أظهر تقرير حديث نشرته وول ستريت جورنال أن التأثير المالي للهجرة على الدول الغربية أكثر تعقيدا مما كان يُعتقد سابقا. ورغم أن المهاجرين يمكنهم تقديم فوائد مالية كبيرة، خاصة في المجتمعات التي تعاني من شيخوخة السكان، فإن حجم هذه الفوائد يختلف بشكل كبير بناء على مستوى مهارات المهاجرين، حيث يسهم ذوو المهارات العالية بشكل أكبر في ميزانيات الحكومات مقارنة بنظرائهم ذوي المهارات المنخفضة.

أرقام تكشف التأثير

ووفقا لدراسة أجرتها هيئة مسؤولية الميزانية في المملكة المتحدة، يساهم العامل المهاجر في المتوسط بمبلغ صافي قدره 225 ألف جنيه إسترليني (حوالي 300 ألف دولار) في خزينة الدولة بحلول سن 85، مقارنة بمساهمة سلبية تبلغ 146 ألف جنيه إسترليني (حوالي 195 ألف دولار) للفرد المقيم في المملكة المتحدة.

ومع ذلك، يظهر تحليل أعمق أن المهاجرين ذوي الدخل المرتفع يساهمون بصافي 684 ألف جنيه إسترليني (حوالي 911 ألف دولار)، في حين يقدم المهاجرون ذوو الأجور المنخفضة تأثيرا سلبيا بصافي 578 ألف جنيه إسترليني (حوالي 770 ألف دولار).

مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي خلص إلى أن الزيادة الأخيرة في أعداد المهاجرين ستقلل من العجز الفدرالي (الأوروبية)

وفي الولايات المتحدة، قدرت الأكاديمية الوطنية للعلوم عام 2017 أن المهاجر الذي لم يكمل تعليمه الثانوي يحصل على 109 آلاف دولار أكثر من الفوائد الحكومية مما يدفعه من ضرائب طوال حياته. هذا الرقم يبرز المخاوف حول التأثير المالي للهجرة ذات المهارات المنخفضة.

نظرة أعمق على التكاليف والفوائد

ووفقا لتقييم وول ستريت جورنال، فإن التأثير المالي للهجرة يتجاوز الأرقام البسيطة المتعلقة بالفوائد التي يتلقاها الفرد مقابل الضرائب التي يدفعها.

ويشير مايكل كليمنس، أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون، إلى أن هذه النظرة المبسطة لا تعكس الصورة الكاملة، ويوضح في حديث للصحيفة أن "أرباب العمل يدفعون للمهاجرين للعمل لأن هذه القوى العاملة تضيف قيمة لرأس مالهم، ومن ثم تُفرض ضرائب على دخلهم الرأسمالي".

وبإضافة هذا الإيراد الضريبي الإضافي، يقدر كليمنس أن المهاجر الذي لا يحمل شهادة الثانوية العامة في الولايات المتحدة يساهم فعليا بمبلغ صافي 128 ألف دولار في الخزانة الأميركية طوال حياته، بدلا من أن يكون عجزا بقيمة 109 آلاف دولار.

بالإضافة إلى ذلك، فإن العمال ذوي المهارات المنخفضة غالبا ما يدعمون العمال ذوي المهارات العالية بطرق تعزز الإنتاجية العامة. فعلى سبيل المثال، تتيح خدمات مثل التنظيف ورعاية الأطفال للمهنيين مثل الأطباء أو المهندسين العمل بكفاءة أكبر.

ووفقا لدراسة أجراها دومينيك ساكس من جامعة سانت غالن ومارك كولاس من جامعة أوريغون عام 2020، فإن هذه التأثيرات المتسلسلة تضيف ما بين 700 إلى2100 دولار في الفوائد المالية الإضافية لكل مهاجر ذي مهارات منخفضة.

المهاجر الذي لا يحمل شهادة الثانوية العامة في الولايات المتحدة يساهم فعليا بمبلغ صافي 128 ألف دولار في الخزانة الأميركية طوال حياته، بدلا من أن يكون عجزا بقيمة 109 آلاف دولار.

