موقع النيلين:
2025-03-04@09:47:25 GMT
حالةً من التوهان يعيشها الجناح السياسي للميليشيا
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
في أعقاب تحول ميزان الحرب لصالح الجيش
(تقــــــــــــــــــدم).. الانتحار مع المليشيا!!
مشروع (التنسيقية) تحطم ..
وحالةً من التوهان يعيشها الجناح السياسي للميليشيا
الارتباك ادى لغياب قيادات (قحـــــت) .. وهجوم عنيف على قادتها وحمدوك..
القوات المسلحة استبسلت وقدمت درسًا كبيرًا وستواصل دحر التمرد
تقرير_ محمــــد جمال قنـــدول
بدت واضحة حالة التوهان السياسي التي تعيشها مجموعة (تقـــــــدم) والمصنفة كجناحٍ سياسيٍ للميليشيا، والتي تعاني بدورها من انهيارٍ تام جراء العمليات التي تشنها قوات الشعب المسلحة منذ أيامٍ، مُكبدةً التمرد خسائر كبيرةً في الأرواح والعتاد.
والمتابع للمشهد السياسي، يلحظ بوضوح حالة الارتباك التي غطت على مكونات تنسيقية (تقــــدم)، خاصةً في أعقاب تحول ميزان الحرب لصالح الجيش، إذ غاب معظم قياداتها عن التعليق حول هذا الأمر، عدا قلةً عقبت وبدا واضحًا عليها التوتر في ما أبدوه من آراء.
غياب
وأطل رئيس تنسيقية (تقـــدم) الجناح السياسي للميليشيا عبد الله حمدوك أمس في تصريحاتٍ محذرًا من انحدار السودان إلى العنف، حيث ذكر لصحيفة (فاينانشال تايمز)، أنّ الصيغة الوحيدة التي من شأنها أن تُبقي السودان متماسكًا هي حكومة يقودها مدنيون.
اللافت كان الهجوم الكبير الذي تعرض له الرجل بمنصات التواصل الاجتماعي من السودانيين.
وبدا واضحًا بأنّ مجموعة (تقـــدم) لم تستوعب بعدُ متغيرات الأحداث الأخيرة والخسائر التي تعرضت لها الميليشيا على يد الجيش، فغاب غالبية قياداتها من ممارسة نشاطهم الإسفيري عبر صفحاتهم، ما جعل متداخلين كثر يتندرون على غيابهم بقولهم (ناس تقـــدم ديل ما عندهم رصيد ولا شنو).
رؤية فكرية
ويقول الإعلامي بابكر يحيى المحلل السياسي، إنّ تراكم الفشل الكبير لجميع نسخ (قحـــت) إلى أن أصبحت (تقــــدم)، أدى لتسربها عند آخرِ ما تبقى لها من مناصرين، فضلًا على أنّها لم تعتمد على أي مشروعٍ أو رؤيةٍ، ولم تقدم أي رؤيةٍ فكريةٍ خاصة بها.
ويضيف محدّثي بأنّ (تقـــدم) راهنت على انتصار الميليشيا، وبالتالي هي تتحمل سداد الفاتورة الأخلاقية لهذه الحرب، فالتمرد كان عبارة عن مجرد أداةٍ لمشروعها.
ويشير بابكر إلى أنّ مشروع (تقـــدم) تحطم تمامًا ومن الصعب على القوى التي من خلفها إعادة إنتاجها.
رفض شعبي
النخب والقوى السياسية، كانت أكثر الفئات التي تضررت من حرب الكرامة، إذ باعدت هذه التجربة الشقة بينها والشعب، ولكن مجموعة (تقـــدم) هي الأكثر ضررًا، حيث أنّها حصدت كراهية السودانيين واستنفدت فرص إعادة إنتاجها، وذلك بسبب الرفض الشعبي لها جراء مساندتها للتمرد، وعدم إدانتها للجرائم والانتهاكات غير المسبوقة والتي اقترفتها الميليشيا من قتلٍ ونهبٍ، ويلاحظ ذلك من خلال مؤشر قراءات الرأي العام عبر صفحات قيادات (تقـــدم) والأحزاب السياسية المنضوية تحت لوائها، إذ يتبارى المتداخلون لصب جام غضبهم عليهم، بل واتهامهم بأنّهم السبب الرئيسي في إشعال فتيل هذه الحرب.
