نصرُ الله.. قداسةُ الشهيد وحجمُ المتغير
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
زياد الحداء
كان له من اسمه النصيب الأكبر فهو الليث الذي نصر الله به الدين والذي قط لم يهزم في حياته، يحذو بذلك حذو جده رسول الله وآل بيته الأطهار، الذين لم يعرف لهم التاريخ انكساراً أَو تراجعاً أمام أي ظالم مهما كانت قوته.
كان حسن الخلق والمكارم لين الجانب وحريصاً على أُمَّـة الإسلام، أبلى فأحسن البلاء كان غيث الرحمة والطمأنينة في زمن الصمت والهزيمة، قابل هزيمة الأُمَّــة وبأس العدوّ بعزيمة القرآن الكريم وصلابة محمد والكرار، وقوة الحق، كان كما اسمه نصر الله الذي لم يغلب في حياته ولم يقبل بالهزيمة، قال فصدق أقواله بالأفعال.
في زمن هزمت فيه الأُمَّــة وقدمت صورة مخزية ومذلة عن الإسلام وتراجعت من الساحة وتركتها لليهود ليتحَرّكوا فيها كيفما يشاؤون، كان نصر الله كالغيث في صحراء أُمَّـة محمد، وقدم شاهداً على أن الإسلام لا يمكن أن يهزم مهما كان الوضع ومهما كانت التحديات بالرغم مما كان يعانيه من قلة ذات اليد وضعف كبير في الإمْكَانات المادية وخلو المشهد من أي موقف عربي مساند.
كان يعيش ظروفاً جعلت كُـلّ الدول العربية حينها ذليلة خاضعة خاشعة للكفر وتسبح من خيفته، لكنه من يحمل في دمه قوة وصلابة وعزيمة “هيهات منا الذلة” فتحَرّك في قيادة الحزب بكل عنفوان وتحقّق على يديه انتصار الأُمَّــة والدين ولم يهزم منذ ذلك اليوم إلى يوم استشهاده.
إنهم من حفظوا ماء وجه الأُمَّــة ومن قدم الشاهد على أن الإسلام لا يقبل الهزمة، إنهم سادة المجاهدين في هذا العالم، بهذه الطريقة تكلم عنهم قائد المسيرة القرآنية المباركة، وليس هو فقط فكل شريف في العالم يعرف ويحب السيد حسن نصر الله وحزب الله ويعتبره رمز الإنسانية والحرية والشرف العظيم.
على مدى سنوات حياته الجهادية المباركة كانت مواقفه كلها مشرفة فهو لم يقبل بالظلم، وسعى إلى مد يد العون إلى كُـلّ مظلوم وبكل قوته ولم ينتظر حتى يوجهه أحد أَو يطلب منه ذلك ولم ينتظر كذلك ثناء أَو شكر من أحد، ونحن في يمن الأنصار لن ننسى موقفه الحر والكبير وقد نصرنا في وقت تركنا كُـلّ العالم ووقف نصر الله ولم يخف من أحد ليقدم لنا يد النصرة، ولن ينسى أبناء اليمن أصداء زئير ليث آل محمد في نصرتهم أبداً ولن يتركوا ذلك دين على رقابهم إن شاء الله، ثم توج حياته بالشهادة في ميدان حرب مع رأس الكفر والطاغوت مدافعاً عن الشعب الفلسطيني المغلوب، في أقدس وأعظم مواقف يسجلها التاريخ، وأعلى المراتب عند الله تعالى.
ولكن بقدر مكانة هذا القائد العظيم ومنزلته وتأثيره المحلى والإقليمي والعالمي تكون الحجّـة أكبر على الأُمَّــة في التحَرّك ومواصلة دربه والسير على نهجه، وإن لم تفعل واختارت القعود والسكوت والخوف فَــإنَّ العاقبة ستكون أشد بكثير وسيأتي دور الجميع، وكل على حسب مسؤوليته، فدماء القادة حجّـة الله على الأمم، ولم يعد هناك أي عذر للتخلف والتقاعس عن مشروع الجهاد في سبيل الله من بعد ذلك إلَّا النفاق الواضح والعياذ بالله.
وبالنسبة للعدو فَــإنَّ قتل القائد لا يمثل انتهاء خطره عليكم وإنما يمثل شعلة أكبر من العزم والتصميم على اجتثاثكم من هذه الأرض العربية ومن بلاد المسلمين، فالغاية ليست في شخصية الشهيد القائد نصر الله ولا سليماني ولا إسماعيل هنية وليست في شخصية أحد؛ فقد مات محمد بن عبدالله الذي هو أعظم بني آدم كافة وسيدهم، بل إن الغاية هي نصر دين الله، هذا الدين الذي لا يفني ولا يمكن لكم أن تغتالوه، كما أن النصر نستمده من الله تعالى وليس من سواه وهو الذي لا يمكن لكم أن تطاله أيديكم التي تتفاخرون أنها تطال كُـلّ أعدائكم ((مَنْ كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ)) فأنتم أعداء الله الذي لن تستطيع كُـلّ قوتكم أن تقف أمام بأسه ونحن نتحَرّك على هذا الأَسَاس.
