طهران- في ظل التغيرات الجيوسياسية الحادة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يبرز في طهران تساؤل محوري حول مستقبل حزب الله اللبناني، الحليف الأقوى لإيران في المنطقة، بعد اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، الذي يعد أحد أبرز الشخصيات القيادية في الشرق الأوسط.

ووسط هذه المعطيات، يثار السؤال حول الدور الذي ستلعبه إيران في اختيار قيادة جديدة للحزب، خاصة وأن طهران هي الممول الرئيسي والداعم العسكري والسياسي لحزب الله، والذي يعتمد بشكل كبير على الدعم الإيراني في استمراره كقوة إقليمية.

إيران، التي تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع حزب الله، لن تترك مسألة اختيار الأمين العام الجديد للحزب للصدفة بحسب مراقبين إيرانيين. فباعتبارها الراعية الأساسية له منذ تأسيسه في الثمانينيات، تُعنى طهران بعمق بتحديد القيادة الجديدة، وذلك لضمان استمرارية الخط الإستراتيجي المتوافق مع سياساتها الإقليمية.

وترى الأوساط الإيرانية أنه بالنظر إلى الدور الحاسم الذي لعبه حسن نصر الله في تعزيز مكانة حزب الله، فإن اختيار خليفته لن يكون مجرد مسألة تنظيمية داخلية بل قضية ذات أبعاد إقليمية تتجاوز لبنان، وقد تمتد تأثيراتها إلى ساحات الصراع مع إسرائيل وإلى عمق التحالفات الإيرانية في سوريا والعراق واليمن.

حسن نصر الله، الذي اختزل في شخصه الحزب وتمتع بكاريزما فريدة جعلت منه رمزا للمقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، خلق تحديا كبيرا لأي قائد جديد قد يخلفه، وهو ما يجب على خليفته أن يتحلى به من وجهة نظر المحللين الإيرانيين.

وسيتعين على الأمين العام الجديد أيضا مواجهة تحديات داخلية تتعلق بإعادة بناء الثقة بين القاعدة الشعبية للحزب التي ربما اهتزت جراء خسارة نصر الله، وإثبات قدرته على القيادة في ظل الظروف الصعبة، وأخرى خارجية في التعامل مع الضغوط الإسرائيلية المتزايدة، والتي تسعى لتغيير معادلة الصراع في لبنان بشكل جذري.

مهمة صعبة للغاية

في هذا السياق، رأى الباحث في قضايا الشرق الأوسط محمد خواجوئي أن ما يهم إيران كداعمة لحزب الله في عملية تعيين أمين عام جديد، هو أن يتمكن حزب الله من إعادة بناء نفسه وإحيائه تنظيميا بعد اغتيال هرمه القيادي.

لكن التمادي الاستخباراتي الإسرائيلي بشأن حزب الله، والذي ألحق به الكثير من الضرر، هو أحد التحديات في طريق تعيين أمين عام جديد وقادة جدد، حيث إن احتمال اغتيال وجوه جديدة لا يزال قائما وهذا سيجعل من إحياء الحزب أمرا صعبا، ويبدو أن قوات الأمن الإيرانية وفيلق القدس سيكون لها مهمة خاصة في هذا المجال، وفق رأي الباحث.

وقال خواجوئي في حديثه للجزيرة نت إن المهمة الأكثر إلحاحا للأمين العام الجديد هي كيفية التعامل مع الحرب الحالية مع إسرائيل، حيث إنه من خلال العمليات الأمنية المركزة خلال الأسبوعين الماضيين، وجهت إسرائيل ضربة غير مسبوقة لحزب الله، وأصبحت لها اليد العليا ضده.

ويرى الباحث أن الطريقة التي سيواجه بها حزب الله هذه الظروف، والإجراء الذي سيتخذه لإحياء نفسه ولو إلى حد ما وعدم السماح بتثبيت المعادلة الأمنية التي تريدها إسرائيل، ستكون مهمة الأمين العام الجديد، وهي مهمة صعبة للغاية.

وتابع "من بين مهام الأمين العام الجديد إعادة الهيكلة التنظيمية لحزب الله ورفع معنويات الهيئة الداعمة له بعد الإخفاقات الأخيرة وكيفية مواجهة الأوضاع السياسية داخل لبنان".

ورأى خواجوئي أنه إذا فرضت إسرائيل على حزب الله ما يتجاوز الترتيبات الأمنية الواردة في القرار 1701، فمن الطبيعي أن يشكل ذلك هزيمة كبيرة لحزب الله، وسيؤثر ذلك على مكانته في الساحة الداخلية اللبنانية.

وخلص إلى أنه ستنخفض تحركات حزب الله على الساحة الإقليمية، لكن إذا تمكن حزب الله من ضرب إسرائيل في الأيام المقبلة بحيث يتوصل الطرفان أخيرا إلى اتفاق للعودة إلى الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في القرار 1701، ففي هذا الوضع يمكن لحزب الله أن يعتبر ذلك نجاحا على الرغم من الضربات غير المسبوقة التي تعرض لها.

الكاريزما والعلاقات

من جانبه، توقع الباحث في الشؤون العربية علي رضا مجيدي أن يرأس الحزب بعد اغتيال حسن نصر الله هاشم صفي الدين.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن هاشم صفي الدين كان في مدينة قم الإيرانية وعاد إلى لبنان تلبية لدعوة حسن نصر الله وأصبح رئيسا للمجلس التنفيذي للحزب، ولا شك أن هذا الأمر تم بتنسيق مع طهران.

وقال إن نصر الله كان يتمتع بكاريزما عالية جدا، ولكن صفي الدين كذلك يمتلك شيئا من الكاريزما التي تميزه، كما أن علاقات صفي الدين كذلك بمستوى علاقات نصر الله.

