نواصل ما بدأناه في مقالنا السابق من استعراض لنتائج أعمال ملتقى أبناء دارفور الذي نظمته «الشبكة السودانية للتنمية والديمقراطية» في العاصمة الكينية نيروبي في الفترة من 17 إلى 19 سبتمبر/أيلول الجاري، والذي شارك فيه حضور متنوع من حيث التمثيل الجهوي والمناطقي والقبلي والتركيبة الاجتماعية، ومن حيث النوع والعمر والخلفية الثقافية والاجتماعية وغيرها، وذلك من خلال قيادات الإدارات الأهلية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية وحركات الكفاح المسلح، وكذلك الخبراء والمختصين والأكاديميين والفاعلين النشطاء من أبناء وبنات الإقليم.
وقد حددت الشبكة الهدف الرئيسي من الملتقى في التوصل إلى موقف موحد يدعو إلى إنهاء الحرب ومكافحة خطاب الكراهية ويدعم السلام ومعالجة المشكلات عبر الحوار السلمي، في السودان بشكل عام، وفي دارفور بشكل خاص. وكنا في مقالنا السابق قد استعرضنا نص النداء الذي صدر عن الملتقى مخاطبا الكارثة المأساوية الراهنة في دارفور وفي السودان عموما، ومطالبا بالوقف الفوري للحرب المدمرة في البلاد. وفي مقال اليوم نتناول أهم التوصيات التي صدرت عن الملتقى، والتي يجري بلورتها في برنامج عمل عقد المشاركون في الملتقى العزم على تنفيذه. ولقد تم إدراج التوصيات تحت ثلاثة محاور، الأول حول دارفور وتداعيات الحرب الدائرة في البلاد، والثاني حول المشروع التنموي في دارفور، والمحور الثالث شكل الحكم في دارفور.
ومن أهم توصيات المحور الأول:
٭ رفض الاتجاه الرامي إلى تحميل دارفور مسؤولية الحرب.
٭ العمل على خلق تحالف واسع ومنبر موحد من مكونات دارفور المختلفة من أجل نزع الشرعية عن الحرب الدائرة في البلاد منذ الخامس عشر من أبريل/نيسان 2023، ويوحد رؤية ومواقف أهل دارفور من أجل إيقافها.
٭ إعلاء صوت المجتمعات المحلية الموحد الرافض للحرب من خلال الحملات الشعبية والأنشطة المتعددة والمتنوعة، مع ضمان مشاركة المرأة والشباب، وضمان حرية تنقل وحركة المواطنين وعدم استهدافهم لاعتبارات جهوية أو عرقية.
٭ التواصل مع اطراف الصراع والجهات الداعمة لها، محليا وخارجيا، وحثها على إيقاف الحرب واللجوء إلى آليات التفاوض السلمي لفض النزاعات.
٭ توجيه المجتمع المدني والإدارات الأهلية في دارفور للجلوس مع حركات الكفاح المسلح للخروج برؤية موحدة رافضة للحرب، وبحث الطرق العملية لتنفيذ هذه الرؤية سلميا.
٭ التواصل مع الإدارة الاهلية والقيادات الدينية في دارفور للضغط على المتحاربين للجلوس للتفاوض لإنهاء القتال.
٭ دعم الادارة الاهلية لاستعادة دورها التاريخي في المصالحات ورتق النسيج الاجتماعي، والابتعاد عن الإستقطاب السياسي، وعدم دعم أي من الأطراف المتحاربة.
٭ التمسك بوحدة السودان، وبالحكم المدني الديمقراطي، وبناء جيش موحد قومي ومهني مع تطويره وإصلاح أي إختلالات فيه.
٭ تبني خطط عملية لمحاربة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة، وذلك من خلال نشر الوعي والتأكيد على التعايش السلمي وقبول الآخر وثقافاته، والعمل على تفكيك الغرف الإعلامية المنظمة التي تغذي خطاب الكراهية ومواجهة ذلك بخطاب سلام جاد.
٭ إلزام جميع الأطراف حسب مواقع السيطرة على احترام وانفاذ الالتزامات الواردة في المواثيق الدولية لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني دون أية استثناءات، وإحترام وتنفيذ مخرجات منبر جدة والالتزامات اللاحقة مع التمسك بعدم تعدد المنابر.
٭ تفكيك نظام الإنقاذ وكل ما ترتب من إجراءات بعد إنقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ورفض مشاركة المؤتمر الوطني في العملية سياسية.
محاسبة كل من ارتكب جرما بحق الوطن والمواطن، ويشمل ذلك تسليم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية.
