خبراء أفارقة: النضال ضد فرنسا ليس بممارسات استفزازية
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
خبراء أفارقة: النضال ضد فرنسا لا يتحقق بممارسات استفزازية
"الآمال المنعقدة تجاه روسيا قد تنتهي بخيبة أمل لتتحول رياح الاحتجاج يومًا ضد موسكو".
حذر خبراء أفارقة من مغبة استخدام أعلام روسية في تظاهرات تطالب بالانعتاق والتحرر من النفوذ الفرنسي.
"الأفارقة يريدون علاقات طيبة مع روسيا، لكن لا يريدون أن تكون موسكو بديلا لملء الفراغ الذي خلقته فرنسا".
"ليس صوابا رفع علم دولة أخرى في التظاهرات، خاصة وأن الإعلام الغربي لن يفوت مثل هذه الفرصة لنقلها والمبالغة في حجمها".
"رغم مغادرة بعض القوى الاستعمارية لمستعمراتها السابقة، إلا أن البعض الآخر استمر في التدخل في أنظمتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية".
"رفع أعلام روسية في التظاهرات المناهضة للنفوذ الفرنسي في إفريقيا لا يخلق صورة جيدة للقارة السمراء، كما لا ينبغي تصوير روسيا على أنها منقذ القارة".
"يرى بعض الأفارقة أن رفع أعلام روسية كأنما هو دعوة إلى قدوم سيد جديد، محل السيد الفرنسي، أو دعوة للمساعدة في حرب لا يستطيعون الانتصار فيها بمفردهم".
* * *
إسطنبول: أعاد رفع أعلام روسيا في المظاهرات المناهضة لفرنسا في دول غرب إفريقيا والداعمة للانقلاب العسكري في النيجر، النقاشات بين الأفارقة حول أهمية النضال من أجل الاستقلال ورموز هذا النضال.
وفي بلدان غرب إفريقيا، والتي كانت مستعمرات فرنسية مثل بوركينا فاسو وتشاد ومالي، رفع متظاهرون مؤيدون لحكومات الانقلاب العسكري أعلامًا روسية تعبيرًا عن مناهضتهم للنفوذ الفرنسي.
وفي نيامي، عاصمة النيجر، نظمت حكومة الانقلاب العسكري استعراضًا عسكريًا في 6 أغسطس/آب الجاري، بمشاركة آلاف النيجريين، حيث جرى رفع أعلامٍ روسية إلى جانب أعلام النيجر.
بدورهم، حذر خبراء أفارقة من مغبة استخدام أعلام روسية في تظاهرات تطالب بالانعتاق والتحرر من النفوذ الفرنسي.
وقال بوبكر أمادو سيسي، محاضر في جامعة باماكو للعلوم الإدارية والاجتماعية في مالي، إن "من غير اللائق استخدام أعلام روسية خلال احتجاجات شعبية مناهضة للنفوذ الفرنسي".
وأشار سيسي في حديثه إلى أن "إفريقيا كانت مستعمرة من دول غربية، وأن القارة انتقلت من طور العبودية إلى الاستعمار، ثم إلى الاستعمار الجديد".
وتابع أنه "رغم مغادرة بعض القوى الاستعمارية لمستعمراتها السابقة، إلا أن البعض الآخر استمر في التدخل في أنظمتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية".
شدد الأكاديمي المالي، على ضرورة عدم ربط نضال الأفارقة بروسيا.
ولفت إلى أن "باريس ما زالت تتمتع بعلاقات قوية مع الأنظمة السياسية القائمة في مستعمراتها السابقة، وتقوم بهندسة السياسة في هذه البلدان، ودعم مرشحي الرئاسة".
واستطرد "لذلك نرى العديد من القادة الأفارقة يقضون عقودا في السلطة وممارسة الديكتاتورية من دون التعرض لأي انتقاد في فرنسا والغرب".
صراع قديم
يرى سيسي أن الصراع بين روسيا والغرب في إفريقيا ليس حالة جديدة.
وقال "بعد استقلال الدول الإفريقية، كان الاتحاد السوفيتي من بين أول من اعترف بهذه الدول، وساعدها فيما بعد على تحقيق خططها التنموية الجديدة".
ولفت سيسي إلى أن "الأفارقة أبدوا ردات فعل متباينة حول رفع أعلام روسية في تظاهرات ينبغي أن تكون موجهة للتعبير عن رفض الشارع الإفريقي للنفوذ الفرنسي".
