تسببت عملية الاغتيال الإسرائيلية لحسن نصر الله بضربة موجعة لحزب الله، إلا أنه نظرا لطبيعة هيكله اللامركزي وعقيدته، لا يزال الحزب يملك القدرة على إعادة بناء نفسه، بحسب ما أفاد مصدر مقرب من الحزب لموقع "ميدل إيست آي".

وأضاف المصدر، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، أن سلسلة الاغتيالات الإسرائيلية التي استهدفت قيادة حزب الله وكبار قادته خلال الأسابيع القليلة الماضية، والهجمات اللوجستية على شبكة اتصالاته المؤمنة، قد أضعفت بشكل كبير القدرات العسكرية والأمنية للحزب.



وأوضح أن إحدى نقاط قوة حزب الله تكمن في هيكله اللامركزي، الذي على الرغم من الوزن الثقيل لقادته البارزين، إلا أنه لا يرتبط بقائد واحد فقط.


وقال المصدر: “لا تزال هرمية حزب الله قائمة، والمؤسسة قائمة، والقيادات المختلفة في المناطق اللبنانية المختلفة لا تزال قائمة. لذلك يمكن إعادة بناء الحزب من خلال بنيته التحتية البشرية والعسكرية الثابتة”.

وأضاف: "المرحلة التالية لحزب الله هي إعادة هيكلة وتنظيم الحزب مع الأجيال الثانية والثالثة من الأعضاء الذين لم يتم اغتيالهم على يد الإسرائيليين"، موضحا أن "الجيل الأول تمكن من تدريب وإعداد أجيال شابة وطموحة قادرة على تحمل المسؤولية في المستقبل".

ومع ذلك، بين المصدر أن هذه المهمة لن تكون سهلة أو سريعة بالنسبة لحزب الله بعد تكبده خسائر فادحة، كان أشدها تأثيرًا فقدان زعيمه المؤثر، الذي قُتل في موجة من الضربات العنيفة على جنوب بيروت مساء الجمعة.

وأضاف أن "المقاومة قادرة على استعادة ما فقدته، ولكنها بحاجة إلى وقت للتعافي وإعادة تنظيم صفوفها. وفاة نصر الله تشكل إحدى أشد الضربات المؤلمة للحزب وبيئته"، مشيرا إلى أنه "لم يفقد الحزب قيادته فحسب، بل إن معظم قاعدته الداعمة مشردة حاليًا ومنازلهم مدمرة".

وجاء اغتيال نصر الله بعد أسبوعين من الهجمات المستهدفة التي لا هوادة فيها والتي ضربت قلب حزب الله، فمنذ 17 أيلول/ سبتمبر؛ ضربت إسرائيل شبكة اتصالات حزب الله ونفذت سلسلة سريعة من الضربات التي قتلت أعضاء بارزين في قوة النخبة في الرضوان ومجلس القيادة، الذين بنوا مع نصر الله الأساس الحالي للحزب.

وتقول سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة "تشاتام هاوس": إن "إسرائيل كانت تراقب حزب الله ونصر الله وتجمع المعلومات الاستخباراتية منذ حرب 2006، ما أتاح لها استهداف العديد من قيادات الصف الأول في سلسلة القيادة بالحزب، ولهذا السبب، تُعتبر هذه لحظة وجودية بالنسبة للحزب".

وأفاد المصدر أن حزب الله تاريخيّا كان يستبدل قادته بسرعة، مشيرًا إلى أن "هاشم صفي الدين، ابن عم نصر الله والذي يعتمر عمامة سوداء دلالة على نسبه من النبي محمد، قد جرى إعداده لفترة طويلة ليخلف نصر الله".

وقال المصدر: "على مر السنين، وضع نصر الله صفي الدين على المسار الذي يؤهله لتولي زمام القيادة. ولكن هذا الأمر لا يزال غير واضح، حيث كان اسم صفي الدين متداولًا بين من قُتلوا في ضربة يوم الجمعة".

وأضاف أن قيادة الحزب ستضطر للبحث عن "بديل آخر بالتوافق مع إيران في حال ثبوت مقتل صفي الدين".

قوة موحِّدة
يتفق المحللون على أن نصر الله، الزعيم الشعبي وأحد أقوى الشخصيات في المنطقة، سيكون من الصعب استبداله، بينما أكد أن نصر الله كان "شخصية استثنائية وخطيباً موهوباً، واستطاع أن يجذب قاعدته الشعبية بسحره، وفي الوقت نفسه يرهب خصومه بخطاباته النارية".

وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، قاد نصر الله حزب الله ليصبح قوة إقليمية، ما أكسبه العديد من الأعداء في المنطقة.

وكانت قيادة نصر الله ترتكز بشكل كبير على الصراع مع إسرائيل. ففي ظل قيادته، أجبر حزب الله الجيش الإسرائيلي على إنهاء احتلاله الذي دام 18 عامًا لجنوب لبنان والانسحاب في عام 2000.

وفي عام 2006، أعلن نصر الله “النصر” على إسرائيل بعد خوض حزب الله حربًا استمرت شهرًا وانتهت بفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه، مما أكسب الحزب وقائده الاحترام والإعجاب في جميع أنحاء المنطقة.

وقالت سنام وكيل: “نصر الله جسد في حياته، وخسارته، وخطاباته، الكثير مما يمثله الحزب”.


وأشار مهند حاج علي، نائب مدير الأبحاث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إلى أن قوة نصر الله كقائد كانت تكمن في قدرته على توحيد الأجزاء المختلفة من حزب الله، وهو الأمر الذي سيستمر حتى بعد وفاته، لكن سيكون ذلك تحديًا لمن يخلفه.

وقالت سنام وكيل: “لا أعتقد أن التعافي سيكون سريعًا لحزب الله. فبعد تعيينهم خليفةً لنصر الله، سيحتاج الأخير إلى وقت لحشد الأعضاء وتوحيدهم. وبعدها سيتعين علينا معرفة ما إذا كان بالإمكان إعادة تحفيز الروح المعنوية”.

وتضيف: “التحدي يكمن في أن ثلاث طبقات من قيادة حزب الله أُزيلت في الوقت ذاته، مما يثير الشكوك حول سلسلة القيادة. وبالتالي، قد يكون من يتولى القيادة غير معروف ولم يخضع للاختبار، مما سيجلب معه العديد من حالات عدم اليقين الجديدة”.

“قادر على إعادة التنظيم”
وبحسب المحللين، لا يزال حزب الله خصمًا قويًا لإسرائيل بسبب ترسانته الواسعة من الصواريخ الثقيلة غير الموجهة، والصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى صواريخ مضادة للطائرات والدبابات والسفن.

وبينما تنتظر إسرائيل وتستعد للرد على مقتل نصر الله، لم تتوقف ضربات حزب الله على إسرائيل منذ مقتله، مما يدل على قدرته على مواصلة الهجمات رغم تكبده خسائر فادحة.

وقال الحاج علي: “هذا أمر مهم لأن هدف إسرائيل هو وقف هذه الهجمات من جنوب لبنان”.

وأضاف: “سيستمر هذا الجزء من حزب الله في العمل، وإذا ما قرر الإسرائيليون السيطرة على جزء من جنوب لبنان، فإن ذلك سيؤثر على مسار الأحداث”.

وأكد الحاج على أن حزب الله لا يزال يحتفظ بسيطرته على صفوفه وقاعدته الكبيرة من المؤيدين الذين يؤمنون بقضيته وأيديولوجيته.

وبين قائلًا: “إنهم قادرون على إعادة تنظيم صفوفهم لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي أو أي شيء قادم. ورغم التأثر بفقد نصر الله والقيادة العليا للحزب، إلا أن ذلك يعتمد على الخطوة الإسرائيلية التالية”.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الإسرائيلية نصر الله حزب الله اللبنانية لبنان إسرائيل حزب الله نصر الله المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لحزب الله صفی الدین على إعادة نصر الله حزب الله لا یزال

إقرأ أيضاً:

حسن نصر الله الذي غيّر الإقليم حيا وميتا

تنبيه هام: لو كنت عزيزي القارئ من مشجعي كرة القدم؛ فهذا المقال لن يفيدك، فهذا المقال سيبتعد قليلا عن الشعبوية إلى التأثيرات الحقيقية لمقتل الأمين العام لحزب الله.