ويقول أستاذ العلوم السياسية د. حسين الزين إنّ غياب قيادات (تقـــدم) عن المشهد خلال الأيام الأخيرة يرجع لحالة التوهان التي أصابتهم، أذ أنّهم كانوا يظنون أنّ الميليشيا لن تقهر، ولكن القوات المسلحة بفضل استبسالها قدمت درسًا كبيرًا وستواصل عملها لدحر التمرد نهائيًا، وفي هذه الحالة فإنّ هذه المجموعة لن يكون لها أي دورٍ مستقبلي، وبالتالي توصيف حالتها أشبه للموت البطيء.
ويشير محدّثي إلى أنّ الأخطاء التي وقعت بها مجموعة (تقـــدم) كثيرة، ولكن مساندتهم للميليشيا كانت القاتلة التي هدمت كل فرص أن يكون لها مستقبلٌ سياسي.
تقرير_ محمــــد جمال قنـــدول
الكرامة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى: السياسي والإيديولوجي
يمكننا، كما استخلصنا بعض السمات التي أفرزها طوفان الأقصى من جانب تعامل الطغمة الصهيونية والأمريكية معه، نريد التوقف على الجانب العربي بهدف النظر في كيفية تعاطيه مع القضية الفلسطينية عموما، وحدث 7 تشرين الأول/ أكتوبر بصفة خاصة.
لقد تصرف العرب عموما مع الحدث، وكأنه بعيد عن انشغالاتهم وهمومهم بالقدر الذي يتطلبه هذا الحدث العظيم. ولم يطرأ التغيير في مواقفهم منه إلا بعد أن طرح ترامب مسألة تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، حيث بدأت القضية لديهم تأخذ مسارا آخر. فكان الإجماع الذي افتقدته القضية منذ مدة طويلة.
قد تتعدد تفسيرات الواقع العربي، حكومات، وشعوبا، وأحزابا والتحولات التي أدت إلى المواقف من القضية الفلسطينية عكس ما وقع مثلا في 1973. لكني أريد الذهاب إلى البحث في الذهنية التي تتحكم في التصور العربي، ولا سيما لدى من ظلت القضية الفلسطينية تمثل لديهم أولوية في الصراع ضد الاستيطان، والهيمنة الأمريكية. وأقصد بصورة خاصة الأحزاب المعارضة، والنقابات، والمثقفين على اختلاف طوائفهم وألوانهم. وللقيام بذلك سأميز بين الإيديولوجيا والسياسة لأنني أرى هذا التمييز المدخل الطبيعي والضروري لفهم وتفسير ما جرى.
أعتبر السياسة فن إدارة وتدبير الوجود البشري لتحقيق المكاسب. أما الإيديولوجيا فنشر أفكار، والدفاع عنها باستماتة بهدف كسب الأنصار. إن الإيديولوجي الذي يمارس السياسة يعمل بدون وضع الزمن وتحولاته في نطاق ممارسته. إن ما يهمه بالدرجة الأولى هو تقديم تصوره الإيديولوجي الذي يتبناه ويظل يدافع عنه. والعرب لم يكونوا يمارسون السياسة ولكن الإيديولوجيا. إن الإيديولوجيا العربية، أيا كانت منطلقاتها ومقاصدها، هي ما يمارسه العرب في علاقتهم فيما بينهم، فتجد الفرقة بينهم تتخذ بعدا دينيا وطائفيا (سنة، شيعة)، وجغرافيا وحدوديا (شمال وجنوب، وغرب وشرق)، وسياسيا (حكومات وحركات). وكل منهم يرى أن إيديولوجيته هي التي تمتلك الحقيقة، والآخر ضال. وفي ضوء هذا التمايز تتخذ المواقف ضد أو مع ما يجري في الساحة العربية داخل كل قطر عربي، وبين الأقطار العربية. وهذه المواقف هي التي تتحدد في العلاقة مع الصهيونية وأمريكا خارجيا، حيث الرضوخ لهما بدعوى التحالف أو اتخاذ الحياد السلبي، أو التصريحات المجانية.
