التقنيات والإتجاهات الرئيسية لبناء المدينة الذكية
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
الدكتور رياض صبحاني، أستاذ مشارك في كلية الرياضيات وعلوم الكمبيوتر، جامعة هيريوت وات دبي
يدور أساس تطوير المدينة الذكية حول التقنيات الرقمية التي تربط العناصر المختلفة، مثل المواطنين والبنية التحتية وموارد المدينة الذكية. على مدى العقدين الماضيين، كان هناك الكثير من التركيز على كيفية تحسين نوعية الحياة داخل المدن الذكية.
تسمح تقنيات إنترنت الأشياء فى المدن الذكية بتحسين جمع البيانات ومشاركتها. يمكن لأجهزة إنترنت الأشياء جمع البيانات في الوقت الفعلي باستخدام أجهزة الاستشعار المدمجة الخاصة بها ومعالجة البيانات أو مشاركتها مع أصحاب المصلحة المعنيين. علاوة على ذلك، يمكن دمج أجهزة الاستشعار داخل البنية التحتية للمدينة لإنشاء ما يسمى بالبنية التحتية الذكية. تُستخدم الكمية الكبيرة من البيانات، أو ما يسمى بالبيانات الضخمة، التي تجمعها مستشعرات إنترنت الأشياء، في الغالب بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي (ML)، التي تعمل على تحسين أتمتة العمليات اليدوية بالإضافة إلى إجراء التحليلات التنبؤية. كما يتم إستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في مجالات حياتية مختلفة مثل التعليم والرعاية الصحية والنقل واستخدام الطاقة في المدن الذكية. يمكن استخدام المجموعة الكبيرة من البيانات المجمعة للتحليلات المسبقة، حيث يمكن لمقدمي المرافق والهيئات الإدارية تحليل البيانات لتحديد الأنماط والاتجاهات للتنبؤ بشكل أفضل بالمشاكل والتحديات.
تشتمل أنظمة إدارة حركة المرور الذكية (ITMS) على الكاميرات الذكية وإشارات المرور الذكية الموضوعة بشكل إستراتيجي والتي يمكنها مراقبة حركة المرور في الوقت الفعلي وإدارة حركة المرور خلال ساعات الذروة أو أثناء الأحداث التي تؤثر على تدفق حركة المرور. يمكن لأنظمة إدارة حركة المرور الذكية ITMS أيضًا تمكين الإستخدام الواسع النطاق للمركبات ذاتية القيادة للنقل الشخصي العام والخاص (مثل سيارات الأجرة الآلية). ومع مزيد من التطور في تقنيات الشحن اللاسلكي، يمكن أن تكون الطرق الكهربائية اللاسلكية سمة من سمات المدن الذكية لشحن السيارات الكهربائية أثناء القيادة.
كما يمكن لأنظمة إدارة الطاقة الذكية (SEMS) في المباني العامة والمنازل الخاصة تحسين استخدام الموارد من خلال التنبؤ باستخدام الطاقة خلال أوقات مختلفة من اليوم والسنة لتحسين استخدام خدمات التدفئة والتبريد. بالإضافة الى إستخدام الشبكات الذكية للسماح بتكامل الطاقة المولدة من مصادر متجددة مختلفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية وغيرها. وستمكن الشبكة الذكية أيضًا التوزيع الأمثل للكهرباء.
من عيوب مصادر الطاقة المتجددة، في الوقت الحالي، عدم وجود إنتاج ثابت للطاقة في أوقات مختلفة من اليوم أو السنة. مع تطور تكنولوجيا تخزين الطاقة الأكثر كفاءة، على سبيل المثال من خلال خلايا البطارية، يمكن إنتاج الكهرباء خلال النهار من الطاقة الشمسية وتخزينها لتوزيعها على المنازل ليلا.