وما القائد حسن نصر الله إلَّا أحد أبناء هذه الأُمَّــة التي تحمل هذا المشروع فإنْ قُتل واستشهد لن ننقلب من بعده، ولن نستكين والأيّام ستشهد على ذلك وقد رأينا جميعاً كم من العظماء القادة ارتقوا شهداء فجاء من بعدهم من هم أشد بأساً وعزيمة يواصلون نفس الطريق وعلى نفس الخطى ((وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإسرافنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)).
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: نصر الله
إقرأ أيضاً:
إعلاميون عرب: رسائل تشييع الشهيد نصرالله تؤكّـد بقاءَه في أوساط الأُمَّــة ومقارعة أعدائها
يمانيون../
منذ إعلان موعد تشييع شهيد الإنسانية والإسلام السيد حسن عبدالكريم نصرالله مطلع الشهر الجاري، توافدت الحشود الجماهيرية من معظم دول العالم للمشاركة في مراسيم مواراة جثمانه الطاهر؛ ما يؤكّـد عالمية هذا القائد واختزاله لكل الحدود.
وتعكس المشاركة العالمية في عملية تشييع الشهيدين سماحة السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين حجم الأثر الكبير الذي تركه الشهيدان والقيمة السامية للقائدين، والمشاركة العظيمة في هذا الحدث العالمي، فيما يحمل هذا المشهد العديد من الدلالات والرسائل التي يقف عندها الجميع وخَاصَّة من ارتكبوا جرم الاغتيال لهذا القائد الأممي والإنساني.
وفي هذا السياق يوضح رئيس اللجنة الخَاصَّة بمراسم التشييع ناصر أخضر أن “الحضور الحاشد شمل شخصيات رسمية وشعبيّة وأكاديمية وإعلامية وثقافية ودينية من حوالي 79 بلد حول العالم”.
ويصف أخضر هذا الحضور العالمي بالظاهرة الكبيرة التي تعكس الارتباط الكبير والأثر الذي تركه الشهيد حسن نصر الله وخليفته الشهيد هاشم صفي الدين.
وَأَضَـافَ أن “الوفود بقيت في تدفق مُستمرّ إلى لبنان لحضور هذا الحدث الاستثنائي من جميع أرجاء العالم؛ بما يشكل نوع من الظاهرة الدولية لهذه الحشود الوفية الحرة”.
وأكّـد أن المشهد يحمل الكثير من الدلات المتعددة والرسائل القوية نظرًا لحجم التنظيم والتفاعل الجماهيري مع هذا الحدث الكبير.
من جانبه يقول مدير عام إعلام الحشد الشعبي بالعراق مهند العقابي إنه “حسب المعطيات أن المشاركة العراقية كانت الأكبر فيما يخص المشاركين من خارج لبنان”.
ويضيف أن هناك تنوعًا كَبيرًا في الوفود الشعبيّة والرسمية من شيوخ عشائر ومنظمات المجتمع المدني وعلى مستوى الهيئات الثقافية الاجتماعية المختلفة، إلى جانب سياسيين ورؤساء أحزاب وتيارات مختلفة ومسؤولين.
وأوضح أن “الحدث كبير جِـدًّا ولم تشهد له لبنان مثيلًا من قبل”، مؤكّـدًا أن الرسالة وصلت قبل حدوث هذا الحدث العظيم، وتضاعفت كَثيرًا بعد مراسم التشييع، بما حملته هتافات الجماهير من قوة وثبات وتجديد العهد لمواصلة الطريق.
بدوره يؤكّـد مدير مركز أهل البيت في تونس الشيخ أحمد سلمان أن “أهل تونس يرون أن السيد القائد الشهيد حسن نصر الله هو صاحب أول انتصار عربي على العدوّ الصهيوني، وأنه فعل وقدم ما لم تستطع أن تقدمه ثلاث جيوش عربية مجتمعة”.
وقال : “إننا بما نحمله من مشاعر ممتزجة بالحزن والألم الشديد لفقد هذا القائد العظيم إلا أن الأمل يحدونا بمرحلة جديدة من الانتصارات”، مؤكّـدًا أن دم شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله هو “العنوان والفاتحة لانتصارات كبيرة في الزمن القادم”.
وبعد أن ودّعت الأُمَّــة شهيد الإنسانية السيد حسن نصر الله، وما حملته رسائل تشييعه، يتأكّـد للجميع أن القائد “أبا هادي” لم يترك الأُمَّــة إلا جسدًا، أما روحُه ونهجه وثورته وجهاده فهو باقٍ وبغزارة كبيرة يحملها ملايينُ الأحرار.
المسيرة محمد الكامل