في وداع محمد المكي ابراهبم .بعض الرحيق انا والبرتقالة انت
رحل عنا بالامس القريب قامة من قامات بلادي لا يقل شموخا عن جبال التاكا ولا عظمة عن نهر النيل الخالد شمسا سطعت في صحاري كردفان و رمال الابيض العروس ونخلة تطاول جزعها وعانقت سماوات الإبداع في غابات الدندر محمد المكي إبراهيم يا فتى الغابة الخلاسي و ابن الصحراء وفارسها.

اذكر في العام 1996 وانا في الصف الاول الثانوي بمدرسة البحر الأحمر في بورتسودان كانت لدي عادة ما زلت احن لها كنت اطوف في نهاية الأسبوع على مكتبات المدينة بحثا عن الجديد من الكتب حيث كانت هواية الاطلاع وما زالت مرافقة لي في حياتي ولا مازال الكتاب هو خير جليس لي في كل الأزمنة افضله على الجميع. اذكر انني ذهبت إلى مكتبة الرفاعي واثناء تجوالي بين الارفف وقعت عيناي على ديوان امتي للشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم و قد سعدت به ايما سعادة كطفل يرى وجهه اول مرة في المراءة على حد وصف
اديبنا
الفحل الطيب صالح. وكنت قد تعرفت ب شاعرنا الكبير من طريق اطلاعي على تجربة تيار الغابة والصحراء مع كوكبة من شعراء بلادي (واذكر هنا الراحلة ليلى
المغربي التي
كانت تقدم برنامج ثقافي شعري تحت هذا الاسم بالتلفزيون القومي). كان محمد المكي وكان صلاح احمد إبراهيم و محمد عبد الحي والرائع النور عثمان ابكر (ابن حي كوريا ببورتسودان).ظل محمد المكي علامة فارقة في فضاء الثقافة السودانوية بتجربته الشعرية الثرة. عرف بين ابناء جيله بشاعر الاكتوبريات فقد ظل وفيا لثورة أكتوبر حاضراً معها نتذكره كلما صدح العملاق وردي بصوته الشجي بأسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني و نستعيد معه لحظات خالدات من تاريخ هذا الشعب الأبي الذي قال فيه يوما معبرا عن حالات الانفعال
والعناد التي
تعتريه في اوقات النضال والثورة
باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني

الحقول اشتعلت قمحا ووعدا وتمني

والكنوز انفتحت في باطن الأرض تنادي

باسمك الشعب انتصر

حائط السجن انكسر والقيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي.
وتفجرت دواخلنا عشقا و ذابت حبا حين خص نساء بلادي بنفحة من غزل عفيف شفيف انتشر وعطر ارجاء الزمان والمكان وهو نشد الله يا خلاسية التي خلد بها ذاك الرحيق الذي تبقى منه وتلك البرتقالة التي حسم عبرها جدل
الهوية الذي
ارهق المثقفين من ابناء بلادي.

الله يا خلاسية

يا وردة
باللون مسقية

بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت

يا مملوءة الساقين أطفالا خلاسيين

يا بعض زنجية وبعض عربية

وبعض أقوالي أمام الله

كلما ذهبت إلى مدينة الرسول زائرا لا تفارق ذهني ابدا تلك اللوحة التي جسدها حبا في مدح طيبة وقبرا ضمته لسيد المرسلين واصفا تلك المدينة. مدينة الهدى والنور بما نسال الله ان يكون شفيعا ومؤنسا له في قبره

