلسطين الذين نزلوا أحياء في أطراف دمشق وسكنوا إلى جوار بعضهم مثلما حدث بين مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وتجمّع الحجر الأسود لأبناء الجولان، فكانت معاناة النزوح واللجوء واحدة، وكانت ممارسات نظام الأسد المخلوع نحوهما متشابهة، وبالتالي كان مصير المخيم والتجمع مصيرا مشتركا.
تعرضت تجمعات أبناء الجولان ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق للتهميش من قبل النظام المخلوع، مما أنتج واقعا معيشيا صعبا زاد معاناة النازحين واللاجئين الذي أُخرجوا من ديارهم.
الباحث الاجتماعي إبراهيم محمد: 95% من أهالي المخيم والتجمع تحت خط الفقر (الجزيرة)
بدوره، أشار الباحث الاجتماعي إبراهيم محمد في حديث للجزيرة نت عن الوضع المعيشي السيئ الذي يعيشه أهالي الذيابية والحسينية إلى أن 95% من الأهالي تحت خط الفقر.
إعلانويقول الباحث إن التجمع والمخيم بحاجة إلى مؤسسات تنموية وصحية وإغاثية ومراكز لمكافحة المخدرات وتعبيد الطرق وتوفير الكهرباء.
ويؤكد محمد على ضرورة المحافظة على "الوضع القانوني للفلسطينيين باعتبارهم بحكم السوريين من أجل الحفاظ على حق العودة وإعطائهم حق التملك الذي حرمهم منه النظام البائد".
بدورها، تشتكي فرح (20 عاما) -وهي طالبة في كلية الحقوق- في حديثها للجزيرة نت من المعاناة التي كان يعيشها ويعيشها حاليا طلاب التجمع والمخيم بسبب الظروف الدراسية الصعبة، فلا كهرباء متوفرة (حصة البلدة والمخيم من الكهرباء ساعة في النهار وساعة في الليل)، وفي الشتاء تزداد المعاناة بسبب البرد الشديد الذي لم تكن تتوفر له مادة المازوت، وإذا توفرت فأسعارها خيالية.
وإذا قرر أحدهم استخدام الغاز للتدفئة -تواصل الطالبة- فسيضيع راتبه كله (ما يقارب 30 دولارا) مقابل أسطوانة غاز لا تدوم أكثر من شهر، وللحصول عليها يتطلب الأمر انتظار الدور عبر البطاقة الذكية التي أصدرتها حكومة النظام المخلوع.
ورغم عدم توفر إمكانيات جيدة لدراسة الطلاب فإن فرح استطاعت تجاوز المرحلة الثانوية، ثم التحقت بكلية الحقوق، ونالت المركز الأول في السنتين الأولى والثانية.
نزوح متكرر
يقف الشاب حارث (33 عاما) على سطح منزل عائلته مستذكرا كلمات جده الراحل قبل 20 سنة (قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011).
كان الجد يقف في المكان ذاته، ويخبره أن هناك خلف ذلك الجبل (جبل الشيخ) "قريتنا في الجولان على حدود فلسطين، بدي (أريد) إياك تصير طيارا وتحرر الجولان".
ويقول حارث "بعد اندلاع الثورة السورية هاجمتنا مليشيات طائفية اتخذت من البلدة المجاورة "السيدة زينب" مقرا لها.
اضطر حارث إلى النزوح مع جده عام 2012 الذي كان قد حكى له عن نزوح 1967، وكيف أوقفهم الجيش الإسرائيلي ليطلق عليهم النار، ولكنهم نجوا.
إعلانويتابع أنه نزح إلى بلدة تطل على الذيابية، فكان يخرج مع جده إلى سطح البناء، فيشير له إلى بيت نزوحه الأول، قبل أن يحرق البيت ويموت جده حزنا وكمدا.
مجازر وانتهاكات
تقع الذيابية والحسينية بجوار بلدة السيدة زينب التي يقع فيها مقام السيدة زينب، فكانت تستقطب الزوار من الطائفة الشيعية من مختلف أنحاء العالم، خاصة من إيران.
