عربي21:
2024-09-30@15:26:04 GMT

إسلام بلا مذاهب!

تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT

هل يعقل أن نظل على مدى 1400 عاما أسرى لصراع حدث بين الصحابة بعد وفاة الرسول، حول من له الحق في الخلافة أبو بكر رضى الله عنه، أم علي كرم الله وجهه، ونسل معاوية أم الحسين، وأن ندفع من لحم الحي ثمنا لأزمة أرقت الضمير المسلم، ولم يتم الاتفاق على حل يرضي جميع الأطراف؟!

إذا تفهمنا موقف أنصار الثورة السورية من حزب الله، ومن ثم شماتتهم في مقتل أمينه العام على أيدي أعداء الأمة، فسوف نواجَه بموقف السلفيين الجدد الذين شمتوا وهللوا وكبروا، كما لو كان القتيل أحد أئمة الكفر، وكما لو كان القاتل ليس نتنياهو ولكن جيش الإسلام في واحدة من المواقع الإسلامية الكبرى!

السوريون لديهم مشكلة مع حزب الله، لأنه ناصر الأسد في حرب الإبادة التي قام بها بعد الثورة، إذ توافقت كل الأطراف على ضرورة بقائه في السلطة، ومن إيران وأذرعها، إلى إسرائيل وحلفائها، ومن الروس إلى الأمريكيين والأوروبيين، ولا يشغل الثكلى الآن من قتل الرجل، ولا يهمهم أن يجمعهم مع الإسرائيليين فرح واحد، ومع هذا التقدير لمشاعرهم الإنسانية، فإن المرء يدهشه أنهم لم يتمنوا لبوتين ما تمنوه لحسن نصر الله، ولم يسعدوا لتقدم الجيش الأوكراني سعادتهم لتقدم الجيش الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، ولا أظن أنهم سيكونون على نفس الدرجة من السعادة، إذا قتل الرئيس الروسي على يد الأوكرانيين مع أنه كان حليفا لبشار الأسد أيضا، وكان مع حزب الله في خندق سوري واحد!

السلفيون الجدد والشيعة:

الجانب الآخر في هذه الفتنة، مثّله السلفيون الجدد، الذين دفع بهم الخلاف المذهبي لتجاوز أن حسن نصر الله قتل وهو يقف على ثغرة من ثغور المقاومة، فعندما أحيط بالمقاومة الفلسطينية من كل جانب، وجرى العدوان على سكان غزة، أينما حلوا، فلم يكن لهم نصير إلا إيران وأذرعها في المنطقة، بينما أهل السنة والجماعة خارج الحسابات تماما، ولم يمتنعوا مع هذه الأهوال عن تنظيم مباريات كرة القدم، وحفلات الصخب الغنائي.

حيث تبدو السلفية الجديدة، غير مشغولة بفكرة العداء لإسرائيل، أو حتى العدوان على المسجد الأقصى!

وهم دائما يبحثون عن ذريعة لتأكيد موقفهم ضد الشيعة في المعارك التي تتجاوز المذاهب، وقد عشنا في لسنوات طويلة في ظل دعاية تصور أن الشيعة عملاء للغرب، وأن إيران حليفة للغربيين، إن لم تكن عميلة، فقد أسقطت النظام السني في العراق، وجاء التمدد الشيعي هناك على حساب الوجود السني، دون أن تعرف لهم موقفا عندما كان الأمريكان يحاصرون العراق، ويسقطون نظام صدام حسين، الذي كان بالنسبة لهم نظاما بعثيا يعادي الله ورسوله، لكنهم لا يتذكرون مذهب صدام الديني، وقيام الشيعة بإعدامه، إلا عندما تكون المواجهة مع الشيعة، "ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها"!

وهكذا فهم يجلسون على الرصيف، ولا يعتبرون أنفسهم مدعوين لنصرة أحد، فحكم البعث خارج على الإسلام، وصدام وهو يواجه الحصار والغزو لا يشغلهم، إلا عندما يكون استدعاؤه يخدم قضاياهم المذهبية، ولا كلمة منهم ضد تقاعس المحور السني عن نصرة غزة، ولكنهم ينفرون خفافا وثقالا ضد إشادة المقاومة بموقف إيران، وحزب الله، والحوثيين.. فماذا فعلوا هم؟.. لا شيء!

وهم يتهمون المحور الشيعي بالعمالة لإسرائيل، حتى إذا أعلنت إسرائيل الحرب عليهم، تعصبوا ضد المذهب، وكأن نتنياهو مسخر لخدمة أهداف أهل السنة والجماعة بالعدوان على جنوب لبنان!

وهم في التأكيد على عمالة الشيعة للغرب ينظرون إلى العائد عليهم من غزو العراق وتدمير الجيش العراقي وعزل صدام حسين، ولا شك أنهم تمددوا بسبب هذا، ودان لهم العراق، وتخلصوا من حركة مجاهدي خلق المعارضة لهم، واعتبروا ما حدث رمية بغير رام، ولم يكن الطرف الشيعي يملك الاستقامة السياسية اللازمة للتعامل مع الأمر، فلم ينظروا إلا تحت موضع نعالهم!

في خدمة الغرب:

وإيران، وشيعة العراق (في جانب كبير منهم)، تصرفوا مع حكم صدام حسين في لحظة الغزو، كما يتصرف السوريون الآن مع هذه النهاية الأليمة لزعيم حزب الله، على أيدي الإسرائيليين، فبعيدا عن التفاصيل، فقد فرض صدام حسين حربا على إيران استمرت أكثر من ثماني سنوات، أنهكت الجيشين العراقي والإيراني، وكان هذا بدعم من دول المحور السني!

وهذا المحور السني، اعتمد عليه الأمريكان في هزيمة الاتحاد السوفييتي وتفكيكه، وكثيرا ما أسأل نفسي الآن: هل كان لازما على المسلمين أن يهبوا من كل مكان، لمحاربة الوجود السوفييتي في أفغانستان، مع وجود حكومة موالية له، وتقرع طبول حرب الإسلام، بزعامة القادة العرب، الذين سهّلوا ومولوا عملية الشحن والتفريغ؟ فلماذا لم يتم اعتبار مواجهة هذا الاحتلال شأنا أفغانيا خاصا؟!

وإذا كانت الأطراف هنا وهناك قد أدت خدمات للغرب، ومشروعه الاستعماري، فإن شيعة العراق أيضا كانوا في عداء مع صدام حسين، قرروا أن يكون عداء مذهبيا، وقد مارس استبداده عليهم، وهو استبداد لم يختص به طائفة أو مذهب، كما لم تقتصر عضوية البعث على طائفة أو مذهب. وقد قبلوا على أنفسهم أن يدخلوا العراق على متن الدبابات الأمريكية!

إذا كان المطلوب هو تأجيل المواجهة، وهو رأي وجيه لكن لا بد من إعلانه؛ ذلك بأن مساحة المناورة تضيق عليهم، ولا يجدي الهروب، فنعلم أن المذهب عندهم مقدم على المبدأ، وهي القاعدة الحاكمة لدى الطرفين، حد قبول الطرف الآخر بدخول العراق على الدبابات الأمريكية، انتصارا للمذهب أيضا وليس للمبدأ!
وإذ مثل احتلال العراق تمددا لإيران في المنطقة، فها هي واشنطن تبدأ في تنفيذ مخططها، بالمواجهة هذه المرة مع الشيعة، فهي وإن لم تخفف قبضتها على إيران، إلا أنها لم تجد بأسا من الهيمنة الشيعية على العراق واليمن، لكن البأس الشديد في أن جبهات المولاة للإيرانيين في المنطقة هي عون للمقاومة الفلسطينية، وليس سرا أن إيران تدعم المقاومة بالمال والسلاح على مدى سنوات!

وكأني بأحد النائمين يهب من سباته، ويردد الأسطوانة المشروخة بأن هذا الدعم، للانتقام من خصومهم الغربيين.. أنت تقول خصومهم؟!

إن هذا الموقف يعد تطورا لخطاب بائس مفاده أنه لا دعم من القوم للمقاومة الفلسطينية، ليدخلونا في جدل عقيم، فالمقاومة تقول بهذا الدعم، لكن القوم الذين ليس لهم في الثور ولا في الطحين، ينفونه وكأنهم صاروا هم المقاومة؛ لا حماس، ولا السنوار، فالانتصار الوهمي للمذهب يجعل القوم لا يشغلهم لو انفردت إسرائيل بغزة وقتلت مقاومتها وأماتت شعبها من الجوع، فيجمعهم مع نتنياهو فرح واحد!

إن حسن نصر الله لم يُقتل في دمشق على يد الثوار، ولم يقتل وهو ينتصر لمذهبه، ولكنه قتل على يد عدوه وعدونا، وفي معركة تجاوز فيها مذهبه وانحاز للمقاومة الفلسطينية من أهل السنة، فالأصل أن فلسطين تجمع السنة والشيعة، إلا إذا كان للسلفيين الجدد رأي آخر، إذا كان من السهل عليهم إعلانه، فهل يمكنهم البحث عن بديل لنصرة المقاومة من ذات المذهب، إلا إذا كان المطلوب هو تأجيل المواجهة، وهو رأي وجيه لكن لا بد من إعلانه؛ ذلك بأن مساحة المناورة تضيق عليهم، ولا يجدي الهروب، فنعلم أن المذهب عندهم مقدم على المبدأ، وهي القاعدة الحاكمة لدى الطرفين، حد قبول الطرف الآخر بدخول العراق على الدبابات الأمريكية، انتصارا للمذهب أيضا وليس للمبدأ!

