التعافِي الوطني شروطه وضرُورته(2|2)
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
التعافِي الوطني شروطه وضرُورته(2|2)
ورقة مُساهمة مُقدمة من:
نضال عبدالوهاب
لكل الشعب السُوداني وقواه السياسِية وفصائله الفاعِلة…
ماتم ذكره في آخر الجزء الأول لهذه المُساهمة سواء داخلياً وخارجياً أسهم في الواقع الحالي لبلادنا ، وحول السُودان لبلد غير مُستقر سياسِياً أو كدولة ، ويملؤها الصرّاع والتشرزم والحروبات ، وينتشر فيه خطاب الكراهية ، وتتراكم فيه الغبائن ، وتظهر أسؤا الأخلاق فيه والتردي الإجتماعي وإنتشار الجريمة والفساد.
هذا الواقع هو الواقع الذي من المُفترض مواجهته من الجميّع بشجاعة وواقعية للوصول لحلول وطنية له تعيد لهذه البلاد إستقرارها وتتوقف به الحروب ويستديم السلام وتتم المحافظة فيه البلاد نفسها ، ووحدتها ، ووقف إبادة شعبها وتهجيره ونزوحه أو إستبداله ، ثم ينفتح فيه الطريق لتبادل سلّمي وديمُقراطي للسُلطة وتنعدم فيه المليشيات وينتهي تعدد الجيوش والوصول فيه لجيش قومي وطني مهني وموحد لايخدم إلا قضايا الدفاع عن السُودان وعن الدستور الديمُقراطي فيه ، ويتم وضع دستور ونظام حكم تتحق بهما العدالة وكافة حقوق المواطنة المتساوية ، وإنهاء التفريق والعنصرية والتمييز ، ويتم نبذ العنف والإنصراف للبناء والتعمير والعيش فيه بكرامة و بتسامح وسلام.
????طريق التعافِي الوطني:
لتحقيق كُل الذي ذكرته لوقف الحروب نهائياً وفتح طريق الإستقرار السياسِي والمُجتمعي ، ووضعنا كشعب ودولة في طريق البناء والتقدّم والتغيير المُستمر للأفضل ، نحتاج إلي المرور بشروط مُحددة لإنجاز ذلك والنجاح فيه ، وذلك بالآتي:
١/التخلص من كُل تركة الماضي ، والأخطاء السياسِية المُتعاقبة التي أدت بنا لهذا المصيرّ الحالي والخطر الكبير الذي يواجهنا كدولة وكشعب
٢/لن يكون تخلُصنا من كُل تركة الماضي والأخطاء مفروشاً بالورد وسلِساً وميسوراً ، ولكنه في ذات الوقت ليس عسيراً أو مُستحيلاً.
٣/النظر للمُستقبل وعدم التمترُس والإنحباس في الماضي باخطائه وأحقاده ومراراته
٤/الإنفتاح جميّعاً علي بعضنا البعض والقبول ببعضنا البعض كسُودانيين ، مُتعددي القبائل والإثنيات والأعراق واللغات والأديان والثقافات والتجارب الإنسانية.
٥/الإقرار بأننا حقيقةً جميعنا متساوي الحقوق والواجبات في هذا الوطن وشُركاء فيه ، وله علينا جميّعاً حق ، ونعمل فيه معاً لأجل تلك الحقوق المتساوية وإقرارها دون تعال أو تفرقة أو تمييز بين جميّع السُودانيات والسُودانيين فيه.
٦/العمل الجماعي لنبذ العُنف منهجاً وسلوكاً ، للدولة والأفراد ، وتكرييس مبدأ المُساواة فيه أمام القانون وليس هنالك أحداً في كُل الدولة فوق القانون.
٧/العمل الجمّاعي لأجل سيادة الوطن والبلاد وتعلية مصالحها ومصالح شعبها علي ماعداها من أي مصالح أُخري ذاتية وشخصية ، خارجية ، أو لكيانات وطوائف وجماعات أو أحزاب أو أي فصيل ومكون إجتماعي أو سياسِي دون الدولة السُودانية الموحدة.
لكُل هذه المبادئ والشروط للتعافي الوطني ولكي تتحقق مُقدمات وشروط أساسِية من الضروري تحققها وأسبقيتها في الواقع.
????مُقدمات التعافي الوطني:
١/ الحوار الوطني السياسِي الشامل دون أي إقصاء للجميّع ، وفق معايير مُحددة وهي:
*القبول التام بالآخر المُختلف.
