سودانايل:
2024-11-22@08:48:49 GMT

الحردلو (24) كِملت كوتة التُمباك قصعنا الجَرّه..!

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

يبدو أن تقاليد وطبيعة وأسلوب المسدار وجد توطيناً له في المراكز الحضرية في الوقت الحالي.. فكثيرون من الشعراء المعاصرين ارتقوا بالمسدار إلى مرتبة جديدة تخاطب (موضوعات مستجدة) وتُظهر حساسية عالية تجاه الموضوعات الحديثة والشؤون الراهنة..!
المثال المُلفت في هذا الشأن هو (مسدار أبو السُرّة لي اليانكي) للشاعر محمد طه القدّال.

.وقد جاءت الشرارة من أحداث مذبحة "صبرا وشاتيلا" عام 1982 في بيروت..! يمكن القول هنا إنه المسدار المعاصر: "Contemporary Musdar"
يشتمل هذا مسدار القدّال على مسيرة تخيّلية إلى (تمثال الحرية في نيويورك)..! حيث يحشد القدال في هذه المسيرة "كل مخلوقات الأرض" للاحتجاج على الولايات المتحدة الأمريكية (اليانكي) بسبب ما يدور عن دورها في تحريض إسرائيل على غزو لبنان وارتكاب تلك المجزرة..!
**
وبالرغم من الرمزية العالية في مسدار القدّال والانفصال الواضح البيّن عن الموضوعات التقليدية للشعر البدوي مثل الحب والحنين وشكوى اللواعج وآلام الفراق؛ إلا أن القدّال يأخذ ذات الهيكل البنائي للمسدار البدوي وذات روحه ونغمته..!
ويبدو هذا جلياً عندما تتم تلاوته وقراءته وروايته وإنشاده جهراً.. فأي بدوَي يستمع إليه قد لا يستوعب الرمزية القوية ومرجعياتها ولكنه سيجد نفسه في الجو البدوي الأكيد الذي يصدر من خلال الألفاظ والحوار والنَظم والتنغيم وتركيب الجمل والمقاطع..وحتى لغة الجسد..!!
**
منذ البداية في مفتتح مسداره يضع "القدّال" روح ونَفَس ما يريد التعبير عنه..! وأحد التكنيكات التي يستخدمها هي جمع وتوحيد الحروف الساكنة التي تساعد على خلق مناخ الغضب والتوتّر..! هذا يبدو في المقطع الأول حيث نجدعند انتهاء كل شطرة حرف (النون المُشدّدة):
أماتي القبيل بي حِنهن لجنّي
كرفه وقلده كيف شوق اللبن رجّنّي
حزناً جاني في ميعة الصبِا يلجنّي
اطلع منّي يا جلدي المنمّل جِنّي
واطلع مني يا حزناً بِقا مكجنّي..
عجيب القدال في تعبيراته العجيبة نسيج وحدها (يا حزناً بقى مكجنّي):
Oh grief that distastes me..!
(حُزناً جاني في ميعة الصا يلجنّي):
Now in the prime of youth,
in the throes of a paralyzing grief
I’m strained
**
والتشديد تكنيك جرت استعارته من الشعر البدوي وانتقل إلى شعر الحقيبة وإلى الأغنية الوترية الأكثر حداثة..فالتشديد يسهم في إثراء الغنائية الموسيقية..إنه يساعد على (موسقة) المقاطع الشعرية خاصة في كلمة القافية (الرَوِي) كما في المثال أعلاه..
اطلع مني يا حزنا بقا مكجنّي
...خلّني ابدا مسداري
وأدي قفايا لي داراً بِقَت مي داري
جيتا وجلدي بيني وبين عضايا الشحمه ..
إلا النار بقت قدامي..
جلدي الليله بيني وبين عضايا المافي
إلا تراني شوال الكَبِس . نفيخ جلاليب الورم هدّاني..
في جلدي الورم قولنلي..؟ ولا صحي الورم عضّاني..؟!
**
وتتصاعد نغمة التوتّر شيئاً فشيئاً حيث الأمهات الحنينات الحانيات المُعجبات بإبنهم الحائر الحزين يحاولن إثناءه عن ترك أرضه وبلدته..:
سفريتك مي في النيّه
ماها الكانت محريّه
خابراك عِرّيف
ذم العربان واللا قيام الورديه
..مالك..؟؟ تريان ومندي
كاسي الكتّان والهندي
قولك ككيف: ترجا البيشان
واللا الغربه البي الزندي..؟
برقاً عِبدلي الوزنِ
يا طاش.. يا جاب المُزنِ
فرّق يا الضيف
فعل الغضبان..؟
أم فرفيرات الحُزنِ
هذا هو العتاب الذي تطرحه الأمهات أيهما أفضل لك: حفلات الحصاد والأفراح في العشيرة أم الغربة المُهينة:
(قولك ككيف: ترجي البيشان..ولا الغُربي البي الزِندي)..؟
Which is better: festive seasons here,
or humiliating life in exile?
الابن لا يجيب ..بل يستدعي صديقه (أبو السرّة) لمشاركته في السفر:
شن القعده يا ابو السرّه
شن القعده.. في ضل العمارات أم كمرتاً برّه
ضُقنا الحنضل اليانكي وبلعنا المُرّه
كِملت كوتة التمباك..قصعنا الجرّه
وكت اتقفلت شقيش قبُل بالمرّه
نرمي أمُرنا في بلد المعاني الحُرّه
**
ضل العمارات أم كمرتاً برّة: حمالة أوجه ومعاني: شن القعده يا ابو السرّه..؟ شن القعده في ضل العمارات أم كمرتاً برّة::
What is the point, Abu al-Surra, in staying here..
In the shades of huge buildings..
fitted with outdoor surveillance cameras
**
ثم التصوير العجيب للفقر وانعدام الحيلة:
لقد فرغت (كوتة التمباك):
Even our stock of snuff ran out,
leaving us with no option
(but to chew the scud)
**
ليس لك إلا أن تقصع الجرّة..وتعيد استفراغ ما تم لوكه أو ابتلاعه..!!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

