الزلزال اللبناني وتداعياته!
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لبنان يليق به الفرح لكنه لا يحظى عبر أزمنته إلا بالهدنات القصيرة والتي لا تتجاوز كل مرة عقدا ونيف. ربما جغرافيته الواقعة بين تقاطعات ومصالح متضاربة بين الفرقاء داخليًا وخارجيًا تجعله عرضة للحروب الموسمية. أما الأزمة الآن بعد اغتيال نصر الله فهي بمثابة الزلزال نتيجة قصف قوات الاحتلال المتواصل للجنوب وما خلفه من مجازر تدمي القلوب.
لا يهم هنا في لغة السياسة إذا كنت تحب نصر الله أو تكرهه، وإذا كنت تتعاطف مع المقاومة أو تجلس في مقعد المتفرجين، لكن ما يهم المنطقة العربية التي أصبحت على فوهة بركان مع احتمال نشوب حرب شاملة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عملية توغل برية واسعة وما يجره ذلك من اضطراب محلي وإقليمي سيدمّر الأخضر واليابس. ولا شك أن التغييرات المرشحة للحدوث في حزب الله ستؤثر على خريطة المنطقة برمتها. ويبدو مستقبل الحركة أكثر غموضا ليس فقط فيما يخص مسألة الخلافة والمركز العصبي للحزب ولكن أيضا في علاقتها مع إيران حليفها الاستراتيجي الذي اختفى من المشهد اللبناني والإقليمي وترك تساؤلات حول تفريطه في الحليف الذي تهدد هذه الأزمة وجوده، مما يعطي الانطباع بأن إيران في طور تغيير سياساتها وأدواتها، بما في ذلك أذرعها في المنطقة بعد 45 عاما كاملة من اتباعها نفس النهج. هل تخلت إيران عن استراتيجية توسيع نفوذها التي تبنتها بعد الثورة في 1979 عندما أنشأت ودعمت ميليشيات شيعية في عدد من البلدان العربية كانت أذرعا مسلحة لها للتأثير على الصراعات الإقليمية وتأكيد نفوذها ضد منافسيها؟ البعض يردد أن نصر الله وقبله رئيسي وهنية قُدّموا "قربانا" للتخلص من القيادات القديمة في إطار صفقة تمت مع الأمريكيين ربما تتضح ملامحها قريبا، لكن أي تقارب بينهما لن يكون بالضرورة في صالح العرب! إن المغزى من هذا الزلزال الآن أن الحقوق العربية في فلسطين ولبنان مرجعيتها المصلحة العربية وأي تشابك مع مصلحة طرف آخر إقليمي سيصطدم بتضارب المصالح عند مرحلة معينة.
عندما تولى حسن نصر الله قيادة حزب الله عام 1992 خلفا لعباس الموسوي الذي اغتيل في هجوم إسرائيلي مماثل حاول خلال ثلاثة عقود أن يخلق شراكة في القرار السياسي الخاص بالمقاومة والمفاوضات الإقليمية بدل التبعية الكاملة للنفوذ الإيراني. ومع غياب نصر الله وظهور قيادات أخرى، مثل نعيم قاسم، قد يتراجع الاستقلال الذاتي لحزب الله في لبنان. ويمكن لإيران أن تستغل الوضع لوضع زعماء أكثر توافقًا مع رؤيتها الاستراتيجية الإقليمية. هذا قد يخلق خلافات بين فصائل حزب الله الراغبين في الاستقلالية والحريصين على الاندماج، وستكون هذه الديناميكية الداخلية حاسمة في تحديد التطور المستقبلي للحركة.
وبعيدا عما إذا كانت صفقة بين إيران والولايات المتحدة قد تكون سارت على جسد حزب الله وقياداته أو اختراق أمني واستخباراتي، تظل القضية النووية العنصر الرئيسي في الموقف الإيراني خلال مرحلة ما بعد نصر الله، وإلى أن تحقق إيران هدفها المتمثل في التحول إلى قوة نووية قد تتخلى عن دعمها للميليشيات مثل حزب الله. لكن من الواضح أن هناك صراعات على السلطة داخل إيران، وغير خافية على المراقبين للمنطقة، بين الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان المنتمي للتيار الإصلاحي من جهة والمحافظين بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي من جهة أخرى، رغم احتفاظ الأخير بالسلطة الحقيقية عندما يتعلق الأمر بالحرس الثوري والميليشيات الأجنبية. لكن التقلبات السياسية ليست مستحيلة وسيحاول المعتدلون التفاوض على حلول دبلوماسية للصراعات الإقليمية مع الحفاظ على مصالحهم في المقدمة.
