ربما تكون قصة ثيودوسيا أو ثيودوزيا من أغرب القصص التي وردت في سجلات الغرب القديم، فقد كانت الفتاة الجميلة ابنة آرون بور، ثالث نائب لرئيس الولايات المتحدة، وواحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ الأمريكي، وباعتبارها ابنته الوحيدة، حظيت بكل الامتيازات التي كانت ثروته ومكانته توفرانها لها، إلى أن جاء اليوم المشؤوم، الذي رحلت فيه في ظروف غامضة، فماذا حدث لها؟ هذا ما سنكتشفه وفقًا لموقع «maryland».

قصة حب ثيودوسيا 

توفيت والدة ثيودوسيا في عام 1794، ولأنها الابنة الوحيدة، كرس آرون بور الكثير من وقته لتعليمها، وعندما بلغت السادسة عشرة من عمرها، كانت تتحدث ست لغات وكانت على دراية جيدة بالفلسفة ونظريات الاقتصاد، فلما أحبت المزارع جوزيف ألستون القادم من مزرعة أوكس في ساوث كارولينا، ثار الأب غاضبًا، وافترض أنه إذا تزوجت ابنته الجميلة من الشاب ألستون، فلن تعيش الحياة التي تصورها لها، حياة الرفاهية كامرأة ذات لقب أو ملكة أو أميرة، لذا تعهد ببذل كل ما في وسعه لمنع زواج ابنته العزيزة من جوزيف ألستون.

كانت ثيودوسيا وجوزيف متشابهين؛ فكلاهما يتمتع بعقلية لامعة، وكانا حريصين على الدراسة وتحسين أنفسهما بأي طريقة ممكنة، لكن الأب حارب بكل قوته هذا الزواج، لهذا السبب كان جوزيف خائفًا من تأثيره على ابنته بعدما عاد إلى ساوث كارولينا، وكانت الرسائل هي محاولته الوحيدة لإبهارها بأخلاقه وتعليمه وثروته، وكتب: «لا ينبغي أن نغفل عن أنه أنهى دراسته لممارسة القانون في نقابة المحامين قبل بلوغه العشرين من عمره»، ولأنه ورث مزرعة أوكس من جده، فقد أصبح رجلاً ثريًا، كما أكد لثيودوسيا أنه درس في جامعة برينستون وسافر كثيرًا، وبموارده لم يكن له علاقة كبيرة بأعمال إدارة المزرعة.

وعلى الرغم من أن آرون بور لم يكن مقتنعًا تمامًا بأن جوزيف ألستون هو الخاطب المناسب لابنته، إذ كان يعتقد أنها ستتزوج من شخص أدنى من مكانتها في الحياة، إلا أنه وافق على الزواج على مضض، وفي فبراير 1801، أقيم الحفل الفاخر في ألباني، نيويورك.

وفي أحد الأيام، وصلت إلى ثيودوسيا أنباء مفادها أن والدها متهم بالتخطيط لقيادة حملة عسكرية ضد المكسيك، ونهضت بكل حماس لمساعدة والدها في إثبات براءته، وبمساعدة شهادة زوجها جوزيف، تم إسقاط التهم عن عنه، وعاد آرون بور إلى أمريكا، وبعد انتهاء أزمة الوالد، مرضت ثيودوسيا بسبب الرطوبة والحياة في مزرعة زوجها، فقررت الانتقال مع ابنها إلى كوخ صيفي على الشاطئ على بعد أميال قليلة في ساوث كارولينا.

في البداية كانت الحياة على الشاطئ ممتعة، وأظهرت ثيودوسيا علامات التحسن، لكن سعادتها انقطعت عندما أصيب ابنها بنزلة برد، وقتها أرسل جوزيف عدة أطباء لزوجته وابنه، وكشف تشخيصهم أن الصبي كان مصابًا بحمى الملاريا، وفي غضون ساعات، توفي، وانهار عالم ثيودوسيا من حولها، وكتبت إلى والدها: «أبي العزيز.. لم يعد هناك فرح بالنسبة لي، العالم فارغ، لقد فقدت ابني.. لقد رحل طفلي إلى الأبد، لقد توفي في الثلاثين من يونيو».

