الشاعر المفكر الذي غادرعلى أجنحة الهوية
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
عرف الراحل محمد المكي إبراهيم من خلال نصوصه الشعرية و ديوانه " أمتي" الذي رسم ملامح و تفاصيل الإنتماء عنده، و معلوم أن محمد المكي بقدر عشقه لوطنه و محبته له كان أكثر ميلا في صوره الجمالية إلي استخدام الرمزية احد أدوات البلاغة التي تفتح أفاق واسعة في التخيلات، ألله ي خلاسية، يا حانة مفروشة بالرمل، يا مكحولة العينين، يا مجدولة من شعر أغنية ، ياوردة باللون مسقية ، بعض الرحيق أنا ، و البرتقالة أنت.
محمد المكي هو أحد مؤسسي مدرسة الغابة و الصحراء في ستينيات القرن الماضي مع النور عثمان أبكر و محمد عبد الحي و يوسف عيدابي و آخرين و هي مدرسة أشتغلت على البحث عن "الهوية " من خلال الحقل الإبداعي.. بهدف الإجابة على السؤال الذي كان قد تم إثارته في عقد ثلاثينيات القرن الماضي من خلال مجلتي " الفجر و النهضة" حيث كان السجال دائرا بين المثقفين السودانيين في ذالك الوقت، و كان رواده محمد أحمد محجوب و محمد عشري و صديق عشري و عبد الحليم محمد و عرفات محمد عبد الله و آخرين.. أيضا السؤال كان مطروحا في حقل الإبداع الإدبي.. و جاء تأسيس مؤتمر الخريجين في 1938م حيث تعددت أجندة المؤتمر و وقف الحوار عن الهوية..
مدرسة الغابة و الصحراء التي يعتبر محمد المكي أحد روادها،و بدأت تنشط الحوارات الفكرية من خلال " مدرسة الأدب و الإبداع" و الملاحظ أن جل مؤسسيها شعراء و منهم من له أهتمامات أخرى في ضروب الفنون، و أصبحت المدرسة ساحة للحوار الفكري المنطلق للإجابة على الهوية، و المدرسة أصبحت منبر جاذبا للحوارات الفكرية، في ضروب الإبداع الأخر و نجد أجتهادات الدكتور أحمد الطيب زين العابدين الذي انطلق من حقل " الفن التشكيلي و طرح " قضية الهوية" بتبنيه لفكرة " السودانوية" هذا الجدل الذي أثارته مرة أخرى مدرسة الغابة و الصحراءو تمثل في شعر رواد المدرسة حيث كثرت فيه الرمزيات و المدرسة نفسها رمزية لها مدلولاتها المناطقية و الثقافية..
و محمد المكي لم يقف على حدود رمزية الشعر لكي يطرح تساؤلاته الوطنية، بل أختار أيضا الفكر طريقا لكي يبين فيه أطروحته الفلسفية في قضية الوطن حيث أصدر كتابه "الفكر السوداني و تطوره" حيث بدأ الكتاب أيضا بإشارة البحث عن الهوية" يقول ( حين دكت ارجال الغزاة امبراطوريات بعانخي و ترهاقا وحين طمرت رمال الصحراء حضارات نبته و مروي كانت الأرض السودانية فقدت مرة و إلي الابد لواء المبادرة الحضارية التي ظلت ترفعه طوال أجيال مترحقة و أصبحت مجموعة من البشر تعمرها يتيمة وضائعة، في عالم مضطرد التقدم و التمدن متجدد الحضارات، عندئذ لم يكن غريبا أن يستورد السودان الديانة المسيحية ، و أن تنهض على أساسها ثلاث دويلات سودانية هي: علوة و المقرة و النوبة و أن تظل تلك الدويلات ضعيفة و متنازعة حتى يكتسحها أمامه الغزو العربي الوافد.. من مدخل الكتاب يبدأ محمد المكي طرح تساؤلاته عن الهوية، و الرجوع للتاريخ و الممالك القديمة يبدأ البحث عن الهوية.. و في فقرة أخرى يقول المكي ( أن الميلاد الحقيقي للثقافة العربية في السودان بعهد الفونج. و لكن هذا لا يعني أن الثقافة العربية لم تدخل السودان إلا مع ذلك العهد لأنه ثابت أن الثقافة العربية أكتسبت مكانها المشروع بين ثقافات السودان، في طليعة الغزو و ليس على اعقابه فقد تسربت مع قوافل الحجيج. و في اخراج التجار و حقائب الدعاة و المسافرين، و على الدوام كان كان المسجد يقام و الأذان يدوي في ممالك السودان المسيحية لتأتي على صداه جحافل الفتح العربي بل أن تاريخ الثقافة العربية في السودان يضرب في أعماق التاريخ ) و يؤكد على تاريخ اللغة العربية في السودان بالقول ( حمل أولئك العلماء إلي السودان، اللغة العربية و الفلسفة الصوفية بوصفهما المظهرين الاساسيين للفكر في القرنين السادس و السابع عشر، أما العربية التي جاءوا بها فقد كانت لغة غير صافية و مليئة بالتعقيدات و التحريفات التي ادخلتها عليها عصور الانحطاط بحيث بدت غريبة على أذان الناس..
