قبل أن يغادر الأطالسة منطقتنا إلى مواجهات أكثر أهمية بالنسبة لهم، فى شرق أوروبا حيث روسيا وجنوب شرق آسيا حيث الصين وكوريا الشمالية، ها هم يدعمون إسرائيل بقوة من أجل إحداث تغييرات استراتيجية عميقة، تبقى لإسرائيل وجودها، وتمنحها ليست القدرة فقط وإنما الهيمنة.
اختفى إسماعيل هنية، واختفى حسن نصر الله، واختفت معهما قيادات وكوادر سياسية وعسكرية، وقبلهما اختفت دول وجيوش عربية، كانت تضع المواجهة مع إسرائيل عنوانا أبديا لها.
تصر إسرائيل على شرق أوسط جديد، وكانت تتوهم خلو الساحة من القوى العربية والإسلامية التقليدية، وهى مصر وسوريا والسعودية والعراق وإيران، وقوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، والقوى الداعمة لها والممولة أيضا.
ونجحت إسرائيل عبر الأطالسة، فى هدم العراق جيشا ودولة، وقوضته وأزكت فيه نار الطائفية. كما نجحت فى تقويض أركان سوريا سياسيا وعسكريا، وأصبحت سيادتها منتهكة يوميا.
ولا تكشف الهجمات المميتة على حزب الله فى لبنان، خللا أمنيا فحسب، وإنما تكشف خللا بنويا وتحديا وجوديا للحزب، الذى حصد نتائج تدخلاته فى الأزمة السورية الداخلية تارة، وتبعيته الهيكلية والسياسية لإيران.
ولا يمكن استدعاء البعد المذهبى وإلقاء التبعية على فصيل وحده دون الآخر.. فكما ظهرت ميليشيات شيعية، كانت هناك ميليشيات سنية استخدمت لهدم الدول السنية نفسها، وأكبرها كان تنظيم «داعش» الإرهابى الذى لم يوجه رصاصة واحدة نحو إسرائيل، وراح يحارب بالوكالة عنها.
وتبقى مصر ثابتة فى محيطها الإقليمي، هى والجارة الشقيقة السعودية، التى تعرضت هى الأخرى قبل سنوات لابتزاز أمريكى غربى، كان هدفه نهب خيراتها.
وعندما وقف رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قبل أيام، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأمسك بخريطتين ادعى أن إحداهما هى خريطة الخير والأخرى خريطة الشر، أظنه كان يسعى مجددا كما سعى دوما لوضع القوى السنية فى المنطقة فى مواجهة القوى الشيعية، واستدعاء البعد الطائفى فى معركته الشخصية مع إيران.
لكن قادة المنطقة أذكى من ذلك، خصوصا أن رجع الأنين من الغطرسة الإسرائيلية لا يزال يسمع فى غزة والضفة ولبنان وسوريا واليمن والعراق.
تبقى كلمة وهى التمسك بالأوطان، والتماسك فى مواجهة القوى الاستعمارية.
فهذة القوى قد تأتى على ظهر بارجة حربية أو حاملة طائرات، وقد تأتى عبر أموال ضخمة تشترى السياسيين والمثقفين والإعلاميين، وقد تأتى عبر جهات مدنية أو قنوات فضائية تشتت الأفكار، وتؤلب المجتمعات على نفسها.
وأضم صوتى إلى صوت فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق فى بيانه الذى طالب فيه بالالتفاف حول الرئيس ومؤسسات الدولة فى هذة الفترة الحرجة، وحسن الولاء للوطن.. فوطنك لا يخذلك.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رئيس وزراء إسرائيل تنظيم داعش الإرهابي القوى العربية والإسلامية
إقرأ أيضاً:
شاهد وقائع المؤتمر الصحفي للسيسي وماكرون بالاتحادية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، وذلك في إطار الزيارة الرسمية رفيعة المستوى التي يقوم بها إلى مصر، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وصرح السفير محمد الشناوى المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن اللقاء شهد عقد مباحثات ثنائية تلتها مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين.
