خبراء أفارقة: النضال ضد فرنسا لا يتحقق بممارسات استفزازية

"الآمال المنعقدة تجاه روسيا قد تنتهي بخيبة أمل لتتحول رياح الاحتجاج يومًا ضد موسكو".

حذر خبراء أفارقة من مغبة استخدام أعلام روسية في تظاهرات تطالب بالانعتاق والتحرر من النفوذ الفرنسي.

"الأفارقة يريدون علاقات طيبة مع روسيا، لكن لا يريدون أن تكون موسكو بديلا لملء الفراغ الذي خلقته فرنسا".

"ليس صوابا رفع علم دولة أخرى في التظاهرات، خاصة وأن الإعلام الغربي لن يفوت مثل هذه الفرصة لنقلها والمبالغة في حجمها".

"رغم مغادرة بعض القوى الاستعمارية لمستعمراتها السابقة، إلا أن البعض الآخر استمر في التدخل في أنظمتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية".

"رفع أعلام روسية في التظاهرات المناهضة للنفوذ الفرنسي في إفريقيا لا يخلق صورة جيدة للقارة السمراء، كما لا ينبغي تصوير روسيا على أنها منقذ القارة".

"يرى بعض الأفارقة أن رفع أعلام روسية كأنما هو دعوة إلى قدوم سيد جديد، محل السيد الفرنسي، أو دعوة للمساعدة في حرب لا يستطيعون الانتصار فيها بمفردهم".

* * *

إسطنبول: أعاد رفع أعلام روسيا في المظاهرات المناهضة لفرنسا في دول غرب إفريقيا والداعمة للانقلاب العسكري في النيجر، النقاشات بين الأفارقة حول أهمية النضال من أجل الاستقلال ورموز هذا النضال.

وفي بلدان غرب إفريقيا، والتي كانت مستعمرات فرنسية مثل بوركينا فاسو وتشاد ومالي، رفع متظاهرون مؤيدون لحكومات الانقلاب العسكري أعلامًا روسية تعبيرًا عن مناهضتهم للنفوذ الفرنسي.

وفي نيامي، عاصمة النيجر، نظمت حكومة الانقلاب العسكري استعراضًا عسكريًا في 6 أغسطس/آب الجاري، بمشاركة آلاف النيجريين، حيث جرى رفع أعلامٍ روسية إلى جانب أعلام النيجر.

بدورهم، حذر خبراء أفارقة من مغبة استخدام أعلام روسية في تظاهرات تطالب بالانعتاق والتحرر من النفوذ الفرنسي.

وقال بوبكر أمادو سيسي، محاضر في جامعة باماكو للعلوم الإدارية والاجتماعية في مالي، إن "من غير اللائق استخدام أعلام روسية خلال احتجاجات شعبية مناهضة للنفوذ الفرنسي".

وأشار سيسي في حديثه إلى أن "إفريقيا كانت مستعمرة من دول غربية، وأن القارة انتقلت من طور العبودية إلى الاستعمار، ثم إلى الاستعمار الجديد".

وتابع أنه "رغم مغادرة بعض القوى الاستعمارية لمستعمراتها السابقة، إلا أن البعض الآخر استمر في التدخل في أنظمتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية".

شدد الأكاديمي المالي، على ضرورة عدم ربط نضال الأفارقة بروسيا.

ولفت إلى أن "باريس ما زالت تتمتع بعلاقات قوية مع الأنظمة السياسية القائمة في مستعمراتها السابقة، وتقوم بهندسة السياسة في هذه البلدان، ودعم مرشحي الرئاسة".

واستطرد "لذلك نرى العديد من القادة الأفارقة يقضون عقودا في السلطة وممارسة الديكتاتورية من دون التعرض لأي انتقاد في فرنسا والغرب".

صراع قديم

يرى سيسي أن الصراع بين روسيا والغرب في إفريقيا ليس حالة جديدة.

وقال "بعد استقلال الدول الإفريقية، كان الاتحاد السوفيتي من بين أول من اعترف بهذه الدول، وساعدها فيما بعد على تحقيق خططها التنموية الجديدة".

ولفت سيسي إلى أن "الأفارقة أبدوا ردات فعل متباينة حول رفع أعلام روسية في تظاهرات ينبغي أن تكون موجهة للتعبير عن رفض الشارع الإفريقي للنفوذ الفرنسي".

