التطرف هو مصطلح واسع يشير إلى أفكار أو أفعال تتسم بالتعصب والانغلاق، وتتجاوز الحدود المعقولة في الدين أو السياسة أو أي مجال آخر، وغالبًا ما يرتبط التطرف بالعنف والتشدد، ويشكل تهديدًا للسلم الاجتماعي والاستقرار، ولذا أطلقت «الوطن» 3 حملات توعوية لتعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية تحت شعار «مجتمع صحي آمن.

. أوله وعي وأوسطه بناء وآخره تنمية»، بهدف الحفاظ على تماسك المجتمع وتقوية الروابط الأسرية.

سمات الشخصية المتطرفة

تعد الشخصية السوية بمثابة العمود الفقري للمجتمع، إذ توفر له الاستقرار النفسي والاجتماعي من خلال مجموعة من السمات المتكاملة التي تشمل القدرة على التكيف، والتعاطف، والتفكير النقدي، وغيرها من الصفات التي تختلف باختلاف البيئة والتربية، أما الشخصيات المتطرفة يلاحظ دائمًا أنّهم يتسمون بالاعتلال والشذوذ العقلي الذي يصاحب اعتناق الأفكار التكفيرية من قتلٍ للأبرياء وتكفيرٍ للمجتمع، لذا تحاول عادة تلك الجماعات البحث عن الشخصيات المتطرّفة في المجتمع أو أصحاب السِمات الشاذة التي تصلح للانضمام إليها. 

الجمود الفكري 

وأشار كتاب «التطرف وملامح الشخصية المتطرفة» الذي أصدره مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إلى ملامح الشخصية المتطرفة وطريفة تفكيره، والتي تتمثل في الجمود الفكري، إذ تتكون هذه السمة نتيجة العقل البشري الفارغ من الثقافة الدينية المنضبطة بالأصول المنهجية الوسطية المتفق عليها بين أهل التخصص، وتتلاعب التنظيمات المتطرفة بعقول الأفراد نتيجة هذا الفراغ تحت مبدأ الطاعة العمياء فيحدث للأفراد انغلاق عقلي تجاه ما يُسمح دون التدقيق في صحته، ثم ينسخون المعلومات ويكررونها دون وعي منطقي حتى يسرفوا في تضليل الناس وتكفيرهم ويستبيحون دمائهم وأموالهم في محاولة لفرض معتقداتهم على أفراد المجتمع.

رفض الواقع واستدعاء التاريخ

هذه السمة من السمات الأصيلة لدى الشخص المتطرف، وتبدأ برفض الشخص للواقع المجتمعي الذي يعيشه، ومن ثم يشعر بالظلم والخذلان المجتمعي واستدعاء لصورة ذهنية يجب أن يكون عليها، مع رفض كل المحاولات المواتية للمصالحة الذاتية مع النفس، ومن بين صور رفض الواقع:

- سبي النساء: إذ تتعامل التنظيمات مع النساء باعتبارهن سلعة تُباع وتُشترى، وهي الأفعال التي يرفضها الدين الإسلامي ويعتبرها من أفعال الجاهلية.

- رفض أشكال الدولة الحديثة: فترفض التنظيمات الإرهابية منصب رئيس الدولة وتستبدله بمنصب «الخليفة».

الأمية التعليمية

وتظهر هذه السمة من خلال القراءة الثاقبة لواقع التطرف في المجتمع الذي يشير إلى تعدد الأمية في شتى المجالات التي تتمثل في الأمية الدينية والحضارية والثقافية والاجتماعية، فمن أبرز صور الأمية الدينية القراءة الخاطئة للنصوص الدينية التي تنتهجها التنظيمات المتطرفة، فالتيارات المتطرفة تتناول النصوص تناولًا حرفيًا يخرج بها عن قيم التاسمح والعيش المشترك.

أحادية الرؤية والفكر

هي اعتناق الشخص للأفكار المتشددة في التعامل مع النصوص الدينية والشرعية ووسمها بالقطعية، وقراءتها قراءة أحادية الرؤية والتفسير من منطلق واحد فقط، ورفض كل قراءة دينية مختلفة عنها، بحيث يجعل المتطرف قراءة النص حِكرًا عليه وحاكمًا بالخروج عن الدين لكل من يخالف هذه الرؤية.

العقلية الانتقائية

أن يعمد الفرد إلى قراءة النصوص الدينية بطريقة انتقائية لصالح ما يعتنقه من أفكار متشددة، إذ دائمًا ما ترغب الجماعات الإرهابية توظيف كافة النصوص الدينية لخدمة مصالحها وأهدافها الدامية.