يعترف علم السياسة ولا سيما علم العلاقات الدولية بالجماعات الدينية أو الأيديولوجية كفاعل مهم لا يمكن تجاوزه في حسابات العلاقات الدولية في أي إقليم، وتزيد أهمية هذه الجماعات إذا ما كانت مسلحة، فالجماعات واسعة الانتشار، على عمومها، فاعل مهم في هذا السياق. يشمل هذا التصنيف الجماعات الفاعلة مثل الجماعات الدينية أو المسلحة وحركات التمرد والمنظمات شبه العسكرية، وتختلف أدوارها باختلاف السياق الذي تنخرط فيه والمجال الذي تدور في فلكه، ويمتد تأثيرها حتى على سيادة الدول واستقرارها، إذا ما انخرطت في الصراع على السلطة، لا سيما في النظام العالمي المستقر بعد الحرب العالمية الثانية.

ولأن هذه الجماعات غالبا ما تكون بحاجة إلى الدعم المادي واللوجيستي والعسكري في بعض الأحيان، فإنها غالبا ما تركن إلى قوى أكبر وأكثر ملاءة منها لجبر هذا النقص، حتى أنه في بعض الأحيان يتم استغلال هذه الجماعات في حروب تلك القوى بالوكالة، لتعزيز مصالحها الجيوسياسية، أو تنفيذ أجندتها الأيديولوجية، كما هو الحال بين حزب الله وإيران، التي تلقفت الحزب من أول يوم، حتى أن اسم الجماعة اختاره الخميني بنفسه (حزب الله). وكان اختيار الاسم "عبقريا بلا شك" لجذب العامة من غير الشيعة، لا سيما وأن بدايات الحزب ترافقت مع اجتياح الاحتلال الإسرائيلي للبنان.

أراد الخميني أن تكون باكورة عمليات الحزب مدوية، ولافتة في ذات الوقت، فاختار تفجير مقر تمركز القوات الأمريكية في لبنان، ليعلن عن نفسه كأحد القوى المناهضة للإمبريالية الغربية. ومنذ أن بزغ اسم حزب الله وتعاقب الأمناء عليه حتى أمينها العام الثالث، حسن نصر الله، كان الحزب يناوش من بعيد، حتى قرر نصر الله أن يحيي الحزب من جديد بعملية تعيد له رونقه، فكانت حرب 2006 فيما يعرف بحرب تموز، التي استمرت 34 يوما في مناطق مختلفة من لبنان، خاصة في المناطق الجنوبية، وفي شمالي إسرائيل، فلأول مرة يرى العرب جماعة مسلحة صغيرة تجابه "البعبع" الإسرائيلي الذي لم يهزم في أي حرب سوى في أكتوبر 1973، ما يعني أن مجابهة هذا العدو ممكنة، حتى على مستوى الأفراد، ما يعني أيضا أن معادلة القوة والردع تتغير في المنطقة.

بعيدا عن حالة الاختراق الأمني الذي أوصل إلى تمكين الاحتلال الإسرائيلي من رأس هرم القيادة في الحزب، فإن اغتيال حسن نصر الله له ما بعده في تشكيل القوى الفاعلة في الإقليم، كما أن دماء نصر الله سترسم لوحة العلاقات الدولية في الإقليم
نخلص مما سبق إلى أن حزب الله كفاعل في الإقليم، حقيقة لا يمكن تجاوزها، لا شعبيا ولا على مستوى المخططين الاستراتيجيين، ونخلص أيضا إلى أن إيران فاعل آخر ومهم محرك للحزب، ولقد استثمرت طهران في حزب الله المليارات على مدى أربعة عقود لتكون ذراعا طويلا لها، في إطار استراتيجية المواجهة التي تتبناها طهران، بحجب الصراعات وإبقائها خارج حدودها، وهو ما استطاعت فعله في السنوات العشر الأخيرة في لبنان والعراق وسوريا وأخيرا في اليمن، بل وكسب مساحات نفوذ ومن ثم أوراق ضغط يمكن اللعب بها في منافسات/ صراعات النفوذ في الإقليم. وكما كان حزب الله ورقة في يد إيران فقد حاولت كل من أمريكا وإسرائيل الاستفادة منه في خلق فزاعات للمنطقة لابتزاز دولها والاستفادة منه على المستوى الداخلي في الانتخابات.

