سودانايل:
2025-03-18@07:13:07 GMT

أزمة خطاب الكراهية المتنامية في السودان

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

بقلم حسين سعد

برز خطاب الكراهية في السودان كأداة خطيرة، تعمل على تكثيف الانقسامات العرقية وتعقيد جهود السلام. وقد ازدهر خطاب الكراهية، المتجذر في المظالم التاريخية والمتفاقم بسبب الصراعات المستمرة، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يؤدي الخطاب التحريضي إلى تصعيد العنف وتعميق الجروح المجتمعية.
على الصعيدين العالمي والمحلي، بُذلت جهود للحد من خطاب الكراهية، والذي يُعرَّف قانونيًا بأنه أي خطاب يحرض على العنف أو التمييز ضد مجموعات معينة.

ومع ذلك، أدى الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح البرهان في أكتوبر 2021 والصراع في أبريل 2023 إلى تفاقم انتشار خطاب الكراهية والعنصرية في السودان.
وكما رأينا تاريخيًا في صراعات مثل يوغوسلافيا ورواندا، حيث لعبت وسائل الإعلام دورًا رئيسيًا في التحريض على العنف، من المؤسف أن الساسة وقادة المجتمع والصحافيين والمؤثرين في السودان ساهموا في هذا الخطاب الانقسامي، حيث انحازوا إما إلى القوات المسلحة السودانية أو قوات الدعم السريع، فيما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، التي يهيمن عليها المؤثرون الذين لديهم أجندات شخصية أو سياسية، المساحة الأساسية لتشكيل الرأي العام، وملئت الفجوة التي خلفتها وسائل الإعلام التقليدية.
إن ميزة "عدم الكشف عن الهوية" التي توفرها منصات التواصل الاجتماعي تغذي خطاب الكراهية. وقد ظهرت أنماط مماثلة في دول مثل كينيا وكوت ديفوار وليبيا، حيث عملت وسائل الإعلام، بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي، على تضخيم التوترات حول النزاعات الانتخابية، مما أدى إلى العنف.
الأسباب الجذرية والجهود المبذولة
وفقًا للخبراء، فإن الصراعات العرقية والسياسية التاريخية، والسيطرة على الموارد، والتفاوت الاقتصادي هي المحركات الرئيسية لخطاب الكراهية. وقد أدت هذه العوامل لفترة طويلة إلى تغذية العداء بين الجماعات. كما تؤدي الاختلافات الثقافية، وخاصة حول اللغة والدين، إلى تفاقم التوترات عندما تشعر الجماعات بأن كرامتها أو مصالحها مهددة.
وفي حين أطلقت المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية مبادرات لتعزيز التسامح، فإن جهودها تقوضها ضعف إنفاذ القانون، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تستخدم الجماعات ذات الانتماءات السياسية والعرقية هذه المنصات لتعميق الانقسامات، في وقت يسعى فيه آخرون إلى العدالة والسلام.
المظاهر والعواقب
تكشف المصطلحات المهينة التي يستخدمها كلا الجانبين في الصراع عن عمق العداء العرقي. بالمثل، يستخدم أنصار القوات المسلحة الأوصاف البذيئة لإهانة جنود قوات الدعم السريع، بينما يصور الجانب المعارض أعداءه على أنهم غير سودانيين، وهو ما يعزز بيئة سامة، ويخلق انعدام الثقة ويسمم الخطاب العام.
تحدي معالجة خطاب الكراهية
تسلط الكاتبة السودانية "معزة صالح" الضوء على تعقيد خطاب الكراهية، مؤكدة أنه متجذر بعمق في الصراعات العرقية والسياسية طويلة الأمد في السودان. مشيرة أن مكافحة خطاب الكراهية تحتاج إلى تكثيف الجهود المشتركة لكل المؤسسات الصحفية والإعلامية ونشطاء المجتمع المدني، فرادي وجماعات، كما تحتاج إلى التشبيك وبناء وتعزيز التحالفات لمكافحة خطاب الكراهية، كما تحتاج للعمل الإستراتيجي المستمر والمستدام بدلاً عن الحملات الموسمية المتقطعة، على حد تعبيرها.

المجتمع المدني ودور وسائل الإعلام
يشير الصحفي نادر من الله إلى أن جهود المجتمع المدني لمكافحة خطاب الكراهية تعطلت بسبب الحرب المستمرة، مع تفاقم الانقسامات. كما ينتقد الدولة السودانية لفشلها في معالجة القضية، مشيرًا إلى أن الحكومة، كطرف في الصراع، ساهمت في انتشار خطاب الكراهية، مما أدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية.
يشارك فيصل سعد، الصحفي المقيم في الولايات المتحدة، أنه في حين حاولت بعض منظمات المجتمع المدني احتواء خطاب الكراهية من خلال ورش العمل والمنتديات، إلا أن الجهود الرسمية لا تزال مفقودة. وهو يدعو المسرحيين والشعراء إلى لعب دور أكثر نشاطًا في مكافحة خطاب الكراهية ويقترح التعلم من نجاحات كينيا ورواندا.
من المجموعات المهتمة بمراقبة خطاب الكراهية - على سبيل المثال وليس الحصر - هناك 'صحفيون من أجل حقوق الإنسان (جهر) السودان'، و'نقابة الصحفيين السودانيين'، و'طيبة برس'، و'شبكة الصحفيين السودانيين'، من بين منظمات أخرى من المجتمع المدني.

جهود الصحفيين لمكافحة خطاب الكراهية
يسلط فيصل الباقر، المنسق العام لمنظمة "صحفيون من أجل حقوق الإنسان في السودان"، الضوء على التزام منظمته على مدى عقد من الزمان بمعالجة خطاب الكراهية. وكان مؤتمر قضايا المناصرة - بتنظيم منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان، في نيروبي عام 2014، والذي أنتج "إعلان نيروبي لمكافحة خطاب الكراهية"، بتوقيع صحفيين من السودان وجنوب السودان - يعتبر خطوة أساسية في مواجهة هذه القضية. ومع ذلك، يؤكد الباقر أن التمويل لا يزال غير كاف، وأن الجهود لم تتمكن من مواكبة النفوذ المتزايد لخطاب الكراهية في المشهد الإعلامي السوداني، وخاصة منذ حرب أبريل 2023.
وأكد الباقر أنه يتخلل خطاب الكراهية الآن جميع أشكال الإعلام في السودان، مع تصاعد الخطاب إلى حد تمهيد الطريق للإبادة الجماعية. ويتطلب معالجة هذا الأمر جهودًا شاملة من الصحفيين، الذين يجب تدريبهم على مراقبة وتوثيق خطاب الكراهية مع تعزيز الوعي العام بمخاطره، على حد قوله.
ويأتي ضمن الترتيبات والإجراءات الهامة واللازمة لمكافحة خطاب الكراهية، التأكيد على عدم التسامح مع خطاب الكراهية، في مواثيق الشرف الصحفية ومدونات قواعد السلوك الصحفي.

الفجوات القانونية والدروس الدولية
يؤكد المحامي في مجال حقوق الإنسان عبد الباسط الحاج على الحاجة الملحة إلى أطر قانونية أقوى في السودان لمعالجة خطاب الكراهية، مشيرًا إلى أن القوانين الحالية لا تفي بالمعايير الدولية. ويدعو إلى إصلاحات قانونية تحدد خطاب الكراهية وتعاقب عليه، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
نهج الصحفيين الكينيين لمكافحة خطاب الكراهية
شاركت كريستين نغوكي، عضو مجلس الصحافة الكيني، رؤى حول كيفية تعامل الصحفيين الكينيين مع خطاب الكراهية ضد الصحفيين، وخاصة خلال فترات الاضطرابات السياسية، حيث أشارت أنهم استخدموا العديد من الاستراتيجيات، بما في ذلك توثيق حالات خطاب الكراهية - التغريدات أو رسائل واتساب (WhatsApp) أو التصريحات العامة - وكشف الجناة من خلال كتابة قصص مفصلة مدعومة بالأدلة.
وفي حال مواصلة انخرط الأفراد بشكل متكرر في خطاب الكراهية، يذَكِّر الصحفيون، الجمهور، بتاريخهم التحريضي، مما يعزز المساءلة. ومن خلال تنسيق جهودهم، تعمل وسائل الإعلام على جعل تلك التصريحات تتصدر مواضيع النقاش العام، لأيام، مع التركيز على خطورتها، بحسب كريستين.
هذا، وحثت كريستين الصحفيين السودانيين على تبني نهج شجاع مماثل، ومقاومة إساءة استخدام حرية التعبير كدرع لنشر خطاب الكراهية. وشددت على أهمية فضح من يستهدف الصحفيين بالخطاب الضار، والتمسك بالمعايير الأخلاقية في ممارسة العمل الإعلامي، مشيرة ان من ضمن الترتيبات والإجراءات الهامة واللازمة لمكافحة خطاب الكراهية في صفوف الصحفيين، التأكيد على عدم التسامح مع خطاب الكراهية، في مواثيق الشرف الصحفية ومدونات قواعد السلوك الصحفي.

تعزيز أصوات المهمشين
يؤكد الصحفي الغاني المخضرم جوزيف روبرت مانسو على مسؤولية الصحفيين السودانيين في تعزيز أصوات المهمشين، وخاصة في أوقات الأزمات. كما يحث الصحفيين على معالجة الروايات التي تغذي الكراهية والعنف، وذلك ليس من خلال تقديم معلومات بديلة ودقيقة، فحسب، بل تفنيد وتفضيح تلك الروايات الإشكالية بشكل نشط. كما يؤكد مانسو على أنه يجب على الصحفيين أن يقدموا تقاريرهم بحساسية للصراع وأن يكونوا على دراية بالعواقب الأوسع لعملهم، في حين تنعدم الثقة وتنتشر فيه الكراهية في المجتمع.