ﻣﺪﻳﻨﺘُﻚَ
ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔُ
ﻳﺎ
ﺭﺳـﻮﻝَ
ﺍﻟﻠﻪ

ﻛُﻞّ
ﺣﺪﺍﺋﻖِ
ﺍﻟﺪُﻧﻴﺎ
ﺃﻗﻞُ
ﻭﺳﺎﻣﺔً


ﺣُﻀﻮﺭ

ﻫﻨﺎﻟﻚَ
ﻟﻠﻬﻮﺍﺀِ
ﺃﺭﻳﺠُﻪُ
ﺍﻟﻨَﺒﻮﻯ

ﻣﻮﺻﻮﻻً
ﺑﺄﻧﻔﺎﺱِ

ﺍﻟﺴﻤﺎﺀِ
ﻭﻛﺄﺳﻬﺎ
ﺍﻟﻜﺎﻓﻮﺭ

ﻫﻨﺎﻟِﻚَ
ﻟِﻠﺜﺮﻯ
ﻃﻴﺐٌ

ﺑﺪﻣﻊِ
ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ
ﻭﻟﺆﻟﺆٌ
ﻣﻨﺜﻮﺭ

ﻫﻨﺎﻟِﻚَ
ﻟِﻠﻀُﺤﻰ
ﺣَﺠﻞٌ

ﺑﺄﺳﻮﺍﺭِ
ﺍﻟﺒﻘﻴﻊ

ﻭﺧﻔﺔٌ
ﻭﺣُﺒُﻮﺭ

رحم الله شاعرنا الفذ محمد المكي إبراهيم بما قدم لشعبه ونعزي انفسنا وكل ابناء شعبنا في ارجاء المعمورة سالين الله ان يعيد الامن والامان لبلدنا وان يجمع السودانيين على كلمة سواء ويوقف هذا النزيف و يوفق بين القلوب ليعم السلام ارجاء الوطن.

yousufeissa79@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: محمد المکی

إقرأ أيضاً:

ثلاثون عاما لِيَقَترب من وَهَجٍ عبقريته! "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يجب أن نعترف أن الكاتب الأسكتلندى "توماس كارليل" كان محقًا، عندما كتب بموضوعية وبنظرة محايدة عن سيد الخلق اجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى كتابه الأشهر "الأبطال"، والذى كان سببا فى أن يفجر طاقات المفكر الكبير عباس محمود العقاد، لكى يكتب عن سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد، بكتابه الهام "عبقرية محمد" ثم يتبعه بسلسلة من العبقريات الإسلامية.

كان تناول هذا الكاتب الأسكتلندى لحياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  بعد بحث وقراءة وتحليل، وكتب عنه أنه "من العار أن يصغى أي إنسان متمدين من أبناء هذا الجيل إلى وهم القائلين أن دين الإسلام كذب وأن محمدًا لم يكن على حق، لقد آن لنا أن نحارب هذه الادعاءات السخيفة المخجلة، فالرسالة التي دعا إليها هذا النبي ظلت سراجا منيرًا أربعة عشر قرنا من الزمان، لملايين كثيرة من الناس، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت أكذوبة كاذب أو خديعة مخادع؟!

ولو أن الكذب والتضليل يروجان عند الخلق هذا الرواج الكبير، لأضحت الحياة سخفا وعبثا، وكان الأجدر بها ألا توجد..

 هل رأيتم رجلًا كاذبًا يستطيع أن يخلق دينا ويتعهده بالنشر بهذه الصورة؟ إن الرجل الكاذب لا يستطيع أن يبني بيتا من الطوب لجهله بخصائص مواد البناء، وإذا بناه فما ذاك الذي يبنيه إلا كومة من أخلاط هذه المواد، فما بالك بالذي يبني بيتا، تبقى دعائمه هذه القرون العديدة وتسكنه هذه الملايين الكثيرة من الناس؟!".

وفى فقرة أخرى قال مشيدًا: "أحب محمدًا لبراءة طبعه من الرياء والتصنع، ولقد كان ابن الصحراء مستقل الرأي، لا يعتمد إلا على نفسه، ولا يدعي ما ليس فيه، ولم يكن متكبرًا ولا ذليلًا، فهو قائم في ثوبه المرقع، كما أوجده الله، يخاطب بقوله الحر المبين أكاسرة العجم وقياصرة الروم، يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة".