تساهم أمثلة ITMS وSEMS في تعزيز إستدامة المدن الذكية. وقد إتفقت العديد من البلدان والمدن على تحقيق هدف صافي الصفر ، ويمكن للمدن الذكية أن تساعد في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. كما يمكن أن تساعد أنظمة إدارة النفايات في تقليل الإنبعاثات الصادرة عن المدن الذكية في المستقبل باستخدام الصناديق الذكية وجمع النفايات. يمكن تحسين نظام إعادة تدوير النفايات من خلال تمكين مشاركة المواطنين من خلال المراقبة في الوقت الحقيقى وردود الفعل حول إدارة النفايات. لتحسين استدامة المدن الذكية، يمكن استخدام تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي لتحسين الزراعة الحضرية مثل الزراعة العمودية والزراعة على أسطح المنازل مما يمكّن المدينة الذكية من تقليل الإعتماد على الغذاء من المصادر الخارجية (حيث تكلفة النقل والتلوث أقل) وزيادة الاكتفاء الذاتي للطعام والماء. يمكن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاج المحاصيل وتحسين استخدام الموارد، ومثال آخر هو استخدام التوائم الرقمية التي يمكن أن تساعد في مراقبة سلوك إنتاج المحاصيل والتنبؤ بها. ومن المزايا الأخرى للزراعة الحضرية المحسنة تحسين جودة الهواء، والتي تتم مراقبتها في الوقت الفعلي في جميع أنحاء المدينة.
يمكن لمدينة المستقبل الذكية أن تحسن تفاعل المواطنين مع الخدمات اليومية، مما سيؤدي إلى تحسين مشاركة المواطنين. تطبيق نهج الطب (التنبئي والوقائي والشخصي والتشاركي) P4 في المدن الذكية لتحسين الصحة العامة للمواطنين. يمكن تقديم الجزء المخصص والتشاركي من طب P4 بمساعدة الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية وإنترنت الأشياء. سيحصل المرضى على خدمات رعاية صحية شخصية، مثل العلاجات الشخصية بناءً على تاريخهم الطبي. وسيشارك المواطنون بشكل أكبر في مراقبة صحتهم باستخدام أجهزة إنترنت الأشياء في بيئة ذكية، على سبيل المثال، من خلال ارتداء جهاز مراقبة معدل ضربات القلب الذكي الذي يمكنه توفير البيانات في الوقت الفعلي للموظفين السريريين. يمكن للتطبيب عن بعد أن يحسن مشاركة المواطنين من خلال توفير مواعيد عن بعد مع الأطباء عبر منصات مخصصة تستخدم تقنيات غامرة (الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي). ويمكن أيضًا تحسين مشاركة المواطنين باستخدام التطبيقات الرقمية للسماح للمواطنين بالمشاركة في صنع القرار بشأن المدينة. يمكن للمواطنين تقديم ملاحظات حول الخدمات والإبلاغ عن المشكلات إلى السلطات المختصة.
إن الجزء الأساسي من إنشاء مدينة المستقبل الذكية هو تعزيز الاتصال في جميع أنحاء المدينة، دون وجود نقاط سوداء. يمكن أن يوفر اعتماد شبكات 5G الجيل الخامس اتصالاً أفضل بين عدد أكبر من الأجهزة المترابطة مع نقل البيانات بشكل أسرع. ستسمح تقنية 5G بجمع البيانات من المزيد من أجهزة الاستشعار في جميع أنحاء المدينة ونقلها إلى خوادم مختلفة في الوقت الفعلي.
سيؤدي التقدم في المدينة الذكية المستقبلية إلى جمع ونقل المزيد من البيانات، مما سيثير قضايا حول أمن البنية التحتية ضد الهجمات الإلكترونية وخصوصية مواطنيها. هناك أيضًا مسألة المعاملة العادلة لمختلف أنواع المواطنين لضمان معاملتهم بشكل منصف. سيتم دعم مدينة الغد الذكية بأجهزة إنترنت الأشياء المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي مع اتصال أفضل، ونأمل أن تعمل على تحسين جودة الحياة ضمن حدودها.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی مشارکة المواطنین فی الوقت الفعلی إنترنت الأشیاء المدینة الذکیة المدن الذکیة حرکة المرور یمکن أن من خلال
إقرأ أيضاً:
الخبراء يناقشون أهمية تأمين المجتمعات الذكية في مواجهة التهديدات الإلكترونية"
ناقش الخبراء في جلسة "من المدن الذكية إلى كل شيء ذكي: التطور الشبكي" التطورات المتسارعة في مجال المدن الذكية وأهمية تأمين التكنولوجيا كأساس لتحقيق نجاح هذه المبادرات في مصر.
