خلال رحلة عمرة قبل 28 عاما، اتجهت إلى محل في حي التيسير، القريب من المسجد الحرام، لبيع الحليب القادم من حظيرة أبقارداخل مكة المكرمة.
حليب طبيعي أصلي، وقد أتى به اللبَّان دون أن يمر به على مختبر، سوى مختبر النار تحت القدر، بلا مواد كيمياوية حافظة، ولا إضافات هرمونية. واشتريت طاسة حليب. وخلال فترة تحريك قليل من السكر في طاسة الحليب، والانتظار لكي يبرد المشروب الناصع البياض، لا أدري كيف دار الحديث مع اللبّان حتى قصّ علينا أنه كان في أوج شبابه، يعمل في نقل المعتمرين والحجاج على الحمير من جدة إلى مكة المكرمة ذهاباً وإياباً.
هذا العام مرّ 99 عاما منذ بدأت الحمير تخسر تنافسها تجاه موضة السيارات الواردة إلى المدن، خصوصا جدة ومكة المكرمة، ومن حسن حظي أني رأيت اللبّان، الذي عاش تقلُّبات التنقل الماضي، على القدمين، وعلى الحمير، وعلى الخيل، وعلى الجمال.
لكن ركوب الحمار، أمتع من ركوب السيارة. ولذلك نفرح عندما كنّا نأخذ أولادنا أو أحفادنا في عيد الفطر، إلى برحة مدرسة الفلاح، أو إلى كورنيش جدة، حيث يمكنهم أن يستأجروا جملاً، أو حماراً، أو حصاناً، ثم يأخذ بهم الجمّال، أو الحمّار جولة مدة خمس دقائق بعشرة ريالات.
والحمار ذكي في معرفة الطرق أكثر من ابن آدم، وهو على عكس السيارة، لا يحتاج إلى طريق مسفّلت. وقد كان جدي حسن -رحمه الله- مسافراً على حماره في حدود عام 1350 هـ، وفي طريق عودته مر على بعض البدو، فأصروا على ضيافته، ولم يستطع التخلُّص منهم. ثم أصروا على أن يرافقه إثنان منهم؛ كي يدلاه على الطريق بين جبال المحفد، ويشبم في وسط شبوه، لكنهم بعد أن ساروا قليلاً تاهوا. فقال لهم جدي: عودوا بنا إلى حيث كنّا. فعادوا. ثم قال: لهم دعوا حماري يسير بدون دليل، فهو أدرى بالطريق منكم، ووصل إلى منزله بسلام.
وركوب الخيل، يختلف عن ركوب الحمير. سوف تشعر حين تهتز فوق ظهر الحصان، كأنك أحد الباشاوات، ولم يتيسر لي ذلك لأن السيارات كسبت المنافسة منذ 99 عاما.
قال تعالى: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون)، تذكر لنا الآية الكريمة الزينة، ثم تتحرك بنا إلى ما وراء الغيوب، حيث معجزة “ما لا تعلمون”.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
تكليف شركتين دوليتين لدراسة السوق المصرفية العراقية
الاقتصاد نيوز - بغداد
أعلن المستشار المالي لرئيس الوزراء ،مظهر محمد صالح، اليوم الأحد، أن الحكومة في طور امتلاك جهاز مصرفي يقوم على أسس السوق التنافسية، فيما أشار الى تكليف شركتين دوليتين لدراسة السوق المصرفية العراقية.
وقال صالح للوكالة الرسمية: إن "الاستراتيجية الحكومية في الإصلاح المصرفي ابتدأت بالقطاع المصرفي الحكومي بإشراف رئيس الوزراء وتقوم على عزل العمليات المالية الحكومية عن نشاط تنمية السوق المصرفية، لكون القطاع المصرفي الحكومي بشكله الحالي التقليدي يهيمن على 88٪ من النشاط المصرفي للبلاد ما جعل العمليات الحكومية المصرفية مختلطة مع نشاط السوق".
وأضاف، "ننتظر ولادة جهاز مصرفي تمتلكه الحكومة ولكن يقوم على أسس السوق التنافسية في تقديم الخدمات المصرفية وبلوغ الشمول المالي الفعلي والشمول المالي الرقمي وينسجم مع سياسة المدفوعات الرقمية التي تسير بها بلادنا بقوة منذ اكثر من عام"، لافتاً إلى أن "القطاع المصرفي الأهلي فهو الاخر يعيش مرحلة تقييم وهناك فرص للاندماج الطوعي بين اكثر من مصرف يتوافر بينهم شريك استراتيجي مصرفي دولي".
وبين أن "أهداف الإصلاح المصرفي في العراق ستنتهي باندماج عالٍ يحقق التنافسية والتجانس والامتثال والحوكمة داخل السوق المصرفية العراقية، ويحقق تكامل السوق المصرفية الوطنية مع السوق العالمية"، مشيراً إلى أن "الموضوع برمته يتابع بدقة من جانب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بعد تكليف شركتين دوليتين بدراسة السوق المصرفية العراقية وعلى وفق رؤية جديدة تنسجم مع حاجة الاقتصاد الوطني الى الائتمان والاستثمار وتعبئة موارد الجمهور المكتنزة لضمان دورة الدخل الوطني وهي أكثر استقراراً وكفاءة".
أما على صعيد القطاع الخاص، فأوضح صالح أن "إطلاق فلسفة الشراكة التنموية بين الدولة والقطاع الخاص قد تجسدت للمرة الأولى في قيام الحكومة بمنح الكفالات السيادية للقطاع الصناعي الخاص لتحصيل قروض عالمية لتمويل خطوط إنتاج لأهم المشاريع الصناعية من بلدان الاتحاد الأوروبي واليابان والتي تقود مستقبل التنمية وعلى مستويات خمسة من الصناعات تبتدئ بضمان تمويل صناعات البنية التحتية المرتبطة بطريق التنمية وصناعة الأدوية والبتروكيمياويات والتكرير وتنتهي بالصناعات الرقمية المهمة، من دون أن نغفل الاهتمام بدعم القطاع الزراعي والمزارعين في حماية الأمن الغذائي للبلاد من إنتاج المحاصيل الغذائية الاستراتيجية المهمة".
وأكد أن "الحكومة لم تغفل السير في الاستراتيجية الوطنية للقطاع الخاص التي تأمل أن ترتفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من 37٪ حاليا لتزيد على 54٪ في السنوات القادمة، ذلك عن طريق توفير فرص تنشئة القطاع الخاص من خلال دعم التمويل التنموي الحكومي له سواء من خلال صندوق العراق للتنمية أو مصرف ريادة ( قطاع مختلط ) الذي أسسه البنك المركزي العراقي للنهوض بدور القطاع الخاص في التنمية ورفع معدلات النمو في استثماراته ومساهماته في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وعلى وفق استراتيجية تنمية القطاع الخاص التي تعتمدها الحكومة منذ سنوات".