الحرب النووية.. هذا ما سيحصل لو فعلها بوتين
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
مع تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام الأسلحة النووية ضد أي دولة تهاجم بلاده "إذا كانت مدعومة بقوة نووية"، تناول تقرير لـ(راديو أوروبا الحرة) سؤال: كيف سيكون عليه الحال في أوروبا لو فعلها بوتين؟
وكان بوتين قد كشف الأربعاء الماضي عن خطط لـ"توسيع" قواعد استخدام الأسلحة النووية، بشكل يسمح لروسيا باللجوء إليها في حال تعرّضها لهجوم جوي "مكثّف"، وحتى ضد دول لا تحوز عليها، في حال كانت مدعومة من قوى نووية.
ويشير تحليل إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي إلى أنه إذا شنت روسيا ضربة نووية ضخمة على أوكرانيا أو أوروبا الغربية، فلن يكون هناك الكثير مما يمكن للقارة أن تفعله لوقفها.
وتفيد التقديرات بأن الحسابات الداخلية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) تتوقع أنه في حالة وقوع هجوم شامل من روسيا، فإن الكتلة العسكرية لديها "أقل من 5 في المئة" من الدفاعات الجوية اللازمة.
ويعتقد أن روسيا تحتفظ بنحو 1700 رأس نووي داخل أكثر من 500 صاروخ يمكن إطلاقها في غضون دقائق من الصوامع والقاذفات المتنقلة والغواصات والطائرات.
ومن المحتمل أن تكون الولايات المتحدة هي الهدف الأساسي، ولكن من المعروف أن العديد من هذه الصواريخ موجهة إلى أوروبا.
ما قد تفعله الأسلحة النووية بأوروباتشير النماذج التي توضح ما قد تفعله الأسلحة النووية الحديثة بالمدن إلى صورة قاتمة للغاية.
فصاروخ توبول-أم الروسي ينفجر في كرة نارية يبلغ عرضها كيلومترا واحدا، والتي من شأنها أن تحرق كل كائن حي في هذه المنطقة.
لا يقف الأمر عند هذا الحد، ففي دائرة نصف قطرها سبعة كيلومترات، سوف يموت عدد لا يحصى من المدنيين بسبب الحروق الشديدة، وسوف يسحقون تحت أنقاض المباني المدمرة بفعل موجة الصدمة.
ثم تأتي الإشعاعات التي من شأنها أن تشبع موقع الانفجار وتسمم الهواء والماء.
مصير المدنيينومع الاحتمال الضئيل باستخدام روسيا للأسلحة النووية، فإنه يثار التساؤل عن مصير المدنيين وماذا يمكن أن يفعلوا في حالة وقوع ضربة نووية، إذا كانت الدفاعات الجوية للدول الأوروبية غير قادرة على إيقافها تماما.
تحتفظ بعض العواصم الأوروبية بملاجئ نووية من حقبة الحرب الباردة يتم تجديدها بشكل بطيء.
في كييف، أعيد فتح مخبأ نووي مؤخرا وتمت إتاحته للاستخدام.
وفي براغ، شهدت شبكة من مخابئ الحرب الباردة ارتفاعا في الاهتمام من قبل السكان المحليين منذ غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022.
واعتبارا من العام الماضي، بدأت خدمة الإنقاذ من الحرائق في جمهورية التشيك في تحديث المخابئ ومتطلبات نظام الملاجئ.
وفي ألمانيا، بالقرب من مدينة بون، أفادت هايك هولندر، مديرة ملجأ نووي يعمل الآن كمتحف، بارتفاع كبير في عدد الزوار مؤخرا.
ونقلت عنها إذاعة أوروبا الحرة أن الاهتمام بهذا الملجأ النووي، قد زاد، وخاصة من الشباب، بسبب الحرب في أوكرانيا.
لكن حتى إذا توفرت هذه المخابئ وأصبحت قابلة للاستخدام، فإن "الضربة النووية الروسية لن توفر سوى القليل من الوقت الثمين للهروب إلى ملجأ محصن"، بحسب الباحث البارز في معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، الخبير في مجال الأسلحة النووية الروسية بافيل بودفيج.
ويقول بودفيج لإذاعة أوروبا الحرة إن الفترة من إطلاق السلاح النووي من روسيا إلى الاصطدام بهدف في أوروبا الوسطى "ستكون في حدود 10 دقائق أو نحو ذلك".
وبينما تحتفظ الولايات المتحدة بشبكة من الأقمار الصناعية القادرة على رصد الصواريخ التي يتم إطلاقها على الفور، لكن هذا النظام ربما يكون عديم الفائدة بالنسبة للدول القريبة من روسيا، بحسب بودفيج.
ويقول إنه رغم أن الولايات المتحدة تمتلك أنواعا متعددة من أنظمة الإنذار "فإنني أشك في إمكانية تبادل هذه المعلومات بسرعة كبيرة مع الحلفاء في الدول الأوروبية".
وتندد روسيا بدورها بمنظومة الدفاع الصاروخية الأميركية "إيجيس أشور" المنتشرة في بولندا ورومانيا.
وتنشر الولايات المتحدة منذ وقت طويل صواريخ عابرة محمولة ذات مدى متوسط تطلق عموما من خلال أنظمة "مارك 41".
وفي يوليو الماضي، بدأ تشغيل نظام "إيجيس" الثاني في شمال بولندا على بعد أقل من 300 كيلو متر تقريبا من الحدود مع روسيا.
تذكر العقيدة الروسية للعام 2020 أربع حالات تبرّر استخدام السلاح النووي وهي: إطلاق صواريخ بالستية ضدّ روسيا أو أحد حلفائها؛ استخدام السلاح النووي من قبل خصم؛ هجوم على موقع للأسلحة النووية؛ عدوان يعرّض "وجود الدولة ذاته" للخطر.
غير أنّ تطبيق هذه العقيدة يثير جدلا. إذ يرى بعض الخبراء والمسؤولين العسكريين، خصوصا في واشنطن، أنّ العقيدة السوفيتية المتمثّلة في عدم استخدام السلاح النووي كحلّ أولي قد تمّ التخلّي عنها. وستحتفظ موسكو بورقة "التصعيد لخفض التصعيد"، عبر استخدام السلاح بنسب محدودة من أجل دفع حلف شمال الأطلسي إلى التراجع.
ما هو التغيير الذي قام به بوتين؟قال الرئيس الروسي إنّه سيتم "اعتبار العدوان على روسيا من قبل دولة غير نووية، ولكن بمشاركة أو دعم دولة نووية، اعتداء مشتركا" على روسيا.
ويوضح هانس كريستنسن من اتحاد العلماء الأميركيين (FAS) أنّ هذه النقطة "تهدف بشكل واضح إلى ثني الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى". ويضيف أنّ "المشكلة مع بوتين هي معرفة ما إذا كان مستعدا للذهاب إلى أقصى حد" أو إذا ما كانت هذه "مجرّد كلمات"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "فرانس برس".
كذلك، حذر الرئيس الروسي من أنّه قد يلجأ إلى استخدام القنبلة في حال تعرّضت بلاده لهجوم جوي واسع النطاق (طيران، صواريخ أو مسيّرات)، وفي حال الهجوم على بيلاروس حليفة روسيا.
واعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس أنّ التهديدات الجديدة للرئيس الروسي بشأن الأسلحة النووية "غير مسؤولة على الإطلاق".
كذلك، رفض الاتحاد الأوروبي "بقوة" التهديدات النووية الجديدة، مندّدا بالسلوك "غير المسؤول وغير غير المقبول" الصادر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
سوابقيشكّل هذا الاستفزاز أداة متكرّرة تستخدمها السلطة الروسية منذ فبراير 2022.
وإدراكا منه أنّ كييف لن تسقط بالسرعة التي يأملها، أمر فلاديمير بوتين "بوضع قوات الردع التابعة للجيش الروسي في حالة تأهّب قتالي خاص". غير أنّ الخبراء يشيرون إلى جزءا من الترسانة الروسية، كما الغربية، لطالما كانت جاهزة للاستخدام.
وكانت روسيا قد أعلنت في صيف العام 2023 نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس. كما أجرى الجيش الروسي في مايو الماضي مناورات قرب أوكرانيا ردا على "تهديدات صادرة عن بعض المسؤولين الغربيين".
ولدى الولايات المتحدة القدرة على شن ضربات انتقامية إذا تم اكتشاف صواريخ قادمة، قبل أي تأثير على الأراضي الأميركية.
من شأن هذه السياسة أن تمنع تدمير الأسلحة النووية الأميركية في موقعها، لكنها تترك الباب مفتوحا لاحتمال حدوث خطأ يتسبب في كارثة.
ويشير الخبراء إلى أن الرادع القوي الوحيد اليوم هو القناعة بالتدمير المتبادل المؤكد الذي تضمنه مخزونات الغرب من مئات الصواريخ النووية، وهو أمر لا بد ويشغل عقل متخذ القرار.
ويرى بودفيج أنه على الرغم من التوترات المتزايدة بشكل مطرد بين روسيا والغرب، فإن نهاية العالم النووية لا تزال مجرد احتمال بعيد.
وقال "أعتقد أنه قبل أن نصل إلى هذا الاحتمال الحقيقي، سنرى عددا لا بأس به من خطوات التصعيد الإضافية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأسلحة النوویة استخدام السلاح فلادیمیر بوتین السلاح النووی الرئیس الروسی أوروبا الحرة فی حالة فی حال
إقرأ أيضاً:
إعادة كتابة للتاريخ.. أوروبا مذهولة من ترامب ووقوفه بجانب بوتين
في ولايته الأولى، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين الحين والآخر بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي «الناتو»، الأمر الذي أدى إلى إزاحة الولايات المتحدة عن دورها كركيزة أساسية للتحالف العسكري الأكثر نجاحًا في العصر الحديث، لكن في ولايته الثانية، يحاول «ترامب» اتباع نهج مختلف وهو تفريغ الحلف من الداخل، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
ويدب الخوف والقلق داخل جدران الحلف وفي نفوس الأوروبيين بعد تصريحات «ترامب» الأخيرة بشأن دعمه لـ«الناتو» وأوكرانيا ومهاجمة أوروبا، كما زعم أن كييف هي من استفزت روسيا لبدء الحرب.
تساؤلات أوروبية حول جدوى التحالف مع واشنطنوتقول الصحيفة الأمريكية، إن ما يحدث حاليًا في أوروبا هو إعادة كتابة للتاريخ الحديث، والذي ترك حلفاء «الناتو» في حالة من الذهول والتساؤل حول جدوى التحالف مع واشنطن.
وكان المسؤولون الأوروبيون يدركون عندما انتُخِب دونالد ترامب أن المبادئ الأساسية للنظام الذي أعقب الحرب العالمية الثانية سوف تتعرض للتهديد، وقد شعروا بالفزع أثناء الحملة الانتخابية عندما قال إنه سيشجع الروس على فعل كل ما يريدونه تجاه أعضاء حلف «الناتو» الذين لم يساهموا بما يكفي، في رأيه، في التحالف.
وكانوا يدركون أنه حتى لو ظلت الولايات المتحدة، على الورق، الوحش المسلح نوويًا في قلب حلف شمال الأطلسي، فإن أفكار «ترامب» العامة قد تؤدي إلى تآكل المؤسسة من الداخل وتقويض هدف التحالف الذي تم إنشاؤه في عام 1949 لمواجهة الاتحاد السوفييتي.
علامات ذهول وصدمةوفي نهاية مؤتمر ميونيخ للأمن، ظهرت علامات الذهول والصدمة على وجه القادة الأوروبيون، إذ بدا أن قِلة من أفراد المؤسسة الأمنية القومية الأوروبية كانوا مستعدين لاحتمال أن يهدد الرئيس الأمريكي ليس فقط الدعم الأمريكي لأوكرانيا، بل وأيضًا يقف علنًا إلى جانب «بوتين»، وفقًا لما قالته «نيويورك تايمز».
والتغيرات المتسارعة التي أعقبت فوز دونالد ترامب بقيادة البيت الأبيض وتصريحاته المرتبطة بأوروبا وحلف «الناتو»، تجعل التفسير الأكثر وضوحًا، هو أن «ترامب» يجبر الدول الأوروبية على الإسراع بشكل جذر في الاضطلاع بدور أكثر مركزية في الدفاع عن القارة وزيادة الإنفاق الدفاعي.
ليس لدى أوروبا خيار.. الاتحاد أو الموتويقول برنار هنري ليفي، الفيلسوف الفرنسي البارز: «أوروبا ليس لديها خيار، لقد أخبرنا الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع ووزير الخارجية أننا لا نستطيع الاعتماد إلى ما لا نهاية على الولايات المتحدة، يتعين علينا أن نتحد أو نموت، وإذا لم نتحرك، فسوف نتحمل ــ في غضون عامين أو ثلاثة أو خمسة أعوام ــ هجومًا روسيًا جديدًا، ولكن هذه المرة في دولة من دول البلطيق أو بولندا أو في أي مكان آخر».