الكلمة الطيبة وفن التحدث
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
زكريا الحسني
للكلمة الطيبة تأثير عميق على الإنسان، إنها تجعل كيانه يُشرق فتضيء فيه آية إلهية تتمثل في المودة وتفجر فيه حالة من الرحمة وتدفعه إلى مزيد من الإحسان.
تحدث الله تعالى عن الكلمة الطيبة وتأثيرها السحري فقال تعالى في سورة إبراهيم: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾.
وفي بعض الأحاديث الشريفة عن الرسول عليه الصلاة والسلام: "الكلمة الطيبة صدقة"، و "إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من رضوان الله تعالى-، يرقى بها إلى أعلى عليين، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة -من سخط الله تعالى-، يهوي بها إلى أسفل سافلين". ويقول تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".
من هنا تأتي أهمية فن اختيار الكلمات، يقول الروائي الآيرلندي جورج برنارد شو: "عندما تقول (نصف المجتمع سيئ) سيسخط الجميع، بينما لو قلت (نصف المجتمع جيد) سيحتفون بك، مع أن العبارتين بمعنى واحد".
أليس هذا مؤشرا على أنَّ الإيجابية الإنسانية تقتفي أثر الكلمة الطيبة؟
تأملوا معي قليلا!
بعض الأبحاث في الطاقة وتأثيرها على الإنسان تقول بأننا لو غضضنا النظر عن تأثير الكلمة الطيبة على روح الإنسان، وتناولنا بعدهُ المادي المكون من جزيئات، فإنَّ هذه الجزئيات أيضًا تتأثر بالكلمة الطيبة لأنَّ الأمر يتجاوز كون الصوت اهتزازا ميكانيكيا فحسب، فهو يحوي نغمة لها تأثير على جزيئات الإنسان، تعمل على إظهار تأثير مختلف وفق شدة الاهتزاز ونمط النغمة، ومن الطبيعي أن تكون الكلمة الطيبة حاوية على نغمة تتسم باللطف، فتخلق في الجزيئات حالة لطيفة تناسبها وتتسق معها.
المؤثرون التحفيزيون يستندون في تحفيزهم على مبدأ "الكلمات الطيبة" المؤثرة في الإنسان إيجابيا، وعلى مبدأ "النغمة الرنانة المتسمة باللطف" وتحوي موسيقا مؤثرة تدفع الإنسان إلى اكتشاف قدرته فتبعثه من الخمول إلى النشاط ومن اليأس إلى الأمل.
وبالمقابل، فإذا كانت كلمة طيبة، فسيكون تأثيرها طيبا، وإن كانت خبيثة، فمن المتوقع أنه سيكون تأثيرها خبيثا، فلذلك ليتنا جميعا نعيد ترتيب أولياتنا اللفظية باعتماد قاموس للكلام مليء بالكلمات اللطيفة الطيبة لتنبت في أرض المتلقي المستمع شجرا، وفي قلبه زهرا، وإلا فإنَّ من الكلام ما يكون أصلب من الحجر، وأمر من الصبر، وأحر من الجمر.
الخطوة الأولى في هذا المضمار تبدأ من المنزل، فدور الأسرة هو أول أدوار تعليم الطفل فن انتخاب الكلمات الصحيحة في التعبير عن مشاعره ورغباته. لا شك أننا مررنا على قصة المخترع الكبير أديسون وتأثير الكلمات الطيبة في صناعة مستقبله الذي نفع البشرية جمعاء، ولا يمنع أن نعيد قراءتها لما لها من تأثير كبير على نفسياتنا.
توماس أديسون ذلك المخترع العظيم، والذي بلغ عدد اختراعاته زهاء 1300 اختراع، عندما رأى ذات يوم والدته تقرأ رسالة ودموعها تنحدر، فسألها ماذا ألَّم بها فكان جوابها بأنهم في المدرسة يعتقدون بأن مستوى العبقرية لديك يا توماس أوسع من أن تستوعبها صفوف مدرستهم، لذا عليَّ أن أرعاك بشكل شخصي كما يقترحون، ابتسم لها، وقبل بالأمر، فأخذت أمه ترعاه وتعلمه وتضع بين يديه خبراتها، وعندما أصبح مخرعا ذائع الصيت، وبعد وفاة والدته، وقع في يده تلك الرسالة التي ذات يوم رأى أمه تبكي وهي تقرأها، فأخذ يقرأها ليجد أنها تقول: "نحيطك علما بأن ابنك هذا بليد جدًا ولا توجد رغبة في ادارة المدرسة في أن يواصل تعليمه معنا، لذا ندعوك إلى الاهتمام الشخصي به"، عندها بكى أديسون، وتساءل: تُرى ماذا كان بالإمكان أن يحدث لي ولمعنوياتي لو أن أمي قرأت النص كما هو ولم تنتخب كلمات أرقى لتخبرني بالموضوع؟
إنَّه فن انتقاء الكلمات، والارتقاء بسامعها، فهو من أهم عوامل النجاح، تُرى ما الذي يمنعنا من ذلك؟ هذا نبينا عليه الصلاة والسلام يقول: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إثبات تأثير خطير لتدخين السجائر الإلكترونية أثناء الحمل على الأجنة
قام باحثون إيطاليون من خلال مراجعة حديثة بتقييم تأثير السجائر الإلكترونية على تطور رئة الجنين والمواليد الجدد، مع التركيز على الإجهاد التأكسدي والالتهابات.
