1 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة: اجتياح لبنان مرة أخرى بات حدثاً معتاداً في ظل صمت عالمي يكاد يكون مطبقاً على ما يجري من اشتباكات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في جنوبي لبنان.

و بينما يصعد التوتر على الحدود، يبدو أن الأصوات الدولية تغيب أو تكتفي بالتصريحات الدبلوماسية المعتادة، دون أي تأثير فعلي على مسار الأحداث أو رغبة حقيقية في إيقاف التصعيد.

وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده يخوضون معارك عنيفة مع مقاتلي حزب الله في جنوبي لبنان، في حين أكد الحزب أنه استهدف “تحركات لجنود العدو” في موقع المطلة بقذائف المدفعية، وحقق إصابات مباشرة. وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في تغريدة على موقع “إكس” أن معاركا عنيفة تدور في جنوبي لبنان، داعيا “السكان لعدم التحرك بالمركبات من الشمال إلى جنوب نهر الليطاني حتى إشعار آخر”.

من جهته، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن الجيش الإسرائيلي “يخوض حالياً قتالاً في ظروف ليست سهلة بجنوب لبنان”، مضيفاً أن “هذا هو الوقت المناسب لهزيمة حزب الله وإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم”. وكان جيش الاحتلال قد أفاد بأن قوات الفرقة 98 بلواءي الكوماندوز والمظليين واللواء 7 المدرع هي التي تشارك في عملية لبنان.

و يبدو الصمت العربي والإسلامي أمام ما يحدث في لبنان مستمراً ومثيراً للاستغراب. يعود هذا الصمت إلى عدة أسباب، أولها هو انشغال العديد من الدول العربية بأزماتها الداخلية؛ فقد أصبحت الصراعات الداخلية في العديد من الدول مثل سوريا، وليبيا والعراق تشكل أولوية قصوى، مما يؤدي إلى تراجع الاهتمام بالقضايا الإقليمية الأخرى مثل لبنان. بالإضافة إلى ذلك، هناك تغيير في التحالفات الإقليمية؛ حيث أبدت بعض الدول العربية مؤخراً انفتاحاً على العلاقات مع إسرائيل، وهو ما جعلها أقل حماسةً لإدانة أفعالها العسكرية ضد لبنان.

أما بالنسبة للصمت العالمي، فيمكن تفسيره بأنه نتيجة لحسابات دولية معقدة تتعلق بالتوازنات الجيوسياسية والمصالح الاقتصادية.

والعديد من الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، تفضل الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل ولا ترغب في التدخل بشكل فعال ضدها. علاوة على ذلك، تبدو العديد من القوى الغربية غير مهتمة بتصعيد إضافي في المنطقة، خاصة في ظل التوترات الحالية مع روسيا والصين وأزمات الطاقة.

في السياق الإسلامي، يمكن الإشارة إلى وجود تباين في المواقف بين الدول الإسلامية. بعض الدول لديها موقف معلن بالوقوف ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكن هذا الموقف يبقى في إطار التصريحات الإعلامية ولا يتحول إلى خطوات عملية ملموسة على أرض الواقع، ويعكس هذا التباين غياب استراتيجية موحدة أو تعاون جاد بين الدول الإسلامية.

و الصمت العربي والإسلامي والعالمي يمثل دعماً غير مباشر للتصعيد الإسرائيلي في لبنان. فغياب ردود الفعل القوية والمواقف الواضحة يشجع إسرائيل على المضي قدماً في عملياتها العسكرية دون خوف من العواقب الدولية. هذا الصمت يعكس ضعفاً في النظام الدولي وعدم فعاليته في التعامل مع النزاعات، وخاصة تلك المتعلقة بإسرائيل التي طالما حظيت بدعم سياسي ودبلوماسي غربي قوي.

 

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

د. محمد بشاري يكتب: هل التعددية الثقافية والمذهبية عامل استقرار أم فتيل صراعات؟

التعددية الثقافية والمذهبية حقيقة راسخة في المجتمعات الإنسانية، تعكس تنوعًا غنيًا في الأفكار والعقائد والتقاليد. لكن هذا التنوع، الذي يفترض أن يكون مصدر إثراء، يتحول أحيانًا إلى محور صراعات تهدد استقرار الدول وتماسكها. هل يمكن اعتبار التعددية عاملًا يعزز الوحدة الوطنية، أم أنها بطبيعتها تفتح المجال أمام الانقسامات والتوترات؟ الجواب يتوقف على قدرة الدول على إدارتها ضمن إطار يحافظ على التوازن بين الهويات المتعددة والانتماء الوطني المشترك.

في الفكر السياسي والفلسفي، يُنظر إلى التعددية على أنها ضرورة تفرضها طبيعة المجتمعات المعاصرة، إذ لا يمكن لأي كيان سياسي أن يقوم على التجانس المطلق. المفكرون منذ عصر التنوير، مثل جون لوك وإيمانويل كانط، رأوا أن الاعتراف بالتنوع شرط أساسي للحرية والتقدم. لكن هذا المفهوم، الذي بدا مثاليًا في السياقات النظرية، اصطدم بتحديات الواقع، حيث وجدت دول كثيرة نفسها عاجزة عن التوفيق بين احترام التعددية وحماية وحدتها الوطنية.

عبر التاريخ، شهدت البشرية تجارب مختلفة في إدارة التنوع. بعض الدول نجحت في تحويل التعددية إلى عنصر قوة واستقرار، من خلال بناء مؤسسات سياسية تضمن العدالة والمساواة لجميع مكوناتها، بينما وجدت أخرى نفسها غارقة في صراعات داخلية بسبب الفشل في احتواء التعدد أو بسبب استغلاله من قبل قوى داخلية أو خارجية لخدمة أجندات تفكيكية. في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة، باتت مسألة التعددية أكثر إلحاحًا، خاصة مع تصاعد النزاعات التي يغذيها الخطاب الطائفي أو العرقي، مما يفرض إعادة التفكير في كيفية بناء دولة وطنية قادرة على إدارة هذا التنوع دون أن يتحول إلى تهديد لاستقرارها.

التحدي الأساسي اليوم ليس في وجود التعددية بحد ذاتها، بل في كيفية التعامل معها: هل تُترك لتكون وقودًا للنزاعات، أم تُستثمر في بناء مجتمع قادر على التعايش ضمن إطار وطني جامع؟ الجواب عن هذا السؤال ليس مجرد تنظير فكري، بل هو مسألة مصيرية تحدد مستقبل الدول ومجتمعاتها.

مقالات مشابهة

  • الجيش الكويتي: مقتل جنديين من القوات البرية وإصابة آخرين
  • الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يعتقل إسرائيليين عبروا الحدود إلى لبنان
  • لبنان: انتشال 23 جثمانا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي
  • د. محمد بشاري يكتب: هل التعددية الثقافية والمذهبية عامل استقرار أم فتيل صراعات؟
  • شاهد: أهالي كفر كلا يعودون إلى بلدتهم المدمرة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي
  • بقاء الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط بالجنوب اللبناني: أي خيارات لدى لبنان وحزب الله؟
  • إعلام العدو يعترف: بقاء “الجيش الإسرائيلي” بجنوب لبنان خطأ فادح!
  • فيديو من جنوب لبنان... شاهدوا كيف نزع الجيش علم العدوّ الإسرائيليّ
  • الجيش الإسرائيلي ينسحب جزئيًا من جنوب لبنان مع انتهاء المهلة