**الإعتراف بأننا كُلنا سُودانيون متساون في هذا الوطن دون تفرقة أو أي تمييز
***الإقرار بالأخطاء السياسِية السابقة والإستعداد التام للمُحاسبة عليها في حال ثبوت أو التقديم لمحاكم جنائية أو جهات عدّلية ، أو لإنصاف ضحايا في مواجهة أفراد إرتكبوا جرائم في حقهم
****نبذ العُنف منهجاً وسلوكاً والإقرار بذلك
*****القبول بالتداول السّلمي الديمُقراطي للسُلطة والإعتراف والإقرار العلني بذلك ، والقبول بأي إجراءات يتم الإتفاق عليها لتحقيق هذا الشرط
******القبول بأن الدولة وحدها هي من تحتكر العنف ، والقبول بالجيش الوطني الموحد وإنهاء حالة المليشيات وتعدد الجيوش الموازية وبترتيباتها الأمنية وإجراءتها التي سيتم الإتفاق والتوافق عليها
*******القبول التام بعدم دخول العسكريين والمؤسسة العسكرية بعد إصلاحاتها ، تحت أي مُبرر وخروجهم تماماً من السُلطة ، والقبول فقط بالنظام الديمُّقراطي والتدوال السلمّي لها كسُلطة ومدافعة الجميّع علي الدستور الديمُقراطي الذي سيتم التوصل له لخلق الإستقرار المطلوب.
أعلاه تلك هي المعايير والشروط التي من المهم أن تسبق الحوار الوطني الشامل.
????نواصل في مُقدمات التعافي الوطني:
٢/ إيقاف كُل مظاهر خطاب الكراهية ومايؤدي إليه ومحاربة أي إتجاه لنشره والتعاون التام من الجميّع في ذلك.
٣/وقف جميّع الحملات الدعائية والإعلامية التي لاتعمل في إتجاه خلق أجواء صحيّة لهذا الحوار الوطني الشامِل
٤/الإتجاه بالكامل للحلول الوطنية الداخلية ، والتعاون مع الخارج والمجتمع الدولي فقط فيما يحقق مصالحنا دون مساس بالسيادة الوطنية أو التبعية أو الوقوع في فخ المحاور الخارجية الدولية والإقليمية.
٥/مُشاركة كُل القوي السياسِية الوطنية ، من أحزاب وفصائل سياسِية أو منظمات مجتمع مدني ، أو حركات كفاح مُسلح وفقاً لفاعليتها ووجودها السياسِي وليس فقط من خلال واجهات ، مع وجود أكبر عدد من المُمثلين لكافة القوي السياسِية الوطنية و المُجتمعية من كل البلد و الشخصيات الوطنية القومية ، وتمثيل الشباب والمرأة بعدالة ، كي نخرج بحوار وطني حقيقي يمثل الشعب السُوداني ويفيد حاضره ومُستقبله.
????آلية الحوار الوطني الشامل:
١/مؤتمر وطني جامع يتم التحضير الجيّد له بعد إستيفاء كافة مقدامته ومبادئه و معاييره و شروطه.
٢/مائدة مُستديرة
٣/مؤتمر دستوري
ويمكن كمقترح الجمّع بين كُل هذه الآليات علي أن تختص كُل إجتماع ومؤتمر فيها ضمن هذه الآليات لمناقشة أجندة مُحددة بتوقيتات وحضور نوعي ومتنوع يُناسب ما سوف يتم نقاشه خلاله للوصول لنتائج تخدم قضية وإتجاه التعافي الوطني وإستقرار البلد حاضره ومُستقبله.
????المُصالحة الوطنية:
المُصالحة الوطنية يُمكن أن تكون خطوة في سكة التعافي الوطني الشامل ، ولكنها لن تتم إلا وفق شروط المُصالحات الوطنية وفقاً للتجارب الناجحة من حولنا في كُل العالم ، و كذلك وفقاً لتجربتنا الخاصة وتاريخنا السياسِي ، ولا يُعني بها القفز عن تحقيق العدالة أو التغافل عنها ، ولا أن يتم من خلالها تغييب الحقوق لصالح كافة الضحايا في كُل التاريخ الحديث مُنذ الإستقلال وأخطاء كُل الماضي بالقدر الذي يجمّع مابين تحقيق الهدف والغاية الأسمي وهي التعافي الوطني وإستقرار ومصلحة البلاد في إنهاء كافة الحروب والسلام الدائم ، ومابين كافة الحقوق الخاصة لكل السُودانيين بطرق الإعتراف ولجان المُصالحات وجبر الضرر والتعويض وغيرها من أركان تحقيق المُصالحة الوطنية بشكل صحيح ، ولكنها تظل في الأخير هامة لأجل تحقيق التعافي الوطني الشامل والفاعِل.