ويقول أبو محمد (70 عاما) "قبل استلام حافظ الأسد الحكم في سوريا كنا نعيش مع الطوائف كلها بسلام، وكان الناس في الجولان من مختلف الأعراق والأديان والمذاهب، وفيما بعد حاول نظام الأسد تفريق الشعب، وبعد اندلاع الثورة ظهر خطاب وممارسات طائفية، فأخرجتنا من بيوتنا وأحرقتها واعتقلت شبابنا".
وعن التضييق الذي كانت تمارسه حواجز النظام المخلوع والمليشيات، يقول الشاب عثمان (34 عاما) "أنشأت المليشيات السواتر الترابية والحواجز العسكرية حول بلدتنا، كانت تسمح للمقيمين فقط بالدخول إلى البلدة، أما الذين لا يملكون بطاقة إقامة في البلدة فيضعون هوياتهم الشخصية عند الحواجز العسكرية، كنا نعيش حياة مليئة بالخوف على نسائنا وأبنائنا وأنفسنا".
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ارتكب النظام المخلوع وداعموه مجزرة في التجمع حصلت خلال الفترة من 22 إلى 26 سبتمبر/أيلول 2012، إذ طوقت قوات جيش النظام البلدة وبدأت بقصفها بشكل عنيف وعشوائي بالمدفعية والدبابات والرشاشات الثقيلة، وسقط إثر هذا القصف عدد كبير من القتلى والجرحى من المدنيين من أبناء البلدة، ثم اقتحمت في 26 يونيو/حزيران2012 البلدة وقتلت عددا من أبنائها، وتجاوز عدد ضحايا البلدة في تلك الفترة 107 شهداء من المدنيين، وفق المصدر ذاته.
انتشار المخدرات
كما هو الحال في المناطق التي كان يسيطر عليها نظام الأسد المخلوع تنتشر المخدرات بين شباب ومراهقي مخيم الحسينية وتجمّع الذيابية، إلى درجة انتشارها في المدارس.
إعلانوعن ذلك يقول أحمد (50 عاما) إنه أجبر ابنته المجتهدة في مدرستها (الصف التاسع المتوسط) على ترك المدرسة بعد انتشار مادة الكبتاغون بين طالبات المدرسة وسهولة الحصول عليها.
ويضيف أن أسعار هذه المادة أصبحت أرخص من قطعة البسكويت، وكان النظام يغض الطرف عن انتشارها بين المراهقين.
وبحسب الباحث الاجتماعي إبراهيم محمد، فإنه "خلال فترة سيطرة النظام المخلوع على المنطقة انتشرت المخدرات بشكل واسع بمساعدة الفرقة الرابعة (كان يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري المخلوع) والأمن العسكري، وقبل سقوط النظام كان بيع المخدرات بشكل شبه علني في الشوارع، والذين يتم اعتقالهم يخرجون بعد مدة قصيرة"، وهذا يدل على تعمّد النظام نشر هذه المواد.
وتقول مريم (40 عاما) -التي استشهد زوجها في معتقلات النظام المخلوع- إن الناس هنا يعيشون حياة بؤس وفقر، لكننا نريد مراكز صحية لمعالجة الشباب المدمنين على المخدرات، فإذا تخلصنا منها فإننا نتخلص من السرقة والمشاكل العائلية بين الأبناء والآباء.
ضحايا مشتركونيصف أبناء التجمع والمخيم الذين قابلتهم الجزيرة نت نظام الأسد المخلوع بأنه "بائع الجولان" و"متاجر" بالقضية الفلسطينية على مدار عقود، وبالتالي فإنهم ضحايا مشتركون زاد نظام الأسد مأساة تهجيرهم عن أرضهم.
همشت مناطقهم وانتشرت المخدرات بين أبنائهم، بالإضافة إلى الاعتقالات التي تعرّض لها أبناء المخيم والتجمع بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، وكذلك من التهجير الإجباري والإخفاء القسري.
ويتفقون على أنه بسقوط النظام المخلوع فإن الأسوأ قد مضى، وأنه كما كان الألم مشتركا فإن الأمل أيضا مشترك.