كما وقع الرئيسان إعلانا مشتركاً لترفيع العلاقات بين مصر وفرنسا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وشهدا التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين.
وفي ختام الاجتماعات، عقد الرئيسان مؤتمراً صحفياً، وفيما يلي نص كلمة الرئيس في المؤتمر الصحفي:
يسعدنى أن أرحب بضيفى، الصديق العزيز، فخامة الرئيس "إيمانويل ماكرون"، رئيس الجمهورية الفرنسية، والوفد المرافق له، فــى زيــارته الرسمية رفيعة المستوى، التــــى يقــــــــوم بهــا إلــى مصــــر .. تلك الزيارة التى تجسد بجلاء، مسيرة طويلة من التعاون الثنائى المثمر، بين مصر وفرنسا
فى كافة المجالات، التى تحقق مصالح البلدين الصديقين .. وتوجت اليوم، بالإعلان عن ترفيع العلاقات بين البلدين، إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية ..الأمر الذى يعتبر خطوة مهمة، نحو تعزيز التعاون المشترك، وفتح آفاق جديدة، تحقق مصالح بلدينا وتطلعات الشعبين الصديقين.
لقد استعرضنا خلال مباحثاتنا، العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر وفرنسا، وتطرقنا إلى سبل دفعها قدما، فى كافة المجالات ذات الأولوية، لاسيما فيما يتعلق بتعزيز وتكثيف الاستثمارات الفرنسية فى مصر .. حيث أكدنا أهمية توسيع انخراط الشركات الفرنسية، فى الأنشطة الاقتصادية المصرية، خاصة مع الخبرات المتراكمة، لهذه الشركات فى مصـر على مــدار العقـود الماضيـة ..كما شددنا على ضرورة البناء، على نتائج المنتدى الاقتصادى "المصرى - الفرنسى"، الذى سيعقد اليوم، لتعزيز التعاون المشترك ودفع عجلة التنمية الاقتصادية.
كما اتفقنا أيضا على أهمية تنفيذ كافة محاور شراكتنا الإستراتيجية الجديدة، بما فى ذلك الدعم المتبادل للترشيحات الدولية، وتعزيز فرص التعاون فى مجالات توطين صناعة السكك الحديدية، والتدريب الفنى والمهنى والذكاء الاصطناعى، والأمن السيبرانى وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وأكدنا خلال المباحثات، أهمية التعاون القائم بين مصر وفرنسا فى مجال الهجرة، وضرورة دعم مصر فى جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة فى ظل استضافتها لأكثر من تسعة ملايين لاجئ.
وفى هذا السياق، أرحب بالدعم الفرنسى لمصر، الذى أسهم فى اعتماد البرلمان الأوروبى مؤخرا، قرار إتاحة الشريحة الثانية، من حزمة الدعم المالى الكلى المقدمة من الاتحاد الأوروبـى لمصــر، بقيمة أربعـة مليـارات يــورو ..مما يعكس التقدير العميق، للشراكة الإستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبى، ويؤكد الدور الحيوى الذى تضطلع به مصر، كركيزة للاستقرار فى منطقتى الشرق الأوسط وجنوب المتوسط وفى القارة الإفريقية.
ونتطلع فى هذا الإطار، إلى سرعة استكمال الإجراءات اللازمة، لصرف هذه الشريحة فى أقرب وقت ممكن.
تناولت وفخامة الرئيس "ماكرون" بشكل معمق، التطورات المتلاحقة على الساحة الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الوضع المأساوى فى قطاع غزة ..حيث أكدنا ضرورة العودة إلى وقف إطلاق النار بشكل فورى، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وإطلاق الرهائن.
كما توافقنا على رفض أية دعوات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، واستعرضت مع فخامة الرئيس "ماكرون"، الخطة العربية للتعافى وإعادة إعمار قطاع غزة .. واتفقنا على تنسيق الجهود المشتركة، بشأن مؤتمر إعمار غزة، الذى تعتزم مصر استضافته، بمجرد وقف الأعمال العدائية فى القطاع .. وسيتعرف فخامته خلال الزيارة، على الجهود المصرية المبذولة، لحشد الدعم الإنسانى للفلسطينيين فى قطاع غزة .. وفى هذا الصدد، أتوجه بالشكر والتقدير للجانب الفرنسى، على دعمه المتواصل للأشقاء الفلسطينيين.