دخلت ثيودوسيا في عزلة، وكان والدها في حالة من الهياج بسبب صحتها السيئة. كتب إليها وأصر على أن تأتي إلى نيويورك لزيارته، ووصلت ثيودوسيا إلى أدنى مستويات الاكتئاب، ومع تدهور صحتها، وافقت أخيرًا، وقام جوزيف، حاكم ولاية كارولينا الجنوبية، بالتحضير لرحلتها إلى نيويورك.

ثيودوسيا اختفت في البحر  

رافق جوزيف زوجته الشابة من مزرعة أوكس إلى جورج تاون (تشارلستون حاليًا)، ولم تكن السفينة الشراعية باتريوت الساحلية جاهزة للإبحار بعد، وانتظرت ثيودوسيا وزوجها وخدمها في مبنى من الطوب. سمعوا حديثًا عن القراصنة، والحرب مع البريطانيين، وعاصفة عنيفة في البحر، وأخيرًا في 25 ديسمبر 1813، صعدت ثيودوسيا، مرتدية ثوبًا حريريًا مزينًا بالدانتيل وتحمل سلة الخياطة الخاصة بها، برفقة ممرضتها، على متن الباتريوت وأبحرت إلى عالم النسيان.

وعندما فشلت الباتريوت في الوصول إلى نيويورك في الموعد المحدد، بدأت عمليات بحث وإنقاذ مكثفة لتحديد مصيرها، وتم تمشيط الساحل الشرقي بالكامل بحثًا عن السفينة المفقودة، وشوهدت آخر مرة وهي تبحر عبر الشريط الساحلي في ميناء تشارلستون إلى المحيط الأطلسي واختفت في مثلث برمودا، ولم تصادفها أي سفينة أثناء وجودها في البحر، ولم يتم العثور على أي أثر للسفينة أو ركابها أو حمولتها أو طاقمها.

ونشرت الصحف تقارير عن اختفاء السيدة الأولى في ولاية كارولينا الجنوبية، وانتشرت مئات الشائعات، وذكرت إحدى القصص أن القراصنة استولوا على السفينة وأجبروا «السيدة البيضاء» على السير على لوح خشبي.

وذكرت قصة أخرى أن السفينة تحطمت إلى شظايا في إعصار، وسعى آرون بور في نيويورك وجوزيف ألستون في ولاية كارولينا الجنوبية إلى قبول خسارتهما.

بعد بضعة أسابيع من اختفاء الباتريوت، استيقظ سكان ناجز هيد بولاية نورث كارولينا على مشهد مروع. وعلى الشاطئ، كانت هناك سفينة شراعية كاملة الأشرعة تطفو على الأمواج المتلاطمة، ويبدو أنها انجرفت إلى الشاطئ أثناء الليل، ولم يأتِ نداء الاستغاثة بالسفينة بأي رد فعل، وعندما صعد المحققون أخيرًا على متنها، لم يجدوا سوى قطة سوداء صغيرة جائعة تختبئ في مخزن الطعام.  

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المحيط الرطوبة أمريكا

إقرأ أيضاً:

“الصفقة الكبرى” بين واشنطن وطهران.. والسجادة الحمراء المفقودة!