و يحاول محمد المكي يؤكد على الهوية من عدة مداخل في تمظهرات التاريخ إذا كان دخول العرب السودان أو اللغة الي تحمل الرموز و الإشارات الثقافية و أيضا التصوف باعتباره يحمل الثقافة الطهرانية و أداة لنشر الدين و يقول عنه عنه ( حمل العلماء الوافدين إلي السودان التصوف، و قد يبدو الأمر غير ذي بال، لآن المنطقة العربية بطولها و عرضها خضعت ذات يوم للتأثير الصوفي، و لكن الأمر يتخذ شكلا اشد خطورة بالنسبة للسودان، فقد دخله التصوف في ذات الوقت الذي بدأ فيه الدين الإسلامي يكتسح الديانات الوثنية و المسيحية من بين القبائل السودانية.. كان المكي يعتقد أن إثبات العروبة ليس وافدا مايزال على هامش لحمة المجتمع بل هو تطور و تماذج مع الثقافة و العادات و التقاليد و أصبح أحد ملامحها التي تشكل هويتها..
استطاع محمد المكي إبراهيم أن يجادل عبر الإبداع و صوره الجمالية المختلفة ورمزياته للتأكيد على الهوية، و إجابة على التساؤلات التي كانت قد طرحت في ثلاثينيات القرن الماضي.. بالفعل استطاع محمد المكي أن يسهم في تشكيل الوجدان السوداني و يرسم للهوية الوان زاهية من خلال أدواته الإبداعية و بحث الفكري في جدل الهوية.. رحم الله محمد المكي إبراهيم و نسأل الله له الرحمة و المغفرة و القبول الحسن. و الذي نقش حروفا في قلوب شعبه غير مطالب بالرجوع مادام يسكن قلوب الناس.. نسأل الله الرحمة و المغفرة...
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: محمد المکی عن الهویة من خلال
إقرأ أيضاً:
تفاصيل افتتاح وبرنامج المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السادسة والثلاثين
تنطلق في الخامسة مساء الأحد المقبل، بجامعة المنيا، فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السادسة والثلاثين، "دورة الكاتب الكبير جمال الغيطاني"، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، واللواء عماد كدواني، محافظ المنيا.
أدب الانتصار والأمن الثقافي.. خمسون عاما من العبور
المؤتمر تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، تحت عنوان "أدب الانتصار والأمن الثقافي.. خمسون عاما من العبور"، ويعقد برئاسة الفنان الدكتور أحمد نوار، والأمين العام للمؤتمر الشاعر ياسر خليل.
تفاصيل الافتتاح والتكريمات
يتضمن حفل الافتتاح عرضا فنيا بعنوان "منيا الخصيب.. عروس النيل"، وفيلم وثائقي عن المؤتمر العام لأدباء مصر، ثم الكلمات البروتوكولية للدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، اللواء عماد كدواني محافظ المنيا، د. عصام فرحات رئيس جامعة المنيا، الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، د. أحمد نوار، رئيس المؤتمر، الشاعر ياسر خليل أمين عام المؤتمر.