أؤكد مجددا، وبشكل لا التباس فيه، أن تحقيق الاستقرار والسلام الدائم فى الشرق الأوسط، سيظل أمرا بعيد المنال، طالما ظلت القضية الفلسطينية بدون تسوية عادلة، وطالما ظل الشعب الفلسطينى يواجه ويلات حروب طاحنة، تدمر مقوماته، وتحرم أجياله القادمة من حقها.. حتى فى الأمل فى مستقبل أكثر أمنا واستقرارا.
وفى هذا الإطار، فقد بحثت مع الرئيس "ماكرون"، سبل تدشين أفق سياسى ذى مصداقية، لإحياء عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية .. مؤكدا ترحيبى بمختلف الجهود فى هذا الإطار.
لقد تناولت مباحثاتنا كذلك، التطورات التى تشهدها سوريا ولبنان .. حيث توافقنا على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وضرورة اتسام العملية السياسية خلال الفترة الانتقالية، بالعمومية وبمشاركة كافة مكونات الشعب السورى .. وتم التشديد فى هذا الصدد، على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى السورية.
كما أكدنا دعمنا للرئيس اللبنانى الجديد، والحكومة اللبنانية، فى جهودهما لتحقيق الاستقرار وتطلعات الشعب اللبنانى الشقيق .. مع أهمية التزام جميع الأطراف بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، ومحورية الامتثال الكامل للقرار الأممى رقم "1701"، وتطبيقه دون انتقائية.
تباحثت أيضا مع فخامة الرئيس "ماكرون"، حول التطورات الخاصة بملف الأمن المائى .. حيث أكدت موقف مصر الراسخ، الذى يؤمن بأن نهر النيل، رابط تاريخى جغرافى، يجمع دول الحوض .. ومن ثم تعمل مصر على الحفاظ على التعاون بين دول الحوض، وتتمسك بالالتزام بقواعد القانون الدولى، وتحقيق المنفعة للجميع .. مع ضرورة مراعاة خصوصية الاعتماد المصرى التام، على مياه نهر النيل، كونه شريان الحياة لمصر وشعبها.
كما تطرقنا إلى الأوضاع فى السودان الشقيق، إلى جانب التطورات الإقليمية فى منطقتى الساحل والقرن الإفريقى.
وقد اتفقنا فى هذا السياق، على ضرورة تكثيف التعاون، لتعزيز الأمن والاستقرار فى هذه المناطق .. بما يحقق تطلعات دولها وشعوبها، نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.
وأكدنا على حرص مصر وفرنسا، على استعادة المعدلات الطبيعية، لحركة مرور السفن فى قناة السويس المصرية، وتفادى اضطرار السفن التجارية، إلى اتباع مسارات بحرية بديلة، أطول مسافة وأكثر كلفة، وذلك نتيجة الهجمات التى استهدفت بعضا منها فى مضيق باب المندب، بسبب استمرار الحرب فى غزة .. وهو الوضع الذى أسفر عن خسارة مصر، نحو سبعة مليارات دولار خلال عام ٢٠٢٤، من إيرادات قناة السويس، إلى جانب تأثيره السلبى المباشر، على حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.
صديقى العزيز، فخامة الرئيس "ماكرون لقد سعدت بلقائكم اليوم، وأجدد ترحيبى بكم فى مصر .. معربا عن ثقتى، فى أن زيارتكم، وما شهدناه من توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم، بين بلدينا فى مختلف القطاعات، سيمثل انطلاقة جديدة، لتعزيز التعاون الإستراتيجى بين مصر وفرنسا.
إننا أمام مرحلة واعدة، نشهد فيها توطيد أواصر التعاون، بما يحقق المنفعة المتبادلة، وفى القلب منها، تعزيز روابط الصداقة التاريخية، والمتجذرة بين الشعبين المصرى والفرنسى.