طهران- إثر التصعيد الإسرائيلي الذي أعقب اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، وتوسيع نطاق الغارات التي بلغت العاصمة بيروت وأهدافا في سوريا والحديدة باليمن، تجمع الأوساط الإيرانية على أن المنطقة مقبلة على حرب شاملة، لكنها تنقسم بشأن دخول طهران المعركة وطبيعة ردها المحتمل.

فبين من يسعى لاستشراف مستقبل المنطقة من خلال قراءة ما بين سطور التطورات المتسارعة فيها، ومن يلقي باللوم على محور المقاومة لعدم تسديده ضربات مؤلمة للكيان الإسرائيلي بعد نقله الحرب لجبهة الشمال، يضع مهدي مطهر نيا رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية تلك الأحداث في إطار النظام العالمي الحديث.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى مطهر نيا أن القوى الفاعلة في النظام العالمي الجديد ترى في إيران وحلفائها حجر عثرة أمام رؤيتها للعالم، وأن تلك الدول متفقة على ما يجرى في المنطقة طالما يسير بما يصب في مصلحة إستراتيجيتها الكبرى ومخططاتها بشأن مستقبل العالم.

نظام عالمي

ويستشرف مطهر نيا أن التنافس في النظام العالمي الجديد سوف يقتصر على 3 قوى كبرى: الولايات المتحدة كونها المتبقية من النظام العالمي القديم وأوروبا الموحدة والصين. ويقرأ الباحث الحرب المتواصلة في أوكرانيا وتطورات الشرق الأوسط في سياق الإرادة الغربية لتوريط روسيا وإيران واستنزاف طاقاتهما في الحروب بسبب سياساتهما المناهضة لتيار النظام العالمي.

ويربط بين أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويشير إلی ركوب القوى الغربية موجة الحدثين لتكوين نظام عالمي جديد، مضيفا أن "توالي التطورات خلال العام الماضي، ومنها تصعيد الهجمات على حلفاء إيران واستهداف مصالحها في المنطقة بما فيها الاغتيالات، ترمي إلى جر إيران إلى معركة شاملة".

وبرأي مطهر نيا، فإن التصعيد العسكري في المنطقة سوف يتواصل من أجل استدراج إيران إلى معركة بعد نجاحها في إفشال العديد من المخططات الغربية والإسرائيلية لجرها للحرب عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتوقع إقدام إسرائيل على تصعيد خطير ضد الفصائل المتحالفة مع إيران خلال المرحلة المقبلة لتقويض قدراتها خشية قيامها بعمليات إيذائية في حال نشبت الحرب مع إيران.

وخلص إلى أن المحور الغربي الإسرائيلي يطبق سياسة مشابهة لنهج محور المقاومة بقيادة إيران، وأن المعسكرين يراهنان على جدوى توريط الجانب الآخر في معارك استنزاف وحروب غير متكافئة، موضحا أن الجانب الغربي يريد أن يقطف ثمرة سياسة تضخيم التهديد الإيراني التي أطلقها قبل أكثر من عقدين بافتعال ملف طهران النووي.

حرب شاملة

من ناحيته، يعتقد محمد مهدي مظاهري الأكاديمي والمستشار الأسبق لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام أن "القوى الغربية قد أعطت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني للعبث بمنطقة الشرق الأوسط بذريعة ضمان أمن المستوطنات في فلسطين المحتلة" وأن إسرائيل ترى في الحرب الإقليمية الشاملة فرصة للقضاء على التهديدات الماثلة أمامها منذ عقود.

ويعتبر مظاهرى أن الدعم الغربي اللامحدود للكيان الإسرائيلي خلال العام الماضي شجعه على القيام بخطوات جنونية بعد أن تأكد أن حلفاءه الغربيين لم يتركوه وحيدا بمواجهة إيران وفصائل المقاومة، مؤكدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشتري الوقت من خلال التصعيد الأخير، بأمل فوز صديقه المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسيات أميركا 2024 ليحظى بدعمه لتقويض قدرات أعدائه.

