الدبلوماسية العُمانية.. الآمال والتطلعات
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
صالح الحارثي **
لا شك أن الثابت المطلق الغني عن التعريف الذي لا يتغير في السياسة الخارجية لسلطنة عُمان هو التأكيد دائمًا وأبدًا على مبدأين مهمين؛ وهما: احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتبنيها في المقام الثاني إرساء أسس الحوار منهجًا لمعالجة كافة القضايا والتحديات الدولية من أجل "احتواء التصعيد والتوتر وحقن الدماء عبر الاحتكام للحوار العاقل وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية".
وقد جاء الخطاب السنوي الذي ألقاه معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين، مؤكدًا تلك الأسس والثوابت، وكان واضحًا في صياغته، دقيقًا في مفرداته، جليًا في معانيه، موجزًا في عباراته، مُلخِّصًا لحالة الغليان والنزيف الدموي الذي يُعيشه هذا الكون جراء الاحتقان السياسي والاقتتال والحروب التي أتتْ على الأخضر واليابس ونشرتْ البؤس والفقر والخراب والدمار بين سكانه، نتيجة غياب العدالة وازدواج المعايير وتهميش سيادة القانون والاستقواء على الضعيف؛ فانتشرت بذلك الفوضى واستعلى أزيز الرصاص على لغة الحوار وزادت الهوة بين أمراء الحروب وصانعي السلام فاتسع الشق على الراتق ولم يعد للأمم المتحدة بأعضائها الكُثر قوة ولا حيلة في لملمة الأمور وحلحلة القضايا غير قوة السلاح الذي أصبح الصوت الأعمى والأصم في عالم طغى عليه التعطش للدم وروح الانتقام وثقافة الهيمنة والاستعلاء والاستبداد.
إنَّ العالم اليوم كما جاء في كلمة عُمان بحاجة ماسة إلى إحياء صحوة الضمير وتغليب صوت العقل والحكمة لبسط "سيادة القانون الدولي وتطبيقه، تحقيقًا للعدالة والسلام وبما يعكس رؤية الأمم المتحدة لعالم يعم فيه الأمن والاستقرار والسلام والرخاء للجميع" سعيًا نحو بلوغ الهدف الأسمى من ميثاق الأمم المتحدة في "تجسيد آمال الشعوب وتحقيق تطلعاتها في التنمية والحياة الهانئة الكريمة"، وبما "يكفل لسائر الأقطار والشعوب حق العيش في سلام وأمان وكرامة".
ولأنَّ الغاية نبيلة والمقاصد عظيمة فلم تألو سلطنة عُمان جهدًا على مدى نصف قرن وأكثر من مسيرة نهضتها الحديثة المباركة في حلحلة الخلافات وجمع الفرقاء على طاولة واحدة إيمانًا منها بأن الحوار يصنع التطور والازدهار، والقطيعة تُخلّف الضغينة والدمار، وقد نجحت في ذلك فكانت قبلة الناشدين للسلام وواحة للأمن والأمان.
إنَّ العالم المشحون بالخوف والقلق من شبح الحروب جاء إلى هذه المنظمة الدولية حاملاً معه مخاوفه وجراحه، فعسى أن يجد منها وهو يلملم اليوم أوراقه عائدًا أدراجه إلى بلاده، ما تطمئن إليه النفوس وتشفى به الجراح وينتهي معه البؤس والشقاء.
** سفير سابق
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما الذي نعرفه عن المظلة النووية بعد عرض فرنسا توفيرها لحلفائها بأوروبا؟
مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إمكانية استخدام الردع النووي أو ما يطلق عليه المظلة النووية، لتوفير الحماية لبعض الدول الأوروبية الحليفة، خاصة من التهديد الروسي، تثار أسئلة حول ما نعنيه بالمظلة وما هي القدرات الفرنسية نوويا.
وتعد فرنسا الدولة الأوروبية حاليا، التي تمتلك ترسانة نووية تعود إلى ستينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى العضو السابق في الاتحاد الأوروبية بريطانيا، التي تمتلك السلاح ذاته.
ونستعرض في التقرير التالي، المظلة النووية والقدرات الفرنسية من أجل توفيرها لحلفائها غير النوويين:
ما هي المظلة النووية:
المظلة النووية، هي الحماية التي توفرها دولة نووية، لامتلاكها السلاح النووي، لحلفائها الذين لا يمتلكون هذا السلام، وتضمن لهم الدفاع ضد أي تهديد نووي محتمل، وهي عملية ردع تشن بموجبها الدولة هجوما نوويا إذا تم شن هجوم عدواني ضد أحد حلفائها.
ظهرت فكرة المظلة النووية، خلال الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، في وظل سباق التسلح بأسلحة الدمار الشامل.
دول تندرج تحت المظلة النووية:
بموجب علاقات الولايات المتحدة، فقدت وفرت ضمن اتفاقيات أمنية، المظلة النووية، لكل من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ودول في المحيط الهادي وجزر في المحيط الأطلسي.
ما هي القدرات النووية الفرنسية؟
تعتبر فرنسا واحدة من 9 دول في العالم، تمتلك السلاح النووي، ويعتمد ردعها وتوفيرها المظلة النووية على 3 عناصر هي الصواريخ الأرضية، وأنظمة الإطلاق من الجو، والمنصات البحرية.
وتأتي فرنسا مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والمملكة المتحدة والهند وباكستان وكوريا الشمالية، في امتلاك السلاح النووي.
وبحسب التقديرات، تمتلك فرنسا، 290 رأسا نوويا، تتوزع على نطاقات استراتيجية، من بينها، 64 صاروخا، موزعة على 4 غواصات استراتيجية، و50 صاروخا من طراز كروز جو أرض تحمل على مقاتلات ميراج ورافال الفرنسية.
ومن حيث ترتيب القوة النووية الفرنسية على مستوى العالم، تعتبر الرابعة، بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين، ولا يمكن مقارنتها بالسابقين، حيث تمتلك واشنطن وموسكو، أكثر من 5 آلاف رأس نووي.
الردع النووي البحري:
تمتاز فرنسا، بقدرة ردع نووية بحرية، مكونة من مجموعة من الغواصات المزودة بصواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز "أم 51"، يمكنها الوصول إلى آلاف الكيلومترات مع قدرة تخف في عمق المحيط.
وتمتلك فرنسا، 4 غواصات نووية، من طراز "تريومفانت"، تحمل صواريخ باليستية نووية، وتحتفظ بمواقع سرية، في البحار، من أجل توفير الردع النووي في حال مهاجمة فرنسا أو أحد حلفائها.
وتعمل الغواصات بالطاقة النووية، وهو ما يميزها بالقدرة على البقاء لفترات طويلة تتجول في المحيطات دون الحاجة للتزود بالوقود.
وتعتبر الغواصات النووية من أهم الأسلحة الاستراتيجية الردعية لفرنسا، خاصة في حال تحييد قدراتها النووية البرية أو الجوية، لتقوم بالمهمة.