بعد أنْ قَضَى أصْهارِى الأربعةُ وأُمُّهم ثلاثةَ أيامٍ في الخفجي ، غادَرُوا إلى الجُبيل البلد وأقامُوا عزاءاً جديداً في شقّتي التي تُطِلُّ على شارعِ القطيف . تَركُوا شقّتي للحَرِيم واتَخَذُوا مِن شقّة المُعلِّمين السُّودانيين المُقابِلة لها في الناحِية الأُخرَى مِن الشَّارِع مَجلِساً لِعَزاءِ الرجال .

ظلُّوا هُنالِك أربعةَ أيامٍ ثُمّ أخَذُوا أُمَّهم وغادَرُوا إلى الرِّياض ولمْ يُعقِّبْ مِنهُم أحدٌ لزِيارَتنا في المُستشفى طِيلةَ وجُودِنا فيه . سافرَ عبدُ الرَّحمن بِأمِّه إلى السُّودان .
أمَّا في السُّودان فكَانَ الحُزنُ كَبِيراً . ارتَحلَ أهلِي كلُّهم مِن " وَد الهِندِي " إلى قَريةِ " القُصَيرَة " لِيُؤازِرُوا ويُواسُوا ويُخَفِّفُوا عن أهلِنا هناك وقعَ المُصيبةِ ، وكانَ على رأسِهم أخي وشَقِيقي فتحُ الرَّحمن الذي قامَ بِكلِّ الوَاجِب بِكُل تَجَرُّد ونُكرَان ذات أثناءَ ايّامِ العَزاءِ الثَّلاثة في القَرية . بعد أنْ غادَرتْ أمُّ أسماء إلى السُّودان ، قامَ شقيقي الأصْغَر زينُ العابِدين بِتَقدِيم طَلَب استِقدَام الوَالِدة مِن السُّودان لتَقُومَ بِدَورِ الأُم لِكُلٍّ مِن أبنائي عمر وأحمد في هذه الفترةِ الحَرِجةِ مِن حَياتِهما وهُما طِفلان لا يَزالان .
انْقضَتْ فترةُ العِلاج وتَقرَّر خُروجُنا مِن مُستَشفى الشَّرِكة العربية للزَّيت قبل عيدِ الأضحَى بيومين أو ثلاثة تقريباً. بعدَ أنْ شَكَرنا طاقَمَ الأطِبّاء والمُمرِّضين ، خَرجْنا بِصُحبةِ أخينا " أبو أحمد " إلى دارِه العامِرةِ فاسْتَقبَلتنا أُمُّ أحمد بالبُكاءِ والحُزنِ النَّبِيل . وتَعهَّدتْ أحمد بعِنايةٍ خاصّة إذ لا يزالُ الجبسُ على رِجلِه اليُمنَى . كانَ عُمُر أحمد في ذلك الوقتِ خمسةَ أعوامٍ وعُمُر أخيه سبعة . مَكَثنا لدَى " أبو أحمد " وعائلَتِه الكَرِيمةِ حتّى نهارِ اليومِ الأوَّلِ مِن عيدِ الأضحَى المُبارَك . ثُمَّ سافَر بِي أنا لوحدي إلى الجُبيل حتّى أتلقى تعازي الناسِ الذين لمْ يَتمَكَّنُوا مِن الذَّهابِ إلى الخفجي . وتَرَكنا عمر وأحمد تحتَ رِعايةِ أُم أحمد وصُحبةِ أحمد وأمجد وياسر حَفِظَهُم الله جميعاً .
كانَ العَزاءُ هذه المَرَّة في أحدِ أحياءِ المَنطِقة السَّكنِية بالجُبيل الصِّناعية، وكنتُ قد وصَفتُها مِن قَبلُ . كانَ مُضَيِّفَنا أخٌ عزيزٌ مِن أبناءِ " الدَّلَيبة " القريةِ التي لا تَبعُد عن القُصيرة أكثرَ مِن ٢ كم ، وزَوجَتُه " أُم أمَل " مِن القُصَيرة ذاتِها . استَقبَلَنا الأخُ الكريمُ عبدُ الرَّحمن إبرَاهيم بِحفَاوةٍ في دارِه الباذِخةِ ، وسُرعانَ ما تَقاطَر النّاسُ للعَزاءِ بعد أنْ عَرَفُوا مَوقِعَ الدَّار . كانَ المُعَزُونَ مِن كُلِّ مُدنِ المَنطِقة : الجُبيل ، الدّمام ، الخُبر ، الهُفُوف ، صفْوَى ، والقَطِيف . أكْرَمَ أبو أمَل وحَرمُه المَصُون وبناتُهم أمل وأسماء وإيناس كُلَّ الذين وَفَدُوا لعَزائِنا وأحَسنُوا وِفادَتَهُم أيَّما إحْسَان . فجَزاهُم اللهُ عنَّا خيرَ الجَزاء . بعد يومين أو ثلاثة رَجَعتُ الي الخفجي وعُدتُ منها وأبنائي إلى دارِنا في شارِع القَطِيف .
وصَلَتْ بعد الأيَّامِ الخَمسَةِ الأولَى مِن عيدِ الأضحَى المُبارَك الوَالِدةُ الغاليةُ زينب الشريف مختار وصَحِبتهَا الطُمأنِينةُ برداً وسلاماً هَبَطا معها علينا وعلى دارِنا وعلى أبنائِها عُمر وأحمد قبلَ كُلِّ شَئ .

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

سوريا: استشهاد الإعلامية صفاء أحمد في العدوان الصهيوني على دمشق

الثورة نت /..

أعلنت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السورية،عن استشهاد الإعلامية صفاء أحمد في العدوان الصهيوني على دمشق.

وكان مصدر عسكري سوري قال في تصريح لوكالة الانباء السورية سانا: إنه “نحو الساعة 05: 2 فجر اليوم شن العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً بالطيران الحربي والمسير من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفاً عدداً من النقاط في مدينة دمشق”.

واستشهد على اثره ثلاثة مدنيين سوريين من بينهم الاعلامية صفا احمد واصيب تسعة آخرون بجروح .

مقالات مشابهة

  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. طائر يلخّص أمّة
  • سوريا: استشهاد الإعلامية صفاء أحمد في العدوان الصهيوني على دمشق
  • السفير الروسي لدى مصر يلتقي وزير المالية أحمد كوجك
  • مُذَكِّرَاتُ مُغْتَرِبٍ في دُوَلِ الخَلِيجِ العَرَبي (٢٤)
  • كاريكاتير أحمد رحمة
  • سيد الناس .. سبب تأجيل تصوير مسلسل عمرو سعد الجديد
  • الحربي: كيف يُصنع القرار في الأهلي؟
  • التعافِي الوطني شروطه وضرُورته «1»
  • تعرف على أسعار تذاكر حفل أحمد سعد في دبي