موقع النيلين:
2024-09-30@21:25:33 GMT

د. أسامة عيدروس: جرتق النيل ومحكات القيود

تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT

قيدومة:
من الصعب على المتابع اليومي لأخبار الحرب في السودان أن يقتنع بأن هذه الحرب منذ اندلاعها لم تتغير فيها مجريات سير المعارك تغييرا استراتيجيا كبيرا. فالحجم الهائل من الدمار الذي خلفته وكمية الألآم وعذابات الآمنين ودماء الضحايا وجراحاتهم الحسية والنفسية من أقسى ما مر على السودانيين. ولكن الحرب في مستواها الاستراتيجي مازالت في نفس المنحنى الذي عجزت فيه المليشيا المتمردة عن استلام المعسكرات الأساسية للجيش في الخرطوم ونعني بها المدرعات والمهندسين والقيادة والاشارة ووادي سيدنا وحطاب والكدرو والعيلفون.

وعلى الرغم من أن المليشيا تمددت في مساحات واسعة في دارفور وكردفان والجزيرة وسنار إلا انها استنزفت بشكل كبير وفقدت قوتها الصلبة منذ أغسطس 2023م، رغم الاستبدال الذي يحدث للأفراد بالمرتزقة الأجانب والنهابة من السودانيين والامداد الخارجي من حلفاء المليشيا بالأسلحة حتى النوعية منها. يمكن للمتابعين بدقة أن يحددوا الآن عدد النسخ التي تبدلت من الدعم السريع والاستنزاف الذي حصل فيها في الوقت الذي حافظ فيه الجيش على قوته الصلبة واستفاد من الاستراتيجية الفيتنامية في إطالة أمد الحرب كوسيلة لامتصاص زخم العدو والاعداد وتدريب المقاتلين على التكتيكات الأمثل لكسب الحرب رغم خسارة عدد من المعارك.
منذ السادس من يوليو 2023م تحولت المليشيا الى الدفاع في الخرطوم وحولت انتشارها في الاعيان المدنية وبيوت المواطنين إلى ثكنات للقناصة ومدافع الكورنيت المضادة للدروع بسيناريو أشبه بما فعلته (داعش) في الموصل بالعراق. غير أن سقوط مدني ومن بعدها سنجة وكذلك الفزع والحشود من أجل اسقاط الفاشر خفف كثيرا من تركز قواتهم في ولاية الخرطوم وهو خطأ استراتيجي وقعت فيه المليشيا على الرغم من أنه أكسبها بعدا معنويا باعتبارها قوات لا تقهر كما أشاع لدى النهابة مقولة (الدنيا مهدية) وهي تعني غياب سلطة الدولة مما شجع الكثيرين على الانخراط بالتمرد من أجل السلب والنهب دون خشية من العواقب.

على الرغم من الانتشار الواسع للمليشيا تظل هذه الحرب هي حرب السيطرة على الخرطوم. وقد تشجعت المليشيا بالنجاحات التي حققتها في ولايات الوسط من أجل الاندفاع بقوة لإسقاط الفاشر ثم سنار ومن بعدها تواصل الانتشار حتى اسقاط بورتسودان. والملاحظ ان استراتيجية الهجوم المستمر والانتشار الواسع دون سيطرة فعلية كان من المكن ان تحقق نتيجة نهائية في الحرب اذا وصل الزخم هذا الى بورتسودان أو حدث انهيار تام في الجيش السوداني.
في المقابل ظل الجيش محتفظا بقوته الصلبة طول فترة الحرب مع امداد مستمر بالمقاتلين في صفوف الجيش كجنود او قوات مكافحة الإرهاب أو الاحتياطي المركزي أو قوات الحركات المسلحة (سلام جوبا) أو المستنفرين من أبناء الشعب السوداني.

كان الجيش فقط محتاجا لإعلان ساعة الصفر وبدء التحرك في الخرطوم، والذي يحس الكثيرون انه تأخر كثيرا، ليستعيد الثقة والمعنويات. وزاد على ذلك ظهور كثيف لمشاة الجيش من الشباب اليافعين ولأول مرة بمظهر منضبط ولبس عسكري مكتمل.
في الحلقة القادمة نكتب عن النقاط الحاكمة وملحمة عبور الجسور ودلالتها العسكرية.
أعتذر عن التأخير في النشر لظروف خاصة

د. أسامة عيدروس
30 سبتمبر 2024م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

قوات الجيش تتحرك نحو الخرطوم ونحو الجنينة في نفس الوقت

ظهر واضحا تفوق عقل الكلية الحربية على عقل المليشيا. الجيش تأخر كثيرا في الهجوم لأنه كان يعد العدة لهجوم شامل في كل المحاور في نفس الوقت أو على الأقل في عدد منها بشكل متزامن تقريبا. هنا تصاب المليشيا بالشلل.

كنا نرى أن الاستعداد اكتمل هنا وهناك ونتساءل بضيق ماذا ينتظر الجيش ليهجم؟
الجيش كان ينتظر اكتمال التجهيزات في بقية المحاور.

هذا هو معنى امتلاك الصورة الكلية. الجيش ينظر إلى المعركة بشكل كلي شامل ويعد لها على هذا الأساس. ولكن أي مراقب آخر ينظر من موقعه المحدود؛ نحن نتكلم عن محور مدني وسنار أو محور أم درمان ونقول لماذا كل هذا الانتظار والتأخير؟

ولكن عندما بدأ الجيش الهجوم الفعلي رأينا القوات تتحرك نحو الخرطوم ونحو الجنينة في نفس الوقت.

إستراتيجية المليشيا كلها قائمة على الفزع وحشد القوات للهجوم على منطقة معينة وإسقاطها ثم الانتقال إلى منطقة أخرى وهكذا، وهي قوات بطبيعتها متنقلة وسريعة الحركة. ويبدو أن الهجوم الشامل المتزامن هو الحل الأنجع لطريقة قتال المليشيا.

البعض كان يرى الحل في تكوين قوات مشابهة للمليشيا خفيفة الحركة وذاتية القيادة تطارد قوات المليشيا في كل مكان. يبدو أن الجيش قد اختار استراتيجية مختلفة تقوم على حشد كبير للقوات وتجهيزها ثم إطلاق هجوم شامل متزامن في كل المحاور في نفس الوقت ومهد لذلك باستنزاف طويل للمليشيا.

عقلية الفزع أصيبت في مقتل والمليشيا ستكون في حالة شلل تام لا تستطيع معه لا الفزع ولا الدفاع ولا الهجوم.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هدف الجيش السوداني هو القضاء عل المليشيا واجتثاثها وإرجاع المواطنين إلى منازلهم معززين مكرمين
  • تقرير بريطاني يتحدث عن هجوم الجيش السوداني عبر النيل لاستعادة الخرطوم
  • الامارات تتهم الجيش السوداني بقصف مقر سفيرها في الخرطوم وتقدم احتجاج
  • الجيش يفشل عملية تسلل لبعض أفراد المليشيا للتصوير قبالة جسر الفتيحاب
  • الجيش يعزز سيطرته في الخرطوم وبحري
  • قوات الجيش تتحرك نحو الخرطوم ونحو الجنينة في نفس الوقت
  • (هوجة ) الفلول امس !! حمل كاذب !!
  • ما الذي تمرد عليه الدعم السريع؟
  • وحدة الساحات السودانية وخطاب البرهان