رامي بن سالم البوسعيدي

@Ramialbusaidi

 

في خُطوة مُهمة تعزز الثقة في الاقتصاد العماني، قامت وكالة ستاندرد آند بورز برفع التصنيف الائتماني لسلطنة عمان إلى مستوى "BBB-"، وهو  يعكس التحسن الملحوظ في الأداء المالي والاقتصادي للبلاد، وهذا الارتفاع يثير العديد من التساؤلات حول دلالاته وأثره على مستقبل الاقتصاد المحلي، واستراتيجية السلطنة في إدارة مواردها وتطوير بيئة الأعمال.

ويعد التصنيف الائتماني "BBB-" ضمن فئة "الاستثمار" (Investment Grade)، وهو مؤشر على أن الدولة تتمتع بقدرة جيدة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وهذا يعني أن المخاطر المرتبطة بالاستثمار في عُمان تعتبر منخفضة نسبيا، مما يجعلها وجهة استثمارية جذابة للمستثمر الخارجي والشركات العالمية، كما يؤكد التصنيف إلى أن الاقتصاد العماني مستقر وقادر على تحمل الصدمات المالية والمخاطر الاقتصادية.

ويأتي رفع التصنيف الائتماني لسلطنة عمان نتيجة لعدة عوامل أبرزها الإصلاحات المالية التي قامت الحكومة بتنفيذيها، بهدف تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، بما في ذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة وضبط الإنفاق العام، كما أن انتعاش أسعار النفط في الأسواق العالمية ساهم بشكل كبير في تحسين الإيرادات الحكومية، وهو ما قلل من عجز الميزانية العامة للدولة وساعد في تقليص الدين العام، ويمكننا القول بأن لك ضمن نتائج خطة التوازن المالي التي أقرتها السلطنة وأصبحت تأتي بثمارها بين حين وآخر.

واستطاعت سلطنة عمان في السنوات الأربعة الأخيرة المحافظة على استقرارها المالي من خلال اتخاذ قرارات اقتصادية تتسم بالحكمة، وحرصت على تعزيز النمو دون الإضرار بالاستقرار النقدي، وهو ما سنلمسه في المرحلة المقبلة من خلال تحسن صورة السلطنة في عيون المستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية الدولية، مما قد يؤدي إلى زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية، ويساهم في زيادة الاستثمار في القطاعات غير النفطية، كما أن تحسن التصنيف سيمكن الحكومة العمانية من اقتراض الأموال بأسعار فائدة أقل ما أن دعت الحاجة إلى ذلك، أو يمكن تقليل نسبة الفوائد عبر قروض جديدة تسدد منها القروض ذات الفائدة العالية ، وهذا يعني تقليل تكلفة خدمة الدين.

بالرغم من هذا التحسن إلا أن هناك تحديات قد تؤثر على استدامة هذا التصنيف الإيجابي، وأولها بأن النفط ما يزال يؤدي دورًا كبيرًا في الاقتصاد العماني، وأي انخفاض كبير في أسعار النفط يمكن أن يؤثر سلبًا على الإيرادات الحكومية، على الرغم من جهود التنويع الاقتصادي، إلا أننا بحاجة إلى مواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتحقيق التنويع المطلوب وتحسين بيئة الأعمال للحفاظ على التصنيف الإيجابي.

مواصلة رفع التصنيف الائتماني سيعزز من قدرتنا على تحقيق أهداف رؤية عمان 2040 التي تركز على تنويع الاقتصاد وجعله أقل اعتمادًا على النفط، وذلك من خلال تحسين بيئة الاستثمار وجذب المزيد من الشركات العالمية، وستكون لدينا القدرة على خلق فرص عمل جديدة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، كلما عززنا مواردنا بعيدا عن الاعتماد على النفط بشكل مباشر.

أخيرًا.. يُمكننا القول إن رفع التصنيف الائتماني لسلطنة عمان إلى "BBB-" يمثل إنجازًا مهمًا يعكس التحسن في الأداء الاقتصادي والإصلاحات المالية، لذا ينبغي الحفاظ على هذا التصنيف، واستمراره يتطلب مواصلة العمل على تعزيز التنويع الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لضمان استقرار اقتصادي مستدام، وكذلك ضرورة أن يستشعر المواطن نتائج التصنيف من خلال تحسين بيئة العمل وجذب الاستثمارات الأجنبية والتي من شانها أن تخلق المزيد من الفرص الوظيفية، إضافة إلى تحسين مستوى الخدمات العامة نتيجة انخفاض كلفة الاقتراض الحكومي، ما يعني توجيه المزيد من الموارد للمشاريع التنموية والاستثمارية والترفيهية وخاصة في المحافظات.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الدارالبيضاء تحتل المركز الثالث في الشرق الأوسط وشمال إفرقيقا كمركز مالي والجزائر خارج التصنيف

زنقة20ا الرباط

تواصل مدينة الدار البيضاء تأكيد مكانتها كأحد أبرز المراكز المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث احتلت المركز الثالث في تصنيف أكبر المراكز المالية في المنطقة لعام 2024، وفقًا لتقرير مؤشر المراكز المالية العالمية (GFCI).

وقد أظهر التقرير أن الدار البيضاء حافظت على استقرارها في التصنيف العالمي، حيث جاءت في المركز 57 على الصعيد العالمي.

هذا التصنيف يعكس التطورات الاقتصادية التي تشهدها المدينة، والتي أصبحت نقطة جذب للاستثمارات المالية والتجارية.

في المقابل، سجلت الجزائر غيابًا تامًا عن التصنيف، مما يعكس غياب المراكز المالية الجزائرية عن الساحة الدولية، وعدم وجود حضور ملموس في المؤشرات المالية العالمية.

وتتصدر دبي قائمة المراكز المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، محتلةً المركز 16 عالميا، تليها أبوظبي في المركز 35 عالميا.

مقالات مشابهة

  • كيمياء المالية العامة العراقية في مواجهة التحديات الخارجية على الاقتصاد الكلي.
  • الدارالبيضاء تحتل المركز الثالث في الشرق الأوسط وشمال إفرقيقا كمركز مالي والجزائر خارج التصنيف
  • المشاط تبحث مع وزيرة المالية الكويتية تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارات
  • المشاط تبحث مع وزيرة المالية الكويتية تعزيز العلاقات الاقتصادية
  • فيتش تبقي على تصنيفها الائتماني لمصر عند B مع نظرتها المستقبلية
  • «فيتش» تؤكد التصنيف الائتماني لمصر عند B مع نظرة مستقبلية مستقرة
  • «الإمارات للدرّاجات» يتصدر التصنيف العام في «بتزوليا باسك كونتري»
  • أسعار النفط تتراجع.. تقترب من تسجيل خسائر للأسبوع الثاني توالياً
  • تأثير محدود متوقع للرسوم الأمريكية الجديدة على ليبيا حاليا بسبب استثناء النفط
  • تعزيز التعاون مع العراق بمجال «الرقابة المالية»