ما بعد اغتيال الشهيد القائد حسن نصر الله.. المقاومة لا تهزم
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
يمانيون – متابعات
ليس ما بعد اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله كما قبله، فالمنطقة على فوهة بركان، وكل التوقعات أن الأحداث ستتصاعد وقد تصل إلى حرب أشمل وأوسع.
يراهن العدو في هذه المرحلة المفصلية والمجرم نتنياهو على تحقيق هدفين رئيسيين، يتمثل الأول في كسر الروح المعنوية لدى أحرار الأمة، والثاني، يهدف إلى تصدير النصر الزائف إلى الداخل الصهيوني الذي يشعر لأول مرة بتهديد حقيقي يستهدف وجوده اللا مشروع منذ عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر الماضي.
في هذا الوضع الحساس يسعى العدو الصهيوني وعبر أبواق المنافقين من العرب المتصهينين إلى تسويق جملة من الشائعات، تهدف في المقام الأول إلى تكريس الهدف الأساسي للعدو في خلق حالة احباط ويأس لدى أحرار الأمة، وتصوير العدو على أنه كيان لا يهزم، وأن الجبهة اللبنانية ضعيفة وغير قادرة على المواجهة، وأن الضربات التي وجهها في الأيام الأخيرة ضد لبنان، من قتل للمدنيين، واغتيال القادة، هي مقدمة لسحق حزب الله اللبناني وهزيمته، ولهذا يعيش الكيان هذه الأيام نشوة الانتصار، ويستغل المجرم نتنياهو ما يحدث لترميم صورته أمام الشارع الصهيوني، ليتجنب المحاكمة، أو قرار العزل فيما إذا توقفت الحرب على لبنان وغزة.
حزب الله أقوى
وخلافاً لما يسوقه العدو الصهيوني، والأبواق الإعلامية العربية المنحازة له، فإن حزب الله الجريح، يمضي بثبات في معركة الحق، مظهراً صلابة في الموقف، وحنكة في التعامل مع التطورات، وهو ثابت في الميدان من خلال مجاهديه، وصواريخه التي تؤدب الكيان وتوجع مغتصبيه.
مؤشرات الثبات والتماسك لحزب الله جاءت بعد الخطاب الذي ألقاه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ظهر اليوم الاثنين، حيث ظهر في خطاب هادف ومنضبط، موصلاً العديد من الرسائل للداخل والخارج، من أبرزها أن القدرات العسكرية للحزب سليمة ولم يتمكن العدو الإسرائيلي من الوصول إليها، وأن قيادات الحزب على قلب رجل واحد لاختيار الخلف للشهيد القائد نصر الله، موضحاً أنهم عملوا بالخطط البديلة في ظل ظروف مثل هذه.
والواضح من كلام الشيخ نعيم قاسم أن بنية حزب الله، وهيكلته، هي وفق نظام مؤسسي، لا تتأثر بالضربات الكبيرة، والدليل على ذلك أن الضربات الصاروخية للمقاومة الإسلامية اللبنانية تجاه مغتصبات العدو شمال فلسطين المحتلة ظلت على وتيرتها، وبشكل أرفع، ما يشير إلى أن منظومة القيادة والسيطرة لا تزال ممسكة بزمام الأمور، وأن الميدان لديه المئات من القادة الذين يسارعون لملء الأماكن الشاغرة بكل سلاسة ويسر.
لو كانت هذه الضربات وجهت لتنظيم آخر، لربما انهزم سريعاً، وانهار، وقد رأينا كيف زلزلت “إسرائيل” بعد عملية “طوفان الأقصى” ولولا الدعم الأمريكي لهزم الكيان سريعاً، لكن حزب الله ورغم هذه الضربات القاضية والموجعة، إلا أنه يبدي مرونة وسلاسة، بل ويعلن الاستمرار على الدرب ذاته، فالشيخ نعيم قاسم هنا يؤكد أن عمليات الإسناد لغزة ستتواصل، وهذا يضرب الهدف الكبير لإسرائيل بفصل الجبهة اللبنانية عن جبهة غزة، كما يؤكد الشيخ نعيم قاسم على الاستعداد الكبير للحزب وكوادره لخوض معركة طويلة الأمد مع هذا الكيان، والاستعداد لمواجهة أي غزو بري محتمل.
لقد جاء الخطاب إذاً في توقيت حساس، لينسف كل التباهي الأمريكي والصهيوني بالقضاء على قدرات حزب الله، وليؤكد للجميع أن الحزب بخير، وأن قدراته على لملمة الصفوف سهلة ومتيسرة، وهذا الثبات والصمود هو مفتاح النصر، وهو أكبر الضربات الموجعة على الأعداء ضد جرائمه المتوحشة سواء في قتل المدنيين، أو اغتيال القادة وعلى رأسهم الشهيد القائد نصر الله.
تخييب أمل الأعداء
لا شك أننا الآن في عمق الحرب الشاملة، لم يعد الأمر مجرد تصعيد، أو ضربات متبادلة، فالحرب قد بدأت بكل قبحها وآلامها، والعدو الإسرائيلي ليس بمفرده في هذا العدوان، فخلفه أمريكا والناتو، وكل الرهان لنتنياهو ومحوره هو القضاء على حزب الله، وترسانته العسكرية، وتحويل الضاحية الجنوبية إلى غزة أخرى.
وفي تجارب الحروب، تكون البدايات عسيرة، وكما هو معروف، فإن الأعداء يلجؤون في البداية إلى توجيه ضربات مركزة وموجعة ومؤلمة تستهدف المدنيين، وتصوير ذلك على أنه انجاز، وانتصار، بهدف كسر الروح المعنوية لديهم، لتدفعهم نحو الانهيار ورفع راية الاستسلام، وهو ما يأملون تحققيه بعد اغتيال الشهيد القائد نصر الله، وقيادات حزب الله.
وفي هذه الجزئية بالتحديد، يركز السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله- على الانتباه لمخططات الأعداء والمنافقين، ويؤكد أن أهم ما ينبغي عليه في الظرف الحساس والمهم هو السعي لتخييب أمل الأعداء الذين يعولون على جريمتهم في كسر الروح المعنوية، وإضعاف جبهة حزب الله الجهادية.
لقد حدثت هزات كبيرة بالفعل لدى المقاومة الإسلامية في لبنان بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات حزب الله، وصولاً إلى اغتيال الشهيد القائد حسن نصر الله، غير أن هذا الإرباك لا يقود حزب الله إلى الهزيمة، فتاريخ الحزب مليء بالمشاهد المؤلمة، وقد اعتاد على مثل هذه التحديات، ولهذا شاهدنا الحزب يستمر في عملياته النوعية ويقصف عمق الكيان المؤقت، وكأن الشهيد القائد نصر الله حاضر بيننا.
التاريخ يخبرنا أن البناء لحركات المقاومة يكون قوياً، لا يهتز لفقدان قائد، أو استشهاده، والتجارب كثيرة لحزب الله، فهو خسر القائد عماد مغنية، لكنه لم يضعف أو يستكين، وهو فقد أمينه العام السابق عباس الموسوي في جريمة اغتيال صهيونية، وبرز بعده السيد حسن نصر الله كالطود الشامخ، فكان كابوساً على الصهاينة إلى أن لقي ربه، والآن فإن حزب الله يعيد ترتيب صفوفه، بعد الاختراق الأمني الكبير، وسنجده صامداً ثابتاً يوجه الضربات الموجعة للعدو وبدرجة لا يتصورها الجميع.
على كل، ليس حزب الله، بهذه الدرجة من الضعف كما يدعي الإعلام العبري، وأبواقه من العملاء العرب، فالحزب لم يكن في نزهة على الإطلاق، وهو يدرك منذ توقف حرب تموز 2006 أن جولة من الحرب مع العدو ستأتي، ولذلك فإن التحضيرات والاستعدادات والتجهيزات كانت على قدم وساق، وبنية حزب الله قوية، وهيكله قوي، ويمتلك من القيادات المؤمنة والشجاعة، ما يؤهله لخوض هذه المعركة بكل ثبات واقتدار.