«مأساة قلبت الفرح حزناً ».. وفاة والدة عريس بالمنيا قبل ساعات من زفافه

خيمت حالة من الحزن على إحدى قرية بمحافظة المنيا، وتحول السرادق الذي جرى تجهيزه لحفل زفاف الشاب "سعيد" إلى مكان لتلقي عزاء والدته، التى توفيت إثر أزمة قلبية مفاجئة، ليصبح اليوم الذي كان من المفترض أن يكون أسعد أيامه، يومًا مليئًا بالألم والأسى.

كان " سعيد سعد علي الجهيني " عريس المنيا، يستعد لزفافه، ذلك الشاب الذي اشترى بدلة الفرح واستعد لفرحته الكبرى بكل حماس، فنصب سرادق الفرح، ليتلقي خبر وفاة والدته بشكل مفاجئ قبل بدء مراسم الاحتفال، حيث أصيبت بأزمة قلبية حادة نقلت على إثرها إلى المستشفى، لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة هناك.

وكعادة أهل القرى يتم تشغيل الاحتفالات ثلاثة أيام متواصلة، ولكنهم فوجئوا صباح اليوم بوفاة والدة العريس بأزمة قلبية حادة، جعلت الجميع في حالة صدمة وحزن كبيرين.

وقال أحد أقارب العريس: أن الفقيدة كانت تحلم بهذا اليوم منذ زمن طويل، لم نكن نتوقع أن يحدث هذا الأمر المفجع"مشيراً أن: "سعيد كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، ولكن القدر خطف منه والدته في لحظة، تاركة وراءها حزنًا عميقًا وأسرة مفجوعة.

تحول سرادق الفرح الذي كان قد أُعد للاحتفال إلى مجلس عزاء، حيث ألغيت مراسم الزفاف وأقيم العزاء لاستقبال المعزين. وشهدت القرية حالة من الحزن الشديد، وتوافد الأهالي والجيران لتقديم العزاء لأسرة الفقيدة.

مقالات مشابهة

  • «مأساة قلبت الفرح حزناً ».. وفاة والدة عريس بالمنيا قبل ساعات من زفافه