2 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: محمد صالح صدقيان

ما يزال العالم بأسره تحت تأثير بدء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما سيكون لها من نتائج وتداعيات على عديد الملفات الإقليمية والدولية، ولا سيما منها ملف العلاقة الإيرانية الأمريكية ومن خلالها مستقبل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

ثمة قناعة رائجة مفادها أن توصل الدول الغربية إلى اتفاق مع إيران بشأن ملفاتها المتعددة والشائكة “هو أمرٌ من شأنه أن يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة”. لا يعني ذلك وضع إيران في مصاف الدول الكبرى، لكن في الوقت نفسه لا يجوز الاستخفاف بقدرات إيران الجيوسياسية. ربما تكون أوراقها قد ضعفت علی خلفية التطورات الأخيرة في كل من لبنان وفلسطين وسوريا؛ لكن هذا لا يعني أن معادلة الأمن والاستقرار في المنطقة يُمكن أن تستقيم أو تستقر من دون إيران.. والراسخ أن دول المنطقة تُحتم عليها قواعد الجغرافية والتاريخ أن تتعايش في ما بينها مهما اخلتفت الآراء والنظرات والتصورات.

ولو قاربنا “الاتفاق النووي” الذي أبرمته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما في العام 2015، لأمكن القول إنه قلّل منسوب المخاطر والتهديدات التي كانت تستشعرها طهران وفي الوقت نفسه، عزّز منسوب الثقة بين الجانبين الإيراني والأمريكي، ولذلك كنا ننظر إلى ملامح ضوء يرتسم في آخر النفق، إلا أن الرئيس ترامب، وما أن فاز بولايته الأولى حتى اعتبر “الاتفاق النووي” الذي وقعت بلاده عليه مع إيران “اتفاقاً سيئاً”. عليه؛ قرّر الانسحاب من هذا الاتفاق في العام 2018، مُخلفاً وراء خطوته الكثير من الخسائر علی حساب الأرباح التي ربما كانت لتتحقق.

ولو وضعنا ما جرى قبل سبع سنوات في ميزان الربح والخسارة، يُمكن الاستنتاج أن خطوة ترامب لم تُحقّق لإسرائيل الربح المنشود. وإذا كان ترامب – وهذا ما تقوله مصادر أمريكية – يختلف في عهده الجديد عن عهده القديم لأن الأحداث بيّنت له أنّ أمامه فرصة لإعادة النظر في حساب الربح والخسارة في التعاطي مع الملف الإيراني الشائك والمعقد والمتعب.

ويبدو لي أن ترامب يستطيع ذلك من خلال “الصفقة الكبری” التي يتحدث عنها عديد المراقبين والمهتمين بالسياسات التي يتخذها لحل أزمات دولية عديدة ولعل أبرزها أزمة الشرق الأوسط.

ويقول الإيرانيون إنّهم مستعدون للدخول بهكذا صفقة علی أن تكون “مجدية وجادة وتقوم علی أساس الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعلی قاعدة رابح/ رابح”. واستناداً إلی ذلك، استحدثت الرئاسة الإيرانية منصباً جديداً على قياس مهندس “الإتفاق النووي” محمد جواد ظريف، هو “المعاون الإستراتيجي للرئاسة”، يُساعده في ذلك وزير الخارجية عباس عراقجي، كبير المفاوضين في اتفاق عام 2015.

ويقول الإيرانيون أيضاً إن ظريف، وبالرغم من المعارضة القاسية التي يواجهها من قبل الأوساط الإيرانية المتشددة، إلا أنّه يحظی بتغطية كبيرة من القيادة الإيرانية؛ وهو يتحرك تحت سقف أوجده مكتب المرشد الإيراني الأعلی السيد علي خامنئي من خلال العلاقة الجيدة التي تربط ظريف بنجل المرشد السيد مجتبی خامنئي الذي أوقف دورسه الحوزوية في مدينة قم منذ الموسم الدراسي الماضي ليتفرغ لأعمال مُحدّدة في طهران لم يتم الإفصاح عنها لكنها بالتأكيد لن تكون بعيدة عن التطورات الداخلية الإيرانية.

الأمر الآخر الذي تتناقله طهران هو “خلية العمل” التي شكّلها ظريف لدراسة وادارة المفاوضات وكواليسها، وهي تضم شخصيات مهمة قريبة من مكتب المرشد الأعلی أمثال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد للشؤون الخارجية؛ وكمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية؛ إضافة إلی عدد آخر من الشخصيات الإيرانية، السياسية والدبلوماسية والأكاديمية.

