حسن نصر الله أسد المقاومة
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
سيظل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله رمزا للمقاومة والصمود على مر السنين ضد العدو الصهيونى، وسيبقى نصر الله الذى اغتالته إسرائيل مساء الجمعة الماضية خالدًا فى ذاكرة العرب والمسلمين والعالم كله.
بالتأكيد كانت هناك خيانة أدت إلى تحديد موقع نصر الله هو وعشرين شخصا من كبار قيادات الحزب واستشهادهم فى عملية خسيسة استخدمت فيها إسرائيل ما يقدر بـ80 طنا من القنابل.
وهو ما أكدته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية التى كشفت عن أن رجلا التقى نصر الله وصافحه وكان فى يده مادة سمحت لإسرائيل بتعقبه، وأكدت «معاريف» أن إسرائيل استغرقت دقيقتين لتحديد موقع نصر الله والتأكد من وجوده فى مقر بالضاحية الجنوبية فى بيروت.
أيا كانت الأسباب فقد عاش نصر الله عمره أسدا فى مواجهة العدو الصهيونى وشوكة فى ظهره، وسيبقى فى ذاكرة التاريخ واحدًا من أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية فى العالم العربي، ويكفى أنه حقق فى المواجهة مع إسرائيل ما عجزت عنه حكومات وزعماء من ورق.
فعلى مدى ثلاثين عاما قاد خلالها حزب الله اللبنانى منذ عام 1992، خاض حسن نصر الله مواجهات عسكرية عديدة ضد إسرائيل، أبرزها حرب 2006 التى أجبرها على الانسحاب من جنوب لبنان ووصفها بأنها أوهن من بيت العنكبوت رغم أنها تمتلك أسلحة نووية وأقوى سلاح جو فى المنطقة.
وكان يُنظر اليه على أنه «عقدة» لإسرائيل بسبب قدرته الفائقة على قيادة تنظيم مسلح نجح فى مقاومة العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وعلى يديه نما نفوذ حزب الله إقليميا وعسكريا، وأصبح قوة مؤثرة فى لبنان والشرق الأوسط.
وظل حزب الله يشكل تهديدًا كبيرا على إسرائيل مع تزايد قدراته العسكرية بما فى ذلك ترسانة الصواريخ التى يمتلكها، والتى قال وصفها نصر الله بإنها قادرة على ضرب عمق الأراضى الإسرائيلية، والصمود أمام آلة الحرب الصهيونية.
وبسبب صلابته ونجاحه فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، أصبح نصر الله رمزًا للمقاومة ليس فقط فى لبنان، بل فى العالمين العربى والإسلامى.
على المستوى الشخصى كنت أشعر بالفخر والعزة وأنا أشاهد هذا الرجل يزلزل الكيان الصهيونى بخطاباته السياسية القوية والتى جعلته شخصية محورية فى الصراع العربى الإسرائيلى وفى مقاومة الهيمنة الغربية فى المنطقة وكنت دائما انظر إليه على أنه المدافع الأول عن الحقوق العربية والإسلامية، وخاصة فى القضية الفلسطينية التى كرّس نصر الله نفسه لها كصوت قوى ضد الظلم والاحتلال، مستخدمًا القوة العسكرية والدبلوماسية لتحقيق أهدافه.
رحم الله المناضل العظيم حسن نصر الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حزب الله العدو الصهيوني الانسحاب من جنوب لبنان حسن نصر الله الله ا
إقرأ أيضاً:
نظرة إسرائيل إلى جبهات المقاومة وإيران
د. عبدالله الأشعل **
نظرة إسرائيل إلى إيران وجبهات المقاومة التى تدعمها إيران نظرة جدية؛ فهي ترى أن هذا المعسكر يمثل خطرًا وجوديًا على بقائها؛ سواء كان هذا المعسكر أجنحة لإيران أو حلفاء لإيران، وسواء كان لاعتبارات جزئية- وفق جبهة المقاومة- أو كان ضمن المشروع الإيرانى الذي تعتقد إسرائيل أنه يهدف إلى دعم استقلالها، وهي بالفعل الدولة الوحيدة المستقلة عن النفوذ الأمريكي، كما إن إسرائيل تنظر إلى إيران وتسليحها على أنه مُهدِّد للنفوذ الأمريكي والمصالح الأمريكية في منطقة الخليج والعالم.