لقد استطاع حزب الله وأمينه العام الأطول ولاية، حسن نصر الله، أن يغير معادلة القوة في الإقليم بتدخلاته داخليا في لبنان من خلال جناحه السياسي، حتى صار لبنان بمواردها حديقة خلفية لسياسة واقتصاد إيران، وعلى المستوى الخارجي من خلال تدخلاته في سوريا ومناوشاته المتكررة مع إسرائيل ودخوله في مفاوضات، في الأغلب يرعاها طرف غربي، للتهدئة مع الاحتلال، أو تبادل أسرى. كما أن تدريبه لجماعات مسلحة مثل حماس والجهاد الفلسطينيين، و"أنصار الله" الحوثية في اليمن، والمليشيات المتعددة في العراق، جعل منه رأس حربة لإيران، ورديفا للحرس الثوري في كثير من الأحيان، في معادلة طهران المحسوسة وغير المعلنة (العرب في المواجهات أولا)، وجعل من الحزب نجما في هذا التحالف برعاية إيران، وجعل نصر الله نجما في سماء هذا التحالف ومعشوق جماهيره.

بعيدا عن حالة الاختراق الأمني الذي أوصل إلى تمكين الاحتلال الإسرائيلي من رأس هرم القيادة في الحزب، فإن اغتيال حسن نصر الله له ما بعده في تشكيل القوى الفاعلة في الإقليم، كما أن دماء نصر الله سترسم لوحة العلاقات الدولية في الإقليم، ولعل أول من سيؤثر عليه تداعيات مقتل الأمين العام لحزب الله، هو رئيس مجلس الإدارة وأكبر المساهمين، إيران، وإن كنا هنا لا يمكن أن نفوت كلمات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأسبوع الذي سبق مقتل نصر الله عن علاقة بلاده بأمريكا، وطموحه في علاقات أكثر دفئا مع من وصفهم بالإخوة. ولعل تصريح مساعد رئيس إيران للشؤون الاستراتيجية، جواد ظريف، بأن بلاده ليست مضطرة للدفاع عن أحد، كان إشارة لمصير نصر الله المحتوم.

ويقف على نفس المرتبة من التأثر لكن بشكل إيجابي، نتنياهو ورئيس أركانه ووزير دفاعه الذين ذاقوا الأمرّين على مدى قرابة العام في غزة ودخلت على الخط من بعدها الضفة، وخسائرهم التي راكموها حتى باتت كالتلال كادت أن تنهال عليهم فتدفنهم، لولا هذه العملية التي أخرجتهم من وحل غزة، وإن كان وحلها ما زال يلطخ وجوههم لإخفاقهم في تحقيق أي من أهدافهم فيها، وإن كان نجاحهم في جنوب لبنان لا يحسب لهم؛ بقدر ما يؤخذ على تهاون نصر الله وقادته في التعامل المرن والالتزام بالقواعد الاشتباك التي لا نعرف حتى الآن من وضعها، وإن كنا نعرف من اتفق عليها، ناهيك عن الاختراق الأمني داخل الحزب، إذ كان من حسن نصر الله مستهدفا في موقعة البيجر، فلما نجا كان القصف هو الحل، وهنا أنا أؤكد أن العمليتين بدعم أعلى من قدرات إسرائيل.

وثاني أكبر متضرر مع مقتل نصر الله، وخطة تل أبيب النافذة حتى الآن لتصفية سلاح المقاومة (وهنا أنا أعني المقاومة، لا حزب الله فقط، لأن الدور قادم على غيره في لبنان ثم الإقليم)، هي المقاومة الفلسطينية، لكنني مع ذلك أرى أن رب ضارة نافعة، فالدرس واضح والحليف انكشف، ولعل من لم يقتنع بعد اغتيال العاروري وهنية؛ سيقتنع الآن بأن السياسة لا تعرف الشعارات، وأن تشرشل قد علم العالم بمقولته الأشهر، وأن الأيديولوجية حاكمة، وأن على المقاومة الفلسطينية أن تعتمد على ذاتها من أجل الحفاظ على ثوابت هذه الأمة ومقدساتها، وعليها أن تفتح الباب للمخلصين من أبناء هذه الأمة ليساهموا في خدمة المشروع التحرري.