وهناك نقطة أخری تتحدث عنها بعض الأوساط الإيرانية بضرس قاطع لجهة الجزم ببدء مسار المفاوضات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، لكن مصادر الخارجية الإيرانية تنفي ذلك وتنفي أن يكون محمد جواد ظريف قد التقی مسؤولين أمريكيين علی هامش مشاركته في أعمال “منتدی دافوس” نهاية الشهر الماضي علی خلاف ما تؤكده المعارضة للحكومة الإيرانية.

في المقابل، تتحدث المعلومات الأمريكية عن تكليف الرئيس ترامب مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بملف إيران، فيما نشرت مصادر صحفية أمريكية معلومات عن نية ترامب تعيين مستشار البيت الأبيض للأمن القومي بالوكالة سابقاً ريتشارد غرينيل مبعوثاً خاصاً لإيران. ولمح مساعدو ترامب مؤخراً إلی ابقاء الطريق مفتوحة لتجنب المواجهة مع إيران. وقال بعضهم لدبلوماسيين أجانب إنهم يتوقعون أن يقود ويتكوف الجهود لمعرفة ما إذا كان من الممكن التوصل إلی تسوية دبلوماسية مع إيران. وحتى الآن، ما زال تصور السلوك الأمريكي المرتقب حيال إيران في المرحلة المقبلة يكتنفه الكثير من الغموض، ولو أن بعض التعيينات تُعطي جانباً من الصورة أمثال مايكل ديمينو الذي تم تعيينه مسؤولاً جديداً لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الدفاع (البنتاغون) وسارع للدعوة إلی ضبط النفس في التعامل مع إيران. وبطبيعة الحال فإن مواقف ديمينو وغيره من الدبلوماسيين لا تتسق تماماً مع مواقف مستشار الأمن القومي مايك والتز وكذلك وزير الخارجية ماركو روبيو الذي أعلن أنه يؤيد “أي ترتيب يسمح لنا بالتمتع بالسلام والاستقرار في المنطقة”.

في مثل هذه الأجواء، لا يبدو أن هناك سجّادة حمراء مفروشة أمام مسار المفاوضات بين طهران وواشنطن، لكن ثمة رهان على مقاربات جديدة تصب في خانة ما تسمى “الصفقة الكبری” التي ينتظرها الإيرانيون والأمريكيون والتي من خلالها يُمكن وضع الشرق الأوسط علی سكة جديدة من الأمن والاستقرار بشرط أن تتوافر إرادة لدى الجانبين بتعزيز الثقة المطلوبة والمتبادلة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • عمل مهندسًا ومفتشًا للتموين.. سطور في حياة مثلث الرحمات الأنبا أغابيوس
  • ماذا أفعل إذا كانت ذنوبي كثيرة؟.. انتبه لـ10 حقائق بحديث النبي
  • كارثة واشنطن الجوية.. انتشال جزء من الطائرة دون العثور على الجثث المفقودة
  • ملامح من الجنة المفقودة.. قصة قبيلة باكستانية نساؤها الأجمل في العالم
  • طائرات تجسس بريطانية حلقت قرب غزة أثناء تسليم الأسرى.. ماذا كانت تفعل؟
  • نادي القادسية يُعلن التعاقد مع الموهبة آرون مارتن
  • د.حماد عبدالله يكتب: سمات المدن الجميلة (الحب ) !!
  • “الصفقة الكبرى” بين واشنطن وطهران.. والسجادة الحمراء المفقودة!
  • كواليس زيارة غامضة.. هل كانت رحلة علم‌ الهدى إلى بغداد بغطاء دبلوماسي أم شخصي؟
  • القصف ونقص السيولة ومعضلة التأشيرات.. مثلث “أوجاع السودان”