وفي حديثه للجزيرة نت، يتهم المتحدث أطرافا غربية وعربية بالتواطؤ مع إسرائيل لتقويض قدرات إيران العسكرية والنووية، محذرا من أن دعاة الحرب يدفعون المنطقة إلى حافة الهاوية من خلال العمل علی إضرام نار الحرب الشاملة.

ونصح مظاهري بتفعيل دبلوماسية طهران لإحياء الاتفاق النووي في حقبة الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن مقابل احتواء التهور الإسرائيلي، واستغلال موضوع الثأر لدماء إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني الراحل الذي اغتيل في طهران، والتلويح بعصا الانتقام لردع بعض التهديدات الإقليمية للعبور بالبلاد إلى بر الأمان بدلا من الوقوع في فخ الحرب الإقليمية الشاملة.

سباق تسليحي

من ناحيته، يرى حشمت الله فلاحت بيشه الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أن التصعيد المتواصل في الشرق الأوسط سيدفع باتجاه سباق تسليحي منقطع النظير، وأن الأمور قد لا تسير وفق إرادة نتنياهو وحماته الغربيين بفرض حرب شاملة على إيران.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال المتحدث إن التصعيد الإسرائيلي سيؤدي بأغلب دول المنطقة إلى رفع ميزانيتها العسكرية ومناقشة التسلح النووي في مجالس الأمن القومي بما يتناسب والتهديدات التي يفرزها التصعيد المتواصل والدعم الغربي له.

وبرأي فلاحت بيشه أستاذ العلوم السياسية بجامعة العلامة طباطبائي، فإنه كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 سيرتفع منسوب التوتر في الشرق الأوسط، مستدركا أن إسرائيل لن تستطيع القضاء على فصائل المقاومة من خلال التصعيد الجاري.

وتابع أن العقيدة العسكرية الإيرانية لن تسمح بإطلاق حرب طالما لم تتعرض البلاد إلى تهديد عسكري، مضيفا أنه في حال مهاجمة الأراضي الإيرانية ستصبح الحرب الإقليمية لا بد منها، وأن الرد الإيراني سيكون واسعا جدا لقطع الطريق على العدو ومنعه من استهداف البنى التحتية الإيرانية.

ووفق فلاحت بيشه، فإن طهران عازمة على عدم تكرار أخطاء حلفائها في محور المقاومة في التعامل مع الهجمات الإسرائيلية، مضيفا أنه لو كان حزب الله قد أمطر الأراضي المحتلة بالصواريخ والمسيرات ردا على أول هجوم طال الضاحية الجنوبية لما بلغت الأمور التصعيد الجاري.

وتنصب القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة فخا لمحور المقاومة -وفق فلاحت بيشه- من خلال التسويف بشأن وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتشتري الوقت لإسرائيل ليتسنى لها الانقضاض على أعدائها، مؤكدا أن طهران لن تنخدع بمثل هذه الخدعة، وأن أول رصاصة تخترق السيادة الإيرانية ستكون بمثابة إعلان حرب يبرر لإيران تسديد الضربات قبل أن تتلقى ضربة موجعة.

وردا على سؤال حول الخط الأحمر الذي من شأنه أن يفتح الباب بوجه إيران للانخراط في المعركة بحال تجاوزته إسرائيل، يقول فلاحت بيشه إن استشهاد المستشارين الإيرانيين هناك جراء الهجمات الإسرائيلية يشير إلى مشاركة إيران بشكل غير مباشر في المواجهة، لكن اختراق السيادة الإيرانية من شأنه تعقيد المشهد أكثر مما هو عليه.

وتوقع بأن تبلغ الحرب ذروتها خلال الفترة القصيرة المقبلة في حال عدم سماع الأطراف الغربية التحذيرات الإيرانية الداعية إلى لجم إسرائيل واحتواء سياستها الجنونية، مؤكدا أنه في حال اندلاع حرب إقليمية شاملة فإن عواقبها ستكون وخيمة ولا يمكن التكهن بنتائجها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النظام العالمی الشرق الأوسط حرب شاملة من خلال فی حال

إقرأ أيضاً:

محلل سياسي لبناني: اغتيال «نصرالله» يقود إلى تغييرات جذرية في لبنان ويمهد لحرب شاملة