ستدرك أمريكا أنها ارتكبت خطأ جسيماً في قرار اغتيال الشهيد القائد حسن نصر الله، والتصعيد على لبنان، وسيتضح ذلك من حجم الألم والصراخ لدى الصهاينة أنفسهم، فحتى هذه اللحظة لم يستخدم الحزب سوى القدر اليسير من قدراته، وهجماته خلال مساندة غزة كانت تتركز على المقرات العسكرية لجيش العدو، لكن وبعد أن أوغل الصهاينة في سفك دماء الأبرياء من المدنيين، فإن حزب الله بلا شك سيفعل معادلة (المدني بالمستوطن) التي أطلقها الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، وحينها سيعرف الصهاينة مدى الوجع والألم، وسيطرقون كل الأبواب لإيقاف الحرب، وسيكون حزب الله هو الوحيد القادر على إيقاف الحرب أو استمرارها.
الدور الأبرز هنا لدى الجميع هو العمل على تخييب أمل الأعداء في كسر الروح المعنوية كما أكد السيد القائد، فالإعلاميون لهم الدور الأبرز في هذا الجانب، من خلال تطمين الناس بأن المقاومة ولادة، وأن طريق المقاومة ليس مفروشاً بالورود، وإنما هو طريق فيه الكثير من المخاطر والتحديات، والشهادة في سبيل الله هي أسمى ما يتمناه المجاهد سواء كان فرداً أو قائداً أو في أي منصب كان.
—————————————————
المسيرة – احمد داوود
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: اغتیال الشهید القائد القائد نصر الله حسن نصر الله نعیم قاسم حزب الله
إقرأ أيضاً:
حكاية الشهيد أحمد زكي.. اغتالته جماعة الإخوان وآخر كلماته «بسم الله»
لن تفارق عيناك ملامحه إلا وهي غائمة بالدموع، ستبقى قسماته عالقة بالذاكرة، طيبة ووديعة، سترى فيه وجه أبيك، إنه العميد أحمد زكي الذي استشهد يوم الأربعاء 23 أبريل2014، في تفجير استهدف سيارته بأكتوبر، ستتعرف عليه من ملامحه، ستوقن أنها لم تعرف غير الابتسامة، صاحبها لا يعرف سوى كلمة حاضر، تحت أمرك، لا يبدو مقيداً بجهامة مسئول كبير في وزارة الداخلية، علامة الصلاة في وجهه تشع نور، وماذا أيضاً، ستجد اسمه معروفاً لدى أهالى المنطقة التي يقيم بها، لا يتذكرون له سوى كلمات تدل على طبيعة تلك الشخصية «ده كان راجل طيب، جدع، بيحب الخير لكل الناس، عمره ما زعل حد، ده عايش في شقة بالإيجار بـ500 جنيه في الشهر»، وكأن للشهداء طريقهم، هكذا اختتم الرجل حياته، أدى صلاة الفجر يوم الأربعاء الموافق 23 أبريل عام 2014، عاد إلى شقته مرة أخرى، ارتدى ملابسه «المدنية» وودع زوجته وأبناءه، ونزل من الشقة حوالي الساعة السابعة وعشر دقائق صباحاً، بعد أن اتصل به سائقه وقال له إنه حضر بالسيارة من معسكر عمر بن الخطاب، وصل زكي إلى السيارة، لم يجد سائقه ولا أمين الشرطة المكلف بحراسته، انتظر دقيقتين حتى حضر الاثنان «السائق والحارس»، وأخبراه بأنهما كانا يقومان بشراء سجائر، لم يعقب الرجل، وهز رأسه «بسم الله الرحمن الرحيم»، وفتح باب السيارة وجلس على كرسيه، 10 أمتار وانفجرت السيارة، الانفجار أسفر عن بتر قدم زكي وسالت دماؤه في المكان، أسرعت أسرته والأهالى الى نقله الى المستشفى، ولفظ أنفاسه الأخيرة، فور دخول المستشفى.
الشهيد كان طيبا والناس كلها بتحبهبمجرد أن تعطلت أجهزة جسمه وانتهت حياة الشهيد انطلقت صرخات أسرته التي لا تنتهى، الصرخات ومشهد الحزن والحسرة يسود أيضا شارع الأخبار بالمجاورة السادسة بالحي السادس على فقدان الشهيد.