وفيما يتعلق بتأثير الكاريزما على الحزب، رأى مجيدي أنه يجب أن ننتظر المستقبل، لكنه لفت إلى أن الحزب كان يمر بظروف أصعب من الآن عند اغتيال عباس الموسوي، ونجح الحزب باجتياز تلك المرحلة.

واعتبر مجيدي أنه على المدى البعيد، ومن الجانب الإستراتيجي، فإن هذا الاغتيال يضر الاحتلال الإسرائيلي وإن كان من حيث التكتيك والمدى القصير يظهر وكأنه انتصار لتل أبيب. وختم بأن المعادلات في المنطقة ستتغير وسنشهد قواعد اشتباك جديدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأمین العام الجدید حسن نصر الله لحزب الله صفی الدین حزب الله

إقرأ أيضاً:

حزب الله يعلق على اختيار خليفة لحسن نصر الله

نفى حزب الله اللبناني أن يكون اتخذ إجراءات تنظيمية داخل قيادته عقب استشهاد أمينه العام حسن نصر الله وقادة آخرين في غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال الحزب في بيان مقتضب نشره مكتبه الإعلامي في وقت متأخر من مساء الأحد، إن الأنباء التي تم تداولها بهذا الشأن لا يبنى عليها ما لم يصدر بيان رسمي.

وعقب إعلان الحزب استشهاد نصر الله، تحدثت تقارير إسرائيلية وغربية عن تعيين القيادي البارز هاشم صفي الدين خلفا له في قيادة الحزب.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن صفي الدين تولى زمام الأمور عقب اغتيال العديد من القادة السياسيين والميدانيين، وبدأ إعادة تنظيم صفوف الحزب.



وعقب إعلان حزب الله اللبناني، عن استشهاد أمينه العام، حسن نصر الله، عبر بيان نعي رسمي، اليوم السبت؛ اتّجهت الأنظار لمن سوف يتولّى فراغ القيادة، فيما تصدّر المشهد، من وُصف بكونه المرشّح الأبرز، وهو هاشم صفي الدين.

ويكون هاشم صفي الدين، صهر قاسم سليماني القائد السابق لـ"فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني، وابن خالة حسن نصر الله، ويُنعت بأنه شبيه حسن نصر الله، في كل من الشّكل والجوهر.

وفي ظل غياب المعلومات الوافية بخصوص صفي الدين، فإن المتوفّر منها، يشير إلى كونه من مواليد عام 1964، في بلدة دير قانون النهر، المتواجدة في صور جنوب لبنان.

درس صفي الدين في إيران، ثم قدِم إلى العاصمة اللبنانية، بيروت، ليتولّى رئاسة المجلس التنفيذي الذي يعدّ بمثابة "حكومة الحزب". فأصبح إثر ذلك "اليد اليُمنى" لنصر الله، والرّجل الثاني في حزب الله. وخلال عام 2017، تم إدراج هاشم صفي الدين، على قائمة "الإرهاب الأمريكية".

من إدارة مؤسسات الحزب إلى إدارة أمواله وكذا استثماراته في الداخل والخارج.. كان صفي الدين، مكلّفا بكافة الملفات الهامّة داخل حزب الله، لمدّة ثلاثة عقود. باستثناء فقط ما يوصف بـ"الملفات الاستراتيجية" وهي التي كان يُشرف عليها حسن نصر الله بشكل مباشر.

وتزوج صفي الدين، خلال عام 1983، من ابنة عضو المجلس التشريعي للمجلس الإسلامي الشيعي في لبنان، محمد علي الأمين. 



وقبل ما يناهز الـ16 عاما، كانت صحيفة إيرانية، قد أدرجت اسم صفي الدين، كأحد أبرز المرشّحين لخلافة حسن نصر الله، بالقول إن "القرار مُتّخد منذ أكثر من ذلك بسنوات طويلة".  

وبحسب عدد من المصادر الإعلامية، المُتفرّقة، قبل أكثر من عقد من الزمن، فإن اختيار صفي الدين من أجل خلافة حسن نصر الله، أتى بعد سنتين فقط من تولّي نصر الله لمنصب الأمين العام لحزب الله، خلال عام 1992، خلفا لعباس الموسوي، الذي اغتاله جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال العام ذاته.

وظلّ صفي الدين، لسنوات طويلة خفيّا عن الأنظار، غير أن عدّة إجراءات أمنية مشددة أحاطت بحسن نصر الله، دفعته للظهور بدلا منه، في عدد من الفعاليات البارزة داخل الحزب، أبرزها ما ارتبط بجنازات عناصره وقياداته.

مقالات مشابهة

  • نائب الأمين العام لحزب الله: "سنختار أمينا عامًا في أقرب فرصة وبحسب الآلية المعتمدة".. فيديو
  • نائب الأمين العام لحزب الله يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل
  • نائب الأمين العام لحزب الله: إسرائيل تعيش وهم تحقيق الأهداف عبر جرائمها
  • حزب الله يعلق على اختيار خليفة لحسن نصر الله
  • ماذا بعد اغتيال نصر الله؟.. تحديات يواجهها الأمين العام الجديد لحزب الله
  • إسرائيل تعلن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله
  • عاجل - هكذا نعت إيران الأمين العام حسن نصر الله
  • أمناء حزب الله من التأسيس .. نصر الله الأمين العام الثاني الذي تغتاله (إسرائيل)
  • من هو نائب حسن نصر الله؟ اكتشف من النائب بعد إعلان إسرائيل عن قتل الأمين العام لحزب الله