ما بين اغتيال السيد نصر الله وناقة صالح.. نتيجة واحدة: فدمدم عليهم ربهم!
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
مضت أربع وعشرون ساعة على إعلان خبر شهادة السيّد حسن نصر الله، العقل في حالة من الذهول، لا يستوعب ولا يكاد يصدّق، والسؤال الذي يدقّ جدران القلب بقوّة: كيف تجرؤوا على هذا الفعل؟ كيف سوّلت لهم أنفسهم وأين ذهب بهم غرورهم ليتخذوا قرارا بهذا الوزن؟ كيف غلبت شقوتهم، وكيف طوّعت لهم أنفسهم وسوّل لهم غرورهم أن يقدموا على هذه الجريمة بهذا الوزن الثقيل الكبير وما ستؤول عليهم عاقبة أمره، هل فكروا بعاقبة أمرهم هذا؟؟
لقد استخفّوا بدلالات تحملها هذه الشخصيّة، لقد أرست قواعد الروح الثائرة شقت طريقا وصنعت نموذجا وأخرجت للناس تجربة ناجحة ملهمة مذهلة، ولم يكن الأمر دراسة نظريّة أو فكرة قويّة، بل كانت ملحمة في زمن ضاعت فيه شمس الحرية في بلاد استمرأت الذلّ والعبودية، في مواجهة مكشوفة مع كلّ قوى الشرّ العالمية الواقفة والداعمة بكل ما تملك من قوّة لكيان عربد وقتل وأثخن وتبّت أركانه بجبروت القوّة.
نشأ حزب الله في هذه البيئة القاسية الصعبة وقام على أنقاض سلسلة من الهزائم العربيّة، وكان لقيادة السيّد نصر الله الدور الأكبر في قلب المعادلة، سنوات من القيادة القويّة والإرادة، وإذ به يكسر أنف هذه الغطرسة العالميّة، ويحقق سلسلة من الانتصارات التي أفضت إلى هذا النموذج، وكان بذلك ملهما لكلّ القوى المقاومة الثورية، محليّا وعالميّا.
القرآن يقصّ علينا قصّة ناقة صالح المعجزة، معجزة نبيّ ظاهرة بيّنة، تحمل للبشرية الخير الوفير واللبن السائغ للشاربين، وأهم من هذا أنّها علامة لهم من الله على صدق نبيّهم وما آتاهم به من وحي السماء، اجتمع شقوتهم، من لا يرون الخير، بل يرون الشرّ كلّه في هذا الخير العظيم، ماذا دهى عقولهم حتى يفكّروا ويخططوا ويتآمروا على عقر هذه الناقة؟ ما هي أهدافهم السياسيّة وأين رؤيتهم الحضارية، وما هو مستواهم الأخلاقي الذي يدفعهم إلى قتل من يجود للناس بكلّ هذا الخير، ما هيّ جبلّتهم وما هي طبيعة جيناتهم الوراثية؟ ما هي المصلحة السياسيّة وماذا يترتّب على ذلك من شقاء للبشريّة؟ كلّ هذا لم يدخل حساباتهم.
لقد قرروا عقر الناقة وقُضي الأمر، طمس الله على هذه القلوب الملتوية وهذه النفوس المتغطرسة المتعجرفة، أعمى الله بصيرتهم بما انحرفت عليه نفوسهم النكدة. الغرور وقوّة البطش وجبروت شهوة القتل سحب سوداء تجعلهم لا يرون شمس الحق ولا نور هذه الآية الباهرة المشرقة الربانية المعجزة العظيمة. فماذا كانت النتيجة؟
دمدم الله عليهم، صورتهم التي تملك عيونا ولسانا وسمعا وماكينة إعلامية، قدراتهم الكبيرة على الفعل والقتل وفن الجريمة، وجودهم وكيانهم بكل ما فيه من بهرجة وبطر وأشر وجلبة وصوت وصورةِ حياة ظنّوا أنّها بمنأى عن العاقبة الوخيمة وعن يد العدالة الربانيّة العظيمة، بكلمة واحدة ألغى الله وجودهم بما كسبت أيديهم وبما أرادوا أن يلغوا الحق بالجريمة، دمدم الله عليهم، أنهى كلّ شيء يحمل اسمهم ويترك أثرا لهم.
ما فعل أشقاهم (نتنياهو) وما تآلفت عليهم قلوبهم الشقيّة من كبار الاشقياء فيهم (بن غفير وسموتريتش) وكلّ هذا المجتمع النكد الذي سار خلفهم وأيّد فعلهم؟ كلّ هذه الجوقة التي اتخذت القرار لم تفكّر بالعاقبة، ولم يتخلّف منهم أحد ولم يعقّب، بل تكالبوا على هذا الأمر من بوار وهلاك وكذلك تكالب معهم الأمريكان وكثير من العربان، لم يستمعوا لما قال لهم نبيّهم ولا لأية قيمة إنسانيّة بشريّة، فقط كان الصوت صوت غرورهم، فأعمى الله بصيرتهم، استدرجهم لما فيه حتفهم، لو نظر أحدهم قليلا إلى الأمام فنظر إلى ما ينتظرهم، ولكنها سنة الله في الذين ظلموا أن تأخذهم نشوة جبروتهم دون وصول نظرهم إلى العاقبة التي تنتظرهم.
النتيجة أيها الإخوة الكرام قاطعة حاسمة لا ريب فيها، "فدمدم عليهم ربهم". الله وحده سبحانه يهيئ الأمور إلى هذه النتيجة، دمّروا وقتلوا في غزّة وأمعنوا فيها ما شاء لهم بما أمدّتهم قوى الطغيان العالمية من أدوات للقتل والجريمة، ثم جاءوا لبنان ليمعنوا أيضا في الدمار والقتل. النتيجة القريبة التي لا ريب فيها أن يدمدم الله عليهم بعباده الأوفياء الصالحين. عقروا ناقة الخير والنور، عقروا قيم الإنسانية العظيمة، عقروا الحريّة بل عقروا فلسطين الغالية العزيزة، وأنكروا حقوق شعب بالكليّة، عقروا المسجد الأقصى وعقروا الحياة بكلّ معانيها الجميلة، هم الآن سائرون بقوّة وسرعة نحو: "فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها".
والأمر ليس إيمانا غيبيّا بل هو ممكن في سياقاته الموضوعية، فالمقاومة التي قادها السيّد نصر الله ومن معه فكرة وثقافة وفعل وقوة ومشروع حياة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات نصر الله حزب الله اغتيال حزب الله نصر الله مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نصر الله
إقرأ أيضاً:
آخر مكالمة بين زينب ووالدها السيد نصر الله: كيف نُعيد الناس إلى الله؟
21 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: لم يكن السيد حسن نصر الله مجرد قائد سياسي أو عسكري، بل كان أباً للأمة، احتضنها برعاية وحنان، تاركاً إرثاً لا يُمحى. في حديثها التلفزويني، كشفت ابنته زينب نصر الله عن ملامح إنسانية عميقة في شخصيته، مشيرةً إلى دوره كأب وعائل وقائد استثنائي.
السيد والعائلة.. حضور رغم الغياب
تحدثت زينب عن نشأتها في ظل والدها، الذي حال انشغاله بالمسؤوليات الجسيمة دون حضوره الدائم في حياتها. أكدت أن والدتها تحملت جزءاً كبيراً من التربية، بالتنسيق الكامل مع السيد، الذي كان يضع خطوطاً حمراء واضحة في التربية. رغم ذلك، لم يكن متسلطاً، بل كان حنوناً، يُرشد أكثر مما يُجبر، ويترك لأبنائه حرية الاختيار مع التوجيه.
تطرقت أيضاً إلى استشهاد شقيقها هادي، مشيرةً إلى أن والدها لم يفرض عليه خيار الجهاد، بل ترك له القرار. ورغم الألم الكبير، كان فقدان هادي نقطة تحول زادت من ارتباطهم برسالة المقاومة.
حياة العائلة بين القيود والتضحيات
لم تكن القيود الأمنية أمراً جديداً في حياة الأسرة، فحتى بعد استشهاد السيد، لم يُسمح لعائلته بزيارة ضريحه بسبب الوضع الأمني. لكن هذا لم يمنع الأسرة من الاستمرار في نهج والدهم. تحدثت زينب عن زوجها الشهيد حسن قصير، الذي كان منخرطاً في العمل الجهادي منذ شبابه، وختم حياته بالشهادة، مؤكدةً أن ارتباطه بالسيد لم يكن فقط بصفته والد زوجته، بل لأنه كان يرى فيه القائد الذي يُقتدى به.
السيد والأمة.. أبٌ لشعبه
أكثر ما تأثرت به زينب كان نظرة والدها إلى الناس، إذ لم يكن يرى فيهم مجرد أنصار، بل اعتبرهم أولاده، ومسؤوليته الكبرى. في آخر مكالمة بينهما، شدد السيد على أهمية إعادة الناس إلى الله، إلى جانب اهتمامه بأوضاعهم المعيشية والاجتماعية.
استشهدت زينب بوصية السيد عباس الموسوي: “سنخدمكم بأشفار عيوننا”، مؤكدةً أن هذه العبارة كانت نهج والدها، الذي عاش حياته في خدمة الناس، مؤمناً بأن القيادة ليست ترفاً، بل مسؤولية تُبذل فيها الأرواح.
إرث السيد والمسيرة المستمرة
رغم استشهاده، فإن تأثير السيد نصر الله لا يزال حاضراً. أشارت زينب إلى أن القيادة الجديدة في حزب الله ليست بديلاً، بل استمرار لنهجه، حيث يتولى إخوانه ورفاقه الذين رافقوه قيادة المسيرة.
أكدت أن الأمة فقدت قائداً كان أباً لها، لكن إرثه لا يزال مستمراً، داعيةً الناس إلى دعم هذه القيادة الجديدة، للحفاظ على دماء الشهداء وإكمال المسيرة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts