محمد الحوثي: المؤتمر يمثل نقطة توحد للأمة ومسيرة الجهاد ستستمر رغم التحديات والجراح د. الشعيبي: اختيار الأبحاث للفائزين كان من اختصاص اللجنة العلمية وفق آلية تقييم علمي معين

الثورة / أحمد المالكي/أحمد السعيدي

اختتم المؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم أعماله أمس الإثنين بصنعاء والذي استمر خلال الفترة من 28 – 30 سبتمبر بحضور علمائي وأكاديمي ورسمي فاعل، تم خلالها مناقشة ١٠٧ أبحاث وزعت على سبعة محاور وشملت الثقافي والاجتماعي، والسياسي والإداري، والاقتصادي، والتعليمي والعلمي، والإعلامي، والأمني والعسكري.


وأكد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في كلمته بمناسبة اختتام المؤتمر أن هذا المؤتمر الذي تقيمه الجمعية الخيرية للقرآن الكريم يمثل حضوراً مميزاً، حيث يجب أن يستمر الناس جميعاً في إحياء مثل هذه المؤتمرات لعظمة صاحبها رسول الله صلى الله عليه وآله، ولأنه يمثل نقطة اجتماع وتوحد للأمة، ويجب على الجميع أن نستلهم من رسول الله كل ما يعزز وحدة الأمة وتمسكها برسولها وكتابها
وقال الحوثي: إن انطلاقة الرسول صلوات الله عليه وآله في جهاده وهو في المدينة لا يكاد يخلو الشهر أو الشهرين إلا وله سرية أو غزوة مجاهدا في سبيل الله متحركا فلم يتوانى ولم يتضعضع ولم يتخلف أو يترك الجهاد رغم الاستهداف المستمر من قبل أعدائه للنيل منه.
مؤكدا أن رسول الله صلوات الله عليه يجب أن يكون قدوة للناس جميعاً بما يحمله من تاريخ مشرف وعظيم وبما يحمله الكتاب الذي أتى به وهو القرآن الكريم من دعوات لأن نكون عمليون باستمرار لا نتوقف ولا نتأخر رغم عظم الأحداث الصعبة التي تواجهنا من قبل الأعداء، الذين وان كان لديهم قوة وسلاح متطور فيجب ألا نيأس ونتراجع في مواجهتهم.
وأشار الحوثي إلى أن أعداء الأمة اغتالوا شهيد الإسلام والإنسانية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليوصلوا لزعماء العرب وان كانوا قد وصلوا لمرحلة الذلة والهوان من قبل ولذلك تجد أن خطابات اليهود المتصهينين سواء كان وزير دفاع الكيان المؤقت أو رئيس وزرائه يقولون سنصل إلى كل مكان وشخص يهدد الكيان المؤقت وأن هذا التهديد أو الخطاب ليس موجه للمجاهدين ولا يؤثر فيهم أو يخيفهم، بل هو موجه لأولئك الخانعين والمنبطحين لأولئك الذين أصبحت كل أهدافهم ورؤيتهم وتخطيطهم تسير في نفس فلك الصهاينة من حكام العرب المنبطحين.
وخاطب الحوثي رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو قائلا “نحن بإذن الله ومن خلال ما تحدث السيد القائد حفظه الله مستمرون في مساندة إخواننا في فلسطين ولبنان لا نخشى إلا الله تعالى وهذه نعمة كبيرة، وتهديده لا يرهبنا لأنكم تهددون المجاهدين بإحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة كما قال الشهيد القائد، وما أعظم أن تكون إحدى الحسنيين في مواجهة اليهود والنصارى.
وتطرق محمد الحوثي إلى مواقف شهيد الأمة وفلسطين القائد الشهيد حسن نصر الله العظيمة تجاه العدوان على اليمن منذ اليوم الثاني من العدوان عام ٢٠١٥م وان حيث الشهيد الأمين أعلن وساند وتضامن منذ اليوم الثاني مع بلدنا اليمن وهو موقف مشرف لا يمكن أن ننساه، وكلنا يعلم أن موقفه المشرف ضد هذا العدوان حينها عرضته لهجمة شرسة وكبيرة نتيجة تبنى هذا الموقف.
وأضاف الحوثي أن الشهيد الأمين حسن نصر الله كان يعلم بأنه مهدد قبل أن يذهب إلى الاجتماع وأنه مستهدف قبل أن يصل إلى مكان الاجتماع وكان يعلم انهم يريدون قتله قبل الاجتماع وكل ذلك لم يكن غائباً عن ذهنه ومعلوماته، ولكن هنا الفرق بين من يسيرهم رجال المخابرات ومن يسيرهم الإسلام فذهب للاجتماع من اجل السير على طريق القدس بينما ذهب الآخرون ليقولوا بأن تحرير القدس يبدأ من أفغانستان فأولئك خطهم خط المخابرات وهذا خطه خط الإسلام، وأنه بعد استهداف قادة الحزب ذهب نصر الله ليخطط للنيل من عدوه فقال في رثاء فؤاد شكر لا نقول مع السلامة ولكن نقول إلى اللقاء وهذا دليل على انه يفهم الخصم والوضع الذي هو فيه ويريد أن يقول للأنصار جميعاً استمروا في خط المواجهة عملياً وليس خطابيا وخط المواجهة ليس معبّد بالورود بل معمد بالدماء لذلك لا ييأس الناس ويحبطون ولا يتوانون اذا استشهد عظيم هنا أو هناك فالرسول صلى الله عليه وآله عندما كانت غزوة مؤته ارسل الجيش الإسلامي بثلاثة قادة فقال أن استشهد جعفر فزيد وان استشهد زيد فعبد الله وهكذا ووفق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله عندما ارسل جعفر ليقود ذلك الجيش وهو الذي قال لا ادري بايهما افرح بفتح خيبر أو بقدوم جعفر فأرسله وهو يعده للشهادة لأن الخط الذي يقاوم الظلم والطغيان والكفر والنفاق لا بد أن يعمد بالدماء ولذلك من هذه الغزوة لابد أن نفهم الكثير من الأشياء فقال الشهيد القائد أيضاً عن غزوة تبوك وسورة التوبة بانهما يكفيان المسلمين لينتصروا على أهل الكتاب.
ولفت الحوثي أن الكافرين يتعرضون لألم وخسائر كما نتعرض كما وضح الله تعالى بقوله ” أن تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون” وهذا لا يعني بأننا لا نتألم على فقدان عظمائنا والقادة الصادقين الذين يواجهون ويساندون في صف الحق ولذلك نقول لإخواننا في حزب الله كما كان بيان نعيكم بالمباركة نبارك لكم استشهاد القائد العظيم السيد الأمين شهيد الإسلام والإنسانية ونقول عظم الله لنا ولكم الأجر أما هو فقد فاز والخسارة علينا نحن بفقدانه وبإذن الله سيكون القائد الجديد لحزب الله غيضا وسيكون كما قال السيد عبد الملك انهم سيتمنون لو كان الأمين ما زال حي لان الأمين حسن نصر الله جاء خلفا لعباس الموسوي، ولذلك نقول للعدو رهانك خائب وتهديدك لا يعني لنا شيء لان غاية ما نسعى إليه هو الحياة.
وفي كلمته الختامية للمؤتمر ثمن الدكتور عبد العزيز الشعيبي – رئيس المؤتمر الجهود التي بذلها السيد المجاهد عبد السلام بدر الدين الحوثي رئيس جمعية القرآن الكريم الخيرية رئيس اللجنة الإشرافية للمؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم، وجهود جميع كل من شارك في المؤتمر وما تم تقديمه من الأبحاث الرائعة، والتي يمكن أن تكون مسارا للمستقبل للاستفادة من المحاور المختلفة لكل الجهات.
وأوضح الدكتور الشعيبي أن قضية اختيار الأبحاث واختيار الفائزين، كانت من اختصاص اللجنة العلمية التي رأت انه الأفضل أن يبدا الباحث بإرسال خطة بحثه ثم بعد ذلك تطور هذه الخطة فان وجد أنها تمتلك كل المعايير المطلوبة في البحث قبلت وان لم تكن كذلك يمكن أن تعدل اذا لم ترفض، وكان ذلك هو الطريق التي سارت عليه اللجنة العلمية حتى وصل عدد الأبحاث في المؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم إلى 167 بحثاً رفضت منها 33 بحثاً وقبلت بقية الأبحاث، وهناك أبحاثا تأخرت.. مشيرا إلى أن الأبحاث التي قبلت ونشرت تجاوزت المائة بحث.
وفيما يتعلق بالفائزين العشرة أو من حازوا على اعلى الدرجات من هذه الأبحاث وفق الدكتور الشعيبي، فقد شكلت لجنة من خمسة أعضاء مقيّمين للأبحاث مرة أخرى بعد التقييم السابق وكل مقيّم من هؤلاء المقيّمين قد قرأ البحث لوحده ووضع الدرجة غير تلك الدرجة التي عملها سابقا وبالتالي قيست الدرجة النهائية من خلال متوسط هذه الدرجات جميعها، وفق الآلية التي اعتمدتها اللجنة العلمية والمؤتمر في اختيار الأبحاث واختيار الفائزين الأوائل.
وحيا الدكتور الشعيبي كل اللجان التي عملت في المؤتمر وعلى راسها اللجنة الإشرافية بقيادة السيد عبد السلام الحوثي وكذلك اللجنة العلمية والتنظيمية والإعلام والفنية والسكرتارية التي كانت بمثابة الدينمو المشغل لهذا المؤتمر، كما ثمن دور الجامعات التي كانت مساهمة وسباقة ورافدة لهذا المؤتمر وعلى رأسها جامعة صنعاء بـ38 بحثاً ثم جامعة 21 سبتمبر بـ18 بحثاً، تليها جامعة ذمار ب13 بحثاً وبعدها جامعة الحديدة بـ10 أبحاث ثم جامعة البيضاء ب7 أبحاث، ثم الوزرات، وكذلك الباحثين الذين ستكون أبحاثهم بمثابة خطة عملية بإذن الله في المستقبل تتبناها الهيئات والوزارات المختلفة في عملها.
وصدر عن المؤتمر بيان ختامي تلاه الدكتور ضيف الله الدريب خلص إلى أهمية بناء جيش واع يصنع الانتصارات وفق التربية النبوية، ومواجهة التضليل الثقافي الذي يقوم به اليهود والمنافقون، وإشهار النهايات المأساوية لزعماء النفاق العربي للعظة والعبرة، وترجمة الأبحاث النوعية إلى عدة لغات ونشرها وتوزيعها عبر الجامعات العالمية والمراكز البحثية، وإدارة العمل الجهادي في محور المقاومة وفق رؤية ثقافية مركزية، ونشر الثقافة القرآنية لتعزيز الروح والوعي الجهادي لدى الأجيال الصاعدة، بالعودة إلى المنهج النبوي وتفعيل التدريب والتأهيل الثقافي بما يحافظ على الهوية الإيمانية.
وشدد على أهمية مواجهة الحرب الناعمة بوسائل تنفيذية عملية فعالة، والتمسك العملي بالثقلين (القرآن الكريم والعترة الطاهرة) للنجاة من الضلال وتحقيق الغلبة في ميدان المعركة ضد أعداء الله.
وتضمن توصيات المحور السياسي والإداري ضرورة معالجة أسباب الممارسات الإدارية المغلوطة في الواقع المعاصر، وتعزيز وترسيخ التواضع لدى المسؤولين وتذكيرهم بأن تواضعهم جسر يربط بين قلوب الناس، ويدعو إلى الوحدة والتلاحم، وأن يكونوا في خدمة شعبهم لا في خدمة مناصبهم.
ودعا البيان المجتمع الإنساني في العالم إلى القيام بواجبه في إيقاف الجرائم البشعة للعدو الصهيوني في اليمن وفلسطين ولبنان، والاستجابة لنداءات السيد القائد التي يخاطب فيها المسلمين خصوصا والمجتمع الإنساني خصوصا.
كما دعا الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى الوقوف ضد أنظمة الخيانة التي تساند العدو الصهيوني حتى لا يسقطوا مع فراعنة العصر في عار التطبيع والعمالة والوقوع تحت طائلة الغضب الإلهي التي تضرب الظالمين والساكتين.
وتضمنت توصيات المؤتمر أهمية تأييد ومساندة القيادة ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي فيما تضمنته خطاباته وتوجيهاته ومواقفه الحكيمة في دعم محور الجهاد والمقاومة وبذل النفس والمال وتفعيل الخيارات العسكرية.
وأوصى المؤتمر بإقرار مخرجات المؤتمر الدولي الأول للرسول الأعظم الذي عقد العام الماضي، واستلهام القدوة من إمام المجاهدين محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي ظل يجاهد حتى آخر أيامه.
وفي ختام المؤتمر الذي حضره عدد من المسؤولين ورؤساء الجامعات والباحثين تم الإعلان عن الفائزين بجوائز أفضل عشرة أبحاث علمية حول محاور المؤتمر السبعة وتكريمهم، إلى جانب تكريم رؤساء الجامعات واللجان الإعلامية والإشرافية والتنظيمية والسكرتارية للمؤتمر.
تصوير / فؤاد الحرازي