قال خليل القاضى، المحلل السياسى اللبنانى، إن اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، سيقود إلى تغييرات جذرية فى لبنان ويمهد لحرب شاملة، والضربة الجنوبية، التى وصفها بالمجنونة على الضاحية الجنوبية ببيروت، تأتى فى سياق التصعيد الإسرائيلى غير المسبوق. وأضاف «خليل»، فى حوار لـ«الوطن»، أن إسرائيل لن تتوقف عن العمليات العسكرية فى لبنان وغزة، وعملية الضاحية الجنوبية تصعيد خطير للغاية، مشيراً إلى أن تزامن استهداف الأمين العام لحزب الله مع وجود «نتنياهو» فى الجمعية العامة للأمم المتحدة دليل على عدم رضوخ إسرائيل لأى مبادرات دولية.. وإلى نص الحوار:

هل يؤثر اغتيال حسن نصرالله على الضربات الإسرائيلية فى لبنان؟

- لا أعتقد أنها ستتوقف لأنها سترى ذلك فرصة لن تتكرر من أجل القضاء على حزب الله وإخراجه من المعادلة الإقليمية، ورئاسة الأركان الإسرائيلية أعلنت أنها مستمرة فى توجيه الضربات لحزب الله والمقاومة فى لبنان، والمتحدث باسم جيش الاحتلال أعلن عن تدابير للجبهة الداخلية وأنه مستمر فى عملياته حتى بعد اغتيال «نصرالله».

توسع الجبهات إلى العراق وسوريا واليمن مرتبط بالتطورات.. ومحور المقاومة لن يتوقف عن مهاجمة إسرائيل

كيف ترى عملية اغتيال حسن نصرالله؟

- عملية الضاحية الجنوبية أتت فى سياق التصعيد الإسرائيلى غير المسبوق، وفى وقت كان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يلقى كلمته فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، واغتياله مؤشر خطير قد يفتح المنطقة بالكامل على حرب واسعة شاملة لا أحد يعرف نهايتها وإلى أى مدى ستتوسع وإلى ما ستنتهى الأمور، لبنان والعالم يترقب القادم، وستكون تداعيات الأمر خطيرة للغاية، حتى لو كانت عملية اغتيال «نصرالله» فشلت، فالهجوم على الضاحية الجنوبية تصعيد خطير للغاية ولن يصمت عليه أحد، ومن المفترض أن كل الاحتمالات واردة بشأن رد إيران ومحور المقاومة، والمفروض أن يكون هناك رد لأن الاغتيال ضربة قاصمة وقاسية.

هل ستقف لبنان بجانب حزب الله؟

- لبنان يقف بجانب أبنائه، وأعضاء حزب الله، سواء اختلفنا أو اتفقنا معهم، بالنهاية، هم مواطنون لبنانيون لديهم حضور سياسى واجتماعى واقتصادى، والأحداث الأخيرة منذ أحداث تفجيرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية «بيجر»، ثم اغتيال قادة قوة الرضوان، وصولاً إلى قصف الضاحية الجنوبية وقصف جنوب لبنان، أظهر الشعب اللبنانى تضامنه، خصوصاً أن الشعب اللبنانى فى الجنوب الذين خرجوا من منازلهم بعد تدمير الضاحية الجنوبية لاقوا كل استقبال واحتضان من باقى الشعب اللبنانى، وبالتالى لبنان يقف مع بعضه، وما جرى الأمس والغارات المجنونة التى قصفت الضاحية الجنوبية لم تفرق بين لبنانى وآخر، واستهدفت مدنيين عزلاً، وثبت بالدليل القاطع أن الأبنية لم يكن فيها أسلحة أو صواريخ.

هل كانت إسرائيل مخترقة للهيكل القيادى فى الحزب؟

- قد تكون إسرائيل مخترقة حزب الله والهيكل القيادى له، وضخامة الهرم القيادى لحزب الله وتفرعاته قد يحتوى اختراقات بالفعل، وقد تكون على مستوى منخفض أو على مستوى كبير ورفيع، ويمكن أن يكون هناك أشخاص خائنون، فالنفس أمارة بالسوء والخائنون موجودون فى كل مكان وزمان، وهذا أمر ستكشفه الأيام وتوضحه.