الخلاصة
إن صراع السودان مع خطاب الكراهية متشابك بشكل عميق مع صراعاته السياسية والإثنية، وتلعب وسائل الإعلام دورًا حاسمًا في التخفيف من حدة هذه الانقسامات أو تفاقمها. إن مكافحة خطاب الكراهية لا تتطلب فقط تدابير قانونية أقوى ولكن أيضًا التزامًا من الصحفيين والمجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية بتوفير تغطية مسؤولة وأخلاقية. إن غاية الصحفيين هي تحقيق المصلحة العامة، وذلك من خلال مساعدة الجمهور على فهم القضايا المعقدة، حتى يكونون أكثر استعدادًا للمطالبة بالعدالة والدفع نحو المساءلة، علاوة على توفير منصة للمجتمعات المهمشة أو التي لا صوت لها. ومن خلال الجهود المستدامة المنسقة فقط يمكن للسودان أن يبدأ في التغلب على التأثير السام لخطاب الكراهية والتحرك نحو السلام.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی لمکافحة خطاب الکراهیة الصحفیین السودانیین مع خطاب الکراهیة المجتمع المدنی وسائل الإعلام حقوق الإنسان الکراهیة فی فی السودان من خلال جهود ا

إقرأ أيضاً:

ميكروفون يرتطم بوجه ترامب خلال حديثه مع الصحفيين (شاهد)

ارتطم ميكروفون معلق على عصا بوجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قيام الأخير بالرد على أسئلة الصحفيين قبل أن يصعد إلى الطائرة الرئاسية في قاعدة أندروز الجوية بولاية ماريلاند الأمريكية.

وأظهرت لقطات لحظات ارتطام الميكروفون المغطى بطبقة من الفرو بفم الرئيس الأمريكي ومن ثم وجهه، في حين قام ترامب بسحب رأسه تفاديا لأي اتصال آخر.

صحفي يدفع المايك في وجه الرئيس ترامب بالخطأ

وقال ترامب مازحًا : "لقد أصبحت هذه قصة كبيرة الليلة…هل شاهدتم ذلك؟". pic.twitter.com/8ntEn3xirh — ????????محمد|MFU (@mfu46) March 14, 2025
ووجه ترامب نظرات حادة إلى الصحفية التي كانت وراء الكاميرا، بينما كنت إحدى الصحفيات تواصل في طرحها للسؤال.

وتوقف الرئيس الأمريكي للحظات قليلة بعد ارتطام الميكروفون بوجهه عن طريق الخطأ، ومن ثم قاطع الصحفية متفاعلا مع الحادثة غير المتوقعة.


وقال ترامب البالغ من العمر 78 عاما، ممازحا الحاضرين بعدما رفع حاجبيه إثر الارتطام، "لقد أصبحت هذه قصة كبيرة الليلة… هل شاهدتم ذلك؟".

ولاقى المقطع المصور تداولات واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل العديد من المستخدمين مع تعابير وجه ترامب جراء الحادثة بطرح بعض الدعابات.

مراسل يدفع الميكروفون في وجه ترامب بالخطأ.. أعتقد أنه فعل متعمد :)

pic.twitter.com/QbZIoT6wIW — Bandar Dawshi, بندر الدوشي (@BandarDawsi) March 14, 2025 ????????????صحفي يدفع المايك في وجه الرئيس ترامب بالخطأ :

نظرة ترامب ???????????? pic.twitter.com/SGlJjohDlh — hoda jannat (@Hodanat) March 14, 2025

مقالات مشابهة

  • خطاب قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”: استمعوا إليه بدلًا من الردح والشتائم
  • أطفال السودان يدفعون الثمن
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا
  • ميكروفون يرتطم بوجه ترامب خلال حديثه مع الصحفيين (شاهد)
  • الأمم المتحدة تحذر من الارتفاع المقلق للتعصب ضد المسلمين وتدعو للحد من خطاب الكراهية
  • رمضان بين القدسية والانحلال .. أزمة وعي
  • تصميم أدوية مبتكرة لمكافحة البكتيريا سالبة الجرام.. ندوة تثقيفية بصيدلة عين شمس
  • أبوخشيم: يجب محاسبة وسائل الإعلام التي تروج لخطاب الكراهية
  • أزمة في ميناء ممباسا بسبب قرار السودان وقف استيراد الشاي الكيني 
  • “الإنسانية أقوى من الكراهية”: دعوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة كراهية الإسلام