وأردف "يرى بعض الأفارقة أن رفع أعلام روسية في تلك التظاهرات كأنما هو دعوة إلى قدوم سيد جديد، يأتي محل السيد الفرنسي، أو دعوة للمساعدة في حرب يعتقد بعض الأفارقة أنهم لا يستطيعون الانتصار فيها بمفردهم".

واعتبر الأكاديمي المالي، أن "هذه الآراء، إلى حد ما، ليست خاطئة، لكن روسيا دولة تريد توسيع نفوذها وحماية مصالحها، حتى لو لم يكن لديها تاريخ استعماري في إفريقيا".

وأشار إلى تنامي نفوذ روسيا في الدول الإفريقية، قائلا إن "رفع أعلام روسية في التظاهرات المناهضة للنفوذ الفرنسي في إفريقيا لا يخلق صورة جيدة للقارة السمراء، كما لا ينبغي تصوير روسيا على أنها منقذ القارة".

وأوضح سيسي أن “الاستقلال الحقيقي يتحقق فقط عندما ندافع عن أرضنا ونطعم شعبنا ونعلم شبابنا ونوفر لهم مستقبلًا مشرقًا".

خيبة أمل غير مستبعدة

بدوره، حذر الباحث النيجري إيفولوا صديق أويلامي، المعروف بأبحاثه في مجال الأمن والمنظمات المسلحة في غرب إفريقيا، من مغبة استخدام أعلام روسية في التظاهرات المناهضة لفرنسا في القارة السمراء.

وأشار أويلامي إلى أن "هذا مؤشر على الاعتماد على الآخرين لإنجاز الاستقلال".

ويرى أن الأفارقة الذين يدافعون عن سياسة روسيا تجاه إفريقيا ويقدمونها كبديل للدول الغربية، غالبًا ما يستخدمون حججًا مثل "روسيا لم تستعبد أحدًا"، أو "لم تنشئ روسيا مستعمرات في إفريقيا".

واعتبر الباحث النيجري أن "شعوبنا الإفريقية تكافح من أجل فهم المعنى الكامل للهيمنة الدولية. ربما لا يفهمون الفرق بين الصداقة والهيمنة".

وأشار إلى أن شعارات "دع فرنسا تذهب، ومرحبًا بروسيا" التي جرى ترديدها أثناء التظاهرات في مالي، وأن التطلع إلى روسيا على أنها "منقذة" للقارة، لم تظهر فقط بين الشباب بل وبين القادة الأفارقة.

وأضاف أن "الانتفاضات التي حدثت في البلدان التي كانت في السابق مستعمرات فرنسية، هي في الواقع عبارة عن مسيرة كفاح للتخلص من الاستياء المتراكم في الداخل، وليس للمطالبة بالاستقلال الكامل".

وحذر أويلامي من أن "الآمال المنعقدة تجاه روسيا قد تنتهي بخيبة أمل لتتحول رياح الاحتجاج يومًا ضد موسكو".

رسالة إلى فرنسا

موسى حسين موسى، مؤسس وعضو مجلس إدارة منصة الفكر الإفريقي، الباحث في المركز الإفريقي للتنسيق والتدريب، استبعد أن يكون استخدام أعلام روسيا في التظاهرات شيئًا مخططًا له مسبقًا.

وأشار موسى، إلى أن "روسيا أكبر عدو لفرنسا في الوقت الحالي".

وأضاف "رفع أعلام روسية جاء لإغضاب فرنسا أو إرسال رسالة مفادها أن باريس لم تعد وحيدة على المسرح الدولي، وهناك لاعبون آخرون".

وشدد موسى، على أن "العديد من الأفارقة يعارضون رفع أعلام روسيا في الأنشطة السياسية الجاري تنظيمها في بلادهم".

واعتبر أنه "ليس من الصواب رفع علم دولة أخرى في التظاهرات، خاصة وأن الإعلام الغربي لن يفوت مثل هذه الفرصة لنقلها والمبالغة في حجمها".

وأردف "الأفارقة يريدون علاقات طيبة مع روسيا، لكن لا يريدون أن تكون موسكو بديلا لملء الفراغ الذي خلقته فرنسا".

المصدر | الأناضول

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أفريقيا روسيا فرنسا الاستقلال تظاهرات انقلاب النيجر أعلام روسيا فی التظاهرات فی إفریقیا روسیا فی على أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

عبد الرحمن عزام.. سياسي مصري جمع بين النضال والدبلوماسية

يعد عبد الرحمن عزام واحدًا من أبرز الشخصيات في تاريخ مصر الحديث، حيث جمع بين النضال ضد الاستعمار والعمل السياسي والدبلوماسي الرفيع. 