لكن إسرائيل تنظر بالتفصيل لكل جبهة على حدة؛ أولًا: جبهة إيران تنظر إسرائيل إلى إيران على أنها قادرة على هزيمة إسرائيل وتفكيكها، وتأخذ إسرائيل بجدية تصريحات المسؤولين الإيرانيين في هذا الباب، وتريد إسرائيل بشكل مؤقت أن تُجرِّد إيران من مظاهر القوة المادية والمالية عن طريق قسوة العقوبات الأمريكية. كما إنَّ إسرائيل تعتقد أن إيرادات النفط الإيراني موجههٌ إلى تمويل برامج التسليح، فضلًا عن أن إسرائيل تريد أن تحتكر القوة النووية حتى تستخدمها ضد إيران وضد روسيا إذا قامت حرب عالمية، خاصة وأن الرئيس الروسي هدد بتغيير العقيدة النووية لروسيا، وأصبح في الإمكان أن تستخدم روسيا السلاح النووي، إذا هدد الغرب وجودها بشكل جدي.
ويترتب على ذلك أن إسرائيل تحارب المشروع النووي الإيراني، ولا تصدق إيران حين تقول إنه مشروع سلمي، كما لا تصدق فتوى الإمام الخُميني بأن حيازة السلاح النووي مخالفة للشريعة الإسلامية، وتعتقد أن كل هذه الدعاوى غطاء، لكي تصرف أنظار الآخرين عن المشروع النووي الإيراني. ولذلك فإن أحد مَوَاطِن الخصومة بين إسرائيل والرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما أنه وقَّع الاتفاق النووي مع إيران في فيينا عام 2015، واعتبر أن هذا التوقيع أفضل ما قدمته إدارته في السنوات الثمانية التي قضاها في الحكم. لكن إسرائيل لا تريد أن تثق الولايات المتحدة فى إيران، وتريد أن تخرب العلاقات بينهما، ويسهل على إسرائيل ذلك، خاصة وأن الثورة الإيرانية قامت ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وأن واشنطن خسرت خسارة استراتيجية كبرى بسبب هذا العداء، وأن إسرائيل والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يتفقان على ضرورة عودة نظام الشاه إلى إيران، وأن معالجة الثورة الإسلامية في إيران تتم عبر القضاء عليها.
وليس ترامب وحده وإسرائيل في المنطقة التي تتمنى ذلك، وإنما بعض الدول العربية تتمنى ذلك مجاملةً للولايات المتحدة. وتعول أمريكا وإسرائيل على تأليب الشعب الإيراني ضد ثورته، وتنتهز الفرص للتدخل في الشأن الإيراني، كما إن إسرائيل لا تدخر جهدًا فى إثارة الأقليات العرقية والدينية الانفصالية في إيران، كما ركزت إسرائيل على سياسة الاغتيالات السياسية لعلماء الطاقة الذرية الإيرانيين، وامتدت جرائمها إلى السياسيين الإيرانيين، كما لم يفلت منها إسماعيل هنية زعيم حركة حماس، الذي كان ضيفًا على الحكومة الإيرانية للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجديد في إيران. وهذه الحادثة بالذات أضافت مزيدًا من التوتر والانتقام في العلاقات الإيرانية والأمريكية والإسرائيلية، كما إن أمريكا اغتالت قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني ومساعديه، في مطار بغداد، وكان هذا القرار قد تم التشاور بشأنه بين الرئيس ترامب والمخابرات الأمريكية، وما تزال واشنطن تفخر بهذا الإنجاز!
ثانيًا: الجبهة اللبنانية. تعمل إسرائيل في هذه الجبهة على تدمير البنية الأساسية لحزب الله وقدراته الصاروخية، كما تعمل فى نفس الوقت على إثارة الشعب اللبناني ضد حزب الله، خاصة وأنه بعد غزو إسرائيل لبيروت وقعت الحرب الأهلية اللبنانية بسبب إسرائيل، ويستحيل أن توافق إسرائيل على هذا الاتفاق، إلّا إذا كان يسمح بحرية إسرائيل تجاه حزب الله، ووضع ضمانات منها أن الجيش اللبناني يتصادم مع حزب الله، ويمنعه من مهاجمة إسرائيل. وهذه النقطة يمكن أن تكون محل خلاف حاد بين الفرقاء اللبنانيين.
ثالثًا: الجبهة العراقية (المقاومة الإسلامية في العراق). تعتقد إسرائيل أنها موجهة من إيران ولذلك فإن هذه المقاومة هي التي تهاجم القواعد الأمريكية في العراق، ويبدو أن إسرائيل ستركز في المرحلة المقبلة على ضرب هذه المقاومة.
رابعًا: جماعة أنصار الله في اليمن، ورغم تركيزهم على السفن في باب المندب والبحر الأحمر إلّا أن بعض الهجمات تنطلق من اليمن نحو إسرائيل، خصوصًا إيلات؛ ولذلك تتفق إسرائيل مع بعض الأطراف على أنه يجب ضرب الحوثيين، وإخماد جبهة اليمن. وتعتقد إسرائيل أن اتفاقها مع الحكومة اللبنانية- كما تريده إسرائيل- يُنهي "وحدة الساحات" المُناهِضة لإسرائيل!
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر