لجريدة عمان:
2025-03-04@07:59:36 GMT

رشاد أبو شاور .. لا أحد يحيا لنفسه كما يشاء

تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT

لأول مرة تخذلني الكلمات في التعبير فأعجز عن البوح بما ألم بي وآلمني، لأول وهلة أشعر أن ما سأكتبه لن يرقى إلى مقام الفقدان للصديق والكاتب والروائي والمناضل رشاد أبو شاور(1942-2024)،الذي أستدلُ ببوصلته في تحديد المواقف مما يحدث حولنا في الساحات السياسية والثقافية، لكني استعرت عبارة وردت في مرثية الشاعر محمود درويش (1941-2008) للكاتب الشهيد غسان كنفاني ( 1936-1972) "لا أحد يحيا لنفسه كما يشاء"، وقد ذكرها أبو شاور في افتتاح دورة المجلس الفلسطيني في دمشق عام 1979 بمناسبة ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965، حين قدّم الشاعر محمود درويش، بهذه الكلمات التي وردت في المرثية أيضا "لم يقل أحد أن الفلسطينيين لا يرحمون أدباءهم.

سأقول: إن الفلسطينيين لا يرحمون أدباءهم. ذلك من فرط إيمانهم بفاعلية الأدب الذي قدم لهم، ومنهم، تعويضًا عن مهانات، عندما فقدوا كل شيء، ولم يملكوا إلا كلمات. وذلك لأنه استمد منهم القوة ليؤسس لهم العلاقة. نادرًا ما يسطو الوطن، كما يسطو على أدب الفلسطينيين، ولذلك، يدرك الفلسطينيون، وبحق، أنهم هم الذين خلقوا أدباءهم.. ولذلك أيضًا يطالبونهم دائمًا بالمواطنية المثالية وبالطاعة الفولاذية، ولا يسمحون لهم أن يكونوا أقل من جنود أو قديسين. ومن هذه العلاقة الصارمة، من هذه المُطالبة التي تشمل كل شيء يجد الأديب الفلسطيني نفسه (يسرق) حرفة الأدب سرّاً. وفي النهار عليه أن يمارس أشكالاً أخرى للتعبير عن التزامه بسلطة الوطن!"

في الافتتاحية ذاتها قال درويش "والآن، أكتب إليك دون أن أخشى يد كمال ناصر التي خطفت رثائي لك. وقال مازحاً: لا تنشرْ هذا الكلام عن غسان كنفاني. هذا الكلام يليق بي ... وسأُقتل قريباً.كان يمزح؟ نعم. ولكنه انفجر أيضاً. لا أحد يحيا لنفسه كما يشاء". وبالفعل استشهد القائد والشاعر كمال ناصر (1926-1973) في بيروت، بعد عام من استشهاد غسان.

تعرفتُ على رشاد أبو شاور في عمَّان في ربيع 2010، حدد لنا مكان اللقاء عند "كشك أبو علي" المعلم الثقافي الواقع في شارع فيصل، وقد عرّفني على الكشك وصاحبه، وبعد ذلك توجهنا إلى مكتبة دار الشروق والتقينا بصاحب الدار الكاتب فتحي البس، الذي أهداني سيرته الذاتية في إصدار (انثيال الذاكرة)، السيرة التي تقاطعت بعض أحداثها في بيروت وتحديدا في الجامعة الأمريكية مع مذكرات الكاتب اللبناني كمال الصليبي (1929-2011) الصادرة أيضا عن دار الشروق. تكررت اللقاءات بعد ذلك مع الأستاذ رشاد كلما نزلت بعمّان أتواصل معه ويهديني آخر اصداراته، مرة واحدة ذهبت إلى عمّان ولم التقي به فاستوحشت المكان، وحين سألته عن أخباره رد علي بعد أيام عبر (الماسنجر) "صباح الورد يا محمد، عدتُ منذ أسبوعين تقريبا بعد ان تنقلت بين النمسا وألمانيا والسويد، التقيت بأهلي الفلسطينيين المشردين، أشكر اتصالك. وممتن لكل كلمة قلتها عني وآمل أن أكون جديرا بها".

إذا كانت كلمات الثناء والتشجيع في المجال الأدبي تعني شيئا، فإن الكلمات التي كتبها عني أبو شاور في الصفحة الثقافية لصحيفة (القدس العربي: 2011) تعني لي شهادة بحد ذاتها، فقد كتب عن مجموعتي القصصية (بذور البوار،الفرقد،2010) "محمد الشحري، كاتب عماني شاب، صدرت له في العام 2010 مجموعة قصصية بعنوان (بذور البوار)، وأنا أقرأ له للمرة الأولى، ولعلها أيضا المرة الأولى التي أقرأ فيها نصوصا نثرية عُمانية، وهذا يعود ليس إلى تقصير منّي، ولكن إلى أسباب خارجة عن قدراتي، فأنا أتلهف دائما على قراءة نصوص نثرية من البلدان العربيّة التي لم أطلع على كتابات مبدعيها، ولكن حظّي مع الشعر أفضل، فقد قرأت أعمالاً شعرية عُمانية، وتعرّفت بشعراء من عُمان.. في مجموعته القصصية الأولى يقدّم محمد الشحري نفسه كاتبا موهوبا، و..صاحب موقف، ويبشّر بقاص قادم".

رحل رشاد أبو شاور في ظروف استثنائية تشهدها المنطقة من قصف للجيش الصهيوني لشعبنا الفلسطيني في غزة وشعبنا اللبناني في الجنوب والضاحية، في محاولة لكسر حلف الصمود والتصدي، ولكن مقاومة المحتل ستستمر سنة أو مئة عام ولنا في الثورة الجزائرية خير مثال. من الصدف الغريبة أن يرحل رشاد أبو شاور يوم 28 سبتمبر، وهو التاريخ الذي يصادف رحيل الزعيم جمال عبد الناصر (1918-1970)، واستشهاد القائد والمناضل اللبناني حسن نصر الله (1960-2024)، رحم الله الشهداء والمناضلين والمجد والخلود لذكراهم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الدور المصري الذي لا غنى عنه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كعادتها، لا تحتاج مصر إلى أن ترفع صوتها أو تستعرض قوتها، فهي تمارس نفوذها بصمت، ولكن بفعالية لا تخطئها عين. الدور المصري في تسليم الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس لم يكن مجرد "وساطة"، بل كان بمثابة العمود الفقري لعملية التبادل بين الجانبين. القاهرة لم تكن مجرد ممر آمن للرهائن المفرج عنهم، بل كانت الضامن الأساسي لتنفيذ الاتفاق، بما تمتلكه من ثقل سياسي وعلاقات متشابكة مع كل الأطراف المعنية.

بحسب المعلومات، فإن الاتفاق تضمن تسليم قوائم الرهائن الإسرائيليين عبر الوسطاء، وعلى رأسهم الجانب المصري، الذي تكفل بنقلهم إلى الأراضي المصرية، حيث تسلمهم الصليب الأحمر الدولي قبل عبورهم إلى إسرائيل عبر معبر العوجا. وهذا السيناريو ليس جديدًا، بل هو امتداد لدور مصري تاريخي في هذا الملف، فلطالما كانت القاهرة لاعبًا لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات تتعلق بقطاع غزة.

ما يلفت الانتباه أن العلم المصري كان حاضرًا في مراسم التسليم في خان يونس، وهو ليس مجرد تفصيل بروتوكولي، بل رسالة واضحة بأن مصر هي ركيزة الاستقرار في المنطقة، وصاحبة اليد الطولى في هندسة التوازنات الدقيقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

لكن رغم هذه الجهود، تظل الأوضاع متوترة على الأرض.. إسرائيل، كعادتها، تتعامل بمنطق القوة، مهددةً باستئناف العمليات العسكرية إذا لم تلتزم حماس بشروط التهدئة، فيما تشترط الأخيرة إدخال شاحنات المساعدات إلى شمال القطاع قبل الإفراج عن دفعات جديدة من الرهائن. وفي هذه المعادلة المعقدة، تتواصل جهود مصر وقطر لمنع انهيار الهدنة، وسط مراوغات إسرائيلية وابتزاز سياسي واضح.

القاهرة، التي تقود المشهد بهدوء، قدمت رؤية متكاملة للخروج من الأزمة، تبدأ بوقف إطلاق النار، مرورًا بتبادل الأسرى والرهائن، وانتهاءً بفتح ملف إعادة الإعمار. هذه المفاوضات الشاقة امتدت لأكثر من 15 شهرًا، وأسفرت في النهاية عن هذا الاتفاق.

وفيما تواصل إسرائيل محاولاتها للتمسك بمحور فيلادلفيا (صلاح الدين) حتى نهاية العام، تزداد المخاوف من أن تكون هذه مجرد خطوة ضمن مخطط أوسع للسيطرة على القطاع بالكامل. كل هذا يجري وسط تصعيد خطير في الضفة الغربية، حيث تسير إسرائيل على خطى ممنهجة لتعزيز احتلالها، غير عابئة بأي جهود دولية لإحلال السلام.

وسط هذا المشهد المعقد، يترقب الجميع القمة العربية الطارئة التى تُعقد اليوم بالقاهرة، فى انتظار الإعلان عن موقف عربي موحد وحاسم. أما الولايات المتحدة، فتمارس ازدواجية معتادة، حيث يتحدث ترامب عن أن قرار وقف إطلاق النار "شأن إسرائيلي"، وكأن الفلسطينيين ليسوا جزءًا من المعادلة!

ما هو واضح أن الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد، فالإسرائيليون لا يزالون يتعاملون بعقلية القوة الغاشمة، والفلسطينيون يدفعون الثمن، فيما يعمل العرب، وعلى رأسهم مصر، على أن يحافظوا على الحد الأدنى من الاستقرار وسط بحر هائج من الصراعات والمصالح المتضاربة. لكن إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ هذا هو السؤال الذي لا يملك أحد الإجابة عليه حتى الآن فى ظل الدعم الأمريكى غير المحدود للعنجهية الإسرائيلية!

مقالات مشابهة

  • عقب وصوله القاهرة.. رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي يشيد بالجهود المصرية في دعم القضية الفلسطينية
  • نجلاء بدر تتصدر التريند بسبب مشهد الخيانة بمسلسل في لحظة| تفاصيل
  • إعلام السويس ينظم ورشة عمل حول الدولة المصرية وتنشئة جيل واعى ومثقف ومحب لوطنه
  • أحمد عمر هاشم: النبي نهى عن تحقير الإنسان لنفسه وكتمان الحق «فيديو»
  • الدور المصري الذي لا غنى عنه
  • أحمد عمر هاشم: النبي نهى عن تحقير الإنسان لنفسه وكتمان الحق .. فيديو
  • لا حرب دون مصر ولا سلام أيضا
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجيع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • كبسولة في قانون.. كل ما تريد معرفته عن التزوير والعقوبة المقررة للجريمة