عطاف: يجب المسارعة لوضع حد للجحيم المسلط على الشعبين الفلسطيني واللبناني
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج ، أحمد عطاف إنه يتعين على المجموعة الدولية أن تسارع لوضع حد “للجحيم المسلط على الشعبين الفلسطيني واللبناني.
كما شدد عطاف على أن يتم كبح جماح المحتل الإسرائيلي ورغبته في إدخال منطقة الشرق الأوسط في دوامة” من الأزمات والصراعات والحروب الدائمة واللا متناهية.
وخلال كلمة ألقاها عطاف في الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم قال: “ما يحدث في غزة من حرب إبادة جماعية متواصلة منذ ما يقرب العام، وما يحدث من امتداد هذه الحرب إلى الضفة الغربية مؤخرا، وإلى لبنان راهنا، وما يحدث في المنطقة بأكملها من تصعيد إسرائيلي متعدد الأوجه والجبهات، كل هذا ما كان ليكون لو أن المجموعة الدولية اتخذت في حينه موقفا حازما يفرض على الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني ما فرض على غيره من إجراءات عقابية وتدابير ردعية قنن لها ميثاق منظمتنا هذه في الفصل السابع”.
وتابع رئيس الدبلوماسية الجزائرية أنه يجدر بالمجموعة الدولية أن تدرك أنها أمام مرحلة فارقة ومفصلية من تاريخ القضية الفلسطينية، وألا تقبل العودة لما قبلها، أوالتردد أوالتقاعس في دعم المشروع الوطني الفلسطيني.
عطاف وفي كلمته شدد على أن “العضوية الكاملة لدولة فلسطين” في الأمم المتحدة تظل خطوة حاسمة نحو الحفاظ على حل الدولتين، “والتصدي لما يعد له الاحتلال الإسرائيلي من عدة لإفشاله بل ولإجهاضه، ونحو صون ثوابت حل الصراع العربي الإسرائيلي ومقومات الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وبخصوص تصفية الاستعمار عطاف قال أن الجزائر تتطلع إلى تصفية الاستعمار تصفية نهائية، “وذلك عبر طي آخر صفحة من صفحاته التي لا تزال وللأسف ماثلة أمامنا على أرض الصحراء الغربية”.
وأردف “نؤكد أن ظاهرة الاستعمار مآلها الزوال طال الزمن أم قصر، وبأن الحقوق الشرعية والمشروعة للشعب الصحراوي ستجد طريقها للنفاذ عاجلا أم أجلا”.
وجدد عطاف دعم الجزائر للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص في جهودهما الرامية “لتمكين طرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو” وقال في هذا الشأن ان “استئناف مسار المفاوضات المباشرة “بهدف الوصول إلى حل سياسي يضمن للشعب الصحراوي ممارسة حقه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير مصيره”.
وعن الوضع في ليبيا، قال عطاف إن الجزائر تؤكد على حتمية الإسراع في معالجة آفة التدخلات الخارجية التي تنهك مقدرات هذا البلد وتغذي الانشقاقات والصراعات بين أبنائه.
وأشار عطاف إلى أنه عبر تحقيق ذلك، “يمكن للأشقاء الليبيين أن يجتمعوا حول أرضية توافقية تسهل تحقيق أهداف المصالحة الوطنية وتيسر التوجه نحو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة”.
بينما عن الصعيد القاري، أوضح عطاف أن بلاده تواصل جهودها ومساعيها الرامية لتقديم مساهمة نوعية في العمل الأفريقي الجامع، وذلك على ضوء الأولويات التي حددتها الأجندة القارية بشكل حاسم وقاطع، بما في ذلك تفعيل حلول أفريقية المنشأ والتطوير والتنفيذ لإخماد فتائل الصراعات وحل مختلف الأزمات والنزاعات التي تكبدها دول وشعوب القارة.
وفي ذات السياق وأشار عطاف إلى أن “أفريقيا تتطلع إلى تصحيح الظلم التاريخي المفروض عليها في مجلس الأمن، وتمكينها من شغل مكانتها الحقة بهذه الهيئة الأممية المركزية”.
وكشف عطاف بأن الجزائر تواصل مساعيها وجهودها الرامية لإقامة شراكة متوازنة ونافعة وهادفة في منطقة الساحل الصحراوي التي تعيش أوضاعا هشة من جراء ما تعانيه دول هذا الفضاء من تفاقم الاضطرابات السياسية وتعاظم الأخطار الإرهابية، واستشراء حدة الفقر، وغياب آفاق التنمية المستدامة، واستفحال ظاهرة التغيرات المناخية.
وأشار عطاف إلى أن “ممثل دولة من هذا الجوار” “تفوه وتجرأ على بلدي بكلام وضيع لا يليق البتة بوقار مقام كهذا، ولا يصح البتة مجاراته في الاندفاع اللفظي التافه أو الدنيء”.
وشدد عطاف على أن “لدى بلده إرادة صلبة ويدا ممدودة وصدرا رحبا كلما اقتضت الظروف للتعاطي مع كل أشقائنا من أجل بناء صرح ساحلي ينعم بالأمن والأمان والسكينة”.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
المرحوم الدكتور زكي مصطفي: العالم واللغو
(أدين للدكتور زكي مصطفي، شقيق الدفعة كامل مصطفى، بالاجتهادات التي أخاطر بها في موضوع الماركسية والإسلام. وأدين في هذا لكتابه "القانون العام في السودان: في سيرة مادة العدل والقسط والوجدان السليم" (1971).The Common Law in the Sudan: An Account of the 'justice, Equity, and Good Conscience' Provision
وكتبت أنعيه لمأثرته رحمه الله
توفي في ديسمبر 2003 الدكتور زكي مصطفي عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم والنائب العام الأسبق. ولم يكن زكي قانونياً فحسب، بل كان مفكراً قانونياً من الطراز الأول. ولم أجد له مثيلاً في غلبة الفكر عنده على محض الممارسة سوي المرحوم الدكتور نتالي أولاكوين والدكتور أكولدا ماتير وعبد الرحمن الخليفة (في طوره الباكر). وقد قطع عليه انقلاب مايو في طوره اليساري الباكر حبل تفكيره نتيجة تطهيره من الجامعة ضمن آخرين بغير جريرة سوي الظن برجعيتهم. وهذه الخرق العظيم لحقوق الإنسان ظل عالقاً برقبة الشيوعيين. وقد نفوا مراراً وطويلاً أنهم كانوا من ورائه. وربما كان إنكارهم هذا حقاً. فقد كانت مايو سراديب تنضح بما فيها. فأنا أشهد بالله أن الشيوعيين لم يصنعوا التقرير الختامي المنشور للجنة إصلاح جامعة الخرطوم (1970) على انهم كانوا عصبة لجان ذلك الإصلاح. فقد أملى المرحوم محي الدين صابر التقرير النهائي من رأسه وكراسه معاً. وهذه عادة فيه. وما زلت احتفظ بأوراق اعتراضاتنا الشيوعية على ذلك التقرير لمفارقته لتوصيات اللجان. وتحمل الشيوعيون وزر التقرير وبالذات ما ورد عن تحويل الكليات الي مدارس. وعليه ربما لم يأمر الشيوعيون بتطهير زيد أو عبيد غير انهم لم يدافعوا صراحة عن حق العمل. بل أداروا له ظهرهم مطالبين بحق الشورى قبل أن تقدم مايو علي خطوة في خطر التطهير في مجال عملهم. وفهم الناس أنهم لا يمانعون في فصل الناس متي شاوروهم في الأمر.
حين قطعنا حبل تفكير المرحوم زكي في 1969 كان مشغولاً بأمرين. كان عميداً للقانون في قيادة مشروع قوانين السودان (1961) الذي هدف لتجميع السوابق بتمويل من مؤسسة فورد. وقد تم علي يد المشروع توثيق كل القضايا التي نظرتها المحاكم قبل 1956. أما الأمر الثاني الذي لم يكتب لزكي أن ينشغل به حقاً بسبب التطهير فهو تطوير فكرته المركزية التي درسها في رسالة الدكتوراة ونشرها في كتاب في 1971. فقد تساءل زكي في كتابه لماذا لم يأذن الاستعمار الإنجليزي للشريعة أن تكون مصدراً من مصادر القانون السوداني. وأستغرب زكي ذلك لأن الإنجليز لم يجعلوا قانونهم قانوناً للسودان، بل وجهوا القضاة للاستعانة بما يرونه من القوانين طالما لم تصادم العدالة والسوية وإملاءات الوجدان السليم. وقال زكي لو ان الإنجليز أحسنوا النية بالشريعة لوجدوها أهلاً للمعاني العدلية المذكورة. وقد صدر زكي في فكرته هذه من خلفية إخوانية. ولكنه شكمها بلجام العلم فساغت. وستنفلت قضية الشريعة والقانون في السودان من أعنة زكي الأكاديمية الشديدة لتصبح محض حلقمة سياسية دارجة ما تزال ضوضاؤها معنا.
ولعله من سخرية القدر أن يسترد زكي بعد 15 عاماً القانون الموروث عن الإنجليز الذي خرج لمراجعته وتغييره في دعوته التي أجملناها أعلاه. فقد أصبح في 1973 نائباً عاماً مكلفاً بإعادة ترتيب البيت القانوني على هدي من القانون الموروث عن الاستعمار. فقد اضطرب القانون كما هو معروف علي عهد نميري. وأشفق زكي كمهني مطبوع على فكرة القانون نفسها من جراء هذا الاضطراب. وكان أكثر القوانين استفزازاً هو القانون المدني لعام 1971 الذي نجح القوميون العرب في فرضه على البلد بليل. وقد وجد فيه زكي إساءة بالغة للمهنية السودانية. فتحول من فكرته الإسلامية التي أراد بها هز ساكن القانون الموروث عن الاستعمار الي الدفاع عن إرث ذلك القانون. ففي مقالة بليغة في مجلة القانون الأفريقي لعام 1973 جرّد زكي علي القانون المدني حملة فكرية عارمة. فقد ساء زكي أن لجنة وضع القانون المدني تكونت من 12 قانونياً مصرياً و3 قضاة سودانيين لنقل القانون المصري بضبانته قانوناً للسودان. وعدد أوجه قصور القانون الموضوعية بغير شفقة. واستغرب كيف نسمي استيراد القوانين العربية تحرراً من الاستعمار بينما هي في أصلها بنت الاستعمار الفرنسي. وأحتج زكي أن القانون المدني أراد ان يلقي في عرض البحر بخبرة سودانية عمرها سبعين عاماً واستحداث قانون لم يتهيأ له المهنيون وكليات القانون ولا المتقاضون.
لم اقصد في هذه السيرة القول أن زكي لم يثبت على شيء. فعدم ثباته على شيء هو نفسه ميزة. فقد أملت عليه مهنيته العالية أن "خليك مع الزمن" بما يشبه الإسعاف حتى لا تسود الفوضى في حقل حرج كالقانون بفضل النَقَلة ضعاف الرأي. رحم الله زكي مصطفي فهو من عباد ربه العلماء.
ibrahima@missouri.edu