٭ التأكيد على أن أي اتفاق سلام يجب أن يتصدى لجذور الأزمة التاريخية، مع تحقيق العدالة والإنصاف لضحايا الحرب، وتفعيل نموذج للعدالة الانتقالية يتماشى مع السياق السوداني.
٭ توجيه المكونات الشعبية من حكامات والمؤسسات الشعبية لدعم وإرساء ثقافة السلام ونبذ خطاب الكراهية والعنف والإحتراب.
٭ مخاطبة المخاوف القبلية التاريخية وعدم السماح بالتغول على حقوق القبائل في اطار نظام الحواكير.
٭ نشر ثقافة الديمقراطية والتنوير في المجتمع الدارفوري، وبحث البدائل للشباب حتى لا يكونوا عرضة للاستقطاب من الأطراف المتقاتلة.
٭ إنجاز الحوار الدارفوري وربطه بالحوار السوداني سوداني، مستصحبا الأجندة القومية من وقف الحرب واستدامة السلام والتنمية وكيفية ادارة التنوع في اطار الدولة الواحدة والاتفاق على نظام موحد للحكم، وذلك إنطلاقا من القناعة بأن الأزمة في دارفور هي إحدى تجليات الأزمة العامة في السودان.
وفي المحور الثاني الخاص بالتنمية، نادى الملتقى بتوحد مجتمع دارفور حول رؤية مشتركة تضمن تحقيق تطلعات الإقليم في الإعمار والنماء والوحدة في إطار التعدد، كخطوة نحو مشروع وطني لبناء الدولة السودانية، مطالبا بعدم تركيز المال في قبضة المركز. وشدد على أهمية البحوث والدراسات المتخصصة لتحديد مسارات وروافع التنمية بالإقليم، والعمل على ابتكار آليات ووسائل متجددة للتنمية البشرية، وطالب بالتركيز على بناء قدرات المرأة والشباب والأسر المتأثرة بالحرب كبرنامج ملزم لأطراف الحرب كل في نطاق سيطرته. ونادى الملتقى بتوطين العمل الإنساني وتوسيع فرص كسب العيش وتوسيع دائرة الإنتاج المحلى بتوفير وتمليك وسائل الإنتاج بدلا عن الاعتماد على تقديم المساعدات العينية المباشرة. أيضا شدد الملتقى على الإهتمام بقطاع الرعاة وتقديم كافة المساعدات إليهم وللمزارعين، وذلك لتعزيز فرص الإنتاج، وتشكيل لجان من الإدارات الأهلية للقيام بتوعية الرعاة على عدم التغول على الأراضي الزراعية وممتلكات المزارعين، ووضع التدابير اللازمة لتقليل اثار التغير المناخي على الإقليم واهله، وتحريك الموارد لدعم عمليات التأهيل البيئي.
وفي المحور الثالث الخاص بشكل الحكم في دارفور، أكد المشاركون على أن الأساس هو الحكم المحلي، وشددوا على رفض التقسيم الإداري على أساس القبيلة أوالإثنية أو الجهة. وبما أن دارفور جزء من السودان، فإن الترتيبات الإدارية فيه تخضع للترتيبات العامة المتعلقة بالسودان ككل حتى يكون نظام الحكم موحدا لكل السودان، في إطار نظام فدرالي ديمقراطي حقيقي، وأن الآلية الملائمة لتحقيق ذلك هي المؤتمر القومي الدستوري. كما طالبوا بالاهتمام بترتيب أمر قضايا العودة الطوعية للنازحين واللاجئين لمواطنهم الأصلية مع تهيئة البيئة الملاءمة لعودتهم واستقرارهم.
نقلا عن القدس العربي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: خطاب الکراهیة فی دارفور
إقرأ أيضاً:
ملتقى البحوث التربوية يستعرض أفضل استراتيجيات تحسين جودة التعليم
العُمانية: بحث ملتقى البحوث التربوية في نسخته الثانية الذي بدأت أعماله اليوم بمسقط إلى عرض أفضل استراتيجيات التعليم والتعلم الفعَّالة، وتعزيز التنمية المهنية للمعلمين من خلال الأبحاث التربوية.
ويهدف الملتقى الذي أقيم برعاية معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم، إلى فتح آفاق معرفية جديدة أمام الباحث التربوي، من خلال تسليط الضوء على أحدث التطبيقات والابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي واستخداماتها في تحسين جودة التعليم، وتوظيف مهارات المستقبل في التعليم.