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الحوثي الطلقة الأخيرة لمدفعية إيران

أعلنت الحكومة اليمنية، الجمعة، عن مخطط حوثي وصفته بـ"الخطر" والهادف إلى عودة التصعيد في البلاد لتحقيق اختراق ميداني صوب المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وفي مقدمها محافظة مأرب الاستراتيجية.

وحذرت الحكومة خلال بيان نشره وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني من اجتماعات يجريها وفد حوثي في لبنان مع "الحرس الثوري الإيراني وأذرعه في المنطقة بهدف تصعيد قادم في الجبهة اليمنية". وكشفت عن أن قيادات عسكرية تابعة للحوثيين لا تزال موجودة في العاصمة اللبنانية بيروت، وأنها تعقد اجتماعات مكثفة مع قيادات في الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" اللبناني و"الحشد الشعبي" العراقي، وتوصلت إلى "اختيار اليمن ساحة رئيسة للتصعيد مع تكثيف نقل الأسلحة والخبراء العسكريين من الحرس الثوري و(حزب الله) إلى مناطق الانقلابيين الحوثيين". وهو ما اعتبرته "تطوراً خطراً يكشف عن نوايا المحور الإيراني لتعويض خسائره في المنطقة تركزت على وضع خطة تصعيدية للمرحلة المقبلة".

حقول نفط مأرب

تأتي تحذيرات اليمن من المخطط الإيراني الجديد بالتزامن مع تصعيد ميداني للميليشيات على خطوط تماس جبهات القتال مع الجيش اليمني في محافظة مأرب النفطية (شرق) في مسعى جديد إلى اختراق هذه الجبهة منذ سنوات.

وحول الأهداف من وراء هذا التصعيد قال الوزير اليمني إنه يسعى إلى "تعويض الخسائر ورفع معنويات جمهور المحور الإيراني بعد خسارتهم لجبهتي سوريا ولبنان وإظهار قدرة إيران على إدارة العمليات العسكرية في المنطقة على رغم الضغوط الدولية والاستهداف المتكرر". كما يهدف إلى "محاولة تحقيق تقدم عسكري باتجاه حقول النفط بمأرب لإعادة ترتيب الأوراق الميدانية لصالح الحوثيين بعد قرار الإدارة الأميركية بتصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية".

وأمام هذه التطورات الخطرة حث الأرياني المجتمع الدولي على تحمل مسؤوليته في وقف التصعيد الحوثي، مطالباً بموقف دولي حازم يضمن وقف الدعم الإيراني للميليشيات الحوثية.

وأخيراً لوحظت مشاركة قيادات حوثية بارزة في تشييع أمين عام "حزب الله" السابق حسن نصرالله في لبنان بوفد ضم عدداً من القادة يتقدمهم مفتي المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. وأثارت مشاركة قيادات من الحوثي في مراسم تشييع نصرالله وخلفه هاشم صفي الدين في لبنان تساؤلات عن الوفد الكبير الذي غادر اليمن على رغم العقوبات والتصنيف الأميركي والرسائل والأهداف المتوخاة.

