البوابة نيوز:
2024-10-01@04:52:51 GMT

الزلزال اللبناني وتداعياته!

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لبنان يليق به الفرح لكنه لا يحظى عبر أزمنته إلا بالهدنات القصيرة والتي لا تتجاوز كل مرة عقدا ونيف. ربما جغرافيته الواقعة بين تقاطعات ومصالح متضاربة بين الفرقاء داخليًا وخارجيًا تجعله عرضة للحروب الموسمية. أما الأزمة الآن بعد اغتيال نصر الله فهي بمثابة الزلزال نتيجة قصف قوات الاحتلال المتواصل للجنوب وما خلفه من مجازر تدمي القلوب.

وقبلها غزة على امتداد عام تقريبا من بلطجة الاحتلال الذي يمضي في الإبادة دون رادع لتحقيق المخطط الصهيوني بفرض سيطرته على المنطقة، بمباركة الولايات المتحدة الغارقة في ملهاة الانتخابات الرئاسية والدول الغربية التي تسدد ثمن الذنب التاريخي لمعاداتها السامية. وهكذا انفتح الجحيم على مصراعيه كما وصف أمين عام الأمم المتحدة الوضع في لبنان؛ فحصيلة الضحايا والجرحى مفجعة بين المدنيين والنزوح الداخلي يتزايد مع توالي الهجمات الوحشية لقوات الاحتلال والتي طالت أيضًا مرافق الرعاية الصحية. وما ذكره كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أحمد مختار قبل عدة ساعات لقناة سكاي نيوز يعكس هول الأزمة الإنسانية حيث أكد أنها الأسوأ على لبنان وأنه لا يمكن مقارنتها بأزمة 2008، موضحًا أنه تم التخلي عن12 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في جنوب لبنان الأسبوع الماضي. وحتى نفهم أكثر إلى أين تتجه الأوضاع في لبنان لابد أن نفهم ما وراء هذا "الزلزال" وتداعياته على حزب الله ولبنان والمنطقة. 
لا يهم هنا في لغة السياسة إذا كنت تحب نصر الله أو تكرهه، وإذا كنت تتعاطف مع المقاومة أو تجلس في مقعد المتفرجين، لكن ما يهم المنطقة العربية التي أصبحت على فوهة بركان مع احتمال نشوب حرب شاملة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عملية توغل برية واسعة وما يجره ذلك من اضطراب محلي وإقليمي سيدمّر الأخضر واليابس. ولا شك أن التغييرات المرشحة للحدوث في حزب الله ستؤثر على خريطة المنطقة برمتها. ويبدو مستقبل الحركة أكثر غموضا ليس فقط فيما يخص مسألة الخلافة والمركز العصبي للحزب ولكن أيضا في علاقتها مع إيران حليفها الاستراتيجي الذي اختفى من المشهد اللبناني والإقليمي وترك تساؤلات حول تفريطه في الحليف الذي تهدد هذه الأزمة وجوده، مما يعطي الانطباع بأن إيران في طور تغيير سياساتها وأدواتها، بما في ذلك أذرعها في المنطقة بعد 45 عاما كاملة من اتباعها نفس النهج. هل تخلت إيران عن استراتيجية توسيع نفوذها التي تبنتها بعد الثورة في 1979 عندما أنشأت ودعمت ميليشيات شيعية في عدد من البلدان العربية كانت أذرعا مسلحة لها للتأثير على الصراعات الإقليمية وتأكيد نفوذها ضد منافسيها؟ البعض يردد أن نصر الله وقبله رئيسي وهنية قُدّموا "قربانا" للتخلص من القيادات القديمة في إطار صفقة تمت مع الأمريكيين ربما تتضح ملامحها قريبا، لكن أي تقارب بينهما لن يكون بالضرورة في صالح العرب! إن المغزى من هذا الزلزال الآن أن الحقوق العربية في فلسطين ولبنان مرجعيتها المصلحة العربية وأي تشابك مع مصلحة طرف آخر إقليمي سيصطدم بتضارب المصالح عند مرحلة معينة. 