يبدو لنا ذلك بجلاء في المواقف الفلسطينية أولا من طوفان الأقصى. لقد اعتبرته السلطة الفلسطينية خطأ لأنه أعطى لإسرائيل الذريعة لتدمير غزة، وشاركتها الدول العربية الموقف عينه بصورة أو أخرى، وهو الموقف الذي اعتمده الغرب أيضا، وهو يصطف إلى جانب الأطروحة الصهيونية ــ الأمريكية. لقد تم التعامل مع الحدث على أنه عمل حركة إرهابية هي حماس ضد دولة معترف بها عالميا، ولم يكن التعامل معه باعتباره وليد صيرورة من الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. وأنه لم يأت إلا ضد ما كانت تمارسه السلطات الصهيونية ومستوطنوها في القدس، وما ظلت تقوم به لتصفية القضية نهائيا، وخاصة منذ ولاية ترامب الأولى التي دعا فيها إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مدعيا جعلها عاصمة أبدية لإسرائيل، متنكرا بذلك لكل القرارات الأممية حول القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، وحل الدولتين.
أمام عدم انخراط الضفة الغربية في طوفان الأقصى، وهو ما كانت تخشاه إسرائيل، ملأت جبهات الإسناد الساحة، وقامت بدورها في دعم المقاومة في غزة، فبدا طوفان الأقصى وكأنه وليد إملاءات إيرانية، فاستغل هذا عالميا، وخاصة من لدن إسرائيل وأمريكا لتحوير الحرب الحقيقية من كونها قضية وطن إلى حرب بالوكالة لفائدة إيران التي صارت قطب «محور الشر». فكانت الاغتيالات لهنية في طهران، وبعد ذلك لرموز حزب الله وحركة حماس ليست نهاية لطوفان الأقصى بل لتأجيجه ودفعه في اتجاه مناقض لما كانت تحلم به إسرائيل التي توهمت أن القضية الفلسطينية ليس وراءها سوى إرهابيين يكفي القضاء عليهم لإنهاء القضية وإقبارها إلى الأبد.
لكن الصمود الوطني الأسطوري للمقاومة دفعها إلى القبول بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وبعد ذلك في غزة. وخلال هدنة تبادل الأسرى والمختطفين تفرغت الآلة الجهنمية الصهيونية للضفة الغربية مستهدفة تهجير المواطنين وتدميرها كما فعلت في غزة. ومع التحول الذي عرفته سوريا، ونهاية «الممانعة» التي كانت تمنع من المواجهة مع العدو، ها هي إسرائيل تهدد أمن بلد خرج للتو من كابوس مرعب بدعوى السيمفونية النشاز: حماية أمنها القومي؟ إسرائيل شعب الله المختار عليه أن يحافظ على أمنه الذي عليه تكدير أمن «جيرانه» غير المحتملين، وتنغيص الحياة عليهم. هذه هي السياسة الصهيونية التي تنبني على إيديولوجية التسلط والهيمنة.
يبدو لنا ذلك بجلاء في المواقف الفلسطينية أولا من طوفان الأقصى. لقد اعتبرته السلطة الفلسطينية خطأ لأنه أعطى لإسرائيل الذريعة لتدمير غزة، وشاركتها الدول العربية الموقف عينه بصورة أو أخرى، وهو الموقف الذي اعتمده الغرب أيضا،
إن كل هذا نتيجة الخلاف الإيديولوجي بين مكونات المقاومة الفلسطينية الذي ظلت إسرائيل تغذيه وتفرضه طيلة كل عقود الصراع. ولا فرق في ذلك من يحمل السلاح لأنه إرهابي، ومن يخضع للهيمنة الصهيونية باسم سلطة لا حق لها في ممارستها. فكلاهما غير مرغوب فيه لأن إسرائيل للإسرائيليين وليست لأي عربي. هذا الدرس لم يفهمه بعض الفلسطينيين والعرب الذين اتخذوا مواقف مضادة من طوفان الأقصى. وهو الدرس الأكبر الذي يقدمه الطوفان لمن لم يريدوا فهم طبيعة الكيان الصهيوني وأسطورته الإسرائيلية، وهو ما يبدو حاليا بشكل أجلى منذ انتخاب ترامب في ولايته الثانية. وهو ما ظل يصرح به أبدا سموتريتش وبن غفير بوقاحة وجرأة وطغيان وعنصرية مقيتة.