مكان الجريمة لا تجد فيه سوى آثار بارود وبنزين على الأرض وأيضا «حذاء، وقطعة قماش من ملابسه تمزقت إثر الانفجار»، أهالي المنطقة وجيران الشهيد يرددون عبارات «ده كان طيب وجدع و25 سنة ساكن معانا عمره ما زعل حد»، الجيران وأهالي المنطقة يقولون إن الشهيد قاطن في شقة بالإيجار غرفتين بـ500 جنيه.
الشهيد العميد أحمد زكيمشهد الحزن والحسرة ممتد في كل الأماكن التي عمل بها هناك في الإدارة التي كان يعمل بها الشهيد «العميد أحمد زكي » الذي التحق بالخدمة في معسكر قوات الأمن المركزي بالجيزة، في 16 سبتمبر 1984، اجتهد في عمله منذ أن التحق بكلية الشرطة وتدرّج في الترقيات من رتبة ملازم أول 16 سبتمبر 1985 ثم رتبة نقيب 1988 ثم رتبة رائد 1994 ثم رتبة مقدم عام 2001 ورتبة عقيد عام 2007 ثم رتبة عميد عام 2012 وانتهت حياته وهو برتبة عميد وفي منصب مدير إدارة شئون الخدمات بالأمن المركزي هكذا قال اللواء مصطفي رجائى، الذي يشغل منصب مدير الإدارة لقطاع الأمن المركزي بالجيزة سابقا وكان المدير المباشر للشهيد، ويكمل «أحمد كان محبوب من الناس كلها، عشان كده ربنا اختاره أنه يكون شهيد، مفيش عسكرى ولا ضابط بيكرهه، اسأل زمايله عنه، المجندين اللى بيشتغلوا معاه، الضباط، الأفراد، كان ضابط شاطر جداً، التحق بقطاع الأمن المركزي وعمل قائد سرية «5» بمركز تدريب الجيزة، ثم قائد سرية «3» ومشرف على فرقة مساعد معلم تدريب عسكرى بالمركز، وتولى بعد ذلك منصب قائد التدريب بالمركز، ثم مشرف على مندوبي الشرطة لتلقى دورة في مجال التدريب العسكرى ومكافحة الإرهاب الدولى، وأشرف بعد ذلك على دفعة طلبة معهد أمناء الشرطة الدفعة رقم «28»، وتولى بعد ذلك الإشراف على تدريب 1250 أمين شرطة من الإدارة العامة لشرطة السياحة وقائد مركز تدريب الجيزة، ثم قائد الكتيبة الرابعة بقطاع خالد بن الوليد، وتولى بعد ذلك قائد ثان بقطاع البحر الأحمر ثم قائد ثان لقطاع الأقصر وقائد قطاع عمر بن الخطاب حتى تولى منصبه مدير إدارة شئون الخدمة بقطاع الإدارة العامة لقوات الأمن المركزي ».
أحمد زكي سيرة طيبة في كل مكانفي مقر عمله بمعسكر عمر بن الخطاب لا تجد سوى سيرته الطيبة داخل المكان مع القيادات والمجندين الذين لم يشعروا بأي تمييز لنجله الضابط محمود أحمد زكي الذي يعمل معه في نفس الإدارة، إذ كان يعامله بكل حسم مثله مثل أي ضابط أو مجند آخر دون تفرقة.
«أسد المعسكر» لقب استحقه عن جدارة
«أسد المعسكر» رحل الشهيد زكي تاركاً هذا اللقب الذي حمله لسنوات طويلة على ألسنة الضباط والأفراد، وهو اللقب الذي استحقه عن جدارة لإقدامه وشجاعته في الاقتحام، إذ كان يتقدم جميع الضباط والمجندين، يتصدى بكل قوته للخارجين على القانون، خاصة في مأموريات مهاجمة بؤر الإرهاب والتي كان آخرها أحداث جامعة القاهرة التي قتل فيها طالب على يد الجماعة الإرهابية، إذ كان هو أول ضابط يدخل الحرم الجامعي لفض الاشتباكات والسيطرة على أحداث الشغب، بعد موافقة إدارة الجامعة على دخول الشرطة. وبنفس الهمة شارك الرجل في التصدى لمظاهرات الإخوان عقب أحداث ثورة 30 يونيو في نطاق محافظة الجيزة، وألقى القبض على العديد من الإرهابيين في الجيزة، وهو ما وضعه على قوائم الاغتيالات، حتى نالت منه يد الإرهاب.