الانتقامية

وتشير هذه السمة إلى الغضب والانتقام والحقد وتعمد أذى الأشخاص، وعادة ما يستخدم الذكاء الحاد للانتقام من الضحية من خلال القدرة على الإصغاء وإظهار الاكتراث بالتفاصيل المهمة وغير المهمة للضحايا لاستخدامها فور الانتقام، وهذا ما يبدو في استراتيجيات التنظيمات الإرهابية، إذ يلجأون إلى قتل الأبرياء وإلحاق الضرر بالمنشآت بدعوى تكفير الحكومات والأفراد داخل المجتمع.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حملة الوطن تعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: التنظيمات الإسلاموية وأمن المنطقة العربية.. حماس نموذجًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ما زالت هناك أكثر من قراءة وتقدير لما حدث في 7 أكتوبر من العام 2023، لا أحد يمنع حماس ولا المقاومة الفلسطينية من القيام بدورها المرتبط بمقاومة المحتل ولا اتخاذ أي إجراءات من شأنها تحرير الأرض المغتصبة.

القانون الدولي والإنساني يُعطي الحق لكل من احتلت أرضه في مقاومة العدو، واتخاذ  كافة الوسائل التي تؤدي في النهاية إلى التحرير، ولكن هذا لا يُبرر للمقاومة أنّ تنفرد بقرار الحرب خاصة وأنه يُؤثر ليس فقط على أمن فلسطين ولكن على أمن المنطقة العربية أيضًا.

حماس تُدافع عن القضية الفلسطينية من منطلق ديني وعلى خلفية انتماء وأيديولوجيا تحكمها؛ قد لا يكون هناك تعارض مع ما تعتقده وبين مشروع التحرير، ولكن اختزلت واختصرت هذا المشروع في تصورها الديني، وهذا ما سوف نأتي على ذكره لاحقًا.

لا أحد يستطيع أنّ يُشكك في نوايا المقاومة، ولا أحد يستطيع أنّ يستثني حركة حماس من المعادلة السياسية أو الأمنية في فلسطين أو حتى في قطاع غزة، هذه رؤية تتسق مع الواقع الحالي ومع التركيبة الفلسطينية التي أفرزت هذه الفصائل.

هذا لا يمنع من محاسبة حماس، بل على الحركة أنّ تراجع نفسها وتُعيد تقييم خطواتها السابقة واللاحقة، سواء انقلابها على السلطة الفلسطينية بقطاع غزة في العام 2007، أو حتى قرار هجومها على إسرائيل قبل خمسة عشر شهرًا.

قرار الحرب الذي اتخذته حماس منفردة ربما أثر على أمن المنطقة العربية بأكملها، وربما يدفعها إلى الدخول في حرب مع إسرائيل خلال فترة قادمة؛ فضلًا التغير الجيو سياسي الذي لف هذه المنطقة وما زال، وهذا بسبب قرار الحركة وترتيباتها مع أطراف غير عربية.

بررت حماس عبر خطابات عديدة على لسان قادتها أو على لسان قريبين من الحركة، أنّ من أسباب هجوم 7 أكتوبر هو الوقوف أمام تيار التطبيع العربية مع إسرائيل!

وهنا سؤال، ما علاقة مقاومة حماس لإسرائيل بهذه الطريقة التي اختارتها بقرار أي دولة عربية التطبيع مع إسرائيل من عدمه؟ هل حماس نصبت نفسها وصيّة على المنطقة العربية؟ وهل المقصود أنّ تكون هناك حرب في المنطقة بين العرب مجتمعين وإسرائيل؟

من حق حماس أنّ تواجه إسرائيل بالكيفية التي تُريدها، ولكنها لا بد أنّ تضع في ذهنها عدة اعتبارات تتعلق بأمن المنطقة العربية، فكما أنّ العرب ساندوا وما زالوا فلسطين منذ العام 1948 فعلى كل حركات المقاومة أنّ تراعي اعتبارات الأمن في المنطقة، وهذا يؤدي بنا إلى مقاربة مهمه تتعلق بمن يتحمل فاتورة الحرب التي لم يُشارك في قرارها وقد لا يكون مستعدًا لها.

الحرب الإسرائيلية الأخيرة دفعت إلى طرح مشروع دونالد ترامب القديم والخاص بصفقة القرن المرتبط بتهجير الشعب الفلسطيني إلى الواجهة؛ ولكن الإدارة الأمريكية ما زالت تدفع بقوة في اتجاه هذا المشروع بحجة عدم وجود ما يصلح للعيش في قطاع غزة، وهنا باتت الأردن والقاهرة طرفًا في المواجهة.

صحيح هناك تكاليف يدفعها العرب في المواجهة مع إسرائيل وفي تحمل عبء المواجهة؛ ولكن لا بد أنّ يكون قرار الحرب والسلم ليس فصائيليًا، ولكن فلسطينيًا خالصًا؛ وهذا ليس معناه أنّ تستأذن المقاومة كلما ألقت صاروخًا على إسرائيل، ولكن لا بد من وجود ثوابت يحترمها كل الفلسطينيين، من أجل خدمة القضية الفلسطينية.

حماس حركة مقاومة ولها مشروعها؛ ولا أحد يُطالبها بأن تترك البندقية، فأي سلام لا بد أنّ يُبنى على القوة، وإذا كان  هناك من غصن للزيتون فلا بد من وجود بندقية تدافع عنه.

لا بد أن تكون حماس جزءا من الإجماع الوطني، فليست هي حركة المقاومة الوحيدة ولن تكون، فمنظمة التحرير الفلسطينية الأقدم في النشأة والمعبر الوحيد عن الشعب الفلسطيني، فإذا الأولى قد خرجت في العام 1987، فإنّ الثانية نشأت في العام 1964.

منظمة التحرير المعبر الشرعي والرسمي عن الشعب الفلسطيني، وهي حركة تحرر وطني، منظمة سياسية شبة عسكرية تُعبر عن كل الفلسطينين في كل المحافل الدولية، ومعترف بها في الأمم المتحدة وأمام المجتمع الدولي ونجحت في استرداد الكثير من حقوق الفلسطينيين.

أما حماس، فقد اختارت أنّ تكون منظمة إسلامية، فهي من حيث المبدأ لا تُعبر عن كل الفلسطينيين، صحيح تُقاوم إسرائيل ولكن لا يمكن أنّ نطلق عليها حركة تحرر وطني؛ فهذا الوطن يضم كل الأديان والطوائف، حتى ولو ادعت أنها تُدافع عن كل هذه الأديان، ولكنها في الحقيقة لا تضم إلا أيديولوجيا الدين والتنظيم بين صفوفها، وهكذا تتعامل مع المنضمين لها.

فلسطين التي شرفها الله بالمسجد الأقصى يوجد بها كنيسة القيامة، يُقال إنّ هذه الكنيسة بنيت فوق جلجثة أو الجلجثة، وهي مكان الصخرة التي يعتقد أن السيد المسيح صلب عليها حسب اعتقاد مسيحي الشرق الأوسط.

وهنا اعتقاد لدى المسيحيين بأنّ هذه الكنيسة سوف تشهد قيامة السيد المسيح من بين الأموات، على كل الأحوال فلسطين بلد مسلم لكل الديانات والطوائف التي تعيش فيها، ولابد لكل الفلسطينيين أنّ يسعوا لتحرير بلدهم، التحرر ليس مسيحيًا ولا إسلاميًا ولكنه تحرر وطني، وهذا ما تفتقده حماس على مستوى الإدراك العملي وعلى مستوى المسمى أيضًا.

تتحمل حماس ما حدث في المنطقة العربية خلال العام والنصف الأخيرين وما سوف تشهد المنطقة خلال العقد القادم، فأي تغيير ليس لصالحها ولا لصالح المنطقة العربية ولا لصالح القضية الفلسطينية، في ظل ضغوط أمريكية ودولية لتصفية هذه القضية، وهنا يبدو المشهد العربي مدافعًا عنها ومتحملًا العبء الأكبر في المواجهة رغم ما ادعته الحركة بأنّ قرار الحرب جاء مواجهًا لمشاريع التطبيع العربي!

مقالات مشابهة

  • الرئيس الصومالي يشيد بالتعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب
  • الهلال الأحمر ينفذ “مبادرة نحن معكم” في العين بمناسبة “عام المجتمع”
  • الهلال الأحمر ينفذ «مبادرة نحن معكم» في العين بمناسبة «عام المجتمع»
  • بالصور.. تشويه وتحطيم قبر ماري لوبان والد المتطرفة مارين
  • الهلال الأحمر الإماراتي ينفذ "مبادرة نحن معكم" في العين
  • هذه هويّة الشخص الذي عُثِرَ على جثته يوم أمس داخل مجرى نهر أبو علي
  • منير أديب يكتب: التنظيمات الإسلاموية وأمن المنطقة العربية.. حماس نموذجًا
  • الدفاع التركية تؤكد وقوفها مع سوريا ضد التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمنها ووحدتها
  • "تريندز" والأوقاف المصرية يؤكدان أهمية مواجهة الفكر المتطرف
  • أحمد الشرع.. من قلب التنظيمات المسلحة إلى رئاسة سوريا