جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-21@09:26:06 GMT

رحل حسن.. وبقي نصرُ الله

تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT

رحل حسن.. وبقي نصرُ الله

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

غادرنا "بنية العودة" المُناضل الشهيد الرمز حسن نصر الله، ولقي مُناه ومسعاه الذي قرره بنفسه بكامل قواه العقلية والروحية والنفسية، بعد رحلة بحث شاقة ومُعقدة عن الشهادة في سبيل الله ولأجل فلسطين، والأقصى تحديدًا.

لأكثر من أربعة عقود، بحث سماحة السيِّد حسن نصر الله عن الشهادة مُبكرًا، حين التحق مع رفيق دربه عماد مُغنية بقوات حركة فتح الفلسطينية في منتصف السبعينيات من القرن المنصرم، ثم بحث عنها في حركة المحرومين التي أسسها الإمام موسى الصدر، ثم بحث عنها في صفوف حركة أمل، واهتدى لها ونالها في صفوف "حزب الله".

.. هي رحلة طويلة من المشاق- في نظرنا- ومن المُتعة في نظر المناضلين وطلاب الشهادة.

وبما أنَّ الشهداء لا يموتون؛ بل يتوارون عن أعين العباد إلى حين، فقد رحل حسن وأبقى خلفه نصر الله، هذا النصر الذي سينسُجه شركاؤه وخلفاؤه في النضال، وكذلك أمنيات السيد حسن وعقيدته الراسخة التي رافقته في كل مراحل وأطوار حياته.

أكثر من 90 محاولة اغتيال فشلت في النيل منه، ويختاره الله شهيدًا ليرتقي في المحاولة الواحدة والتسعين، وفي نفس يوم وفاة الزعيم الخالد الذكر جمال عبدالناصر، الثامن والعشرين من سبتمبر، بعد أن كان من أبرز صُنّاع "طوفان الأقصى" المبارك، هذا الطوفان الذي مثّل رهانه الأخير على زوال الكيان وعودة فلسطين من النهر إلى البحر.

قليلٌ بحق سماحة السيد لقب "جيفارا العرب"، لكن بينهما قواسم مُشتركة، تتمثل أهمها في الضمير الحي وشغف نُصرة الحق والوقوف إلى جانب المظلوم.

قَتْلُ الكيان الصهيوني للسيد حسن بمساعدة رعاتهم وأعوانهم الإقليميين والدوليين، هو انتصار تكتيكي ونفسي لهم لا أكثر، مقابل مؤشرات النصر الإستراتيجي للمقاومة والتي لا حت للأعداء وأرعبتهم. فقد أذلَّهم سيد المقاومة وأرعبهم وبيَّن هشاشة العدو وأصناف طابور عملائه من الحالمين بالعبودية الصهيونية، والمُتفرِّدين بالانحطاط والضحالة.

تتدفق اليوم عشرات الروايات في توصيف عملية الاغتيال وتفاصيلها، وهي روايات تأتي في سياق ترميم النظرية الاستراتيجية للعدو "الخوف مقابل الكثرة"، والتي سوَّقها لنا لعقودٍ خلت من أجل كسر المعنويات، وتكريس الهزيمة النفسية، وتغييب العقل والوعي العربيين، وللقبول بـ"القضاء والقدر" الصهيو/أمريكي!

الروايات المختلقة لعملية اغتيال سيد المقاومة ورفاقه في الضاحية الجنوبية لبيروت، يُقصد منها غرس وتكريس سردية جديدة لكسر المعنويات، هذه المعنويات التي أذلّت الكيان ورُعاته، وكشفت زيفه وضحالته، وبوار سردياته في فجر السابع من أكتوبر المجيد.

حين غزا التتار المنطقة، واحتلوا بغداد عاصمة الخلافة والحضارة العربية، قال المؤرخون ومن عاصر الحدث "لقد انتهت العرب والعروبة ومشتقاتها"، وحين تولى العثمانيون الخلافة قيل "لقد انتهى العرب وتسيَّد الأعاجم"، وحين تدفقت جيوش الاحتلالات على الأقطار العربية قيل ذات الكلام والتوصيف مُجددًا، وحين غُرِسَ الكيان الصهيوني في قلب الأمة قيل "لقد مات العرب ومن تبقى منهم"، وحين وقعت هزيمة يونيو 1967م قيل "لقد ماتت الجيوش العربية"، وحين تمَّ تهجير المقاومة الفلسطينية وقيادتها إلى تونس عام 1982 قيل "لقد انتهت قضية فلسطين"، وبتهجير تلك القيادة وقبلها ترحيلها من الأردن عام 1970، وخروج مصر من الصراع ومعادلة القوة باتفاقية "كامب ديفيد"، قيل "لقد تحقق المشروع الصهيوني بكامله في الوطن العربي".

كثيرةٌ هي أحلامهم وسردياتهم التي يتطاولون فيها على مشيئة الله، ومكانة هذه الأمة العظيمة بين الأمم، فيُقيِّضُ الله الأسباب بسببٍ وبلا سببٍ، سبحانه، فتنقلب عليهم.

مسؤول أمريكي سابق يعترف في ندوة عُقدت بالعاصمة الصينية بكين مؤخرًا بأنَّ بلاده تُنفق 90 مليار دولار للتضليل؛ أي لتضليلِ الرأي العام المحلي والعالمي وترسيخ وتسويق سرديات مُنافية للحقيقة. وبما أن الكيان الصهيوني ربيب أمريكا والغرب، فقد امتهن الكذب والزيف والتضليل، لتمرير سردياته على العرب أولًا، والعالم ثانيًا، ومنها اليوم تزييف تفاصيل عملية الاغتيال وطلاؤها بطلاء "بائد" عنوانه "الموساد اليد الطولى"!

العدو ورعاته في مرحلة الهروب إلى الأمام بلا شك، فقد أجبرتهم فصائل المقاومة ووحدة الساحات على اللهاث خلف أي نصرٍ كان، وتسمية الأشياء بغير أسمائها لأغراض لا تُحصى في نفوسهم المهزومة والمأزومة بتفاصيل ويوميات الطوفان.

النصر التكتيكي لا يلغي النصر الاستراتيجي للمقاومة؛ فالعدو يُقاتل الأرض، والمقاومة تُقاتل بالأرض ومع الأرض، والعدو يُقاتل اللهَ، والمقاومة تُقاتل باللهِ، والعدو يُقاتل بالتضليل، والمقاومة تُقاتل بالواقع. لقد تجسَّد على أرض فلسطين صراع كل الأضداد، وعلى رأسها صراع الحق والباطل، في حالةٍ غير مسبوقة في تاريخ الصراعات الإنسانية.. والله غالب على أمره.

قبل اللقاء: من يقرأ التاريخ، يقرأ المستقبل.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تأييد حكم الإعدام على قاتل الطفلة السودانية جانيت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أيدت محكمة جنايات مستأنف القاهرة ، حكم الإعدام الصادر من محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار سيد التوني، بمعاقبة المتهم بقتل الطفلة السودانية "جانيت" بالإعدام شنقا.
وكانت قد استمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة العامة في القضية والمتهم فيها «محمد. س»، عامل بمحل كشرى، بالقتل العمد مع سبق الإصرار، وقال ممثل النيابة: «جئت لقاعة المحكمة ‏حاملاً أمانة الدفاع عن المجتمع، ولم أحضر إلى محرابكم المقدس حكيماً، أوتى جوامع الكلام، بضمير ‏تنبض به الأمة، بهدف تحقيق العدل والعدالة وإرساء القانون».‏

وأضاف مُمثل النيابة العامة أمام المحكمة: «المتهم مجرم ليس ككل المُجرمين، لقد خرج عن نواميس الكون، وقف الشيطان حائراً من فعلته، وكان لسان حاله يا من جئت لأغويك لقد أغويتني، المتهم انتهك كل الحقوق، حقوق الجار والصغير والعرض والحق فى الحياة».‏
أوضح ممثل النيابة أثناء مرافعته: ««لقد رتع المُتهم في ضلالته، وأتى جرمه بكل خسة، مُتناسياً قول الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، يا له من يوم تحالف هذا المتهم وهو من شياطين الإنس مع شياطين الجن، ليهتك عرض طفلة بريئة».‏

وقال ممثل النيابة العامة، فى ختام مرافعته: «نُطالب بتطبيق أقصى عقوبة على المُتهم، وهى الإعدام»، مُستشهداً بالآية ‏الكريمة: «وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون».‏

أمرت النيابة العامة بإحالة المتهم بقتل الطفلة سودانية الجنسية في القضية رقم 5901 لسنة 2024 جنايات ثالث مدينة نصر إلى محكمة الجنايات المختصة، وذلك لمعاقبته فيما نُسب إليه من ارتكاب جرائم خطف المجني عليها وهتك عرضها وقتلها عمدًا، والمعاقب عليها بالإعدام.


تلقت النيابة العامة إخطارًا بالعثور على جثمان المجني عليها -التي تبلغ من العمر عشرة أشهر- بإحدى الحدائق العامة المجاورة لمسكنها، فبادرت بالانتقال لمعاينة مسرح الجريمة، ومناظرة الجثمان، وقد أبانت التحقيقات بسؤال والدي الطفلة، أن المتهم خَطف المجني عليها حال لهوها وشقيقتها أمام منزلهما، وتوجه بها إلى حديقة مجاورة، حيث قام بهتك عرضها، فلما تعالت صرخاتها قتلها خنقًا، وقد اعترف المتهم بالتحقيقات بارتكابه الواقعة وفق هذه الرواية، وهو ما تأكد بتقرير الصفة التشريحية.

مقالات مشابهة

  • تأييد حكم الإعدام على قاتل الطفلة السودانية جانيت
  • مستقبل الكيان الكردي في سوريا الجديدة
  • غضب داخل الكيان بعد تسلم جثامين الأسرى الصهاينة
  • شيخ الأزهر يتوجه إلى الله بالدعاء أن يوفق قادة العرب في القمة المرتقبة
  • حماس ترد على شروط الكيان بنزع سلاحها وإبعادها عن غزة
  • أ تصحو أم فؤادك غير صاحِ
  • وزير الخارجية الإيراني: الكيان الصهـ يوني أُجبر على الاستسلام وقبول وقف إطلاق النار
  • الرئيس اللبناني يطالب الكيان الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من أراضيه المحتلة  
  • نشطاء مؤيدون لفلسطين يرشقون مقر بي بي سي بالطلاء الأحمر ويتهموها بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني
  • عدنان الروسان يكتب .. عناق يصل الى حد الفاحشة