وعرف عن الحوثيين علاقتهم بـ"حزب الله" اللبناني وإيران منذ فترة التسعينيات، إذ اتخذوا من الضاحية الجنوبية ساحة ميدانية لتدريب عناصرهم تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، مستندين إلى التقارب الفكري والأيديولوجي الطائفي الذي يضفي القداسة على "آل بيت النبوة" الذين يدعون الانتساب إلى نسل الحوثي.

ولم يُخفِ الحوثيون تقديم أنفسهم خلال لقاءات متلفزة مع وفدهم كوريث لفكر ومشروع زعيم "حزب الله" مستغلين المخزون البشري الكبير الذي يسيطرون عليه في المناطق الخاضعة لهم، إضافة إلى استغلال التضاريس الجبلية الوعرة لتلك المناطق وإطلالتهم على المياه الدولية في البحر الأحمر".

الرهان على كهوف اليمن

وعقب السقوط المتتابع للأذرع الإيرانية في لبنان وسوريا حذر عديد من المراقبين اليمنيين والدوليين من اتخاذ إيران لليمن ساحة بديلة عن لبنان وسوريا لمشروعها لتأتي تلك الاجتماعات تأكيداً لما تم الحديث عنه سابقاً لاعتبارات عدة، منها جاهزية الميليشيات الحوثية ووقوعها في الخاصرة العربية التي تسعى إيران من خلالها إلى ابتزاز المنطقة والعالم، إضافة إلى امتلاكها ترسانة عسكرية نهبتها من معسكرات الجيش اليمني، علاوة على تلك المتطورة التي حصلت عليها من حليفها الإيراني.

وجاءت التأكيدات من جانب النظام الإيراني نفسه لتكشف بوضوح عن انتهاج سياسة جديدة تكرس تدخلات مختلفة تهيئ المنطقة العربية لجولة أخرى من الصراع لإحياء مشروعها الذي تعرض لضربات مميتة. وجاءت تصريحات النظام الإيراني المتتالية متوعدة بالانتقام الضمني والصريح مع التوقع بعدم الاستقرار في سوريا، إضافة إلى ما جاء على لسان وزير الخارجية عباس عراقجي الذي تنبأ "بمواجهات عسكرية شاملة في سوريا"، وهي المقابلة التي قال فيها، وفق وكالة "تسنيم" الإيرانية، إن بلاده "دعمت وستواصل بكل قوتها دعم الحوثيين الذين قالوا إنهم لا يحتاجون إلى أية مساعدة ويعتمدون على أنفسهم"، ساخراً من جميع الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن وتجنيب المنطقة كارثة المواجهة العسكرية.

في مقال نشره نهاية العام الماضي على وقع الضربات التي تلقاها حلفاء إيران، ممثلة بالنظام السوري و"حزب الله" اللبناني، قال السفير اليمني لدى بريطانيا ياسين نعمان إن حالة الصمت الإقليمي التي ترافق التطورات الهائلة التي تعيشها المنطقة قد تركت مساحة مريحة لإيران للتحرك تكتيكياً لإنقاذ مشروعها الذي تعرض لنكسات ضخمة في أهم حلقاته، مثل "حزب الله"، والنظام السوري بقيادة الأسد، ناهيك عما تتعرض له ميليشياتها في العراق من ضغوط الدولة العائدة، كما يبدو، برافعة وطنية بعد سنوات من الانهيار.

من السقطة إلى الوثبة

وبتلك الإجراءات يحاول النظام الإيراني في هذه المساحة من الفراغ، وفق السفير نعمان، أن "يحول السقطة إلى وثبة"، كما يقول المثل اليمني، باتباع سياسة مخاتلة مزدوجة من خلال: احتواء الانكسارات والمهادنة في جبهات الهزيمة، وتعظيم المواجهة في الجبهات التي لا يزال يراهن على استخدامها للمناورة، ومنها جبهة اليمن الحوثية.

وأشار إلى أن النظام الإيراني يسعى إلى ترسيخ هذه السياسة التي تؤسس لجولة أخرى من إحياء مشروعه في المنطقة العربية، "فهو من ناحية يهدئ اللعبة في لبنان، ويطلب من (حزب الله) أن يرخي عضلاته تجاه الخارج، وأن يبقي العين الحمراء في الداخل ويتقبل الصفعات ويتجرع السم، عملاً بمقولة الخميني، للحفاظ على ما يبقيه حاضراً في المشهد الداخلي ومؤثراً فيه". وفي الوقت ذاته "يحث الخطى على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق الجديدة وإعادة فتح سفارته لدى دمشق وكأنه لم يصنع الخراب في هذا البلد لسنوات طويلة، كما أنه يطلب من ميليشياته في العراق أن تقبض على الجمر بانتظار ما ستسفر عنه التغيرات التي سيشهدها الإقليم وفقاً لتنبؤات المرشد".

ومع هذا النهج الإيراني الجديد يأتي الدور، وفق السياسي اليمني، على "الجبهة الأخرى، أي جبهة الحوثي، التي أبقاها النظام الإيراني مشتعلة. فما كدَّسه في مستودعات الحوثي ومخازنه وأنفاقه وكهوفه من الصواريخ والطائرات المسيرة كافٍ للقيام بمهمة رفع الروح المعنوية لأذرعها المنهارة، من خلال زج اليمن في معادلة الردع التي تخص النظام الإيراني وحده"، وهي المعادلة التي "لم تعد فيها إيران تتجرأ أن تطلق صاروخاً واحداً من أراضيها، فما دام هناك من يتكفل بتولي المهمة ويتحمل ما سيسفر عنها من خراب نيابة عنها، فلا بأس أن تواصل سياستها المزدوجة تلك بانتظار ما ستسفر عنه المتغيرات".

فالحوثي، بحسب السفير نعمان، "الذي لا يعنيه من أمر اليمن شيئاً، هو الطلقة الأخيرة في مدافع آيات الله والحرس الثوري الإيراني، الذين أخذوا يناورون به في عملية مكشوفة، في ما عرف بالتعويض النفسي للضرر الجسيم الذي تعرض له الاستثمار الإيراني المكلف في مشروع فاشل، والذي كان على حساب الحياة المعيشية للشعب الإيراني".

مركز تجمع عسكري

يضيف نعمان، "حتى لا يتساءل الشعب الإيراني عن المليارات التي أُنفقت في هذا المشروع الفاشل، والذي بسببه عاش أكثر من ثلثي الشعب تحت خط الفقر، فقد أبقى النظام جبهة الحوثي مشتعلة بتلك الكيفية العشوائية التي يُراد لها تغطية الفشل الذريع لهذا المشروع. وهي الجبهة التي تعمل تل أبيب اليوم على توظيفها في إقناع العالم بأن ما يحيط بها من أخطار يضعها في مواجهة دائمة مع هذه المنطقة التي لا تنتج غير العنف والإرهاب".

ويشير إلى أن التصريحات التي أطلقها وزير خارجية إيران تؤكد مواصلتهم دعم الحوثيين وتمسكهم بالنهج العدواني تجاه اليمن والمنطقة بصورة عامة وخرق الاتفاق السعودي - الإيراني الذي نص على اتباع منهج سلمي يضمن استقرار المنطقة. كما يعني أن "خيار النظام الإيراني قد استقر عند تحويل ذلك الجزء من اليمن الذي يقع في قبضة الحوثيين إلى مركز تجمع عسكري لأذرع إيران، وهو المركز الذي سيشكل بؤرة حرب في خاصرة المنطقة، وسيُعزز بالإمكانات التي كانت تقدم للجبهات الأخرى، وستوكل إليه المهام اللوجيستية التي كان يقوم بها "حزب الله" في لبنان.

الزعيم الخَلَف

لم يصدر عن الحوثيين أي رد حتى الآن على التهم الحكومية ضدهم، ولكنهم يؤكدون تبعيتهم وتأييدهم المطلق للمحور الإيراني.