وأردف "يرى بعض الأفارقة أن رفع أعلام روسية في تلك التظاهرات كأنما هو دعوة إلى قدوم سيد جديد، يأتي محل السيد الفرنسي، أو دعوة للمساعدة في حرب يعتقد بعض الأفارقة أنهم لا يستطيعون الانتصار فيها بمفردهم".
واعتبر الأكاديمي المالي، أن "هذه الآراء، إلى حد ما، ليست خاطئة، لكن روسيا دولة تريد توسيع نفوذها وحماية مصالحها، حتى لو لم يكن لديها تاريخ استعماري في إفريقيا".
وأشار إلى تنامي نفوذ روسيا في الدول الإفريقية، قائلا إن "رفع أعلام روسية في التظاهرات المناهضة للنفوذ الفرنسي في إفريقيا لا يخلق صورة جيدة للقارة السمراء، كما لا ينبغي تصوير روسيا على أنها منقذ القارة".
وأوضح سيسي أن “الاستقلال الحقيقي يتحقق فقط عندما ندافع عن أرضنا ونطعم شعبنا ونعلم شبابنا ونوفر لهم مستقبلًا مشرقًا".
خيبة أمل غير مستبعدة
بدوره، حذر الباحث النيجري إيفولوا صديق أويلامي، المعروف بأبحاثه في مجال الأمن والمنظمات المسلحة في غرب إفريقيا، من مغبة استخدام أعلام روسية في التظاهرات المناهضة لفرنسا في القارة السمراء.
وأشار أويلامي إلى أن "هذا مؤشر على الاعتماد على الآخرين لإنجاز الاستقلال".
ويرى أن الأفارقة الذين يدافعون عن سياسة روسيا تجاه إفريقيا ويقدمونها كبديل للدول الغربية، غالبًا ما يستخدمون حججًا مثل "روسيا لم تستعبد أحدًا"، أو "لم تنشئ روسيا مستعمرات في إفريقيا".
واعتبر الباحث النيجري أن "شعوبنا الإفريقية تكافح من أجل فهم المعنى الكامل للهيمنة الدولية. ربما لا يفهمون الفرق بين الصداقة والهيمنة".
وأشار إلى أن شعارات "دع فرنسا تذهب، ومرحبًا بروسيا" التي جرى ترديدها أثناء التظاهرات في مالي، وأن التطلع إلى روسيا على أنها "منقذة" للقارة، لم تظهر فقط بين الشباب بل وبين القادة الأفارقة.
وأضاف أن "الانتفاضات التي حدثت في البلدان التي كانت في السابق مستعمرات فرنسية، هي في الواقع عبارة عن مسيرة كفاح للتخلص من الاستياء المتراكم في الداخل، وليس للمطالبة بالاستقلال الكامل".
وحذر أويلامي من أن "الآمال المنعقدة تجاه روسيا قد تنتهي بخيبة أمل لتتحول رياح الاحتجاج يومًا ضد موسكو".
رسالة إلى فرنسا
موسى حسين موسى، مؤسس وعضو مجلس إدارة منصة الفكر الإفريقي، الباحث في المركز الإفريقي للتنسيق والتدريب، استبعد أن يكون استخدام أعلام روسيا في التظاهرات شيئًا مخططًا له مسبقًا.
وأشار موسى، إلى أن "روسيا أكبر عدو لفرنسا في الوقت الحالي".
وأضاف "رفع أعلام روسية جاء لإغضاب فرنسا أو إرسال رسالة مفادها أن باريس لم تعد وحيدة على المسرح الدولي، وهناك لاعبون آخرون".
وشدد موسى، على أن "العديد من الأفارقة يعارضون رفع أعلام روسيا في الأنشطة السياسية الجاري تنظيمها في بلادهم".
واعتبر أنه "ليس من الصواب رفع علم دولة أخرى في التظاهرات، خاصة وأن الإعلام الغربي لن يفوت مثل هذه الفرصة لنقلها والمبالغة في حجمها".
وأردف "الأفارقة يريدون علاقات طيبة مع روسيا، لكن لا يريدون أن تكون موسكو بديلا لملء الفراغ الذي خلقته فرنسا".
المصدر | الأناضولالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أفريقيا روسيا فرنسا الاستقلال تظاهرات انقلاب النيجر أعلام روسيا فی التظاهرات فی إفریقیا روسیا فی على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبراء: حكومة نتنياهو ستنتحر سياسيا إذا تمسكت بمواصلة الحرب
يعيش الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل توترات متزايدة بسبب سعي بعض الوزراء لتحقيق مكاسب سياسية في وقت يعاني فيه الجيش حالة إرهاق بسبب الحرب المتواصلة منذ 15 شهرا من دون أي إشارة على احتمال توقفها.
وقد خرجت دعوات لإقالة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بعد رفضه التصويت لقانون زيادة الميزانية ما لم يتم إعفاء الحريديم من التجنيد وزيادة رواتب جهاز الشرطة.
وفي حين يُنظر لهذه الخلافات على أنها نوع من الدعاية الانتخابية، نقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصادر عسكرية أن الجيش يعاني إرهاقا بسبب القتال على أكثر من جبهة.
وإلى جانب الإرهاق، فإن جيش الاحتلال -كما تقول المصادر- يعاني أيضا نقصا عدديا بسبب خسارته نحو 10 آلاف جندي (بين قتيل ومصاب) خلال الحرب.
في الوقت نفسه، نقلت القناة الـ14 عن تقرير أعده خبراء أن مستوى الانضباط والسلامة تراجعت في الجيش، وأن ثمة مخاوف من أن تطال قرارات المحكمة الجنائية الدولية بعض منتسبيه.
الحكومة ستنهار من الداخل
ولا تريد مكونات التحالف اليميني الذهاب لانتخابات مبكرة، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، "لكن خلافاتها المبنية على المصالح السياسية قد تفضي بها للانهيار".
وخلال برنامج "مسار الأحداث"، لفت جبارين إلى تجاوز حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية الحالية الكثير من التحديات، لكنه قال إن وضعها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يعد كما كان قبل هذا التاريخ.
إعلانفقد تمكن بنيامين نتنياهو بعد الحرب -والحديث لجبارين- من القضاء على خصومه السياسيين من أمثال غادي آيزنكوت وبيني غانتس، ولم يعد أمام حكومته إلا مشاكلها الداخلية التي تتمثل في سعي كل شخص أنه أكثر تطرفا من الآخر.
وبعيدا عن خلافاتها الداخلية، فإن حكومة نتنياهو ستظل تمضي نحو الانتحار السياسي إذا قررت خوض حرب طويلة في قطاع غزة، برأي الباحث السياسي سعيد زياد، الذي قال إن إسرائيل دفعت في هذه الحرب ما لم تدفعه في كل معاركها السابقة.
ففي معركة جباليا الأخيرة فقط، خسر جيش الاحتلال ما يزيد على 10% من كافة الجنود الذين خسرهم في كل حروبه السابقة، حسب زياد، الذي قال إن إسرائيل تحولت من دولة إلى عصابة.
مأزق غزة
ويعتقد زياد أن لدى نتنياهو مشكلة أخرى كبيرة تتمثل في أنه يعلم جيدا أن التوصل لاتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تعهد بتركيعها، "يعني انهيار عقيدة التفوق العسكري والاستخباري التي بنيت عليها إسرائيل".
ولتجنب هذا المأزق، فإن نتنياهو يواصل إلقاء جيشه في غزة من دون عقل وهو ما سينتهي به إلى الانتحار السياسي ما لم يستمع لما يقوله كبار الجنرالات، كما يقول زياد.
ولم يختلف الخبير العسكري العميد إلياس حنا مع الفرضيات السابقة، بقوله إن الحرب الأخيرة "غيرت القواعد التي بنيت عليها إسرائيل، لأن الساسة وضعوا أهدافا عسكرية غير قابلة للتحقق".
وهذه الأهداف غير القابلة للتحقق -برأي حنا- هي التي جعلت أحدث جيش بالمنطقة يدخل في معارك لا نهائية مع مجموعات مسلحة صغيرة حولت الحرب إلى عملية استنزاف متواصلة للداخل الإسرائيلي وليس للجيش فقط.
ويعتقد الخبير العسكري أن حرب الاستنزاف الجارية حاليا في القطاع "هي جزء من خطة وضعتها حماس لما بعد عملية طوفان الأقصي، وليست حدثا فرضته الظروف".
وختم حنا بالقول إن الحديث عن نقص في المياه والطعام وإظهار أكثر من 60% من جنود وضباط الاحتياط تململا من الحرب، ورفض 500 ضابط نظامي تمديد خدمتهم، يعني أن الجيش وصل لمرحلة الإنهاك العسكري في غزة.
إعلان