يعقب ذلك تكريم محافظ المنيا، رئيس جامعة المنيا، اسم الكاتب الكبير جمال الغيطاني.. شخصية المؤتمر، رئيس المؤتمر، أمين عام المؤتمر، رحاب توفيق مدير فرع ثقافة المنيا، وتكريم أعضاء الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر وهم: الكاتب حسين عبد الرحيم مكرم عن الوجه البحري، المترجم الحسين خضيري مكرم عن الوجه القبلي، الناقدة هدى عطية مكرمة عن النقاد، الشاعرة علية طلحة مكرمة عن الأديبات الإعلامي سعد قليعي مكرم عن الإعلاميين، الشاعر عصام سنوسي مكرم عن محافظة المنيا، اسم المترجم شوقي جلال، اسم الشاعر طارق الصاوي، إلى جانب تكريم الروائي محمد إبراهيم محروس، كما يتم تكريم أسماء الراحلين من الشعراء والكتاب وهم الشاعر محمد المخزنجي، الشاعر مكي قاسم، الكاتب حمدى أبو جليل، الكاتب محمود قرني، الشاعر أحمد الخطيب، الناقد د. محمد زكريا عناني، الشاعر سامي الغباشي. الكاتب محمد سيد عمر، الكاتب عبد الغني داود، الشاعر محمد محمد خميس، الشاعر إسماعيل حلمي، الشاعر عبد القادر عياد.
كما يشهد الحفل عرضا فنيا لفرقة ملوي للفنون الشعبية، وتقدمه الكاتبة د. صفاء النجار، ويخرجه أسامة عبد الرؤوف، كما يشهد مسرح جامعة المنيا في التاسعة مساء انتخابات الأمانة العامة الجديدة للمؤتمر.
المحاور والجلسات
اليوم الثاني
ويشهد اليوم الثاني للمؤتمر، الاثنين 25 نوفمبر، في العاشرة صباحا عقد الجلسة البحثية الأولى بعنوان "الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر"، ويناقش أبحاث: "الأمن الثقافي بين الوطنية والوطنية الافتراضية" د.دعاء شديد، "الفكاهة الشعبية السياسية خلال فترة حرب أكتوبر وعلاقتها بالأمن الثقافي" د. أسماء عبد الهادي، "أثر الثقافة في هوية الحدود وأمنها.. قراءة في ضوء السيميائيات الثقافية" فاطمة الزهراني، "الأمن الثقافي ومكتسبات حرب أكتوبر 1973" محمد سيد ريان..
كما تقام بالتوازي المائدة المستديرة الأولى بعنوان "طه حسين.. العبور بالبصيرة" يديرها د. مصطفى بيومي، يشارك بها د. أحمد يوسف، د. هدى عطية، د. زينب فرغلي.
وفي الثانية عشرة والنصف مساء تقام الجلسة البحثية الثانية بعنوان "أكتوبر في الأدب العربي المعاصر (السرد، الشعر بنوعيه، المسرح) يديرها د. عادل درغام ويناقش أبحاث: "صوت المعركة في القصيدة الحديثة.. قراءة في الشعر المحارب والشعراء المقاتلين فى حرب أكتوبر 1973م" رأفت السنوسي، "سردية الحرب.. البنية والدلالة.. قراءة في أربع روايات مختارة" د. شريف صالح، "رواية الحرب بين "الإرث المقدس"، و"الظلال القاتمة".. سرابيوم نموذجًا" محمد عطية محمود، "الحرب طريق السلام" د. محمد حسن نصار.
وتعقد بالتوازى المائدة المستديرة الثانية بعنوان "شخصية المؤتمر.. الكاتب الكبير جمال الغيطاني" يديرها الكاتب مختار عيسى، يشارك بها إيهاب الحضري، محمد السيد عيد، د. محمد السيد إسماعيل.
وفي السادسة مساء تعقد الجلسة البحثية الثالثة بعنوان "أكتوبر في الثقافة الشعبية"، يديرها د. أحمد الليثي، ويناقش أبحاث: "العزاء الأخير.. أكتوبر والموروث الشعبي" أسماء خليل محمد، "دلالات المقاومة اللاعنفية في الأمثال الشعبية.. مقاربة نقدية من منظور سيكوسوسيولوجي" رشا محمد محمود الفوال، "فن النـَّميـم وانتصـارات أكتوبـر" فيصل الموصلي.
فيما تقام بالتوازي المائدة المستديرة الثالثة بعنوان "حديث الأبطال.. شهادات المحاربين القدامى"، يديرها عمارة إبراهيم، يشارك بها أحمد محمد عبده، أحمد سويلم، عبد الباسط الغربلي
وتشهد قاعة الجونة بمدينة أبو قرقاص الأمسية الشعرية الأولى يديرها الشاعر أسامة أبو النجا، يشارك بها مجموعة من الشعراء.
وفي الساعة الثامنة والنصف مساء تشهد القاعة الصغرى بجامعة المنيا الأمسية الشعرية الثانية يديرها الشاعر محمد عبد القوي حسن، كما تعقد الأمسية القصصية الأولى بالتوازى يديرها الأديب ناصر عاشور.
اليوم الثالث
وفي اليوم الثالث الثلاثاء 26 نوفمبر تشهد جامعة دراية الجلسة البحثية الرابعة بعنوان "كتابات من واقع الحرب" (الرسائل، السير الذاتية، الشهادات) يديرها د. الضوى محمد الضوى، ويناقش أبحاث: "كتابات من واقع حرب 1973.. البحث عن القيم في خطاب المعركة" د. أحمد إبراهيم الشريف، "نساء في قلب المعركة" أحمد محمد عبده، "أطياف من الكتابة الأخرى حول أكتوبر 73" السيد نجم، "أدب الانتصار.. خمسون عاما من الانتصار المجيد" شعبان يوسف.
وتقام بالتوازى المائدة المستديرة الرابعة بعنوان "شهادات المكرمين" يديرها د. محمد سمير عبد السلام، يشارك بها الكاتب حسين عبد الرحيم، المترجم الحسين خضيري، الناقدة هدى عطية، الشاعرة علية طلحة، الإعلامي سعد قليعي، الشاعر عصام سنوسي .فيما تشهد مدينة سمالوط الأمسية الشعرية الثالثة يديرها الشاعر رجب لقى.
وفي الثامنة مساء تشهد جامعة دراية الجلسة البحثية الخامسة بعنوان "دراسات وقراءات فى إبداع أدباء المنيا" يديرها أحمد أبو خنيجر، وتناقش أبحاث: "المشهد الشعري في محافظة المنيا… شعراء الفصحى نموذجا" أسماء عطا، "قراءات في المشهد السردي بالمنيا" سفيان صلاح، "استراتيجيات لفت الانتباه وتقنياته فى الشعر المعاصر شعراء المنيا نموذجا " د. محمد سليم شوشة، "الاتصال والانفصال بين الغنائية والموسيقى والبنية الدرامية في قصيدة العامية.. قراءة في ستة دواوين عامية من محافظة المنيا"، محمد على عزب. وتقام أمسية شعرية وقصصية يديرها أيمن رجب.
الختام
ويشهد مسرح جامعة المنيا ختام الفعاليات يوم الأربعاء 27 نوفمبر في التاسعة والنصف صباحا، وتتضمن الجلسة الختامية للمؤتمر، وإعلان التوصيات.
هذا ويُصدر المؤتمر عددا من المطبوعات المتعلقة بموضوعه، هي: كتاب أبحاث المؤتمر، كتاب عن "المكرَّمين"، كتاب بحثي عن المحافظة المضيفة، كتاب إبداعات المحافظة المضيفة،كتاب ذاكرة النشر الإقليمي، الجريدة اليومية للمؤتمر.
يقام المؤتمر بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية، برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، وينفذ من خلال الإدارة العامة للثقافة العامة، برئاسة الشاعر عبده الزراع، وإدارة المؤتمرات وأندية الأدب برئاسة الشاعر وليد فؤاد. بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي، برئاسة ضياء مكاوي، وفرع ثقافة المنيا.
والمؤتمر العام لأدباء مصر هو التجمع الأدبي السنوي الذي يمثل أدباء مصر ويعبر عنهم، ويهدف إلى دعم الحركة الأدبية فى مصر وتنشيطها من خلال تهيئة المُناخ المناسب للتواصل بين أدباء مصر ورموز الحركة الثقافية من جميع الأجيال، وتسليط الضوء على الإبداع الأدبي فى مصر من خلال المتابعات النقدية والإعلامية المصاحبة للمؤتمر، وتكريم رواد الحركة الأدبية والمبدعين المجيدين وكذلك الإعلاميين الذين يدعمون الحركة الأدبية في مصر، وطرح القضايا المتعلقة بالحركة الأدبية في المحافظات ودراستها.