ويسعى الملتقى بمشاركة منظمات دولية وباحثين من مختلف الجهات إلى تبادل الخبرات وتطوير المعرفة التربوية وتعزيز مشاركة المنظمات الدولية والمؤسسات المحلية والجامعات الحكومية والخاصة، والاستفادة من البحوث الإجرائية التي ينتجها منتسبو المعهد التخصصي على مستوى البرامج التدريبية.
وقالت الدكتورة انتصار بنت عبدالله أمبوسعيدية المديرة العامة للمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين: إنَّ الملتقى يعكس التزام سلطنة عُمان بالاستثمار في البحث العلمي التربوي، كوسيلة لتطوير التعليم، وتحقيق أهداف رؤية "عمان 2040". إيمانًا بالتعليم كركيزة أساسية التي تقود التنمية، والبحث العلمي هو الوقود والمحرك نحو الابتكار والتقدم.
وأضافت أن المعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين يولي البحث الإجرائي اهتمامًا كبيرًا باعتباره عنصرًا أساسيًّا في جميع برامجه الاستراتيجية، وأداةً فعالة تُتيحُ للمعلمين والممارسين التربويينَ فهماً أعمق للتحديات اليومية في البيئة التعليميةِ، مبيّنة أن البحث الإجرائي يُمكِّن المعلم من أنْ يكون باحثًا في فصله الدراسي ومدرسته، ودارسًا فاحصًا في الواقع التعليمي.
من جانبها قدمت الدكتورة ميليسا موثان من منظمة التعاون الاقتصادي OECD، والتنمية ورقة عمل بعنوان "المحادثات المستندة إلى الأدلة بين المعلمين: أبحاث منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول محادثات التعلم" تناول مصطلح "محادثات التعلم المهنية" وهو وصف شكل معين من المحادثة المبنية على الأدلة، وتم استخدامه في العديد من الدول والسياقات المدرسية المختلفة حول العالم.
وقدم الأستاذ الدكتور فينج تشون مياو رئيس وحدة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التعليم (منظمة اليونسكو) ورقة عمل بشأن استراتيجيات توظيف الذكاء الاصطناعي، من خلال التركيز على السياسيات المنظمة لتوظيفه في التعليم، والكفاءات التي يحتاجها المعلمون والطلبة في توظيف الذكاء الاصطناعي.
وتطرق الدكتور الهاشمي بن الحبيب عرضاوي مستشار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو" في ورقة العمل بعنوان "تعزيز مهنة التدريس ضمن رؤية تحويل التعليم بالدول العربية" بالحديث حول التغييرات الديموغرافية والمناخية والاجتماعية والاقتصادية والتحولات المعرفية والتكنولوجية الكبرى والأزمات الكثيرة الطارئة، والتي توجد كثيرا من التحديات والصعوبات، مشيرا إلى ضرورة إعادت التفكير في التعليم وتعمقه من حيث فلسفته وغاياته ضمن رؤية للمستقبل.
وتحدث الدكتور زيد محمد حسن أبو شمعة خبير في قطاع التربية بمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" في ورقة العمل بعنوان "التربية الإعلامية: استراتيجيةٌ معاصرة للتعليم والتعلم"، تطرق خلالها إلى تعزيز التربية الإعلامية كمنهج عمل تشاركي يقوم على تمكين، وتطوير مهارات المجتمعات والأفراد أثناء تفاعلهم مع المحيط الاتصالي من حولهم، وذلك عبر تكوين الجيل تواصليًّا بشكل منهجي وعلمي، ودمج هذه العملية في المناهج التعليمية بمراحلها المختلفة، بما يمكِّن الأفراد من امتلاك مهارة التعامل الواعي مع الإعلام ووسائل التواصل.
وقدم الدكتور مجدل بن عبدالله القحطاني أستاذ مساعد قسم الهندسة الصناعية بجامعة الملك سعود ورقة عمل عن "مستقبل التعليم مع الذكاء الاصطناعي التوليدي.. تطلعات وتحديات" استعرض فيها الإمكانات الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين جودة العملية التعليمية، وسلط الضوء على الدور المحوري لهذه التكنولوجيا في تخصيص التجارب التعليمية، وتطوير محتوى تعليمي تفاعلي يعتمد على تحليل أنماط التعلم الفردية بدقة غير مسبوقة.
ويأتي الملتقى بتنظيم من وزارة التربية والتعليم ممثلة بالمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين، واللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بمشاركة عدد من المنظمات دولية ومكتب التربية العربي لدول الخليج، وعدد من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة.
واشتمل الملتقى على تقديم عدد من الحلقات العمل بعنوان "توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي" وحلقة بعنوان "تنظيم وتحليل البيانات الدولية"، إضافة إلى حلقة العمل بعنوان "البحوث المزجية".