عندما تولى حسن نصر الله قيادة حزب الله عام 1992 خلفا لعباس الموسوي الذي اغتيل في هجوم إسرائيلي مماثل حاول خلال ثلاثة عقود أن يخلق شراكة في القرار السياسي الخاص بالمقاومة والمفاوضات الإقليمية بدل التبعية الكاملة للنفوذ الإيراني. ومع غياب نصر الله وظهور قيادات أخرى، مثل نعيم قاسم، قد يتراجع الاستقلال الذاتي لحزب الله في لبنان. ويمكن لإيران أن تستغل الوضع لوضع زعماء أكثر توافقًا مع رؤيتها الاستراتيجية الإقليمية. هذا قد يخلق خلافات بين فصائل حزب الله الراغبين في الاستقلالية والحريصين على الاندماج، وستكون هذه الديناميكية الداخلية حاسمة في تحديد التطور المستقبلي للحركة.
وبعيدا عما إذا كانت صفقة بين إيران والولايات المتحدة قد تكون سارت على جسد حزب الله وقياداته أو اختراق أمني واستخباراتي، تظل القضية النووية العنصر الرئيسي في الموقف الإيراني خلال مرحلة ما بعد نصر الله، وإلى أن تحقق إيران هدفها المتمثل في التحول إلى قوة نووية قد تتخلى عن دعمها للميليشيات مثل حزب الله. لكن من الواضح أن هناك صراعات على السلطة داخل إيران، وغير خافية على المراقبين للمنطقة، بين الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان المنتمي للتيار الإصلاحي من جهة والمحافظين بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي من جهة أخرى، رغم احتفاظ الأخير بالسلطة الحقيقية عندما يتعلق الأمر بالحرس الثوري والميليشيات الأجنبية. لكن التقلبات السياسية ليست مستحيلة وسيحاول المعتدلون التفاوض على حلول دبلوماسية للصراعات الإقليمية مع الحفاظ على مصالحهم في المقدمة.
سوريا سوف تتأثر بدورها وعلى نحو مماثل لحزب الله بإعادة التقييم الاستراتيجي لإيران، خاصة إذا قررت الأخيرة تهميشها. ومن غير المستبعد أن تستغل الجماعات السنية الجهادية الفراغ الذي خلفه اغتيال نصر الله لتعزيز نفوذها بحيث يصبح لبنان أرضا خصبة لهذه الجماعات كما هو الحال في سوريا وسيزيد ذلك من زعزعة استقرار المجتمع اللبناني. 
وربما يعاد فتح جروح من الماضي خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين الفصيلين الشيعيين، أمل وحزب الله، التي تراوحت علاقاتهما بين الاستقرار والتوتر خاصة أن نفوذ نبيه بري قد يتعزز في غياب نصر الله. ولن يكون الحوثيون بدورهم بمنأى عن هذه التغييرات حيث يعتمدون على الدعم اللوجستي من إيران وحزب الله. في المقابل، سيزيد نتنياهو من ضرباته على لبنان وفلسطين مما يجعل المنطقة مقبلة على تصعيد عسكري على نطاق كارثي، أكبر المتضررين منه القضية الفلسطينية وتفاقم الأزمة السياسية الإنسانية في غزة واضطراب في المنطقة برمتها. ولكن في النهاية مهما طال أمد الظلم وزادت المجازر والضحايا فإنها ستلهم أجيالا شابة بالمقاومة لاستعادة الحقوق التاريخية!