????أخيراً:
وفي ختام هذه الورقة والمُساهمة أن ننظر لمُجمل تاريخنا السياسِي ، وما جره علينا كُل هذا الصرّاع والإحتراب كدولة وكشعب ، وماهي الفائدة التي جنيناها من خلاله طوال مايقرُب من سبعين عاماً مُنذ الإستقلال ، وعلينا التعلّم حقيقةً من كافة هذه الدروس ، وتعلية أجندة الوطن والتنادي والتنازل إليه ، والإتجاه للحلول الوطنية التي تحفظ كرامتنا وسيادتنا ووطننا ، وعلينا كما قال نيلسون ماندلا وهو الذي قاوم الفصل العنصري وقاتل حرباً وسلماً التفرقة والتمييز العُنصري في جنوب أفريقيا ودفع ثمن ذلك ٢٨ عاماً في السجون وبعيداً عن الأسرة والعائلة والحياة الطبيعية وبدلاً عن إختيار الإنتقام والتمترس في الماضي لكنه آثر شراء المُستقبل والنظر إليه لأجل بلاد مُعافاة و وطن أفضل للأجيال القادمة ، فعلينا إذاً وكسودانيون التخلص من كُل أخطاء الماضي والنظر للمستقبل وشراؤه لأجل بلادنا والوطن ولأجل التغيير لحياة أفضل للأجيال القادمة ، أجيال الثورة والطمّوح في سُوداننا الحبيب ، وفي وطن موحد ديمُقراطي يسع الجميّع.
????هذه الورقة والمُساهمة مفتوحة ومُتاحة للجميّع للتدوال والنشر والمناقشة والحذف والإضافة والتعديل والتطوير وللفائدة والمصلحة العامة.
وعاش نضال الشعب السُوداني… وليحيّا السُودان.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أخطاء التعافي الوطني الماضي شروط
إقرأ أيضاً:
علماء الفلك: السماء تكشف لنا صورًا من الماضي وسفرًا عبر الزمن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشف علماء الفلك عن حقيقة مذهلة مفادها أن البشر بمجرد النظر إلى النجوم في السماء ليلاً يمكن اعتباره شكلاً من أشكال السفر عبر الزمن وفقا لما نشرته مجلة ديلي ميل.
أوضح الدكتور مايكل بويل أستاذ الفلك في جامعة كورنيل، أن الضوء القادم من أبعد النجوم المرئية بالعين المجردة، قد انطلق قبل آلاف السنين، بينما الضوء الذي تلتقطه التلسكوبات الحديثة قد يكون انطلق قبل مليارات السنين، ووفقاً لبيان صادر عن الجامعة فإن الضوء المنبعث من النجوم البعيدة يستغرق سنوات ضوئية طويلة ليصل إلى الأرض، مما يعني أن ما نراه في السماء اليوم هو في الواقع صورة من الماضي السحيق لتلك الأجرام السماوية.
وتشير البيانات الفلكية إلى أن نجم ذنب الدجاجة الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة يبعد حوالي 2600 سنة ضوئية، مما يعني أن الضوء الذي نراه اليوم غادر النجم في القرن السادس قبل الميلاد تقريباً، أما نجم إيتا كاريناي البعيد 7500 سنة ضوئية فيظهر لنا كما كان في العصر الحجري الحديث.
ومن أكثر الأمثلة إثارة للدهشة مجرة أندروميدا التي تبعد 2.5 مليون سنة ضوئية حيث نراها اليوم كما كانت عندما كان أسلافنا من البشر الأوائل يتطورون على الأرض.
وقد أثار اكتشاف نجم إيريندل عام 2022 اهتماماً خاصاً بين علماء الفلك حيث يبعد هذا النجم حوالي 28 مليار سنة ضوئية مما يجعله نافذة نادرة على الكون المبكر جداً.
ويؤكد الخبراء أن هذه الظاهرة الفلكية توفر للبشرية وسيلة فريدة لدراسة تاريخ الكون حيث تعمل السماء الليلية كآلة زمن طبيعية تتيح لنا رؤية الماضي البعيد دون الحاجة إلى أي تقنيات متقدمة.
ويضيف العلماء أن التطور المستمر في تقنيات الرصد الفلكي قد يمكننا في المستقبل من الحصول على صور أكثر دقة للماضي الكوني مما قد يساعد في كشف العديد من أسرار نشأة الكون وتطوره.