تنقل عزام بين ميادين القتال والسياسة والدبلوماسية، مما جعله أحد المؤثرين في تشكيل المشهد العربي خلال القرن العشرين.


من المقاومة إلى السياسة

ولد عبد الرحمن عزام عام 1893 في محافظة الجيزة، وشارك منذ شبابه في النضال ضد الاحتلال البريطاني، كان من أوائل المنضمين إلى “الحزب الوطني” بقيادة مصطفى كامل، كما شارك في حرب البلقان عام 1912 ضد الاستعمار، حيث تطوع للقتال إلى جانب العثمانيين ضد بلغاريا، مما أكسبه خبرة عسكرية وشعورًا عميقًا بأهمية التحرر الوطني.

بعد عودته إلى مصر، انضم عزام إلى الحراك الوطني ضد الاحتلال البريطاني، وشارك في ثورة 1919، حيث لعب دورًا في تنظيم المقاومة الشعبية، لكنه سرعان ما انتقل من النضال المسلح إلى العمل السياسي، مقتنعًا بأن تحقيق الاستقلال يتطلب بناء مؤسسات سياسية قوية ومؤثرة.

في صفوف الدبلوماسية والسياسة المصرية

دخل عبد الرحمن عزام البرلمان المصري عام 1924 ممثلًا عن محافظة الجيزة، وبرز كصوت وطني يدافع عن قضايا الاستقلال والعدالة الاجتماعية، تولى عدة مناصب حكومية، منها وزير الدولة في حكومة مصطفى النحاس، حيث عمل على تعزيز السياسة الخارجية المصرية.

إلى جانب عمله الحكومي، كانت له مساهمات قوية في القضايا العربية، حيث دعم ثورة فلسطين عام 1936 ووقف إلى جانب القوى الوطنية في الدول العربية الساعية للاستقلال.

عزام والجامعة العربية: من الدبلوماسية إلى الحلم العربي

في عام 1945، كان عبد الرحمن عزام أحد أبرز الشخصيات التي ساهمت في تأسيس جامعة الدول العربية، ليصبح أول أمين عام لها، خلال فترة قيادته، سعى إلى تحقيق التعاون العربي وتعزيز الوحدة، ودعم القضايا القومية مثل القضية الفلسطينية. كان من أشد المدافعين عن قرار إرسال الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1948، ورغم الهزيمة، استمر في الدعوة إلى توحيد الصف العربي لمواجهة التحديات المشتركة.

موقفه من ثورة 1952 وعلاقته بالضباط الأحرار

عندما اندلعت ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار، رحّب بها عزام باعتبارها خطوة نحو الاستقلال الكامل لمصر، لكنه لم يكن جزءًا من النظام الجديد، حيث فضّل التفرغ للعمل الدبلوماسي والمساهمة في الفكر السياسي العربي.

بعد الثورة، اتجه عزام إلى العمل الفكري وكتابة المذكرات، حيث ركز على رؤيته لمستقبل الوحدة العربية وأهمية التضامن بين الدول الإسلامية.

إرثه وتأثيره في السياسة المصرية

يعتبر عبد الرحمن عزام أحد الشخصيات التي جمعت بين النضال والممارسة السياسية والدبلوماسية، مما جعله نموذجًا لرجل الدولة الذي سعى لتحقيق الاستقلال والتعاون العربي. 

مقالات مشابهة

  • وزير العدل الفرنسي : نشكر المغرب على تعاونه الأمني الممتاز والمغاربة يحضون بالإحترام في فرنسا
  • وزير فرنسي يكشف مفاجأة: باريس تستغل أموال روسية بقيمة 195 مليون يورو
  • فرنسا ستوجه فوائد أصول روسية مجمدة لتمويل تسليح أوكرانيا
  • عبد الرحمن عزام.. سياسي مصري جمع بين النضال والدبلوماسية
  • 60 ألف مصل بالأقصى ورقصات استفزازية متزامنة لمستوطنين بالقدس
  • خبراء: تسليم فرنسا طائرات ميراج 2000 لأوكرانيا يعزز قدراتها العسكرية
  • غياب المظلة الأمريكية... هل يكفي الردع النووي الفرنسي لحماية أوروبا؟
  • خبراء لـ«الاتحاد»: أوكرانيا مطالبة بالحياد العسكري لسلام دائم مع روسيا
  • انطلاق الدورة التدريبية الدولية المتقدمة في صحافة السلام
  • مستوطنون يرفعون أعلام الاحتلال قرب خيام المواطنين في الأغوار