صورة مختلطة

وتؤكد وول ستريت جورنال أن تأثير الهجرة ليس موحدا في جميع البلدان. فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت في هولندا أن المهاجرين من غير الغربيين الذين لديهم تعليم ابتدائي أو أقل يكلفون الحكومة الهولندية صافي 360 ألف يورو (حوالي 400 ألف دولار) طوال حياتهم، في حين يحقق المهاجرون الحاصلون على درجة الماجستير أو أعلى صافي مساهمة إيجابية قدرها 130 ألف يورو (حوالي 144 ألف دولار).

الهجرة غير القانونية يمكن أن تولد فوائد مالية تبلغ 897 مليار دولار خلال العقد المقبل (الأوروبية)

وفي الولايات المتحدة، وجدت دراسة مكتب الميزانية في الكونغرس "سي بي أو" (CBO) أن الهجرة غير القانونية يمكن أن توفر دفعة هائلة للاقتصاد الأميركي، حيث ستولد فوائد مالية تبلغ 897 مليار دولار خلال العقد المقبل، وهو ما يعادل حوالي 3500 دولار لكل بالغ أميركي.

آراء متباينة

وعلى الرغم من الإمكانات الاقتصادية، لا تزال سياسات الهجرة محل جدل. حيث قالت مادلين سامبشن، مديرة مرصد الهجرة بجامعة أكسفورد، "من وجهة نظر مالية بحتة، ليس من المفيد وجود هجرة متعلقة بالعمل في وظائف منخفضة الأجر".

وتعكس هذه الرؤية قيام المملكة المتحدة مؤخرا برفع الحد الأدنى للرواتب المطلوبة للحصول على تأشيرات العمل في محاولة للحد من هجرة العمال ذوي الأجور المنخفضة.

يوصي الخبراء بأن نهجا أكثر توازنا يستهدف كل من المهاجرين ذوي المهارات العالية والمنخفضة يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية ومالية كبيرة في السنوات المقبلة.

من جانبه، يشير كليمنس إلى الفرص الضائعة بقوله "رقم 3500 دولار لكل بالغ أميركي هو رقم يجب أن يهتف به الاقتصاديون من فوق أسطح المنازل"، في إشارة إلى نتائج مكتب الميزانية في الكونغرس حول التأثير الإيجابي للهجرة.

ويظهر تقرير وول ستريت جورنال أن قوانين الهجرة الحالية في الولايات المتحدة، التي لم تشهد إصلاحا جادا منذ أكثر من 3 عقود، لا تزال قديمة في معالجة تحديات الهجرة المعقدة اليوم.

ويوصي الخبراء بأن نهجا أكثر توازنا يستهدف كلا من المهاجرين ذوي المهارات العالية والمنخفضة يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية ومالية كبيرة في السنوات المقبلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الولایات المتحدة ألف جنیه إسترلینی وول ستریت جورنال المیزانیة فی ذوی المهارات ألف دولار یمکن أن

إقرأ أيضاً:

جرانت ثورنتون وجامعة هيريوت وات تطلقان أول سلسلة أبحاث جرانت ثورنتون الاستكشافية السنوية – المرأة في لجان التدقيق بالإمارات 2024

أصدرت جامعة هيريوت وات بالتعاون مع جرانت ثورنتون اليوم تقريرًا شاملًا حول تمثيل المرأة في لجان التدقيق في الإمارات العربية المتحدة. تحت عنوان ”سلسلة أبحاث جرانت ثورنتون الاستكشافية – المرأة في لجان التدقيق في الإمارات العربية المتحدة 2024“، يسلط التقرير الضوء على الدور الحيوي الذي تؤديه لجان التدقيق في المؤسسات، ويؤكد على أهمية تمثيل المرأة في هذه اللجان، ويعد هذا التقرير أول تحليل مفصل يقدم معلومات شاملة عن تمثيل المرأة في لجان التدقيق في الشركات المدرجة في الإمارات العربية المتحدة.