وشغل  كتاب "الابطال"  لهذا الكاتب الأسكتلندى عقول المفكرين والأدباء فى كافه الأقطار الإسلامية وكان سببا جوهريا فى سلسلة العبقريات الإسلامية التى كتبها عملاق الفكر عباس محمود العقاد وكانت البداية مع "عبقرية محمد" صلى الله عليه وسلم ثم توالت مؤلفاته عن صحابته  رضوان الله عليهم فكتب "عبقرية الصِّدِّيقُ"  و"عبقرية عمر" و"ذو النورين عثمان بن عفان" وعبقرية "الإمام علي" وعبقرية "خالد بن الوليد" وغير ذلك من المؤلفات الإسلامية الكثيرة.

كانت البداية عند "العقاد" هى الإقتراب من شخصية النبى الكريم سيدنا محمد ليكشف جوانب عبقريته ولهذا استغرق فى القراءة  والاطلاع أعواما كثيرة من أجل أن يكتب عنه.. هل تعرف كم عاما قضاها المفكر الكبير ليكتب عن عبقرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟.. ثلاثون عاما هى الفترة الزمنية التي  استغرقت تأليف كتاب "عبقرية محمد"  وفيه تكلم  عن عبقرية سيد الخلق اجمعين فى الدعوة وعبقريته العسكرية وبعدها تناول فى كتابه صور من العبقرية السياسية والإدارية وأفاض فى وصف  صفاته صلى الله عليه وسلم كزوج  وأب وصديق ورئيس وسيد وعابد...

لكن وكأنه اِستَدرَكَ أن فاته الكثير من عبقرية سيدنا محمد  فكان عليه أن يختم كتابه  بفصل عنوانه "محمد فى التاريخ" كتب في  بداية هذا الفصل  أردنا بالفصول المتقدمة أن نصف محمدًا في عبقريته، أو محمدًا في نفسه، أو  محمدًا في مناقبه التي يتفق على تعظيمها من يدين برسالته الدينية، ومن لا يدين له برسالة. ونريد بهذا الفصل- وهو خاتمة الكتاب- أن نذكر كلمة موجزة عن محمد في التاريخ، أو محمد في العالم وأحداثه الخالدة، وهو بحث يغنينا فيه الايجاز، لأن العالم كله صفحات تنبئنا بمكان محمد فيه..

 ‫ محمد في نفسه عظيم بالغ في العظمة، وفاق لكل مقياس صحيح يقاس به العظيم عند بني الإنسان في عصور الحضارة...

‫ فما مكان هذه العظمة في التاريخ؟ ما مكانها في العالم وأحداثه الباقية على تعاقب العصور؟

‫ مكانها في التاريخ: أن التاريخ كله بعد محمد متصل به مرهون بعمله، وأن حادثا واحدا من أحداثه الباقية لم يكن ليقع في الدنيا كما وقع لولا ظهور محمد وظهور عمله...

الأسبوع القادم باذن الله أكمل قراءة الكتاب الرائع للمفكر الكبير عباس محمود العقاد "عبقرية محمد" 

 

مقالات مشابهة

  • ثلاثون عاما لِيَقَترب من وَهَجٍ عبقريته! "2"
  • الفرق الإسعافية والتطوعية بهيئة الهلال الأحمر تنقذ معتمرًا باكستانيًا في الحرم المكي
  • إبراهيم الهدهد: العذاب بعدل الله والنجاة برحمته
  • اليوم.. سماء إبراهيم تحتفل بعيد ميلاد أنا كارمن على مسرح نهاد صليحة
  • احتفالا بعيد الحب.. سماء إبراهيم تحتفي بعيد ميلاد «أنا كارمن» الـ16بأكاديمية الفنون
  • أسير تحت الأمواج.. تأملات في سفر يونان كتاب جديد للقمص بنيامين إبراهيم
  • "أسير تحت الأمواج.. تأملات في سفر يونان" كتاب جديد للقمص بنيامين إبراهيم
  • تفاصيل الحالة الصحية للوزير الأسبق مبدع التي منعته من حضور محاكمته
  • أسما إبراهيم: الله يوزع الأرزاق بعدل.. لكن البعض لا يرضى وأخشى الحسد
  • تعرف إلى شهد الزرعوني التي نالت ترقية محمد القرقاوي أمام فريق 'القمة'