وأكد الخبراء أن تطوير المدن الذكية في مصر يعتمد بشكل كبير على الاستفادة من الابتكارات التكنولوجية الحديثة، مع التركيز على ضرورة تأمين الأنظمة التكنولوجية وضمان حماية البيانات والمعلومات.
كما أشاروا إلى أن التحديات التنظيمية هي من أبرز العقبات التي قد تعرقل تطبيق هذه الحلول على نطاق واسع، مؤكدين على أهمية تضافر الجهود بين الحكومة والشركات الخاصة لتحقيق مستقبل ذكي ومستدام.
وأكد الخبراء في الجلسة على ضرورة تبني استراتيجيات تكنولوجية قوية تسهم في تحقيق أهداف المدن الذكية بشكل مستدام وآمن، مع التأكيد على أهمية التدريب المستمر وتطوير التشريعات لضمان حماية البيانات وتعزيز الأمان في ظل التقنيات الحديثة.
جاء ذلك خلال فعاليات النسخة الثامنة والعشرين من معرض ومؤتمر Cairo ICT’24، الذي يُعقد تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال الفترة من 17 إلى 20 نوفمبر 2024، بمركز مصر للمعارض الدولية. يأتي المعرض هذا العام تحت إشراف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
جورج خياط، الرئيس التنفيذي لشركة Interactivo، أكد أن مصر قد قطعت شوطًا كبيرًا في تطبيق تقنيات المدن الذكية، مشيرًا إلى أن الابتكارات التكنولوجية مثل إنترنت الأشياء والمنازل الذكية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تحسين جودة حياة الأفراد. وقال خياط: "التكنولوجيا توفر بيئة متكاملة حيث يستطيع الفرد العيش في منزل ذكي أو في مدينة تعتمد على الحلول الذكية، مما يسهم في تسهيل الحياة اليومية وتيسير إنجاز المهام."
وأضاف خياط أن إنشاء المدن الذكية لا يتم بشكل مفاجئ، بل يحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية مدروسة بعناية لتحديد الأنظمة التكنولوجية المناسبة، متمنيًا أن يتم تعميم التجربة على نطاق أوسع في الفترة القادمة. وأشار إلى التحديات التي تواجه تطبيق المدن الذكية في مصر، بما في ذلك غياب التشريعات المحددة والأطر التنظيمية الواضحة، بالإضافة إلى ضرورة تسريع الإجراءات الخاصة بالرخص التكنولوجية بما يضمن الاستفادة القصوى من هذه الحلول المتطورة.
من جانبه، تحدث مؤمن شريف، مدير العمليات في شركة Comatrol، عن التقدم الذي شهدته مصر في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بتطبيق المدن الذكية، مؤكدًا أن الحلول التكنولوجية وتقنيات الذكاء الاصطناعي كانت هي العامل المحوري في تسهيل حياة المواطنين. وأضاف شريف: "من خلال الذكاء الاصطناعي، يمكن تحسين بنية المدن الذكية بشكل مستمر، حيث توفر هذه التقنيات القدرة على تحسين عمليات اتخاذ القرار، مما يسهم في توفير بيئة أكثر أمانًا وراحة."
