على رغم أن لا صوت يعلو اليوم على صوت الصواريخ التي تدّك المناطق اللبنانية، جنوبًا وبقاعًا وضاحيةً جنوبية، وربما قد تصل لاحقًا إلى كل لبنان، وعلى رغم أن الحديث اليوم عن غير تداعيات هذه الحرب، التي تشنّها إسرائيل على لبنان تحت عنوان "تصفية" كوادر "حزب الله" وتدمير قدراته الدفاعية والهجومية، يُعتبر في غير محّله، وأن الأوان ليس أوانه في هذه الظروف الحرجة، فإن التذكير بأنه مع بداية شهر تشرين الأول يبدأ العدّ العكسي لكي يطوي الفراغ الرئاسي سنته الثانية، وقد يكون حبل هذا الفراغ على الجرار، والذي سيمتد حكمًا وطبيعيًا وتلقائيًا إلى كل مؤسسات الدولة إذا طالت حرب إسرائيل على لبنان، وهي ستطول، كما يقول العارفون والمتتبعون لما يرد من تل أبيب إلى العواصم المهتمة بعملية الاستقرار في المنطقة من خلال إرساء الهدوء في لبنان وغزة تباعًا من أجوبة رافضة لأي حلّ يُطرح على حكومة نتنياهو الحربية.
ربّ قائل إن مَن شرب بحر سنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي في العام 2014، لن يغصّ إن شرب ساقية عامي 2022 – 2024. بهذا المنطق يتعاطى معطّلو الانتخابات الرئاسية، وكلٌ على قدر ما يؤتى من إمكانات وأدوات تعطيلية. وفي هذا تكمن المشكلة الأكبر. وقد تكون هذه المشكلة أكبر من أزمة دستورية بات مفروضًا على اللبنانيين أن يعتادوا على "مهزلة" تكرارها مرّة كل ست سنوات. وقد أتت التطورات الأخيرة بما تحمله من مآسٍ وويلات وكوارث على كل لبنان، وليس فقط على بيئة "الثنائي الشيعي" لـ "تدفش" بهذا الاستحقاق في اتجاهه غير الصحيح، وهو في الأساس لم يكن يحتاج إلى كل هذه الأسباب، لأن معطّليه لم يكونوا يسعون إلى وضع حدّ لما يمكن تسميته "مهزلة دستورية".
قد لا يعجب هذا الكلام الذين يعتبرون أن الأولوية اليوم هي البحث عن السبل الممكنة، التي من شأنها أن تعزّز مقومات الصمود لدى الشعب اللبناني، الذي أصبح نصفه تقريبًا في حكم النازح، والنصف الآخر يفتش عن السبل الممكنة والمتاحة لتأمين مستلزمات الإيواء لنصفه الآخر، وإن تباعدا عمودًيا وأفقيًا في المقاربات السياسية. وهنا تكمن عظمة الشعب اللبناني، الذي يتعالى على الجراح ويغض الطرف عن بعض الخلافات، التي سيأتي الوقت المناسب لحلها والتعاطي معها بما يفترض التعاطي الطبيعي مع التطورات، التي تتجاوز القدرات الذاتية.
بهذا المنطق يتعاطى جميع من في يدهم مفتاح التعطيل. ويجرؤون على القول لمن يراجعهم من بعثات ديبلوماسية مهتمّة بالوضع الرئاسي أكثر بكثير من هؤلاء المعطّلين، سلبًا أو إيجابًا: "ليك بشو بالكن. منكن عايشين بهالبلد. مش عم تشوفو شو عم بيصير بغزة وبالجنوب والبقاع والضاحية وكل لبنان".
المسؤولية عن هذا الفراغ يوازي بخطورته ما يتعرّض له لبنان من مجازر متنقلة على يد عدو لا تعني له القيم الإنسانية أي شيء على الاطلاق.
ربّ قائل إن الوضع بعد العدوان الإسرائيلي الغاشم لن يكون كما كان من قبل، أي بمعنى أن ما دفعه لبنان من أثمان باهظة نتيجة هذه الحرب، التي فُرضت عليه فرضًا ولم يكن يريد أن يتورط فيها، سيستثمر في السياسة بعد أن تتوقف الآلة الإسرائيلية عن ذبح الأطفال والنساء والعجز بحجة استهداف عناصر من "المقاومة الإسلامية".
لا نقول جديدًا إن قلنا إن دولتنا ضعيفة بوحدتها وبإمكاناتها وقدراتها الذاتية، وهي التي بالكاد تستطيع أن تتنفس في الحالات الطبيعية فكيف إذا كانت هذه الحالات غير طبيعية. والمسؤولية بأن دولتنا ضعيفة هي أيضًا مسؤولية جماعية، إذ لم نستطع أن نبني مؤسسات ثابتة وراسخة، ولم نستطع بالتالي أن نؤّمن لها ما يكفي من أمصال حتى تتعافى قبل الحرب الوحشية واثناءها وبعدها. العبثية التي عصفت بها. بل كان كل واحد منّا يحاول أن يصنع "دولة" على قياسه، فكانت هذه الدويلات أقوى من الدولة الأمّ.