يشكل هذا التقرير الأول في سلسلة تقارير تهدف إلى تحديد النساء اللواتي يسهمن في حوكمة الشركات الإماراتية والاحتفاء بدورهن، وتقدم البيانات الشاملة تفاصيل حول عدد النساء في لجان التدقيق، وعدد النساء اللواتي يترأسن تلك اللجان، وأيضًا يوفر التقرير نبذة عن النساء اللواتي يتولين رئاسة لجان التدقيق في الإمارات العربية المتحدة. ستساهم هذه النتائج في تعزيز التقدم الذي تحرزه دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التنوع بين الجنسين في مجالس الإدارة، وهو ما يُتوقع أن يشهد مزيدًا من التطور بعد إعلان وزارة الاقتصاد الإماراتية في سبتمبر 2024 عن إلزام الشركات الخاصة بتخصيص مقعد واحد على الأقل للنساء في مجالس إدارتها بعد انتهاء مدة المجلس الحالي (القرار الوزاري رقم 137 لعام 2024).

وتعليقًا على إطلاق سلسلة أبحاث جرانت ثورنتون الاستكشافية – المرأة في لجان التدقيق في الإمارات العربية المتحدة 2024، قال هشام فاروق، الرئيس التنفيذي لشركة جرانت ثورنتون: ‘نحن سعداء بالشراكة مع جامعة هيريوت وات لإصدار تقريرنا حول مشاركة المرأة في لجان التدقيق في الشركات المدرجة في الإمارات العربية المتحدة.

“هذا التقرير هو الأول في سلسلة أبحاث «جرانت ثورنتون الاستكشافية» السنوية الجديدة، حيث نخطط من خلالها للاستمرار في شراكتنا مع جامعة هيريوت وات لتتبع التقدم المحرز في تمثيل المرأة في لجان التدقيق ومقارنته مع المناطق والأسواق الأخرى، بالإضافة إلى تقديم رؤى أخرى ذات أهمية وطنية ودولية في المجالات المتعلقة باستدامة الأفراد والمؤسسات”.

وأضافت نجلاء المدفع، رئيسة لجنة التدقيق في البنك العربي المتحد، قائلةً: “إن وجود المرأة في الأدوار القيادية الحاسمة يحقق تأثيرًا ملموسًا، إذ لا يقتصر دور النساء اللاتي يترأسن لجان التدقيق على تعزيز الرقابة من خلال تعزيز الضوابط والشفافية فحسب، بل إنهن يدافعن أيضًا عن الإدارة الفعالة للمخاطر وأولويات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، ما يعزز ثقة المستثمرين”.

وصرحت عميدة ونائبة مدير جامعة هيريوت وات في دبي، بروفيسور هيذر ماكجريجور، قائلةً: “”إنني على ثقة من أن هذا التقرير سيدعم العديد من الأفكار حول زيادة التمثيل المتنوع للجنسين في لجان التدقيق، ويسعدني أننا، بدعم من شركة جرانت ثورنتون، قد وضعنا أساسًا شاملًا يتيح لنا قياس التقدم المحرز في المستقبل والعمل على تحقيقه والاحتفاء به”.


مقالات مشابهة

  • ارتفاع أعداد المهاجرين الإسرائيليين إلى كندا بسبب حرب غزة
  • ترامب يختار صاحب فكرة “فصل المهاجرين عن أطفالهم” في حكومته
  • المهاجرين غير الشرعيين.. هل ستسوي كندا وضعيتهم ؟!
  • جرانت ثورنتون وجامعة هيريوت وات تطلقان أول سلسلة أبحاث جرانت ثورنتون الاستكشافية السنوية – المرأة في لجان التدقيق بالإمارات 2024
  • وزيرة البيئة: تأثيرات تغير المناخ تفرض عبئا ثقيلا على ميزانيات الدول
  • توم هومان قيصر الحدود الأميركي وصاحب فكرة فصل المهاجرين عن أطفالهم
  • خطط ترامب لأيامه الأولى في البيت الأبيض.. ترحيل المهاجرين وهيكلة الحكومة
  • هل يتأثر العرب بوعيد ترامب بترحيل المهاجرين غير النظاميين؟
  • مدير معهد أبحاث الشرق الأوسط بواشنطن: نتطلع إلى شراكة مع المركز العربي للبحوث والدراسات
  • علييف يتهم الدول الغربية بالتشهير بأذربيجان