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حزب الله سوريا إسرائيل زلزال لبنان الاحتلال نصر الله حزب الله

إقرأ أيضاً:

ماذا يحدث بعد استشهاد حسن نصر الله؟.. ما موقف إيران؟

28 سبتمبر، 2024

بغداد/المسلة:  آراء محللين بعد استشهاد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية على بيروت يوم الجمعة.

* روزماري كيلانيك مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة أولويات الدفاع وهي مؤسسة أبحاث أمريكية

“رحيل حسن نصر الله، زعيم حزب الله، في غارة جوية إسرائيلية داخل لبنان لن يغير مسار هذا الصراع بشكل جذري. الضربات الجوية التي تستهدف زعماء نادرا ما تقود إلى انهيار أي منظمة. والانهيار غير مرجح خاصة عندما تكون المنظمة المستهدفة قديمة وراسخة ومترامية الأطراف كما في حالة حزب الله. رحيل نصر الله لا يغني عن التوصل إلى سبيل لإنهاء هذا الصراع.

“رحيل نصر الله لا يغير أي شيء بالنسبة للولايات المتحدة أيضا، لكنه يزيد من تعقيد الجهود الأمريكية الرامية إلى التفاوض على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله لمنع إراقة المزيد من الدماء”.

* مهران كامرافا، الأستاذ بجامعة جورجتاون في قطر

“ثمة مزيج من القلق في العواصم العربية في المنطقة. وتسري حالة من القلق في عواصم المنطقة خصيصا من نجاح (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو في توسيع نطاق الحرب. لقد نجح بالفعل في جلب (الحرب) للبنان.

“من وجهة نظر طهران، حتى لو كان السيناريو الأسوأ قد حدث بالفعل، فإنها لن تتحرك. فطهران تتبنى مبدأ يسمى الصبر الاستراتيجي وتمارس لعبة طويلة الأمد. وأعتقد أن هذا المبدأ سوف يستمر. فهي ترفض الدخول في أي صدام مباشر مع إسرائيل”.

* عزيز الغشيان، محلل سعودي متخصص في العلاقات الخليجية الإسرائيلية

“من الواضح أنه لم يكن هناك وفاق بين السعودية وحزب الله. فهم (السعوديون) يرون أن حزب الله يشكل مصدر قلق شديد في المنطقة… ومع ذلك، فإنهم لا يفكرون في الأمد القصير. نعم ربما يكون قد رحل ولم يكن هناك وفاق بينهما، ولكن السعوديين لا يفكرون بعاطفتهم بل يفكرون بعقلانية.

“هم الآن ينظرون بقلق حيال التداعيات التي قد يخلفها مقتله على المنطقة. وعلاوة على ذلك، ربما يفكرون في الفرص التي قد تنشأ عن هذا. والحقيقة أن الوقت كفيل بإخبارنا بذلك… هذه تطورات لا تصدق. ونحن نشهد أشياء لم نكن نتوقع حدوثها”.

* عبد الله باعبود، باحث غير مقيم في مركز مالكوم كير-كارنيجي للشرق الأوسط وأستاذ كرسي دولة قطر لدراسات المنطقة الإسلامية في جامعة واسيدا اليابانية

“أشك في أن إيران سترد لأنها واجهت هجوما أكثر وضوحا على أراضيها ولم ترد بشكل مباشر. أعتقد أن إيران تريد تجنب القيام بذلك مهما كان الثمن… إنهم يدركون أن نتنياهو يريد توريطهم، وبالتالي دفعهم إلى صراع مفتوح أو حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة بتوسيع نطاق الصراع”.

* مهند الحاج علي، من مركز مالكوم كير-كارنيجي للشرق الأوسط

“اغتياله (نصر الله) قد يكون له معان كثيرة. ويعتمد الأمر في الأساس على كيفية حدوث التحول داخل الجماعة. فقد تسقط الجماعة في يد شخص غير معروف. كل شيء غير مؤكد، ولكن الجماعة فقدت الكثير من سمعتها وقدراتها العسكرية وقيادتها. أعتقد أن قدرة الجماعة على العودة والوقوف على أقدامها قد تضاءلت بشكل كبير.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • إيران تجدد دعمها الكامل للمقاومة والشعب اللبناني في مواجهة جرائم الكيان الصهيوني
  • لمواجهة إسرائيل.. هل سترسل إيران مقاتليها إلى لبنان؟
  • إيران: اغتيال القائد عباس نيلفوروشان في لبنان لن يمر بدون رد
  • إيران: مقتل نائب قائد فيلق القدس في لبنان لن يمر دون رد
  • إيران بعد استشهاد نصرالله: سنردّ
  • العبور إلى الهاوية: ما بعد اغتيال نصر الله وتداعياته الخطيرة على إسرائيل
  • ماذا يحدث بعد استشهاد حسن نصر الله؟.. ما موقف إيران؟
  • حسن نصر الله.. خريج الحوزات الذي قاد حزب الله اللبناني
  • إيران تعلق على مقتل نصرالله.. وخامنئي: ضربات إسرائيل لن تلحق ضررًا كبيرًا بحزب الله