هل تزامن اغتيال «نصرالله» مع وجود «نتنياهو» فى الجمعية العامة للأمم المتحدة دليل على عدم رضوخ إسرائيل لأى مبادرات دولية؟

- بالتأكيد الضربة على الضاحية أثناء وجود «نتنياهو» فى الجمعية العامة دليل قاطع على أن إسرائيل لا تريد التهدئة، لقد أعطى الأمر قبل دخوله وخطابه بالضربة، هو لا يريد وقف إطلاق النار فى غزة والوصول إلى أى اتفاق، ولا يريد وقف إطلاق النار فى الجنوب، وهو ماضٍ فى حرب مستمرة فى قطاع غزة وفلسطين وجنوب لبنان.

هل ستزداد الهجمات من العراق وسوريا ومحور المقاومة ضد إسرائيل؟

- توسع جبهات العراق وسوريا ومحور المقاومة مسألة مرتبطة بالساعات القادمة والتطورات، فالعراق يقوم بالضربات باستمرار، وهناك توتر من سوريا فى منطقة الجولان السورية المحتلة، واليمن دخل على الخط عبر قصف تل أبيب قبل ضربة الضاحية الجنوبية، مسألة توسع الجبهة يعنى أننا سنذهب بالفعل إلى حرب واسعة وحرب شاملة، وهذا الأمر منذ السابع من أكتوبر، فحزب الله ومحور المقاومة وما يُسمى جبهات الإسناد قالت نحن نتوقف حين يتوقف العدوان على غزة ويرفع الحصار على غزة، ومن ثم نحن نتوقف، نحن لسنا هواة حرب، ولكن حين تُفرض عليك الحرب ستواجهها، وأى إنسان ليس من هواة الحرب لكن لو فُرضت عليه سيواجه.

هل يؤثر اغتيال «نصرالله» على لبنان؟

- لا يمكن لأحد تحديد مدى التأثير، ولكن فى اغتياله قد يشهد لبنان تغيرات جذرية ستؤثر على المستقبل، خاصة أن حسن نصرالله كان حريصاً على وحدة لبنان.

«نتنياهو» لا يقيم وزناً للمجتمع الدولى

بنيامين نتنياهو لن يتوقف قبل أن يقضى على حزب الله بالكامل، وكان واضحاً بشكل كبير فى أفكاره، فبينما كانت الدول تطرح مبادرة لوقف إطلاق النار والوصول إلى حل، كان رده مؤكداً أنه لن يتوقف عن الضربات التى يشنها ضد حزب الله والاغتيالات، ولم يعر اهتماماً وقرر التصعيد، هو لا يقيم وزناً للمجتمع الدولى واتهم الجمعية العامة ومجلس الأمن وتحدث معهم وكأنهم موظفون لديه، وهو مطلوب دولياً لكنه لا يهتم بكل ذلك، هو يعيش خارج الزمان ويرى نفسه فوق القانون.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى فى حوار مع «البوابة نيوز»: مصر تدين التصعيد الإسرائيلى وتدعو لاحترام سيادة لبنان.. وهدفنا الأساسى منع انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية
  • السعودية تحذر من التصعيد الإسرائيلي بلبنان وتنضم لجهود دولية للتسوية
  • الأمم المتحدة تبدي قلقها البالغ بشأن التصعيد الإسرائيلي في لبنان وتدعو لتجنب حرب شاملة
  • إيران تحذر من استهداف مقارها الدبلوماسية وتدعو لمنع حرب شاملة
  • عاجل - الرئيس السيسي يحذر من انزلاق المنطقة لحالة خطيرة من التصعيد وعدم الاستقرار
  • الرئيس السيسي يحذر من انزلاق المنطقة لحالة خطيرة من التصعيد
  • محلل سياسي لبناني: اغتيال «نصرالله» يقود إلى تغييرات جذرية في لبنان ويمهد لحرب شاملة
  • وزير الخارجية: يجب تحقيق وقف ‏فوري ودائم لإطلاق النار بغزة ولبنان وتجنيب المنطقة الانزلاق لحرب إقليمية
  • كيف تقرأ إيران اغتيال نصر الله وما السيناريوهات القادمة؟