ويمثل كل نفس يتنفسه المولود الجديد تتويجا لعملية تطور معقدة، وهي عملية شديدة التأثر بالعوامل البيئية.
وبينما ثبت أن التدخين التقليدي له آثار ضارة على نمو رئة الجنين، ظهرت السجائر الإلكترونية كبديل يعتقد أنه “أكثر أمانا”، خاصة بين النساء الحوامل. ومع ذلك، تحتوي أبخرة السجائر الإلكترونية على النيكوتين والمذيبات والمنكهات التي قد تعطل المراحل الحاسمة في تكوين الرئة.ومع تزايد استخدام السجائر الإلكترونية أثناء الحمل، أصبح من الضروري إجراء تحقيقات عاجلة حول تأثيرها طويل المدى على صحة الجهاز التنفسي.
ويحدث تطور رئة الجنين في خمس مراحل رئيسية: الجنينية، الغدية الكاذبة، القنيوية، الكيسية، والحويصلية. وتتضمن هذه المراحل تمايزا خلويا معقدا وتنظيما هيكليا ضروريا لوظيفة الرئة بعد الولادة.
ويمكن أن تعرض العوامل البيئية، بما في ذلك تدخين الأم وتلوث الهواء، هذه العملية للخطر، ما يؤدي إلى انخفاض سعة الرئة، وبنية غير طبيعية للمجرى الهوائي، وزيادة القابلية للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.
ويؤدي التعرض لأبخرة السجائر الإلكترونية إلى إدخال مواد سامة في مراحل التطور الحرجة. وعلى سبيل المثال، يعبر النيكوتين المشيمة بسهولة ويتراكم في أنسجة رئة الجنين، ما يغير مسارات الإشارات الخلوية الضرورية لتكوين المجاري الهوائية.
وتظهر الدراسات على الحيوانات أن تركيزات النيكوتين في دم الجنين يمكن أن تكون أعلى بثماني مرات مع بعض أجهزة السجائر الإلكترونية (مثل JUUL) مقارنة بالسجائر التقليدية.
وبالإضافة إلى ذلك، تساهم المذيبات والمنكهات في السجائر الإلكترونية في الإجهاد التأكسدي، وهو محرك رئيسي للالتهابات الرئوية واختلال الوظائف.ويحدث الإجهاد التأكسدي عندما يتجاوز إنتاج أنواع الأكسجين التفاعلية (ROS) آليات الدفاع المضادة للأكسدة في الجسم.
وتحتوي أبخرة السجائر الإلكترونية على مركبات عضوية متطايرة وجسيمات دقيقة تسبب أضرارا تأكسدية. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى التهابات، وضعف تكوين الحويصلات الهوائية، وانخفاض مرونة الرئة لدى المواليد الجدد.
وتشير الدراسات إلى أن التعرض قبل الولادة لأبخرة السجائر الإلكترونية يثير استجابة التهابية تتميز بزيادة مستويات إنترلوكين-6 (IL-6) وعامل نخر الورم ألفا (TNF-α). ويمكن أن تعطل هذه العوامل الالتهابية إعادة تشكيل أنسجة الرئة، ما يزيد من احتمالية إصابة الرضع بأمراض تنفسية مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) في وقت لاحق من الحياة.
ويرتبط التعرض للنيكوتين أثناء الحمل بالعديد من الآثار الضارة على الرئة، حيث يتداخل مع مسارات إشارات مستقبل “نوتش” (Notch) و”بروتين دبيلو.إن.تي” (Wnt)، التي تنظم تفرع الشعب الهوائية وتمايز الخلايا الظهارية. وتظهر الدراسات على الحيوانات أن نسل الأمهات المعرضات للنيكوتين يعاني من رئتين أصغر حجما، وتأخر في نضج الحويصلات الهوائية، وزيادة مقاومة الشعب الهوائية.
ويخضع البروبيلين غليكول (PG) والغلسرين النباتي (VG)، المكونان الرئيسيان للسوائل الإلكترونية، للتحلل الحراري، ما يؤدي إلى إطلاق منتجات ثانوية سامة مثل الفورمالديهايد والأسيتالديهايد. وتساهم هذه المواد في تهيج الشعب الهوائية وتلف الحمض النووي في خلايا الرئة.
جريدة المدينة
إنضم لقناة النيلين على واتساب