وبحسب مراقبين، فإنه منذ مقتل نصرالله وقادة الصف الأول لحزبه يسعى زعيم الميليشيات اليمنية عبدالملك الحوثي إلى تقديم نفسه خليفة لزعيم "حزب الله" في إطار "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، وهو ما أكده في خطابات قادة جماعته التي دخلت منذ يومين حيز قرار أميركي بتصنيفها على لوائح الإرهاب العالمي. إذ كان الحوثي القيادي الوحيد التابع للمحور الإيراني الذي يحرص على إلقاء خطب أسبوعية منتظمة يتناول فيها بإسهاب تطورات المنطقة، وثنائه الدائم على ما يسمى "محور المقاومة"، ومنها ترديد ما قاله المرشد الإيراني علي خامنئي بأن "مهما ارتكبت إسرائيل من جرائم إبادة فإن ذلك لن يغير المآل الحتمي لها، وهو الهاوية والزوال المحتوم".

وبينما حملت خطاباته التي يغلب عليها لغة الوعيد والتهديد بانتهاج العنف بأسلوب مشابه لأسلوب نصرالله يسعى زعيم الحوثيين إلى تقديم نفسه قائداً للمحور الإيراني من خلال تسويق اليمن والقوات التي تحت إمرته كجبهة إيرانية متقدمة، متحاشياً مسألة البعد الجغرافي بين اليمن وإسرائيل، كما هي الحال بتجاهله هو وقادة جماعته تفسير صمت الأذرع المسلحة الإيرانية الأخرى التي تلاصق حدود إسرائيل، ولكنها لم تتصدَّ لشن عمليات عسكرية ضدها. ولهذا ظل يردد في كل خطبه أن "جبهات الإسناد تتجه نحو تصعيد أكبر ضد إسرائيل" ضمن مشروع "وحدة الجبهات" والسعي إلى تطوير قدراتها في التصدي لها، من خلال "وجود جبهات إسناد في لبنان والعراق واليمن".

الميدان مؤشر آخر

وعلى الصعيد الميداني تتأكد النيات الحوثية مواصلة التصعيد من خلال ما أعلنت عنه وزارة الدفاع اليمنية التي قالت إن قواتها أحبطت مساء الخميس محاولات عدة للحوثيين في الجبهة الجنوبية لمحافظة مأرب تزامناً مع الرد على مصادر نيران معادية في عدة جبهات.

وذكرت الوزارة في بيان أن "القوات المسلحة أحبطت محاولة تسلل للميليشيات في قطاع البلق"، مشيرة إلى تكبيدها عدداً من القتلى والجرحى، إضافة إلى تدمير عدد من آلياتها.

وفي منطقة الأعيرف في الجبهة ذاتها قالت وزارة الدفاع إن "الميليشيات الحوثية واصلت أعمالها العدائية باستهداف مواقع قواتنا باستخدام المدفعية الثقيلة، مما أسفر عن مقتل جندي"، كما صعدت جماعة الحوثي "أعمالها العدائية باستخدام القصف المدفعي وقذائف الدبابات والطيران المسيَّر وصواريخ الكاتيوشا في جبهات عدة جنوب وشمال وشمال غربي المحافظة".

  

مقالات مشابهة

  • إذ أراد الجيش انتصار بالخرطوم عليه التصدي بشكل حاسم لظاهرة الشفشفة في المناطق التي يستعيدها
  • المطلوب طائف سوري لتدارك الأعظم!
  • الأحزاب السياسية تشيد بقرار قائد انصار الله بشأن غزة
  • الحوثي الطلقة الأخيرة لمدفعية إيران
  • كيف ردت جماعة الحوثي على تصنيفها منظمة إرهابية؟
  • إبراهيم عليه السلام رمزٌ وقدوةٌ في البراءة من أعداء الله، لا التطبيع معهم!
  • البحث العلمي ومكتبة الاسكندرية يعقدان المؤتمر الدولي ربط علوم التراث بتراث العلوم
  • توقيف خمسة قاصرين بوجدة لارتكابهم أعمال العنف المرتبط بالشغب الرياضي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • انطلاق المؤتمر الدولي “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” بنسخته الثانية في مكة المكرمة