كيف سيغير اغتيال حسن نصر الله وجه لبنان والشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
نشرت مجلة "الإيكونوميست" تقريرًا تناولت فيه تأثير اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، على لبنان والشرق الأوسط؛ حيث يواجه الحزب لحظة حرجة بعد اغتيال نصر الله، ما يجعل قيادته الحالية تحت ضغط شديد في ظل الأوضاع المتغيرة.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "الحزب أصيب بالصدمة بعد إعلان الجيش الإسرائيلي مقتل نصر الله؛ حيث التزم الصمت لأكثر من 24 ساعة، ولم يصرح بأي تصريحات فيما يخص مصيره أو القصف الضخم الذي استهدف مقره في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأضافت المجلة أن "الطائرات الإسرائيلية كانت قد نفذت، بحلول هذا الوقت، سلسلة من الغارات الجوية الإضافية في جميع أنحاء لبنان. وقالت إنها كانت تهدف إلى تدمير المزيد من ترسانة حزب الله من الصواريخ والقذائف، بما في ذلك الصواريخ المضادة للسفن التي يمكن إطلاقها على منصات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط. وترى إسرائيل نفسها في سباق مع الزمن لتدمير أكبر قدر من المناطق التي يمكنها تدميرها قبل أن يتمكن عدوها من إعادة تجميع صفوفه".
كيفية الانتقام
وأوضحت المجلة أن "حزب الله أطلق عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل صباح اليوم التالي لمقتل نصر الله، لكن ذلك لم يختلف عن تكتيكاته في الأيام السابقة، معتبرة أن الحزب يعاني من حالة من الفوضى"، مشيرة إلى أنه "من السابق لأوانه التكهن بكيفية محاولته الانتقام، فحتى قادته الناجين ربما لا يعرفون الوسيلة المناسبة للانتقام بعد. ومع ذلك، من السهل استنتاج أن اغتيال نصر الله سيعيد تشكيل لبنان والمنطقة بطرق لم يكن من الممكن تصورها قبل سنة".
وذكرت المجلة أنه "منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر، عندما بدأ حزب الله بإطلاق الصواريخ على مستوطنات الشمال تضامنًا مع غزة، كان نصر الله يتصور أنه قادر على الاستمرار في صراع حدودي مفتوح ولكنه محدود. واستمرت قواعد الاشتباك الضمنية حتى 27 تموز/ يوليو، عندما أخطأ صاروخ لحزب الله، والذي كان موجهًا ليستهدف قاعدة عسكرية إسرائيلية، هدفه وقتل 12 طفلاً في ملعب لكرة القدم".
وبحلول ذلك الوقت، كانت العمليات الإسرائيلية في غزة قد انتهت وانتهزت حكومة بنيامين نتنياهو الفرصة لتغيير القواعد مع حزب الله؛ فاغتالت فؤاد شكر، القائد العسكري للحزب، بعد ثلاثة أيام من الحادث. ولم تكتفِ بهذه الضربة فقط، بل كان ذلك مقدمة لسلسلة من الهجمات في أيلول/ سبتمبر، بما في ذلك تفجير آلاف أجهزة الاستدعاء المفخخة وحملة من الغارات الجوية ضد ترسانة حزب الله المتمثلة في الصواريخ والقذائف.
وأشارت المجلة إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ التحضير للضربة التي قتلت نصر الله قبل يومين، وعندما علم أن زعيم حزب الله وصل إلى مقره لعقد اجتماع، تمت الموافقة على الضربة. لقد كان ذلك نتيجة 18 سنة من التخطيط؛ حيث كانت إسرائيل قد نفذت محاولة اغتيال فاشلة خلال حرب سنة 2006، ثم كرست بعد ذلك الكثير من مواردها الاستخبارية لجمع المعلومات اللازمة لاختراق حزب الله واتصالاته مع إيران.
وذكرت المجلة أن من بين خلفائه المحتملين نائبه نعيم قاسم، ونائبه الآخر هاشم صفي الدين الذي يرأس المجلس التنفيذي للحزب. ويعتبر الأول، والذي يبلغ من العمر 71 سنة، خيارًا غير مناسب، بينما يبدو صفي الدين المرشح الأوفر حظًا، فهو أصغر من قاسم بعقد من الزمن، وابن خالة نصر الله ولديه علاقات وثيقة مع إيران، وذلك لمصاهرته قاسم سليماني، الجنرال الإيراني الشهير الذي اغتالته أمريكا في سنة 2020.