فانتخاب رئيس للجمهورية اليوم، وفي ظل هذه الهمجية الإسرائيلية، وهو أفضل ردّ جماعي على هذه الغطرسة، بعدما تأكد للجميع أنه بالتضامن الوطني الحقيقي والصافي يستطيع اللبنانيون أن ينتصروا على هذا العدو الغاشم، وأن يعيدوا بناء ما تهدم، وأن يترحموا على جميع الشهداء الذين سقطوا غدرًا.
فما قاله الرئيس نجيب ميقاتي بعد لقائه الرئيس نبيه بري هو خارطة طريق لمرحلة ما قبل الحرب، وتاليًا يشكّل مخرجًا للجميع من دوامة العنف عبر التزام الجميع بتطبيق القرار 1701، مع الاستعداد الكامل لإرسال الجيش إلى جنوب الليطاني، وبالتالي انتخاب رئيس توافقي للجمهورية في اليوم التالي لوقف الحرب، على حدّ تأكيد رئيس مجلس النواب، الذي أيّد بالكامل ما صرح به رئيس الحكومة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
7 أعوام على اكتشافه.. ما سر البهو الكبير المجهول داخل الهرم الأكبر؟
نحو 7 أعوام مرت على ذكرى اكتشاف تجويف ضخم بحجم طائرة في الهرم الأكبر خوفو، أطلق عليه الباحثون «الفراغ الكبير»، إذ يمتد طوله إلى نحو 30 مترًا، وهو مشابه للحجرة الكبرى، ويبعد حوالي أربعين إلى خمسين مترًا عن حجرة الملكة في قلب الهرم، لذا تساءل البعض عن هو ما سر البهو الكبير المجهول داخل الهرم الأكبر؟.
ما سر البهو الكبير المجهول داخل الهرم الأكبر؟سر البهو الكبير المجهول داخل الهرم الأكبر، كشفه مهدي الطيوبي أحد المشرفين على الدراسة التي نشرت في مجلة «نيتشر» العلمية، لافتًا إلى أنّ هذا التجويف كبير جدًا لدرجة أنّه قد يصل إلى حجم طائرة تتسع لـ200 مقعد في قلب الهرم، وأطلق عليه الباحثون حينها «ذي بيج فويد»، بمعنى الفراغ الكبير.
ووفقًا للدراسة العلمية، استعان العلماء بجزئيات كونية أو ما يعرف بـ«الميون»، وهي جسيمات أولية شبيهة بالإلكترون، لاكتشاف سر هذا البهو الكبير المجهول داخل الهرم، فعندما تلتقي هذه الجسيمات التي تنتجها الأشعة الكونية في أعلى الغلاف الجوي بالمادة، يحدث لها تباطؤ ثم تتوقف، وعندها يستطيع الباحثون قياس كمية هذه الجسيمات التي تكون موجودة وراء المكان الخاضع للمسح، وفي حال وجدوا كمية كبيرة في أحد الأماكن، فهذا إشارة إلى أنّ «الميون» التقت بكمية أقل من المادة أو أن ثمة فراغًا.
سيبستيان بوركور من مفوضية الطاقة الذرية وأحد المنضمين إلى المشروع عام 2016، تقول إنّ هذه التقنية ليست جديدة، وإنما أصبحت اليوم أكثر متانة ودقة، وهي قادرة على الصمود في ظروف الصحراء المصرية، وقد سمحت هذه التقنية باكتشاف هذا الفراغ الكبير الموجود في الهرم، لكنها قد لا تساعد كثيرًا في معرفة ما إذا كان قبر توت عنخ آمون يحوي أيضًا قبر نفرتيتي.
ممر سري داخل الهرم الأكبرومع هذا الاكتشاف لا يزال الغموض يحيط بهذا الفراغ ومحتوياته، فبحسب كونيهيرو مكوريشيما أحد القائمين على الدراسة لم يتأكد وجود قطع أثرية بهذا الفراغ الكبير، خاصة أنّ تقنية التصوير هذه لا يمكنها رصد أشياء صغيرة.
ويلفت «مكوريشيما» إلى أنّ الفراغ قد يحوي سلسلة من الأحجار المتلاصقة أو ممرًا أفقيًا طويلًا أو ممرًا كبيرًا آخر يقع فوق البهو الكبير على ارتفاع حوالي 50 إلى 70 مترًا، فهناك ثمة احتمالات كثيرة ممكنة، ولكن لم يُجرى الكشف عن ماهية هذا البهو المجهول حتى الآن ولا تزال الأبحاث مستمرة باستخدام أحدث التقنيات.
وخلال العام الماضي، وباستخدام الربوتوتات، جرى الكشف عن ممر جمالوني سرّي بطول 9 أمتار وعرض مترين داخل الهرم، وذلك ضمن نفس المشروع الذي بدأ منذ عام 2015 الذي أطلق عليه العلماء استكشاف الأهرامات «سكان بيراميدز».
وأشار القائمون على الدراسة إلى أنّ الهدف من الممر هو تخفيف الأحمال، خاصة وأنّ هناك الكثير من الأمثلة على ممرات شبيهة لتخفيف الأحمال في أهرامات أخرى مثل هرم ميدوم، في حين رجّح البعض أنّ هذا الممر المُكتشف قد يؤدي للكشف عن حجرة الدفن الحقيقية للملك خوفو بحسب ما يعتقد عالم المصريات زاهي حواس.