سوريا سوف تتأثر بدورها وعلى نحو مماثل لحزب الله بإعادة التقييم الاستراتيجي لإيران، خاصة إذا قررت الأخيرة تهميشها. ومن غير المستبعد أن تستغل الجماعات السنية الجهادية الفراغ الذي خلفه اغتيال نصر الله لتعزيز نفوذها بحيث يصبح لبنان أرضا خصبة لهذه الجماعات كما هو الحال في سوريا وسيزيد ذلك من زعزعة استقرار المجتمع اللبناني.
وربما يعاد فتح جروح من الماضي خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين الفصيلين الشيعيين، أمل وحزب الله، التي تراوحت علاقاتهما بين الاستقرار والتوتر خاصة أن نفوذ نبيه بري قد يتعزز في غياب نصر الله. ولن يكون الحوثيون بدورهم بمنأى عن هذه التغييرات حيث يعتمدون على الدعم اللوجستي من إيران وحزب الله. في المقابل، سيزيد نتنياهو من ضرباته على لبنان وفلسطين مما يجعل المنطقة مقبلة على تصعيد عسكري على نطاق كارثي، أكبر المتضررين منه القضية الفلسطينية وتفاقم الأزمة السياسية الإنسانية في غزة واضطراب في المنطقة برمتها. ولكن في النهاية مهما طال أمد الظلم وزادت المجازر والضحايا فإنها ستلهم أجيالا شابة بالمقاومة لاستعادة الحقوق التاريخية!
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حزب الله سوريا إسرائيل زلزال لبنان الاحتلال نصر الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
إيران تجري مناورات عسكرية بحرية بمشاركة روسيا والصين
تجري القوات البحرية الإيرانية، برفقة قوات من روسيا والصين، مناورات عسكرية قبالة السواحل في جنوب غربي إيران بهدف "تعزيز الأمن الإقليمي"، وفق ما ذكرت وزارة الدفاع الروسية ووكالة الأنباء الإيرانية الرسمية اليوم الأحد.
وكانت الدول الثلاث قد أجرت مناورات مشتركة في المنطقة خلال السنوات الماضية انطلاقا من رغبتها المشتركة في مواجهة ما تصفه "بالهيمنة الأميركية".
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن حفل انطلاق المناورات المسماة "الحزام الأمني البحري 2025" أقيم في ميناء تشابهار الواقع جنوب شرقي إيران والمطل على بحر عمان.
وأضافت أن الحفل أقيم "عشية بدء المناورات التي تستمر بضعة أيام".
وذكرت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية أن غدا الاثنين هو موعد بدء هذه المناورات، في حين قالت وكالة تسنيم إنها ستبدأ الثلاثاء.
وأشارت "تسنيم" إلى أن "سفنا قتالية وداعمة للقوات البحرية الصينية والروسية وسفن الجيش الإيراني وبحرية الحرس الثوري" ستشارك في المناورات.
وتجري التدريبات في المنطقة الشمالية من المحيط الهندي، وتهدف إلى "تعزيز الأمن في المنطقة وتوسيع التعاون المتعدد الأطراف بين الدول المشاركة"، بحسب الوكالة.
وسبق للجيش الإيراني أن أجرى مناورات عسكرية في هذه المنطقة في فبراير/شباط "لتعزيز القدرات الدفاعية ضد أي تهديد".
إعلانوأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن الفرق ستتدرب على "تحرير سفن مخطوفة" وإطلاق "قذائف مدفعية على أهداف في الجو والبحر"، مشيرة إلى أن 15 سفينة ستشارك في تدريبات هذا العام، بينها 3 سفن روسية.
كما قالت وزارة الدفاع الصينية إن بكين ستنشر "مدمّرة وسفينة إمداد" خلال المناورات.
وستحضر التدريبات بصفة مراقب كل من أذربيجان وجنوب أفريقيا وسلطنة عمان وكازاخستان وباكستان وقطر والعراق والإمارات وسريلانكا.