أكثر اللحظات خطورة
وأفادت المجلة بأن من سيتولى زمام الأمر سيواجه أكثر اللحظات خطورة في تاريخ حزب الله الممتد لأربعة عقود. فلا يتعلق الأمر فقط بأن إسرائيل قضت على كامل قيادته العسكرية تقريبًا، ومحت قرونًا من الخبرة في غضون شهرين، بل بسبب أيضًا موقف الحزب الضعيف أمام الرأي العام اللبناني الذي كان قد بدأ يستاء من هيمنته على السياسة.
لقد كان حزب الله لسنوات حليفًا وثيقًا لإيران؛ فقد لعب دورًا حاسمًا في دعم نظام بشار الأسد في سوريا، ووفر التدريب والتوجيه للميليشيات الأخرى المدعومة من إيران في العراق واليمن.
وأعطت هذه الخدمة نصر الله كل الأسباب لتوقع أن تهب إيران لنجدته، خاصة بعد أن نفذت إسرائيل عملية الاغتيال الصادمة في طهران لإسماعيل هنية، زعيم حماس، لكن ذلك لم يحدث، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن قادة إيران يخشون أن تكون إسرائيل قد اخترقتهم أيضًا. كما أنهم قلقون أيضًا من كيفية تأثير إظهار الدعم العلني لجماعات مثل حزب الله على مكانتهم في الداخل. وفي مواجهة الاستياء المتزايد بسبب اقتصاد محتضر، لا يريد النظام أن يظهر بمظهر من يستثمر المزيد من الموارد في وكيل يبدو أنه يخسر حربه ضد إسرائيل.
وذكرت المجلة أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أعلن، في 28 أيلول/ سبتمبر، أنه سيدلي بـ"بيان مهم" حول التطورات في لبنان، إلا أن البيان جاء "أجوفًا". فقد رأى خامنئي أن الهجمات الإسرائيلية لن تضر بـ"البنية الصلبة" لحزب الله، وأن الحزب سيواصل قيادة القتال ضد إسرائيل.
ولفتت المجلة إلى أنه يمكن لأحداث الأسبوعين الماضيين أن تعيد تشكيل سياسة إيران الأمنية على المدى الطويل. فقد كانت إيران تعتبر في الميليشيات رادعها الرئيسي ضد أي هجوم إسرائيلي أو أمريكي على مدى عقود من الزمان، أما الآن فهي تشاهد القضاء على أقوى أذرعها دون اتخاذ ردة فعل مناسبة. وقد بدأ بعض الإيرانيين بالفعل يجادلون بأنه يتعين على بلادهم بناء قنبلة نووية واختبارها؛ فإذا كان الردع التقليدي قد فشل، لم يبق سوى الردع النووي.
وقالت المجلة إن خامنئي كان يفضل دائمًا الاحتماء تحت القنبلة النووية، إلا أن الأحداث الأخيرة قد تغير رأيه. وحتى لو لم تغيّره، فهو في الخامسة والثمانين من عمره، ولن يكون القرار دائمًا بيده. ومع ذلك، فإن مثل هذه الخطوة ستضع إيران في مأزق ما. فقد اعتمدت ذات مرة على حزب الله لحماية منشآتها النووية من الهجوم، ولكن الآن ستصبح هذه المنشآت مكشوفة، إذا ما اتجهت نحو تصنيع القنبلة، لأنها لم تعد قادرة على الاعتماد على حزب الله.
وبحسب المجلة؛ فقد اعتبر أحد المسؤولين العرب، عند مشاهدة الأخبار في الساعات الأولى من صباح السبت، أن هناك تشابهًا بين هذه الأحداث وحرب الأيام الستة في سنة 1967، وذلك ليس فقط لأن إسرائيل وجّهت ضربة سريعة وقاسية لحزب الله، بل لأن كلا الصراعين بدا وكأنهما حطما أوهاماً حكمت المنطقة لفترة طويلة.
وتابعت المجلة موضحة أن جمال عبد الناصر، الحاكم الكاريزمي لمصر في منتصف القرن، كان قد زرع أسطورة البراعة العسكرية، لكن الانتصار الإسرائيلي السريع في سنة 1967 قضى على هذا الوهم؛ حيث لم يساعد في ذلك أن نصف الجيش المصري كان منشغلًا في حرب عقيمة في اليمن. وكانت تلك بداية النهاية للصراعات بين إسرائيل والدول العربية، ونهاية الأيديولوجية القومية العربية التي دافع عنها عبد الناصر.
وأفادت المجلة بأن نصر الله أمضى سنوات يُردد الحديث عن "محور المقاومة"، مؤكدًا أنهم أقوياء ومتحدون. ثم قامت إسرائيل بقطع رأس المحور في غضون أسابيع، بينما ظلت إيران مكتوفة الأيدي.
واختتمت المجلة تقريرها بتوضيح أن حزب الله ليس على وشك أن يختفي؛ فلديه الآلاف من المحاربين المسلحين، وترسانة من الصواريخ بعيدة المدى، وقاعدة من الدعم الشعبي. لكن قواته التي ستخرج من هذه الحرب ستكون مختلفة تمامًا عن تلك التي دخلتها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية اغتيال نصر الله لبنان الحرب لبنان اغتيال الاحتلال نصر الله الحرب صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لحزب الله المجلة أن حزب الله نصر الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
خسائر جديدة للواء غولاني وإسرائيل تعلن اغتيال قائد بحزب الله
أعلنت إسرائيل تصفية قيادي في حزب الله بغارة جوية، فيما تكبدت قواتها خسائر جديدة مع اشتداد المعارك جنوبي لبنان، حيث قال متحدث باسم قوات الأمم المتحدة إن الهجمات البرية الإسرائيلية وصلت إلى عمق الأراضي اللبنانية.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم الثلاثاء إن طائراته هاجمت أمس بلدة كفر جوز جنوبي لبنان، وتمكنت من تصفية علي توفيق الدويك الذي وصفته بأنه قائد منظومة القذائف الصاروخية متوسطة المدى في حزب الله.
وزعم الجيش أن الدويك تولى قيادة منظومة القذائف الصاروخية متوسطة المدى منذ سبتمبر/أيلول 2024، خلفا لقائد المنظومة السابق الذي تمت تصفيته. ولم يعلق حزب الله على بيان الجيش الإسرائيلي.
خسائر إسرائيلية
من ناحية أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي وإصابة 3 آخرين بجروح خطيرة في معارك داخل الأراضي اللبنانية.
وقال الجيش في بيان إن الجندي من لواء غولاني، وقد قتل أثناء المعارك في جنوب لبنان، ليرتفع بذلك عدد القتلى الإسرائيليين من الضباط والجنود إلى 49 قتيلا منذ بدء الهجوم البري على الأراضي اللبنانية مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وذكرت تقارير إسرائيلية اليوم أن ألف عسكري إسرائيلي أصيبوا منذ بدء الهجوم البري على جنوب لبنان.
في غضون ذلك، رصدت إسرائيل 75 صاروخا أطلقت من لبنان منذ صباح اليوم، وفقا لما أوردته صحيفة هآرتس.
من جانبه، أعلن حزب الله تنفيذ قرابة 30 عملية بين قصف مواقع وثكنات إسرائيلية واستهداف تجمعات للجنود في المنطقة الحدودية اليوم الثلاثاء.
قصف قاعدة غليلوت
وقال الحزب في بياناته إنه قصف قاعدة غليلوت الاستخباراتية في ضواحي تل أبيب، كما استهدف قاعدة بيت ليد شرق مدينة نتانيا (وسط) وقاعدة رامات ديفيد جنوب شرق مدينة حيفا وقاعدة تدريب للواء المظليين في مستوطنة كرمئيل (شمال).
كما قصف الحزب مدينة صفد ومستوطنات عدة من بينها أفيفيم وكفار بلوم والمنارة وكريات شمونة.
وأعلن حزب الله أيضا إسقاط مسيّرتين إسرائيليتين في أجواء بلدة الطيبة جنوبي لبنان، واستهداف منزل يتحصن به جنود الجيش الإسرائيلي عند الأطراف الشمالية لبلدة مارون الراس.
وتصاعد القتال والقصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل تزامنا مع جهود دبلوماسية تقودها الولايات المتحدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
صاروخ رامات غان
وسقط صاروخ أطلق من لبنان مساء أمس الاثنين في رامات غان الواقعة ضمن ما يسمى تل أبيب الكبرى، مخلفا عددا من الجرحى وحالة من الذعر بين الإسرائيليين.
وأقر الجيش الإسرائيلي اليوم بإخفاقه في اعتراض الصاروخ، ليتراجع بذلك عن روايته الأولى أمس حين تحدث عن سقوط شظايا صاروخ اعتراضي.
من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أندريا تيننتي إن الهجوم البري الإسرائيلي أصبح في عمق الأراضي اللبنانية، وإن المعارك تتصاعد.
وأوضح تيننتي في مؤتمر صحفي بمكتب الأمم المتحدة في جنيف اليوم الثلاثاء أن "الاشتباكات البرية داخل لبنان أصبحت أكثر عنفا، وبعضها يجري على مقربة من مواقع اليونيفيل".
ووثقت وزارة الصحة اللبنانية سقوط "3516 شهيدا و14 ألفا و929 مصابا منذ بدء العدوان الإسرائيلي" في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقا لما أعلنته مساء أمس الاثنين.