عمرو نور، الرئيس التنفيذي لشركة IoT Misr، ركز على أهمية التكنولوجيا في تحسين رفاهية المواطن في المدن الذكية. وقال نور: "إنترنت الأشياء هو المكون الأساسي الذي يمكنه ربط كافة الأجهزة وتحليل البيانات بشكل يساعد في تحسين مستوى الحياة داخل المدن." وأشار إلى أن إنترنت الأشياء يتم تطويره باستمرار ليلبي احتياجات المواطن ويواكب التغيرات التكنولوجية. ولفت إلى أن الوعي العام يعد أحد أبرز التحديات في تطبيق مفهوم المدن الذكية، مؤكدًا أن التكنولوجيا قد تم تطويعها بنجاح لتحقيق الأهداف المرجوة.
محمد عبد الفتاح، الخبير الإقليمي في تكنولوجيا التشغيل في مصر وليبيا والسودان بشركة Fortinet، أشار إلى أن تأمين التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة داخل المدن والمنازل الذكية يعد أمرًا بالغ الأهمية، خصوصًا مع تزايد التهديدات الإلكترونية.
وقال عبد الفتاح: "تعتبر حماية الأنظمة الذكية من الهجمات الإلكترونية من الأساسيات التي يجب التفكير فيها عند بناء مدينة أو منزل ذكي، وذلك لضمان حماية المستخدم وربطه بالخدمات المحيطة به عبر الذكاء الاصطناعي."
وأضاف أنه من الضروري تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال استراتيجيات واضحة تساهم في تسريع اتخاذ القرارات، إلى جانب تدريب وتأهيل الكوادر على التكنولوجيا الحديثة لتجنب أي مخاطر قد تؤثر على الدولة. كما أشار إلى أن مصر من بين الدول التي تواجه هجمات إلكترونية متزايدة بسبب عدم تأمين بياناتها بالشكل الصحيح حتى الآن.
من جانبه، تحدث معتز الطوخي، المدير التجاري B2B في شركة e& Egypt، عن أهمية فكرة المدن الذكية التي أصبحت من أولويات الحكومات لتسهيل الحياة اليومية للمواطنين. وأكد الطوخي على ضرورة العمل على حل التحديات البيئية مثل تقليل الانبعاثات، بالإضافة إلى أهمية الاستفادة من المعلومات لتحسين الحياة اليومية وتقديم خدمات أفضل للمواطنين. وأضاف: "الشركة بدأت في الاستثمار في مصر في مجال الخدمات التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الفرد، كما أن خدمات الجيل الخامس 5G ستضاعف سرعات الإنترنت في مصر إلى عشرة أضعاف، مما يسهل عملية نقل البيانات والمعلومات بشكل أسرع."
وأشار الطوخي أيضًا إلى أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تنظيم البيانات والمعلومات بشكل فعال للحصول على قرارات دقيقة، مؤكدًا أن التكنولوجيا لن تؤدي إلى عائد اقتصادي إلا إذا تم استخدامها بشكل سليم. وأكد على أهمية تحرك الجهات المعنية في مصر نحو إصدار قوانين لحماية بيانات العملاء لضمان الأمان والخصوصية.
تنظم فعاليات المعرض شركة تريد فيرز إنترناشيونال بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تحت شعار "The Next Wave"، حيث يسلط الضوء على أحدث التقنيات والاتجاهات المستقبلية التي ستعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعات. ويشهد الحدث مشاركة كبرى المؤسسات العالمية وقادة التكنولوجيا.
يأتي المعرض برعاية عدد من الشركات والمؤسسات الكبرى، منها: دل تكنولوجيز، مجموعة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، البنك التجاري الدولي (CIB)، هواوي، أورنج مصر، مصر للطيران، المصرية للاتصالات، ماستركارد، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا). كما تضم قائمة الرعاة شركات مثل: إي آند إنتربرايز، مجموعة بنية، خزنة، وسايشيلد.
يمثل معرض ومؤتمر Cairo ICT’24 منصة مهمة لاكتشاف الموجة التالية من التطور التكنولوجي، وإبراز الفرص المستقبلية التي تساهم في إعادة تشكيل الاقتصاد المصري والعالمي.