وهو التعصب المذهبي الذي تدفع الأمة ثمنه منذ قرون طويلة، الأمر الذي ذكرنا بعنوان كتاب للمفكر الإسلامي مصطفى الشكعة "إسلام بلا مذاهب"، ولم أقرأ الكتاب لأعرف فكرته، لكن هذا الخلاف الذي يجعل كل طائفة تأخذ حظها من الوقوف في خندق الأعداء، يجعلنا نأخذ بالظاهر من العنوان!

"إسلام بلا مذاهب"!

x.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله إيران الشيعة إيران حزب الله الشيعة السن ة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صدام حسین حزب الله إذا کان

إقرأ أيضاً:

بعد فرض التأشيرة عليهم .. المغاربة يستقبلون القرار الجزائري بسخرية عارمة

أخبارنا المغربية - بدر هيكل

شهدت العلاقات بين الجزائر والمغرب في السنوات الأخيرة توترات متزايدة أثرت على عدة جوانب، من بينها التنقل بين البلدين. ومؤخراً، اتخذت الجزائر خطوة جديدة بفرض التأشيرة على حاملي جواز السفر المغربي.

لاقى هذا القرار ردود فعل متباينة, ففي حين يعتبره أنصار الكابرانات خطوة لتعزيز الأمن الوطني وحماية الحدود، اعتبره آخرون من الداخل الجزائري أيضاً عائقاً أمام تعزيز العلاقات بين الشعبين, وقد ظهرت مطالبات من بعض منظمات المجتمع المدني والسياسيين الجزائريين بإعادة النظر في هذا القرار، والدعوة لتعزيز التعاون الإقليمي.

أما المغاربة، فقد سيطرت السخرية على ردود فعلهم تجاه القرار، حيث اعتبر البعض على وسائل التواصل الاجتماعي أن "السفر إلى الجزائر كالسفر عبر الزمن"، متسائلين عن جدوى التأشيرة، في إشارة إلى الوضع المتدهور في الجزائر، الذي يرونه كأنه من الماضي السحيق.

وفي هذا السياق، علق الناشط السياسي الجزائري المعارض، شوقي بن زهرة، قائلاً إن "موجة السخرية في صفوف المغاربة تجاه هذا القرار أمر طبيعي، نظراً لعدة عوامل، أهمها أن العدد القليل من المغاربة يسافرون أصلاً إلى الجزائر، التي ليست بلداً سياحياً وتعاني من ضعف في البنية التحتية".

يُذكر أن الجزائر قد أعلنت في سبتمبر 2021 عن قرار إغلاق الحدود الجوية مع المغرب، في خطوة تعكس التوترات المستمرة. هذا الإغلاق أثر بشكل كبير على حركة السفر والتجارة، وأدى إلى توقف تدفق السياح ورجال الأعمال، مما زاد من عزلة الجزائر.

ومع تفاقم هذه العزلة، تتدهور العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية للجزائر مع عدد من الدول، وليس فقط مع المغرب. الأمر الذي أحبط مساعي الجزائر لتعزيز موقفها الإقليمي والدولي، وقلص من قدرتها على المناورة الدبلوماسية.

كما أن هذه الإجراءات تؤثر سلباً على الاقتصاد الجزائري، خاصة في ظل تراجع الاستثمارات الأجنبية والعلاقات التجارية مع الدول الأخرى. الجزائر التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الغاز والنفط، تواجه صعوبة في تنويع اقتصادها في ظل هذه العزلة، بخلاف المغرب الذي يشهد تقدماً في العديد من المجالات.

في هذا السياق، أكد بن زهرة أن "النظام الجزائري يريد جرّ المملكة المغربية لاتخاذ خطوات مماثلة، نظراً لتزايد عدد الجزائريين الذين يزورون المغرب، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية. ويقوم هؤلاء بتوثيق مستوى البنية التحتية المغربية التي تفوق بشكل كبير نظيرتها في الجزائر، رغم الثروات النفطية التي تملكها هذه الأخيرة، مما يضع النظام الجزائري في موقف محرج، خصوصاً مع اقتراب تنظيم المغرب لعدة تظاهرات رياضية دولية مثل كأس الأمم الإفريقية وكأس العالم 2030".

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • ما بين اغتيال السيد نصر الله وقصة ناقة صالح.. نتيجة واحدة: فدمدم عليهم ربهم!
  • ما بين اغتيال السيد نصر الله وناقة صالح.. نتيجة واحدة: فدمدم عليهم ربهم!
  • هيئة الاستشعار من البُعد تبحث التعاون مع هيئة فولبرايت
  • «الاستشعار من البعد» تبحث سبل التعاون المشترك مع هيئة فولبرايت
  • حكاية مقتل شاب على يد 4 بلطجية فى دار السلام
  • شهداء الحركة الرياضية .. الحلقة الرابعة (إسلام الزعانين)
  • عاجل | نتنياهو: كما هو مكتوب في التوراة سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم
  • بعد فرض التأشيرة عليهم .. المغاربة يستقبلون القرار الجزائري بسخرية عارمة
  • أول تعليق من الطفل «مازن» بعد بكائه في مدرجات الزمالك بالسوبر الإفريقي