“سوريا: الوجهة المقبلة لإسرائيل الكبرى”
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
يفيد تقرير لكاتب روسي بأنه من أجل جعل حلم “إسرائيل الكبرى” واقعا ملموسا، فإن الهدف التالي لإسرائيل بعد لبنان سيكون سوريا.
وأشار الكاتب ديمتري نيفيدوف، في تقريره بموقع “المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات”، إلى الاعتداءات المتكررة من إسرائيل على سوريا في دمشق وحمص وحماة وحلب.
وركّز الكاتب على الهجوم الإسرائيلي ضد طرطوس في 24 سبتمبر الجاري، قائلا إنه المكان الذي توجد فيه نقطة الدعم اللوجستي رقم 720 للبحرية الروسية، المهمة من وجهة نظر الخدمات اللوجستية والإمدادات للمجموعة الروسية في الشرق الأوسط، أو من حيث العلاقات الاقتصادية بين روسيا وسوريا وخارجها.
الهدف النهائي وأفاد الكاتب بأنه بناء على ما سبق، قد تتحول التصرفات العدوانية لنظام نتنياهو تدريجيا نحو الحدود اللبنانية السورية، مشيرا إلى أن الهدف النهائي لتصرفات تل أبيب الحالية في لبنان هو إثارة حرب مع سوريا، تخدم المصالح الجماعية للولايات المتحدة والغرب من الناحية الإستراتيجية، وذلك بإسقاط نظام الأسد.
وقال إن الفوضى المحتملة في لبنان، والتي تتفاقم بسبب الهجوم الإسرائيلي، لا يمكن إلا أن تثير قلق دمشق بسبب الموقع الجغرافي الحساس للعاصمة السورية.
ولفت الكاتب إلى أن التدفق المتزايد للاجئين عبر الحدود بين لبنان وسوريا قد يؤدي إلى شل أو حتى اختراق الحدود وإغراق دمشق، وقد يضطر الجيش السوري إلى التدخل في الوضع.
وأشار إلى أنه في سياق العوامل والاتجاهات المذكورة يعتقد الخبراء أن رغبة “الصقور” الإسرائيليين في الاستيلاء على جنوب لبنان ترجع إلى نية تهديد دمشق لا فقط من الجنوب الشرقي، بل أيضا من الغرب والجنوب الغربي.
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
أبو محمد الجولاني… النسخة السورية من “توكل كرمان”
يمانيون../
حين نتحدث عن أبو محمد الجولاني، قائد “هيئة تحرير الشام” في سوريا، نجد أمامنا شخصية مثيرة للجدل تحمل ملامح واضحة من الانتهازية السياسية والبراجماتية المفرطة.
ولعل المقارنة بين الجولاني والناشطة اليمنية توكل كرمان ليست تهجماً على الأخيرة بقدر ما هي محاولة لتسليط الضوء على التشابه بين الشخصيتين في تقلب مواقفهما وفق المصالح، وتكيفهما السريع مع المتغيرات السياسية، بما يضعهما في خدمة أجندات القوى التي تدعمهما، بغض النظر عن المبادئ أو المصالح الوطنية.
توكل كرمان: تناقضات سياسية تحت عباءة المثالية
ليس خفياً أن توكل كرمان، الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، قدمت نفسها كمدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية، لكن مسيرتها السياسية اتسمت بالكثير من التناقضات. فعلى الرغم من موقفها الحالي المناهض للعدوان السعودي على اليمن، إلا أنها كانت في بدايات العدوان مؤيدة ومبررة له، متجاهلة المجازر التي ارتكبتها قوات التحالف بقيادة السعودية.
هذا التغير الجذري في مواقفها لم يكن نتيجة مراجعات فكرية أو أخلاقية، بل جاء عقب الأزمة الخليجية عام 2017، عندما وجدت نفسها في المعسكر القطري التركي، مما جعلها تتبنى خطاباً يخدم مصالح مموليها الجدد. هذا النموذج من التلون السياسي لا يقتصر على توكل كرمان وحدها، بل يمتد إلى جماعة الإخوان المسلمين ككل، الذين لطالما برروا تناقضاتهم السياسية والدينية تحت غطاء براغماتي بحت، يجمع بين عقيدة “الغاية تبرر الوسيلة” وما يشبه فلسفة ميكافيللي.
الجولاني: الوجه السوري للانتهازية السياسية
بالانتقال إلى المشهد السوري، نجد أن أبو محمد الجولاني يمثل النسخة الأوضح من هذه البراغماتية السياسية، لكن في سياق مختلف أكثر دموية وتعقيداً. بدأ الجولاني كأحد قادة تنظيم داعش في سوريا، قبل أن ينشق عنه ليؤسس “جبهة النصرة”، التي تحولت لاحقاً إلى “هيئة تحرير الشام”، وهي حركة ذات واجهة إسلامية لكنها تعكس أجندات إقليمية ودولية واضحة.