ينبري المحللون في مناقشة احتمالية اندلاع حرب إقليمية واسعة، بمقتل حسن نصر الله، الابن المدلل لإيران، لكن واقع العملية ودقتها والقوة التدميرية التي أحدثتها طائرات الاحتلال والمشاركة المعلوماتية التي سبقت العملية لتحديد مكان الهدف وضربه، وما سبقها من تصفية قادة الصف الأول والثاني من العسكريين والسياسيين في الحزب، يؤكد أن تفاهمات ما تمت وأوصلت الأمور لما نراه الآن؛ فمحاولة نتنياهو جر أمريكا إلى الحرب في المنطقة، قابله عرض أمريكي بتقديم صيد ثمين وتصفية الجماعة المسلحة الأكبر في المنطقة، ولعل العرض كان مرضيا لنتنياهو المأزوم والموتور، موقف الأمة الثائرة الثابتة عليه دور مهم وعلى مفكريها أن يقفوا الملية لكن يتحسسوا مواضع أقدامهم، فالفراغ الذي أحدثته انسحاب الأمة بفاعليها سيملؤه غيرها في المحيط، إذن فعلينا وبسرعة ملء هذا الفراغ بإعادة تشكيل الوعي وتنظيم الهياكل المنوط بها الحفاظ على هوية هذه الأمة وثوابتهافكان حسن نصر الله هو المقابل لهذه الصفقة، التي صمتت عليها طهران مضطرة، حتى لا يكرر سيناريو العراق على أراضيها، لكن السؤال؟ هل هذا العرض ساري حتى نفاد الكمية، أم أن نتنياهو الطامح في ولاية جديدة والهروب من مقصلة المحاكمة الداخلية والدولية سيسيل لعابه من أجل المزيد فيما لو استطاع ابتزاز عجوز البيت الأبيض؟

إن المنطقة تتغير، ولعل تغير المنطقة لم يبدأ بمقتل حسن نصر الله، فقد بدأ بتصفية الثورة المصرية ومن بعدها ثورات الربيع العربي وإجبار السودان على التطبيع قبل أن تدخل في دوامة الحرب الأهلية التي لن تهدئ قبل أن يعاد هندسة المنطقة، وهي إنذار لليبيا التي تقف على قدم واحدة منذ أشهر بعد أن أحاطها الأمريكي ببراميل البارود ويحمل بيده القداحة مهددا، والخليج الذي ينتظر اليوم التالي للحرب في غزة، يعرف جيدا دوره في شكل الإقليم الجديد، فالأمريكي يرغب في شرق أوسط خالي من الإضرابات يكون راعيه في تل أبيب، حتى يتفرغ لعدوه الاستراتيجي، الصين، وعدوه المرحلي، روسيا التي لم يفلح بإغراقها في وحل أوكرانيا حتى الآن.

فإن كان التغيير قادم لا محالة فإن موقف الأمة الثائرة الثابتة عليه دور مهم وعلى مفكريها أن يقفوا الملية لكن يتحسسوا مواضع أقدامهم، فالفراغ الذي أحدثته انسحاب الأمة بفاعليها سيملؤه غيرها في المحيط، إذن فعلينا وبسرعة ملء هذا الفراغ بإعادة تشكيل الوعي وتنظيم الهياكل المنوط بها الحفاظ على هوية هذه الأمة وثوابتها. وأنا هنا لا ألوم أحدا بل أحث الجميع على العمل من أجل نصرة هذه الأمة التي ثارت على وضعها بثوراتها، من ثم نحتاج التحرك والعمل في كل المجالات بالتوازي مع وضع استراتيجيات جامعة للأمة والعمل في الأقاليم كل بحسب المتاح دون الحيد عن الاستراتيجية.

مقالات مشابهة

  • مواطن تلقى إتّصالاً من العدوّ الإسرائيليّ... ما الذي طلبه منه؟
  • حسن نصر الله الذي غيّر الإقليم حيا وميتا
  • حرب١٥/ابريل هي بداية النهاية لأخطاء كثيرة ارتكبتها قيادة البلاد منذ الاستقلال
  • رئيس الاتحاد العربي للسلة : الاتحاد السكندرى قادر على تنظيم بطولة عالمية
  • قائد أكبر تنظيم إرهابي.. هكذا علّق أدعي على إغتيال نصرالله!
  • مسؤولون إسرائيليون: حزب الله قادر على إعادة تجميع صفوفه واستبدال قادته
  • حزب الله من الداخل.. تعرف إلى أكبر تنظيم شيعي مسلح في لبنان؟
  • الجيش الإسرائيلي: حزب الله تلقى ضربة موجعة
  • أمناء حزب الله من التأسيس .. نصر الله الأمين العام الثاني الذي تغتاله (إسرائيل)