يمارس الفلسطينيون بمختلف تياراتهم واتجاهاتهم السياسة، ومعهم كل الأحزاب والمنظمات الحقوقية والأهلية العربية من منظور حركات التحرر العالمية في الستينيات، أي في ضوء تصورات إيديولوجية معينة. ومواقفهم من بعضهم البعض تتأسس على قاعدة: من ليس معي، فهو ضدي. إنها القاعدة التي لا يتولد منها سوى الحقد الإيديولوجي، والاقتتال الداخلي، والصراع المستدام. إنهم لا يميزون بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية. بل إن ما هو ثانوي يصبح لديهم أساسيا، وفي المستوى الأول، بينما التناقض الرئيسي يقبع في الخلفية. ولذلك نجدهم يُرهِّنون تناقضاتهم الداخلية الخاصة، وتحتل المكانة الكبرى أمام ما تمثله تناقضاتهم مع عدوهم الخارجي التي تصبح وكأنها غير موجودة. يغذي العدو هذه التناقضات، ومن مصلحته إدامتها لبسط هيمنته، وإدارته الصراع بما يخدم مصلحته.
تبدأ ممارسة السياسة لدى الفلسطينيين إذا ما جمدوا تناقضاتهم الداخلية، ووجهوا التناقض نحو العدو المشترك. في هذا التجميد يكمن الحس الوطني الحقيقي في بعده الديمقراطي والوحدوي الذي تهمه قضية الوطن عبر وضعها فوق أي اعتبار. أما تبادل الاتهامات وادعاءات تمثيل الشعب الفلسطيني فليس سوى خطابات جوفاء لا قيمة لها لأنها تعبير عن إيديولوجيا زائفة.
إن الدرس الأكبر الذي نستنتجه من الحدث الأكبر طوفان الأقصى، والذي هو في الحقيقة حلقة من حلقات ما يمكننا تعلمه من تاريخنا الحديث في صراعنا مع الآخر، أي من الاستعمار التقليدي إلى الجديد يدفعنا إلى تأكيد أن ما قلناه عن الفلسطينيين ينسحب على العرب حكومات وشعوبا وأحزابا ومنظمات مختلفة. إن التناقض الرئيسي ليس مع من يختلف معنا، ويعارضنا، إنه ضد التبعية، والتخلف، والتفرقة، والتأخر عن العصر الذي نعيش فيه. إنه ضد الآخر الذي يسعى لإدامة التفرقة بين الدول والشعوب، وإشاعة الفتنة، ونهب ثروات وخيرات البلاد العربية، والحيلولة دون تقدمها. إنه ضد الطائفية والعرقية والظلامية، ومع حرية المواطن وكرامته وعزته في وطنه، ووحدة الأوطان، وتعزيز التعاون والتقارب بينها لما فيه الخير للجميع.
إذا لم تكن السياسة فن إدارة التدبير من أجل الحياة الكريمة فإنها ليست سوى إيديولوجيا توليد التناقضات وتفريخ الصراعات، وإشعال النزعات وإشاعة النزاعات، ويكفي النظر إلى ما يمور به واقعنا لتأكيد أن الإيديولوجي مهيمن في حياتنا على السياسي.
لقد كشف طوفان الأقصى حقيقة واقعنا مع ذاتنا ومع الآخر. فإلى متى يظل يلدغ المؤمن من الجحر مرتين؟