الجولاني، شأنه شأن كرمان، يعرف كيف يُعيد تشكيل صورته وفق المتغيرات. تخلى عن اسم تنظيمه الأول (النصرة)، وغير خطابه السياسي والعسكري، وحتى مظهره الخارجي، من زيّ عسكري إلى بدلات رسمية، ليقدم نفسه كقائد سياسي “معتدل”، يمكن التعامل معه دولياً. لكنه في جوهره لا يختلف عن ماضيه القريب، حيث كان واحداً من قادة تنظيم داعش المتشدد.
هذا التلون لم يكن عبثياً، بل جاء بناءً على مصالح القوى الداعمة له، خصوصاً قطر وتركيا. إذ عمل الجولاني على تنفيذ أجنداتهما في سوريا بمهارة، مستغلاً الدعم المالي والعسكري الذي قدمته هذه الدول، في حين أمعن في قمع الشعب السوري وفرض هيمنته على المناطق التي يسيطر عليها.
الهيمنة التركية القطرية على المشهد السوري
يعكس موقف الجولاني من الاحتلال الإسرائيلي في سوريا وفلسطين مدى ارتهانه للأجندة القطرية والتركية. فبالرغم من أن إسرائيل تحتل أراضٍ سورية بشكل علني، لم يطلق الجولاني ومسلحوه رصاصة واحدة باتجاه الاحتلال. بدلاً من ذلك، وجهوا سلاحهم ضد أبناء وطنهم، تحت ذرائع طائفية ومذهبية واهية.
لقد أظهرت تجربة الجولاني أن الاقتتال الداخلي هو الأولوية الكبرى بالنسبة له، بينما يظل الاحتلال الإسرائيلي بمنأى عن أي مواجهة أو تهديد. هذا الموقف يخدم تماماً مصالح قطر وتركيا، اللتين تستخدمان الفصائل المسلحة، وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام”، كأدوات لتنفيذ سياساتهما في المنطقة، دون أدنى اعتبار للمصلحة الوطنية السورية.
براجماتية الجولاني: وسيلة للبقاء
من خلال دراسة مسيرة الجولاني، نجد أنه نموذج للسياسي البراجماتي الذي لا يكترث بالمبادئ أو الأخلاق. استطاع أن يُحكم قبضته على العديد من الفصائل المسلحة في سوريا بفضل الدعم المالي والعسكري الذي قدمته له تركيا وقطر. هذا الدعم لم يكن لمصلحة الشعب السوري، بل لتكريس الهيمنة التركية القطرية على المشهد السوري، بما يخدم المصالح الإسرائيلية في نهاية المطاف.
إن سلوك الجولاني اليوم لا يختلف كثيراً عن سلوكه في “داعش”، فالاسم فقط تغير، بينما بقيت الممارسات نفسها: قمع، قتل، وترويع للشعب السوري، مع استخدام الدين كغطاء لتبرير أفعاله.
التبعات الكارثية على سوريا
إذا استمرت سيطرة الجولاني على المشهد العسكري والسياسي في سوريا، فإن البلاد مقبلة على أيام حالكة السواد. ستظل الفصائل المسلحة مشغولة بالاقتتال الداخلي، بينما تتفاقم معاناة الشعب السوري، الذي يعاني من القتل والتهجير والفقر.
لن تجرؤ هذه الفصائل على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي أو الدفاع عن الأراضي السورية المحتلة، لأن مصالحها مرتبطة بالمال القطري والدعم التركي، وكلاهما مرتبطان بعلاقات واضحة مع إسرائيل.
ختاماً: الجولاني رمز لفشل المشروع الوطني السوري
أبو محمد الجولاني، كغيره من قادة الفصائل المسلحة المرتبطة بأجندات خارجية، يمثل وجهاً قاتماً للفشل في تحقيق مشروع وطني سوري حقيقي. فبدلاً من أن يكون جزءاً من حل الأزمة السورية، أصبح أداة لتكريس الهيمنة الأجنبية على البلاد.
وإذا لم ينتفض الشعب السوري ضد هذه الهيمنة الصهيو-خليجية، فإن المستقبل يحمل المزيد من المآسي لسوريا وشعبها. الجولاني، تماماً كتوكل كرمان، ليس سوى رمز للتلون والانتهازية، حيث لا مكان للمبادئ أو الأخلاق في حساباتهما، بل المصالح وحدها هي التي تحدد مساراتهما.
السياسية محمد الجوهري